لماذا لم تخسر إسرائيل أوروبا حتى اللحظة؟
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
ارتفعت حدة الإدانة لإسرائيل في مختلف أنحاء أوروبا منذ بدأت الحرب في غزة، وبينما تستعد الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت في الثامن عشر من سبتمبر (أيلول) على مطلب بانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة، قد يتصور المرء أن غضب الناخبين الأوروبيين من الحرب سيقنع حكوماتهم بدعمها.
العامل الأكبر الذي يحمي إسرائيل هو القوة الصاعدة لليمين المتشدد
ففي هذه السنة، احتل متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين الجامعات في أمستردام وبرلين وباريس؛ وتحتل القضية الفلسطينية مكانة بين قضايا التفاوت في الدخل وتغير المناخ ومسائل كبرى تشغل اليسار الأوروبي.
وتشير استطلاعات الرأي إلى انخفاض كبير في التأييد لإسرائيل.
لكن في الواقع، إن الأمور أكثر تعقيداً، كما تشرح مجلة "ذا إيكونوميست" البريطانية التي أشارت إلى أن مواقف الدول الأوروبية تجاه إسرائيل تنقسم إلى ثلاث مجموعات تقريباً.
المجموعة الأولى... احترام قليلمالت بعض الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط والدول الإسكندنافية منذ فترة طويلة نحو الفلسطينيين، على أسس تتعلق بحقوق الإنسان أو تعاطفاً مع حركات إنهاء الاستعمار.
وكانت أكبر نكسة دبلوماسية لإسرائيل بسبب حرب غزة عندما اعترفت أيرلندا والنرويج وسلوفينيا وإسبانيا بدولة فلسطين في الربيع الماضي، وفعلت السويد ذلك قبل عقد من الزمن.
وينظر مواطنو هذه الدول إلى إسرائيل بقليل من الاحترام من قبل الحرب أيضاً.
وفي إسبانيا على سبيل المثال، تقلصت الفجوة بين المؤيدين وغير المؤيدين لإسرائيل من ناقص 53 في أغسطس (آب) إلى ناقص 38 في مايو (أيار) 2023، وفق مؤسسة يوغوف لاستطلاعات الرأي.
Why Israel has not yet lost Europe https://t.co/oMWQ0ilx6z from @TheEconomist
— Sharon Fastlicht (@sfastlicht) September 15, 2024 أوروبا الغربية... التباسأما موقف الدول الأوروبية ا،لغربية الأخرى فأكثر غموضاً، وبخاصة تلك المتضررة من الهولوكوست.
وتعتبر ألمانيا حالة منفصلة، فهي تعتقد أنها تتحمل مسؤولية خاصة عن حماية الحياة اليهودية وترى أن الدفاع عن أمن إسرائيل من "مصلحة الدولة العليا".
والرأي العام تجاه إسرائيل، وهو حالياً عند ناقص 34، أقل سلبية إلى حد ما مما هو عليه الحال في الدنمارك أو السويد، كما قمعت الحكومة المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين وتتردد في انتقاد الانتهاكات الإسرائيلية.
مع ذلك، تحترم ألمانيا القانون الدولي، وقد وضعت في مأزق بسبب حكم أصدرته محكمة العدل الدولية في يوليو (تموز) يقضي بضرورة انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة.
ومن شأن مذكرة اعتقال محتملة من المحكمة الجنائية الدولية لرئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أن تزيد من حدة التناقضات الألمانية.
Why Israel has not yet lost Europe https://t.co/u4qkZTcWzf
— Abou Reda ابو رضا (@nicegook) September 15, 2024وحصرت فرنسا نفسها إلى حد كبير بالدعوة إلى وقف إطلاق النار في غزة وإرسال المساعدات الإنسانية.
وهي تواجه مهمة صعبة في الموازنة بين أكبر عدد من اليهود في أوروبا وأكبر نسبة من المسلمين في أي دولة أوروبية غربية.
كما تواجه حدود نفوذها في الشرق الأوسط: فقد فشلت محاولة الوساطة التي بذلتها لمنع حرب في لبنان هذا الصيف.
والواقع أن مستويات الاستياء الشعبي من إسرائيل مماثلة لتلك الموجودة في ألمانيا. لكن كما هي الحال في ألمانيا، عندما يُسأل الفرنسيون عن الجانب الذي يتعاطفون معه أكثر، فإنهم ينقسمون بالتساوي تقريباً.
وفي إيطاليا أيضاً، لم يولد الغضب الشعبي من إسرائيل سوى القليل من العمل السياسي، فالحزب الديمقراطي من يسار الوسط والأحزاب اليمينية، بما فيها حزب إخوة إيطاليا الحاكم بزعامة جورجيا ميلوني، يؤيدون لإسرائيل عموماً، وإن كانوا قد أصبحوا أكثر انتقاداً لها في الآونة الأخيرة، أما حركة النجوم الخمس المتمردة هي وحدها التي تعبر عن مشاعر معادية لإسرائيل.
وتقول ناتالي توتشي من معهد إيطاليا للشؤون الدولية: "إن الرأي العام ضد إسرائيل موجود، لكنه لا يحدد الأصوات".
كما تلاحظ أن أيديولوجيتي إخوة إيطاليا وحزب الليكود الذي يتزعمه نتانياهو "ليستا متباعدتين إلى هذا الحد": فكلاهما يتصور صراعاً حضارياً للغرب ضد الإسلام. وهذا التشابه الأيديولوجي مهم أيضاً للمجموعة الثالثة من الدول الأوروبية: الدول ذات الميول اليمينية في وسط وشرق أوروبا.
المجموعة الثالثةأقام نتانياهو علاقات وثيقة مع فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر وزعيم لليمين العالمي المتشدد، وفي بولندا وجمهورية تشيكيا ودول البلطيق، حيث الشعبوية اليمينية قوية، تميل الإدانة لحرب إسرائيل إلى أن تكون خافتة.
وقد دارت خلافات بين إسرائيل وبولندا حول تاريخ المحرقة، وأخرى في فبراير (شباط) بعد مقتل عامل إغاثة بولندي في غزة؛ لكن العلاقات بين البلدين قد عولجت.
ومن غير الواضح إلى أي مدى قد يمارس الأوروبيون نفوذاً على إسرائيل حتى لو تسرب الغضب الشعبي إلى مستوى الحكومة. والوسيلة الأكثر وضوحاً هي تقييد مبيعات الأسلحة، كما بدأت الحكومة البريطانية في القيام بذلك، بالنسبة إلى فئات معينة من الأسلحة التي تعتبر معرضة لخطر الاستخدام في جرائم الحرب.
وألمانيا هي ثاني أكبر مورد للأسلحة إلى إسرائيل بعد أمريكا، لكنها لا تفكر في فرض قيود، ولو أن أحكام المحاكم الدولية قد تغير ذلك.
وتأتي إيطاليا في المرتبة الثالثة بفارق كبير؛ لقد سبق أن أوقفت إمدادات الأسلحة إلى إسرائيل، لكن فقط لأن قوانينها تحظر المبيعات إلى البلدان في حالة حرب.
السبب الأكبروبحسب الصحيفة فإن العامل الأكبر الذي يحمي إسرائيل من الإدانة الشعبية الأوروبية هو القوة الصاعدة لليمين المتشدد. فالتجمع الوطني في فرنسا، وهو أكبر حزب يميني في البلاد، أصبح بشكل كامل مؤيداً لإسرائيل بعدما تخلى عن معاداة السامية التي تبناها في أيامه الأولى. وحزب البديل من أجل ألمانيا، وهو حزب معاد للمسلمين ويأتي في المرتبة الثانية ضمن استطلاعات الرأي الوطنية، يدعو إلى قطع المساعدات عن غزة والضفة الغربية.
وفي إسبانيا، يعد حزب فوكس اليميني المتشدد الحزب الوحيد الذي يتحالف بوضوح مع إسرائيل؛ فقد زار زعيمه القدس العام الماضي.
وفي هولندا، حتى مع احتلال الجامعات في مايو من قبل الطلاب الذين يرتدون الكوفيات، كانت الحكومة الهولندية الأكثر يمينية منذ الحرب العالمية الثانية تتولى السلطة. وقضى خيرت فيلدرز، زعيم أكبر حزب في الائتلاف، سنوات في كيبوتس خلال شبابه.
ويدعو اتفاق الائتلاف إلى النظر في نقل السفارة الهولندية إلى القدس. ومن غير المرجح أن يحدث هذا، لكنه يرسل إشارة.
وختمت المجلة لافتة إلى أنه قد يكون الأوروبيون غاضبين من الوحشية في غزة، ولكن طالما أنهم يصوتون لقادة مثل فيلدرز، فليس لدى إسرائيل ما يدعوها للقلق.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: رفح أحداث السودان الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية غزة وإسرائيل اليمين المتطرف إسرائیل من فی غزة
إقرأ أيضاً:
“غزة ليست للبيع”.. أوروبا تنتفض ضد خطة التهجير التي يتبناها ترامب
20 فبراير، 2025
بغداد/المسلة: أثار إعلان دونالد ترامب عن خطته لتهجير سكان غزة قسرًا ردود فعل أوروبية غاضبة، حيث اعتبرها العديد من القادة فضيحة وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي. ورغم أن الخطة لم تتجاوز مرحلة الاقتراح، فإنها وُجهت بإدانة واسعة من العواصم الأوروبية، التي رأت فيها تطهيرًا عرقيًا غير مقبول وخطوة تزيد من تفاقم الأزمة بدلاً من حلها.
المستشار الألماني أولاف شولتس وصف تصريحات ترامب بأنها “فضيحة وتعبير فظيع حقًا”، مؤكدًا أن “تهجير السكان أمر غير مقبول ومخالف للقانون الدولي”.
أما وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، فصرّحت بأن “غزة، مثل الضفة الغربية والقدس الشرقية، أرض فلسطينية”، مشددة على أن أي محاولة لطرد سكانها ستؤدي إلى المزيد من الكراهية والمعاناة.
في بريطانيا، أعرب رئيس الوزراء كير ستارمر عن معارضته الصريحة للخطة، مؤكدًا في جلسة برلمانية أن “أهل غزة يجب أن يعودوا إلى ديارهم، ويُسمح لهم بإعادة البناء”، مشيرًا إلى أن دعم هذه العملية هو السبيل الوحيد لتحقيق حل الدولتين. كما شدد على ضرورة الحفاظ على وقف إطلاق النار في القطاع، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية.
إسبانيا، من جهتها، ردّت بحزم على المقترح الأميركي، إذ أكد رئيس الوزراء بيدرو سانشيز أن بلاده “لن تسمح بتهجير الفلسطينيين”، معتبرًا أن “احترام القانون الدولي في غزة واجب كما هو في أي مكان آخر”. بينما شدد وزير الخارجية الإسباني على أن “غزة جزء من الدولة الفلسطينية المستقبلية”.
وفي فرنسا، رفض الرئيس إيمانويل ماكرون خطة ترامب، معتبرًا أن “غزة ليست أرضًا فارغة بل يسكنها مليونا شخص، ولا يمكن ببساطة طردهم منها”، مضيفًا أن “الحل ليس في عمليات عقارية، بل عبر مقاربة سياسية”. كما أصدرت وزارة الخارجية الفرنسية بيانًا أدانت فيه الخطة، مؤكدة أنها تشكل “خطورة على الاستقرار وانتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي”.
أما سلوفينيا، فقد وصفت وزيرة خارجيتها تانيا فايون تصريحات ترامب بأنها تعكس “جهلًا عميقًا بالتاريخ الفلسطيني”، بينما أكدت الحكومة الإيطالية أنها تدعم حل الدولتين، معربة عن استعدادها لإرسال قوات لحفظ الاستقرار في القطاع.
ورغم الرفض الأوروبي الواسع، كان هناك استثناء واحد، حيث رحب زعيم اليمين المتطرف الهولندي خيرت فيلدرز بالخطة، داعيًا إلى ترحيل الفلسطينيين إلى الأردن. غير أن الحكومة الهولندية أكدت أن موقفه لا يمثلها، مجددة دعمها لحل الدولتين.
الرفض الشعبي للخطة كان قويًا أيضًا، إذ شهدت عواصم أوروبية مثل لندن وبرلين ودبلن وستوكهولم وأوسلو مظاهرات حاشدة، شارك فيها آلاف المتظاهرين رافعين شعارات مثل “لا للتطهير العرقي” و”غزة ليست للبيع”. كما عبرت الصحافة الأوروبية عن استنكارها، حيث وصفت مقالات عدة المقترح بأنه “مضي بأقصى سرعة نحو التطهير العرقي”، محذرة من أن ترامب يقوض ما تبقى من القانون الدولي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts