موسكو – تتعالى الأصوات داخل روسيا للتحذير من انتشار ظاهرة الطلاق في البلاد وسط دعوات لحظر الدعاية التي تروج لانفصال الزوجين وتعزيز الشعور بالوحدة والتخلي عن القيم الأسرية التقليدية.

ووفقا لإحصاءات وزارة العمل الروسية حتى يونيو/حزيران 2024، فإن هناك 7 حالات طلاق لكل 10 زواجات في البلاد، لتكون روسيا من بين أعلى ثلاث دول في حالات الطلاق بعد جزر المالديف وكازاخستان.

وللمقارنة، كان هذا الرقم يمثل نسبة 42% قبل 30 عاما، و4% فقط قبل 70 عاما.

ووفقا لآخر بيانات قدمتها وزارة العمل الروسية، هناك أكثر من 15.5 مليون أسرة وحيدة العائل في البلاد، علما بأن عدد الأسر الأحادية الوالد يتزايد كل عام؛ إذ كانت نسبتها لا تتجاوز 21% في عام 2002، ثم أصبحت النسبة 38.5% في 2023.

في المقابل، أصبح الروس أقل إقبالا على الزواج على مدى السنوات العشر الماضية، في حين وصل عدد حالات الطلاق إلى مستوى قياسي. ففي عام 2006، كان عدد حالات الزواج في روسيا أكثر من حالات الطلاق بنحو 1.5 مرة. وفي عام 2011 أصبح أكثر بمرتين، وفي عام 2020 تراجع إلى 1.4 مرة، ثم ارتفع ارتفاعا طفيفا إلى 1.5 مرة في عامي 2021 و2022، قبل أن يتراجع مجددا إلى 1.4 مرة في عام 2023.

ولم يكن لمرحلة وباء كورونا أي تأثير تقريبًا على عدد الأزواج الذين قرروا إضفاء الطابع الرسمي على الانفصال، حيث كانت هناك 7 حالات طلاق لكل 10 حفلات زفاف.

أما في العام الجاري، الذي أُعلن "عامًا للأسرة" في روسيا، فقد شهد ارتفاعا ملحوظا في حالات الطلاق رغم تعزيز حملة الترويج للقيم الأسرية التقليدية بقوة مضاعفة.

تصنّف روسيا من بين أعلى ثلاث دول في حالات الطلاق بعد كل من جزر المالديف وكازاخستان (غيتي) حظر الترويج للطلاق

على ضوء ذلك، دعت إيرينا فولينيتس مفوضة حقوق الطفل في تتارستان إلى تقنين حظر الدعاية للطلاق والفردانية الأسرية، مرجعة ذلك إلى وجود ميول اجتماعية لتعزيز الشعور بالوحدة والتخلي عن القيم العائلية التقليدية، ومحذرة من أن ذلك يشكل خطرًا على نظرة الأطفال المستقبلية للعالم والأسرة.

وتختلف نسب الطلاق بين المناطق في روسيا، وتعد منطقة أوبلاست ذات الحكم اليهودي الذاتي رائدة في عدد حالات الطلاق حيث بلغت 67 حالة لكل 10 آلاف نسمة، تليها في المركز الثاني جمهورية أوسيتيا الشمالية بـ66 حالة، وفي المركز الثالث إنغوشيا بـ65 حالة، في حين سجلت جمهورية موردوفا أقل نسبة تفكك أسري بـ29 حالة طلاق لكل 10 آلاف نسمة.

ويأتي هذا الارتفاع في نسب الطلاق ليزيد الأزمة الديمغرافية في روسيا تعقيدًا، مع الحاجة الملحة لزيادة عدد السكان. فللحفاظ على المستوى السكاني نفسه، هناك حاجة إلى معدل خصوبة إجمالي يبلغ نحو 2.1 مولود لكل امرأة، لكن معدل المواليد في البلاد لا يصل إلى هذا المستوى.

فحالات الطلاق تتضمن بدورها مشاكل إضافية كحصولها قبل إنجاب الأطفال بفعل الميل السائد لدى أغلبية المتزوجين الجدد لعدم الاستعجال بذلك إلى حين حل بعض القضايا كالسكن وبقية المصاريف، أو العزوف في حالات أخرى عن عدم إنجاب الأطفال أصلا، رغم تقديم الدولة قروضا سكنية بفوائد تشجيعية للأسر الجديدة أو كثيرة الأطفال.

جوانب مادية

ويقول الخبير في الدراسات الاجتماعية فلاديمير كوشول إنه إذا نظرت إلى استطلاعات الرأي والحديث عن أسباب الانفصال، فإنه غالبًا ما يستخدم الزوج السابق أو الزوجة السابقة صيغة "لم يتفقا" لتفسير أسباب الانفصال.

ويشرح في حديث للجزيرة نت أن الاتجاه التصاعدي في معدلات الطلاق سببه بالدرجة الأولى العوامل المالية كالفقر وعدم القدرة على تلبية احتياجات الأسرة، يليها عدم التفاهم المتبادل ثم الخيانة الزوجية فالغيرة بين الزوجين، وفق دراسات مختلفة.

وبالتوازي مع هذا، يشير المتحدث إلى عامل آخر يسهم في الاتجاه التصاعدي لحالات الطلاق، فكما هو الحال في العديد من الدول الغربية، فإن العروس والعريس النموذجيين في روسيا "يتقدمان في السن" تدريجيا، ليرتفع متوسط ​​عمر الزواج.

ويوضح أنه في عام 1993 كان عمر العريس النموذجي 26 عامًا والعروس النموذجية 24 عامًا، في حين بلغ متوسط عمر الزواج في الأعوام العشرة الأخيرة 32 و29 على التوالي.

في يوليو/تموز من العام الجاري، قدمت رئيسة لجنة مجلس الدوما لحماية الأسرة نينا أوستانينا اقتراحا بأن يتم توضيح تعريف القيم العائلية التقليدية في التشريعات.

وبحسب رأيها، فإنه بعد ذلك سيكون من الممكن التفكير في فرض عقوبة على من يسيء إلى هذه القيم والتحريض على الأفكار التي تؤدي إلى تفكّك الأسرة.

حالات الزواج في روسيا أكثر من حالات الطلاق بنحو 1.4 مرة بحسب إحصاءات العام 2024 (غيتي) عوامل مخفية

لكن الخبيرة في علم النفس ناتاليا موروزوفا ترى أن أسباب الطلاق تكمن بشكل أساسي في المواقف الحياتية للزوجين نفسيهما بالنظر إلى أن نمو معدلات الطلاق يشمل على حد سواء ذوي الدخل المنخفض والأثرياء، وأنه بصرف النظر عن الأعمار ومستويات التعليم، وسواء كانوا متزوجين لمدة عام واحد أو لسنوات عديدة، وما إذا كان لديهم أطفال أم لا، فاحتمال الطلاق هو نفسه تقريبًا بالنسبة للجميع، حسب ما تلاحظ.

كما أن قوة الأسرة لا تتأثر بالثروة أو بمدة العلاقة أو بفارق السن بين الزوج والزوجة، وإنما بالتصورات والمفاهيم وبمدى تجذر القيم الأسرة لدى الزوجين، وهذا ما يشهد تراجعًا ملحوظا، حسب قولها.

وتوضح أن المشكلة الإضافية باتت تكمن في أن المجتمع بدأ "يتعايش" مع فكرة الطلاق في السنوات الأخيرة ويتقبلها.

وتتابع أنه بينما كان 14% من الناس في عام 1990 متأكدين من ضرورة وإمكانية إنقاذ الزواج بأي ثمن، فإن 9% فقط قالوا ذلك في عام 2021، وكان 39% واثقون من عدم وجود عقبات لا يمكن التغلب عليها أمام الطلاق.

من هنا تشدد على أن من واجب الدولة ليس فقط الاكتفاء بمعالجة الجوانب المادية للتحفيز على الزواج وإنجاب الأطفال، بل التركيز أكثر على تعزيز منظومة القيم والتقاليد الأسرية الروسية من خلال برامج تنويرية وتحفيزية مكثفة وباستخدام كافة وسائل الاتصال مع الجمهور.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات حالات الطلاق فی البلاد فی حالات فی روسیا فی عام

إقرأ أيضاً:

السودان تزايد الضغوط الدولية والبحث عن منابر جديدة للتسويف

الرأى اليوم

صلاح جلال

السودان تزايد الضغوط الدولية والبحث عن منابر جديدة للتسويف

(1)

???? وضع الفريق البرهان نفسه ومن خلفه حزب القوات المسلحة الرافض لوقف الحرب وشركاءه من المليشيات الجهوية والمتطرفة فى مأزق برفضهم المشاركة فى منبر سويسرا

وإعلان تحدى أكبر تكتل دولى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية الذى انتهى لتكوين التحالف الدولى لإنقاذ الأرواح Alps* كمنبر جامع ضم عدد من الدول الفاعلة بالإضافة للاتحاد الإفريقى والأمم المتحدة، لتحسين تصميمه وتطويرة انعقدت ورشة شاركت فى أعمالها القوى الديمقراطية فى نيروبى بتاريخ 11 سبتمبر اقترحت إضافة بقية دول الجوار والاتحاد الأوروبى ودول الترويكا له، ولزيادة كفاءته العمل على صياغة إعلان مبادئ بموجهات استراتيجية واضحة تحكم مسار مفاوضاته، ويُحمد لتحالف Alps استمرار التشاور الاسبوعى بين مكوناته تحت إشراف مبعوث الرئيس الأمريكى توم بيريلو الذى أصابه رفض الفريق البرهان المشاركة فى منبر سويسرا بخيبة أمل كبيرة بعد تقديمه تنازلات سخية للقوات المسلحة قبل بدء التفاوض، فقامت بمكافأته عليها برفض المشاركة فى المنبر وتقصير قامته الدبلوماسية.

(2)

???? بعد أن انفض منبر سويسرا رسمياً معلناً اخفاقه فى تحقيق وقف إطلاق النار مع إنجاز محدود  فى توصيل الإغاثة للمحتاجين من خلال فتح مِعبر أدرى على الحدود التشادية واقتراح فتح معابر حدودية أخرى وبعض مطارات البلاد وهو ما لم يحدث إلى الآن، وكانت ورشة القوى الديمقراطية فى نيروبى قد أكدت عدم وجود فرصة ذات كفاءة وفاعلية لإغاثة المحتاجين ومواجهة خطر المجاعة الذى يهدد 25 مليون نسمة من دون  تحقيق هدنة إنسانية طويلة لوقف إطلاق النار، هناك نشاط متسارع ومتصاعد عبر حزمة من الضغوط السياسية والدبلوماسية والإجرائية لحمل الطرف المتعنت لطاولة التفاوض، منها مقترحات لجنة تقصى الحقائق التى شكلتها مفوضية حقوق الإنسان العام الماضى والتى اقترح تقريرها عدد من المبادئ منها عدم الإفلات من العقاب وضرورة المحاسبة على جميع إنتهاكات الحرب من طرفيها وكما اقترحت تشكيل قوة عسكرية للتدخل لحماية المدنيين.

(3)

???? وجدت هذه المقترحات تأييد ودعم وطنى وإقليمى ودولى واسع وسيتم التصويت فى 11 اكتوبر على التقرير مع اقتراح تمديد أجل البعثة لعام آخر وسترفع البعثة تقريرها فى إجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة التى يتوقع أن تحوله لمجلس الأمن الدولى.

كما أصدرت منظمة هيومن رايتس وتش تقرير شامل عن إنتهاكات الحرب فى السودان وأعلنت دعمها لتشكيل قوة عسكرية لحماية المدنيين، وقد عقد مجلس اللوردات البريطانى جلسة إستماع طارئة دعت لوقف الحرب فى السودان ومواجهة المجاعة والإنتهاكات وقطع الطريق على تفاقم هشاشة الدولة.

(4)

???? كما أصدر الرئيس الأمريكى جو بايدن فى 16 سبتمبر بيان من البيت الأبيض يحذر فيه من مخاطر استمرار الحرب فى السودان على حياة المدنيين ودعم ذلك بتصريح من وزير خارجيته أنتوني بيلنكن وممثلة الولايات المتحدة الأمريكية فى مجلس الأمن الدولى مسز قرينفيلد أكدا فيه أن الولايات المتحدة ستفرض مزيد من العقوبات على كل المعوقين لجهود السلام ووقف الحرب وأكدوا أن الولايات المتحدة ستعقد اجتماع موسع على هامش اجتماعات الجمعية العامة لوزراء خارجية عدد من دول العالم لممارسة مزيد من الضغوط لوقف الحرب فى السودان، وكان من المقرر زيارة الدكتور عبد الله حمدوك رئيس تنسيقية [تقدم] للولايات المتحدة الأمريكية بداية هذا الاسبوع وتم إعداد برنامج مكثف للاجتماع بعدد من المشرعين فى المجلسين وتنفيذيين فى الإدارة والبيت الأبيض وعلى هامش الجمعية العامة وعدد من مراكز البحوث الهامة وقيادات الصندوق والبنك الدوليين، تم تأجيل الزيارة فى اللحظات الأخيرة لإصابة دكتور حمدوك والسفير مانيس بفيروس كورونا وخضوعهما لبروتوكولات الحجز المتبعة، وسيتم إعادة جدولة الزيارة قريباً وهم الآن بخير تواصلت معهم صباح اليوم.

(5)

???? فى ظل أوضاع معيشية قاسية يواجهها المواطنون فى الداخل نتيجة للحرب والسيول والفيضانات وبوادر تذمر شعبى فى معظم أنحاء البلاد من عدم الأمان ونقص الطعام والدواء والتزامن مع الضغوط الدولية المذكورة بدأت القيادة العسكرية فى بورتسودان المناورة لكسر الطوق وتخفيف الحصار بالتوجه الدبلوماسى نحو الصين وروسيا وإيران فى زيارات على مستوى عالٍ منها بقيادة الفريق البرهان واخرى من وزير الخارجية.

(6)

???? وعلى المستوى الإقليمى بدأ الحديث عن استعادة منبر جدة، وزيارة الفريق البرهان لجوبا وإعطاء الضوء الأخضر للرئيس سلفا كير لطرح مبادرة إقليمية تحت قيادته، وعلى الصعيد الوطنى بدأت تتدفق الإشارات الموجبة والرسائل الإلكترونية لعدة جهات لتشجيع طرح مبادرة وطنية لوقف الحرب، كل هذه المناورات القصد منها فك الحصار والسعى لتفتيت تأسيس تكتل دولى للراغبين لمواجهة تحدى وقف الحرب وضرورة حماية المدنيين وتعطيل مجلس الأمن الدولى والاتحاد الأفريقى من إتخاذ إجراءات حازمة لمواجهة المتعنتين والمعطلين لمنبر سويسرا لتحقيق السلام

يجب عدم منح مجموعة بورتسودان الفرصة للمناورة وتشتيت الجهود الإقليمية والدولية بمثل هذه الخدع البهلوانية للهروب من استحقاقات السلام ووقف الحرب فوراً.

(7) ???????? ختامة

بخصوص الحديث العاطفي عن ضرورة الدفع بمبادرة وطنية لوقف الحرب، هذه الحرب وصلت لمستوى من التعقيد وعدم الثقة بين طرفيها للحد الذى يؤكد أن الجهد الوطنى المنفرد لن يتمكن من وقفها، وسيكون أداة لتشتيت الجهود وتعطيل المساعى الإقليمية والدولية لوقف الحرب، ولن تقف هذه الحرب دون تدخل قوات حفظ سلام دولية لمراقبة أى وقف لإطلاق النار ولتقديم ضمانات ذات مصداقية لطرفى القتال، والمساعدة فى الترتيبات الأمنية والوقف الدائم للعدائيات، الضغط الوطنى مطلوب فى مجال عزل خطاب الحرب والكراهية والإعلان الشعبى عن رفضها والمطالبة بوقفها فوراً، والعمل على تكوين كتلة حرجة تستعيد العملية السياسية المدنية لإكمال الانتقال الديمقراطى، بدون هذا الوضوح الحديث عن مبادرة وطنية لوقف الحرب تندرج فى إطار دعم المماطلة والتسويف وتعطيل المجهودات الجادة وتخفيف الضغوط المتصاعدة الحالية يجب علينا الإنتباه والحذر لذلك.

#لاللحرب

#نعم_لضمان_حماية_المدنيين.

الوسومالاتحاد الأفريقي الاتحاد الأوروبي البيت الأبيض التحالف الدولي لإنقاذ الأرواح الحرب الرأي اليوم السودان الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن سويسرا صلاح جلال منبر جدة

مقالات مشابهة

  • السودان تزايد الضغوط الدولية والبحث عن منابر جديدة للتسويف
  • الحياة الزوجية على صفيح ساخن.. روشتة لوقف خراب البيوت.. وجولة بأروقة محاكم الأسرة تكشف المستور.. أسباب واهية وراء الطلاق.. أسرع حالة انفصال خلال 30 دقيقة.. وخبراء يتفقون على الحل.. والإسراف فى السوشيال السبب
  • هيئة الرعاية الصحية: إخلاء دور بمستشفى الصداقة بأسوان منذ فترة لزيادة عدد الأسرة
  • أوتشا: التهجير القسري يفاقم الوضع الإنساني في قطاع غزة
  • 2.4 مليون جنيه نفقة متعة.. صراع قضائي بين مطلقة وزوجها السابق بمحكمة الأسرة
  • أرقام صادمة لحالات الطلاق والعنف الأسري بالعراق
  • التغيرات في أدوار الرجل والمرأة تساهم في ارتفاع حالات الطلاق بالعراق
  • وزير خارجية روسيا: موقف مصر مدروس ومتوازن تجاه الأزمة الأوكرانية
  • تزايد العمالة الأجنبية في العراق وتأثيرها على الاقتصاد المحلي