هنأ الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، خلال كلمته التي ألقاها في احتفال وزارة الأوقـاف بذكرى المولد النبوي الشريف.

وأكد وزير الأوقاف أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بالعمران ونهى نهيا شديدًا عن الفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل وأمر أصحابه بالحرف والمهن وحضهم على ذلك، وأننا كمصريين نبذل كل جهودنا بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية لإطفاء نيران الحرب في غزة وفي الضفة الغربية ونأبى لأشقائنا أن يهجروا من أرضهم وندعوهم للتمسك التام بأرض وطنهم مهما كانت التضحيات الفادحة.

وهذا نص كلمته:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية حفظه الله السادة

فضيلة الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف حفظه الله

الحضور الكرام

يشرفني أن أتقدم إلى حضراتكم جميعا وإلى شعب مصر العظيم، وإلى الأمتين العربية والإسلامية، وإلى الإنسانية كلها بأطيب التهاني بالمولد النبوي الشريف المعظم، داعيا المولى جل جلاله أن يعيده علينا وعلى حضراتكم بكل الخير واليمن والسرور

وبعد:

فاليوم ميلاد النبي المصطفى، النبي المصطفى المرفوع الحبيب المتحبب المختار، لا يجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح ويغفر، رحيما بالمؤمنين يبكي للبهيمة المثقلة، ويبكي لليتيم في حجر الأرملة، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب في الأسواق، ولا متزين بالفحش، ولا قوال للخنا، لو يمر إلى جنب السراج لم يطفئه من سكينته، ولو يمشي على القصب الرعراع، يعني اليابس، لم يسمع من تحت قدميه بعثه الله مبشرا ونذيرا فسدده الله بكل جميل، ووهب له كل خلق كريم، وجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة معقوله، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمغفرة والمعروف خلقه، والعدل سيرته، والحق شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمد اسمه.

واسمحوا لي أن أقف عند لمحات:

اللمحة الأولى: لقد جاء صلى الله عليه وسلم بالعمران، ونهى نهيا شديدا عن الفساد في الأرض وأهلاك الحرث والنسل، وأمر أصحابه بالحرف والمهن وحضهم على ذلك، فأحصى العلماء عدد المهن التي وجدت في زمنه الشريف فزادت على مئتي مهنة، وهو صلى الله عليه وسلم يأمر أصحابه بإتقان تلك المهن وتجويدها وتحسينها، حتى تفتح أبواب الأرزاق، وتعمر البيوت، وننأى عن الفقر ويحصل الرخاء، وألف الإمام الجليل ذو الوزارتين أبو الحسن علي بن محمد الخزاعي التلمساني كتابه الجليل العجيب: تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية ويطعناه عندنا قديما في وزارة الأوقاف في مطبوعات المجلس الأعلى، وأحصى أستاذنا الجليل الشيخ رفاعة الطهطاوي كتابه الجليل في السيرة النبوية (نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز فخصص فيه فصلا عظيما يكاد يكون ربع الكتاب عن رعايته صلى الله عليه وسلم للحرف والمهن في الزمان النبوي، وقفز بذلك الإمام السيد عبد الحي الكتاني في كتابه:

(التراتيب الإدارية في نظام الحكومة النبوية، وطور قبلهم جميعا الإمام تاج الدين السبكي قوانين إتقان المهن في كتابه: معيد النعم ومبيد النقم، وبرعاية الشرع الشريف لهذا الجانب العظيم من العمران والتمدن تتطور المؤسسات، وتصنع الحضارة. إن احتفالنا بالمولد النبوي الشريف هو في حقيقته إحياء المقاصد رسالته وبعثته ودعوته، وأخلاقه وشمائله حتى نتخلق بها، ونترجمها إلى واقع وعمل يبرهن على صدق حبنا له وإيماننا به.

اللمحة الثانية:

لقد قال صلى الله عليه وسلم: (أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام فهذا خطابه لأمته، أي للمسلمين جميعا، أي المليارين من البشر اليوم، أن تكون هذه المعاني هي رسالتهم بين بقية البشرية، وأن تكون هذه المعاني والقيم وظيفة الأمة المحمدية في الإنسانية، أن نطعم الطعام، وأن نحول إطعام الطعام من مسلك فردي إلى دور مؤسسي جماعي يقوم به المسلمون في كافة دوله ومجتمعاتهم وشعوبهم، حتى لا يبقى على ظهر الأرض جائع وحينئذ يلتقي وحي السماء وهدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بما انتهى إليه تفكير البشر في الأمم المتحدة التي اعتمدت في سنة ۲۰۱٥ م خطة التنمية المستدامة لسنة ٢٠٣٠ فأقرت سبعة عشر هدفا وجعلت على رأسها شعار: (لا) لجوع، أين أنتم أيها المسلمون من ذلك، وهدي نبيكم يقول: (أطعموا الطعام)، (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) إن من وراءنا يوما عظيما يبعثنا الله فيه، ويسألنا ماذا فعلنا بهدي نبينا صلى الله عليه وسلم وهل انطلقنا إلى العالمين بهديه وقيمه وأخلاقه، فأعدوا أيها المسلمون جميعا عدتكم لذلك اليوم العظيم.

وكذلك أن نحول إفشاء السلام إلى دور مؤسسي جماعي يسعى بها الملياران من المسلمين بين البشر فنطفيء نيران الحروب في العالم جميعا، وأن نواجه كل فلسفات صراع الحضارات، وأن ننادي بتعارف الحضارات لقوله تعالى: (لتعارفوا) وأن نصل الأرحام فنشيد العلاقات الحسنة بين كافة الشعوب والأمم لأن الجميع أبناء آدم وبينهم رحم الإنسانية، ثم بعدها يقول: (وصلوا بالليل والناس نيام، فأخرها بعد الإطعام والسلام وصلة الأرحام، حتى نعلم أن الإنسانية الكاملة هي مفتاح العبادة الكاملة.

وإذا كان الهدي النبوي الشريف لأمته أن تطفيء نيران الحروب في العالم أجمع، فلهذا نبذل كمصريين بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي كل جهودنا لإطفاء نيران الحرب في غزة وفي الضفة الغربية، ونأبي لأشقائنا أن يهجروا من أرضهم، وندعوهم للتمسك التام بأرض وطنهم مهما كانت التضحيات الفادحة وأنه لا حل للأزمة إلا بقيام الدولة الفلسطينية على حدود ٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.

اللمحة الثالثة: جاء صلى الله عليه وسلم كما سبق بالعمران ورعاية المهن، فنخرج بشعار:

(فليعمروا).

وجاء بإطعام الطعام وإفشاء السلام وإطفاء الحروب فنخرج بشعار (فليصلحوا).

وجاء بالفرح بالله وبرسوله فقال: ( قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ)، فنخرج منها بشعار: (فليفرحوا).

وقال لمن سأله عن قيام الساعة: (ماذا أعددت لها قال: أعددت لها حب الله ورسوله، فقال له: (أنت مع من أحببت فقال سيدنا أنس: فما فرحنا بعد الإسلام فرحا أشد من قول النبي صلى الله عليه وسلم: فإنك مع من أحببت فنخرج بشعار: (فليحبوا ولا يكرهوا ولا يحقدوا

وجاء بالخلق العظيم وإنك لعلى خلق عظيم) وقال: (أحبكم إلي أحسنكم خلقا فنخرج بشعار (فليتخلقوا).

وجاء بالأمر بالفكر والتعقل والتدبر والنظر والتعلم فنخرج بشعار (فليفكروا) وليبدعوا وليطوروا وليخترعوا وليتحضروا).

وقال: (إن الله جميل يحب الجمال، فنخرج بشعار: (فليتجملوا) إذن: فليعمروا، فليصلحوا، فليفرحوا، فليحبوا، فليتخلقوا، فليفكروا، فليتجملوا، هذا هو سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا يوم مولده الشريف.

وختاما فإنني وبحضور فخامة الرئيس وعلى مسمع من العالم أجمع أقول لزملائي وأبنائي الكرام من الخطباء والأئمة وكافة أبناء وزارة الأوقاف، هذه مواريث النبوة، فتحققوا بها في أنفسكم، واحملوا مشاعل نورها في دعوتكم وفي رسالتكم لتنوروا بها ربوع الوطن، ولتملئوا بها وعي المصريين جميعا، ارفعوا رؤسكم عزيزة بشرف ما تحملونه وبنبل ما تؤدونه، وكونوا في الناس شامة، مظهرا حسنا وحكمة منيرة واجعلوا خطابكم ينزل على قلوب الناس رحمة وراحة والله من وراء القصد.

وقدم وزير الأوقاف كتاب الله (عز وجل) هدية للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف احتفال وزارة الأوقـاف بذكرى المولد النبوي الشريف عبد الفتاح السیسی رئیس الجمهوریة الرئیس عبد الفتاح السیسی صلى الله علیه وسلم النبوی الشریف وزیر الأوقاف

إقرأ أيضاً:

الكبيرة مصر

ورغم أنف كل من زايدوا علي الموقف المصرى من حرب غزة، جاءت الأنباء أخيرًا بإعلان خطة وقف إطلاق النار برعاية مصرية لتنهي معاناة هذا الشعب الأعزل التى طالت، لم تبخل مصر يومًا عن الأشقاء هناك بأي دعم تقدر عليه منذ اليوم الأول للحرب، تحملنا تطاولات كثيرة وافتراءات عديدة، ولكن ذلك لم يثننا عن دورنا المحتوم لنصرة الشعب الفلسطيني المناضل، ليس كل ما يعرف يقال ولكن العبرة دائمًا بالنتائج والتي تثبت كل مرة أن مصر هي الكبيرة عبر تاريخنا الطويل الممتد، لم يدفع أحد مثلما دفعنا من ثمن باهظ طوال أكثر من سبعين عامًا للحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وتوحيد فصائله وإقامة دولته المستقلة، خضنا الحروب وساهمنا في إعادة الإعمار أكثر من مرة وقدمنا جزءًا من قوت شعبنا لدعم الأشقاء في أحلك الظروف وفتحنا معابرنا لاستقبال الجرحى وعلاجهم في مستشفياتنا، لم نترك مؤتمرا أو منتدى دوليا إلا وتحدثنا فيه عن قضية العرب الأولى وهي قضية فلسطين، لم ننس دورنا وقدرنا ولكن الآخرون نسوا وحاولوا كثيرًا الزج باسم مصر لتبرير إهمالهم لقضية كل عربي غيور على أرض فلسطين، جاء الرد أخيرًا وشاهدنا بأعيننا على الشاشات شعب غزة الأبي وهو يهتف باسم مصر وما قدمته لهم من دعم طوال الأزمة، هم يدركون جيدًا كيف كان الدور المصري على شتى الأصعدة محوريًا وداعمًا بعدم تصفية القضية أو تنفيذ مخططات التهجير، قمنا بما نقدر عليه في السر والعلن حتى كانت لحظة إعلان خطة وقف إطلاق النار لنبدأ بعدها في استكمال دعم الأشقاء لإعادة بناء دولتهم التي انهارت كليا بفعل عدوان غاشم دام قرابة الـ 500 يوم، لا نذكر ذلك من باب التفاخر ولكن ليعلم الجميع أنها الكبيرة مصر مهما حاول البعض أن يحجّموا دورها في المنطقة، أو مهما مرت بها من أزمات اقتصادية كانت كفيلة بأن تجعلنا نغلق بابنا على أنفسنا ونكتفي بمشاكلنا مثلما فعل البعض، ولكن قدرنا أن بابنا لا يغلق أبدًا في وجه الأشقاء أو في وجه كل من يستجير بنا.. .حفظ الله بلادنا من العبث والعدوان والظلم، حفظ الله الكبيرة مصر كنانة الله في الأرض.

مقالات مشابهة

  • ضمن استراتيجية الأوقاف لبناء الإنسان.. انطلاق 17 قافلة دعوية بالفيوم 
  • خالد الجندي: من يرغب في مرافقة النبي في الجنة عليه بكثرة السجود
  • الفرق بين الغبطة والحسد في الشرع الشريف
  • باسيل خصم المعارضة مهما فعل
  • علماء أوقاف الفيوم: الإسراء والمعراج كانت تكريمًا إلهيًّا لنبينا وجبرًا لخاطره
  • عالم بـ«الأوقاف»: الابتلاء امتحان من الله والصبر عليه من أعظم درجات الإيمان
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • وزير الأوقاف للباحثين: يجب دراسة الأحاديث بدقة والتأكد من صحتها
  • أبو عبيدة يشكر اليمن وحزب الله على التضحيات الثمينة
  • الكبيرة مصر