أجاب مجمع البحوث الإسلامية عن تساؤل قد ورد إليه كالآتي:-

أعرف بعض الباعة الفقراء فأشتري منهم  تاركا لهم أكثر من ثمن السلعة بنية الصدقة ورفعا للحرج عنهم. فهل تصح هذه النية؟
 
فنشكر للسائل صنيعه الذى يتوافق مع قيم الإسلام وأخلاقه. واعلم بأن المال الذى تتركه للبائع يعدُّ صدقة سر إذا نويتها وهى التى تكون بينك وبين المتصدق عليه لا يعلم بها أحد فظاهر الفعل بيع وشراء ولا يعلم الناس بما تتركه له من زيادة.

وفى الحديث  عن أبي هريرة -رضي الله عنه-، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سبعة يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: وفيهم: ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه. [ متفق عليه].


قال القرطبي: وقوله: (ورجل تصدَّق بصدقة فأخفاها) هذه صدقة التطوع في قول ابن عباس وأكثر العلماء. وهو حضٌّ على الإخلاص في الأعمال، والتستر بها، ويستوي في ذلك جميع أعمال البر التطوعية. وقوله: ( حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه )) ؛ هذا مبالغة في إخفاء الصدقة، وقد سمعنا من بعض المشايخ أن ذلك أن يتصدق على الضعيف في صورة المشتري منه، فيدفع له درهما مثلا في شيء يساوي نصف درهم. فالصورة مبايعة، والحقيقة صدقة، وهو اعتبار حسن.
[القرطبي، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم [ 3/76].


ومعلوم أن الإسلام قد راعى مشاعر الفقير بحيث جعل الكلمة الطيبة خير من الصدقة عليه واقترانها بما يؤذيه ومن الناس من يتأذى برؤية الصدقة يأخذها من الغني. قال تعالى: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ) [ البقرة/ 263]. وأن صدقة السر أفضل من صدقة العلن. قال تعالى: ( إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [ البقرة/ 271]. قال الطبرى رحمه الله: فإخفاؤكم إياها خير لكم من إعلانها. وذلك في صدقة التطوع. [ تفسير الطبرى، 5/582].
والله أعلم.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مجمع البحوث الاسلامية الصدقة الاعمال الطيبة النبي الفقير المشايخ المشتري التطوع مبالغ الصورة مشايخ تركة اقتران

إقرأ أيضاً:

حكم الشرع في أداء الصلاة تحت تأثير المخدرات

أوضحت دار الإفتاء المصرية إن الصلاة تحت تأثير المخدرات غير صحيحة ما دامت تُغيِّبُ العقل، فلا يُحْسِن متعاطيها المحافظة على وضوئه، ويختلط عليه؛ فلا يدري ما يقول وما يقرأ من القرآن، فيُنتَقضُ بذلك وضوؤه وتبطلُ صلاتُه.

 

حكم الصلاة تحت تأثير المخدرات
 

وأكدت الإفتاء أن الشريعة الإسلامية حرمت المخدرات بجميع أنواعها على اختلاف مسمياتها، سواء كانت طبيعية أوكيمائية، وذلك لأنها أثبتت آثارها السيئة ومفاسدها على الإنسان وبيئته ونسله؛ سواء أكانت تلك المفاسد تحدث عن طريق الشرب أو الشم أو الحقن.

كما حرمت الشريعة تعاطيها وإحرازها، والمتاجرة فيها، وجلبها من مكان لآخر، والتستر على مروجيها، وزراعتها أو صناعتها لغير غرض طبي نافع، كما حرموا الجلوس في المجالس التي تتعاطى فيها المخدرات.

ومن فضل الله تعالى ورحمته بعباده أن أحل لهم الطيبات وأن حرَّم عليهم الخبائث، أحل لهم الطيبات التي تتعلق بمأكلهم ومشربهم وملبسهم وغير ذلك مما يتعلق بمختلف شؤون حياتهم، وحرَّم عليهم الخبائث التي يترتب على الوقوع فيها ما يؤدي إلى الضرر بهم في دينهم وفي دنياهم، وهناك نصوص كثيرة من كتاب الله تعالى ومن سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم تؤكد هذا المعنى وتقرره.

فمن الآيات القرآنية قوله تعالى: ﴿كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا للهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ ۝ إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللهِۖ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ ٱللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [البقرة: 172-173].

ومن الأحاديث النبوية ما رواه الإمامان البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ، وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَام».

المخدرات بمختلف أنواعها من الخبائث

وتأتي على رأس الخبائث التي حرمها الله تعالى "الـمُخَدَّرَات)"، بشتى صورها وبمختلف أنواعها وأسمائها، وقد عرفت بأنها المادة التي يؤدي تعاطيها إلى حالة تخدير كلي أو جزئي مع فقدان الوعي بصورة قد تختلف من شخص إلى آخر.

وقد قسمها الخبراء حسب مصدرها إلى:

مخدرات طبيعية: وهي المشتقة من نباتات الخَشْخاشُ، والقُنَّب، والكوكا؛ كالحشيش والأفيون والمورفين والكوكايين.

ومخدرات كيميائية: كالعقاقير المهبطة والمنشطة.

أضرار المخدرات على الإنسان والأسرة والمجتمع

وقالت الإفتاء إن العلماء تكلموا قديمًا وحديثًا عن أضرار المخدرات، وذكروا أن من أضرارها الصحية أنها تؤثر في أجهزة الجسم فتضعفها بعد أن كانت قوية، وتغرس فيها الكسل والبلادة بعد أن كانت نشطة ذكية.

وقال بعض العلماء: المدمن على تعاطي المخدرات يصاب جسمه بالوهن والضمور وشحوب الوجه وضعف الأعصاب وغالبًا ما ينتهي الإدمان بصاحبه إلى الجنون. انظر "المجلة الجنائية القومية" المجلد الثالث العدد الأول.

كما أن لها أضرار الاقتصادية أيضًا، وذلك لأنها تجعل متعاطيها يضيع الكثير من أمواله في هذه السموم التي تفسد عليه معيشته، وقد يبيع ضروريات حياته، وقد يأخذ قوت أولاده، ويعتدي على مال زوجته، وقد يترك أهله جياعًا، وقد يقترض من غيره قروضًا لا طاقة له بسدادها، كل ذلك من أجل شراء تلك المخدرات التي تعود عليه بأسوأ النتائج.

ومن أضرارها الاجتماعية أنها على رأس الأسباب التي تؤدي إلى تفكك الأسرة، وإلى شيوع ما هو أبغض الحلال إلى الله تعالى -وهو الطلاق-، وإلى عدم الشعور بالمسؤولية نحو الأبناء، وكيف يكون عند متعاطي المخدرات شعور بالمسؤولية نحو أسرته وهو يفقد هذا الشعور نحو نفسه، ومن القواعد المقررة أن "فاقد الشيء لا يعطيه".

وتعمل المخدرات في إضعاف الوازع الديني في النفوس، ومتى ضَعُفَ أقدمت البشرية على اقتراف ما نهى الله عنه بلا خوف أو حياء واستحبت العمى على الهدى وسارت في طريق المعاصي والشهوات والرذائل متبعة في ذلك الهوى والشيطان وكانت عاقبتها الخسران والبوار.

 

مقالات مشابهة

  • أمين «البحوث الإسلامية» يفصل أنواع العقل واستراتيجية التعامل مع الملحدين
  • حكم الشرع في أداء الصلاة تحت تأثير المخدرات
  • أدعية للفقراء من البرد الشديد 
  • موقف نقابة الموسيقيين تجاه حمو بيكا بعد القبض عليه.. بيان رسمي يوضح "التفاصيل"
  • البحوث الإسلامية يوجه قافلتين توعويتين إلى شمال سيناء والواحات البحرية
  • أمين البحوث الإسلامية: الأزهر حافظ على هيبة اللغة العربية
  • أمين البحوث الإسلامية: أصبح للأزهر بعلمائه امتداد لغوي يملأ خريطة الكرة الأرضية
  • تأملات قرآنية
  • ‏هآرتس: الجيش الإسرائيلي يستعد للبقاء في لبنان أكثر من 60 يومًا كما هو متفق عليه في اتفاق وقف إطلاق النار
  • البحوث الإسلامية: الحفاظ على المال العام واجب ديني وأخلاقي لا يقبل التهاون