زها حديد.. الحاضرة الغائبة بـفن يثير الدهشة
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
منذ نحو سبع سنوات تقريبا، غيّب الموت إحدى أهم الشخصيات التي برعت في فن العمارة والتشييد، إنها المهندسة المعمارية زها حديد وذلك عن عمر ناهز السادسة والستين عاما.
رحلت بعد أن أثرت فنون المعمار والتصاميم الحديثة بلدان العالم، رغم رحيلها عن الحياة لا تزال بصماتها تبرز جماليات المباني الحديثة بذوق رفيع وتفاصيل إبداعية دقيقة، تضفي على المدن المتطورة لمسات سحرية بديعة، وعلى المشاهد العالمية علامات الدهشة والإعجاب بكل ما تركته من تشكيلات بديعة.
ربما هذا السبب هو المحرك الأساسي الذي جعلني ابحث عن شخصية "زها حديد" الإنسانة والفنانة، فسررت عندما قرأت بأن جذورها الأصلية تعود إلى بلاد الرافدين، وأن تلك المياه الرقراقة التي عانقت ملايين النخيل، هي التي شكلت نبعا صافيا تضفي لسمات ناعمة وساحرة على مشوار حياتها، الأمر الذي جعلني وربما غيري نقف على ضفاف هذا الجمال المعماري مدركين قوة فنونه وما يبثه في النفس من شعور جميل.
لقد صمت قلب زها في يوم أسود حزين، وتوقف ذلك الخفقان الذي يمدها بالحياة في إحدى المستشفيات الأمريكية بعد أن كانت تعاني من التهاب رئوي أجبرها على الدخول إلى المشفى الذي لم تمض فيه وقتا طويلا حتى غابت شمس زها عن الحياة وعن الوجود إلى الأبد، إعلان الوفاة كانت هي نهاية رحلة مليئة بالعطاء والتميز والإبداع قدمته الراحلة زها حديد - التي نفخر كونها ذات أصول عربية - بالكثير من النماذج المختارة للتصاميم التي بات العالم يفتقد حضورها.
إن الكم الهائل من التصاميم العمرانية المنتقاة التي أنجزتها الراحلة لهو" شاهد عيان" على عبقرية تلك الإنسانة والفنانة معا، رغم أنها واجهت الكثير من الصعوبات في بداية حياتها، كما هو موثّق في سجلات الزمن الذي عاشت طفولتها الأولى فيه.
فزها ليست مجرد مهندسة معمارية عادية كغيرها من المهندسين الذين يعتمدون في تصاميمها على المدرسة التقليدية، وإنما هي رائدة في رواد الأعمال التي لا تتكرر كثيرا في مجال عملها الإبداعي، فهي صاحبة رؤية مستنيرة، ويد متفردة بخصوصيتها في تصور الخيال الإبداعي بدرجات عالية من الإتقان والجودة، لقد أسهمت زها على مدى سنوات عمرها في دفع عجلة التقدم في عالم الهندسة المعمارية المبتكرة في الكثير من دول العالم سواء عربيا أو عالميا.
كما أن هناك محطة أخرى عاشتها زها قد تكون بعيدة عن أنطار العالم ألا وهي أن الله منحها شيئا يحبه البشر، وحجب عنها شيئا آخر تتمناه كل الأمهات، وكما يقول سبحانه "المال والبنون زينة الحياة الدنيا "، فالله تعالى أعطاها المال، وحرمها من الأمومة لأنها لم تتزوج في حياتها، ولذا فإن كل ثروتها الطائلة ذهب جزء منه إلى عائلتها وإلى مشارب أخرى من بعدها.
وبحسب المعلومات التي تم تداولها، فإن الراحلة زها حديد قد صنفت في المرتبة الرابعة في قائمة أقوى مائة امرأة عربية لعام ألفين وثلاثة عشر، وكانت أول امرأة تحصل على الميدالية الذهبية من المعهد الملكي للمهندسين المعماريين البريطانيين – كما هو معلن -.
وأمام النجاحات الباهرة التي حققتها زها خلال فترة عملها، جذبت إليها الأنظار، فقد كانت سيرة حياتها مادة خصبة في وسائل الإعلام العربية والغربية، أما قصة حياتها فامتدت ما بين الإرادة التي لا تلين بسهولة، والنجاح الذي يجوب العالم من خلال ما قدمته من أعمال رائعة.
من المؤكد أن الغياب الذي يمارسه الموت على البشر سيخفي الوجوه، لكنه لن يمحو البطولات والمنجزات، وستظل سيرة زها حديد حاضرة من خلال أعمالها العظمية التي يرصدها الواقع في كل مراحل بناء نفذت وكشفت عن عبقريتها الفذة، ولهذا فقد أشارت إحدى الصحف الإلكترونية الأكثر انتشارا في عالم الإعلام الرقمي "إن تصاميم المعمارية زها تتسم بالانسيابية والغرابة والإغراق في الخيال الحر أحيانا، وهو ما يمكن لمسه في الكثير من الصروح التي تحمل اسمها في حواضر العالم".
لقد مر زمن الحضور بزها سريعا، فالنجاح كان يتلوه نجاح آخر، وكل محطة من حياتها كان عبارة عن وجه مشرق تطل به هذه المهندسة والفنانة على العالم بنماذج وتشكيلات عصرية تؤكد أصالة هذا الفن وجمالياته في عملية البناء الحديث، فكل النماذج التي قدمتها الراحلة حتما ستبهرك بروعة أفكارها وتصاميمها، وهذا ما دفع الكثير من الدول إلى الاعتماد على تصاميم زها لتكون واجهة مشرقة تطل به على العالم، وعلامة فارقة في تفاصيل البناء العصري المعماري الجميل.
وتشاء إرادة الله أن تموت زها بعيدة عن بلدها الأصلي، كجسد إنسان مآله إلى الفناء كغيره من بني جنسه، لكن زها لم تمت بقيمتها الفكرية، بقيت أعمالها الكبيرة حاضرة في دول العالم، وشاهدة على عبقريتها الفذة في فن المعمار والبناء الجميل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الکثیر من
إقرأ أيضاً:
النمري للحكومة .. 300 دينار ليس بالشيء الكثير قياسا لغلاء المعيشة والتضخم
#سواليف
كتب .. جميل النمري
أجدد النداء للحكومة ولوزير العمل بصورة خاصة وبمناسبة الاجتماع الثلاثي مع العمال وأصحاب العمل لحسم القرار برفع #الحد_الادنى_للأجور الى ٣٠٠ دينار،
صدقوني هو ليس بالشيء الكثير قياسا لغلاء المعيشة و #التضخم فالحد الأدنى لدخل الأسرة على حافة #خط_الفقر هو ٥٠٠ دينار شهريا. ولا يمكن تخيل ان يكدح الانسان ٨ ساعات عمل يوميا لستة ايام في الأسبوع بأقل من هذا الأجر المتواضع
مقالات ذات صلة حسم قرار الحد الأدنى للأجور خلال أسبوعين 2024/11/13هناك اوساط تتذرع بمخاوف اقتصادية تبدو حيادية وموضوعية مثل ان تتسبب هذه الزيادة في رفع كلفة السلع والخدمات وزيادة التضخم ولجوء أصحاب العمل لتقليص #عدد_العمال والموظفين. وهي مبررات تفندها الوقائع والدراسات. فهذه الزيادة تعزز القدرة الاستهلاكية للفئات الأقل دخلا وتدخل فورا بالدورة الاقتصادية وترفع الطلب وتنشط الاقتصاد والإنتاج وتوسع الاعمال وبالتالي زيادة التوظيف وليس خفضه. وحسب دراسة منتدى السياسات فإن رفع الأجور بنسبة واحد بالمئة يرفع النمو الكلي بنسبة نصف بالمئة.
سوف يستفيد من الرفع ثلث القوة العاملة في الاردن، وحسب المؤسسة العامة للضمان فإن ٣٠% من المشتركين تقل رواتبهم اليوم عن ٣٠٠ دينار شهريا.