المسكوت عنه في محاولة اغتيال ترامب الثانية
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
بينما كان ترامب يلعبُ الغولف في ناديه في ويست بالم بيتش بولاية فلوريدا، مع ستيف ويتكوف، وهو صديق وأحد كبارِ المتبرعين، رصد أحدُ ضباط الخدمة السرية الذي كان يقوم بمسحٍ أمنيٍّ على بُعد بضعة ثقوبٍ أمامه، فوهةَ بندقية بها منظار يخرج من السياج وفتح النارَ على المشتبه به، وكان ترامب على بعد حوالي 300 إلى 500 ياردة من الحادث، وذلك بحسب ما أفاد ريك برادشو قائد شرطة مقاطعة بالم بيتش للصحفيين.
رأى أحد الشهود رجلاً يفرُّ من مكان الحادث والتقط صورةً لسيارته ـ نيسان سوداء اللون ـ وبفضل هذه المعلومات، تعقبت السلطاتُ السيارةَ على الطريق السريع 95، حيث ألقت شرطةُ مقاطعة مارتن القبضَ عليه.
وقال ويليام د. سنيدر، قائد شرطة مقاطعة مارتن، للصحفيين إنَّ المشتبه به كان "هادئًا نسبيًا" عند احتجازه. وأضاف: "لم يكن يُظهر الكثيرَ من المشاعر، ولم يسألْ قط: "ما هذا؟".
وقال برادشو إن الشاهد نُقل إلى مقاطعة مارتن وحدد هويةَ المشتبه به، الذي تبين لاحقًا أنه ريان ويسلي روث، وتم العثور على بندقية من طراز AK-47 وحقيبة ظهر وكاميرا Go-Pro عند سياج خارج نادي ترامب للغولف.
وقالت الخدمةُ السرية إن ترامب آمن، وأعلن مكتب التحقيقات الفدرالي أنه يحقق في الحادث باعتباره "محاولةَ اغتيال".
وبعيدًا عن توصيف مكتب التحقيقات للحادث، فإنه حتى اللحظة، لم يتبين على وجه الدقة، ما إذا كان الحادثُ "محاولةَ اغتيالٍ" حقيقية، تتطابق في صراحتِها مع المحاولة الأولى الفاشلة والتي تعرض لها ترامب قبل شهرين من الآن، ما جعل التأثير السياسي لحادث " ويست بالم بيتش " غير واضح، على النقيض من المحاولة الأولى، التي أثارت موجةً من ردود الفعل من جانب المشرعين في جميع أنحاء العالم ومجتمع الأعمال، وأعلنَ الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك ـ حينها ـ دعمَهُ لترامب. ومنذ ذلك الحين، ساعد ملياردير التكنولوجيا في إنشاء لجنة عملٍ سياسية مؤيدة لترامب وأجرى مقابلةً معه على منصة التواصل الاجتماعي إكس الخاصة به، وفي ذات الوقت دفعت بعضَ كبارِ المراقبين إلى التنبؤ بفوز ترامب في نوفمبر/ تشرين الثاني القادم، وهي التوقعاتُ التي ضغطت في اتجاه أنْ يُنهي الرئيسُ جو بايدن مساعي إعادة انتخابه، وأيد نائبة الرئيس كامالا هاريس، التي حصلت بسرعةٍ على دعم الحزب الديمقراطي، واختارت الأكاديمي والسياسي تيم والز نائبًا لها، وجمعت أكثر من 500 مليون دولار.
هذا التثاؤبُ وغيابُ اليقين اللذان غلَّفا ردَ الفعل على حادث ويست بالم بيتش، أمس الأحد، حملا ـ أيضًا ـ خبيرَ استطلاعات الرأي في الحزب الجمهوري فرانك لونتز على القولِ بموقع إكس، إنه يحتاجُ إلى انتظارٍ لتحديدِ الحقائق قبل الرد.
تفاصيل كثيرةٌ تبدو خافتةً، وسط صخب الضجيج الذي أعقب الكشف عن الحادث، وهي في حقيقتها حزمةٌ من الأسئلة التي قد تبدو مُفتاحًا لمغاليقَ ربما من مصلحة "جهةٍ ما" أن تُبقى عليها مغلقةً.
لقد تساءلت وسائلُ إعلامٍ محلية عن كيفية تمكن فرد مسلح بشكلٍ كبيرٍ من الدخول بسهولة إلى ملعب الغولف والاختباء هناك بين الشجيرات، لا سيما أنَّ حقيقةَ وجود أماكن على طول محيط العقار، حيث يمكن رؤية لاعبي الغولف – بمن في ذلك ترامب – لأولئك الذين يقفون خلفَ السياج معروفةٌ منذ فترة طويلة لدى سلطات إنفاذ القانون. فأثناء تولي ترامب منصب الرئيس، كان المصورون الإخباريون قادرين غالبًا على التقاط صورٍ له على المساحات الخضراء من خلالِ العثور على فجواتٍ في الشجيرات.
ورغم أن خطط ترامب للعب الغولف يوم الأحد لم تكن جزءًا من أي جدول عام، فإنه في الأيام التي لا يشارك فيها في حملته الانتخابية، يمكن العثور عليه غالبًا وهو يلعبُ الغولفَ في أحد ملاعبِه، ويعد نادي ترامب الدولي للغولف، في ويست بالم بيتش، الذي يقع على بعد حوالي 10 دقائق بالسيارة من مقر إقامته في مار إيه لاغو، أحد الملاعب المفضلة لديه، وهو أحدُ ثلاثة نوادي غولف يملكها في فلوريدا، ويضم 27 حفرة من بطولة الغولف، بالإضافة إلى مساحات للفعاليات، وغالبًا ما يتناول ترامب الغداء ويعقد اجتماعاتٍ في النادي بين الجولات.
ويبدو أن ريك برادشو، قائد شرطة مقاطعة بالم بيتش، قد توقع أن يكون هدفًا في ميدان رماية الأسئلة الشبيهة، فقال " لو كان ترامب رئيسًا في ذلك الوقت لما سمحَ له جهازُ الخدمة السرية بلعب الغولف في مثل هذه البيئة المفتوحة، ولكنه " ليس الرئيس الحالي، وبالتالي فإننا مقيدون بما يعتبره جهاز الخدمة السرية ممكنًا ".
لكن ظلت أسئلةٌ أخرى معلقةً، دون تقديم أية إجابةٍ مقنعة على صعيد الترتيبات الأمنية لشخصية شديدة الحساسية، وفي بلد ذي تاريخ في الاغتيالات السياسية الكارثية، إذ كيف سُمح لترامب بعد أن اقترب من التعرض لإطلاق النار في بنسلفانيا، أن يخرج للعب الغولف في مكانٍ يبدو من المستحيل تأمينه؟.. ماذا يتوقع أن يحدث في بلدٍ له تاريخٌ مؤلمٌ من الاغتيالات الناجحة مثل أميركا عندما يرى رئيسًا سابقًا ومرشحًا قويًا ومثيرًا للجدل مستهدفًا، ليس مرةً واحدةً بل مرتين في مثل هذا الوقت القصير؟!.
ومن الروايات المثيرة للتساؤلات "المتشككة"، أنه في غضونِ دقائقَ قليلةٍ تم فحص لوحة أرقام السيارة من خلال أجهزةِ قراءة لوحاتِ الترخيص في الولاية، وتم تعقب المشتبه به الهارب بسرعةٍ إلى الطريق السريع I-95 واحتجازه على الفور تحت تهديد السلاح.
والأكثر دهشة وكما أشار ويليام سنايدر، عمدة مقاطعة مارتن المجاورة حيث تم الاعتقال، أن المشتبه به لم يكن مسلحًا وبدا "هادئًا نسبيًا، ولم يكن يُظهر الكثيرَ من المشاعر".
ويعتقد البعضُ أن هذه الأسئلة في منزلة "القرائن" التي تعزز مشاعر "عدم اليقين" التي صاحبت الحادث، واستدعت إمكانية الإذعان لـ"نظرية المؤامرة" بوصفه حادثا لـ"إعادة تدوير" سمعة جهاز الخدمة السرية التي تضررت كثيرًا بعد محاولة اغتيال ترامب في مقاطعة بتلر بولاية بنسلفانيا، والتي واجهت فيها الخدمةُ السريةُ تساؤلاتٍ جدية حولَ كفاءتها، مما أدى إلى استقالة مديرتها ـ آنذاك ـ كيمبرلي شيتل، ويبدو أن حادثة الأحد ترسم صورة أكثر وردية للوكالة، ولقد لوحظ برادشو وهو يعيد ويكرر قوله "لقد فعلت الخدمة السرية بالضبط ما كان من المفترض أن تفعله، وقام وكيلها بعمل رائع"، وقال إن أحد العملاء، الذي كُلف بالقفز على مسافة واحدةٍ أمام الرئيس السابق لتحديد التهديدات المحتملة، تمكن من رصد فوهة بندقية المسلح التي تبرز من السياج المحيط بنادي الغولف و"تعامل على الفور مع هذا الفرد".
وعلى الرغم من أنَّ الولاياتِ المتحدة الأميركية، محصنةٌ بإعلامٍ مستقلٍ وقوي، وبمؤسسات ديمقراطية صلبةٍ ومنتخبة، فإن ما تسمى بـ"الدولة الموازية" بوسعها التحرك بسهولةٍ في فراغاتٍ تعرفُ جيدًا المسافةَ التي تفصلُها عن عيونِ الرقابة، وبالتقاطع مع عِلَبِ الأمن السرية، وذلك لتغيير سير حركة التاريخ، على النحو الذي يظهر في عفويتهٍ أمامَ عيونِ الشعب الأميركي، وهي الخبرةُ التي تُزعزعُ الثقة في بعض الحوادث الكبرى التي تقع بالتزامن مع تحولاتٍ سياسيةٍ حاسمة، ومن بينها بطبيعة الحال محاولةُ اغتيال ترامب الثانية قبل شهرين من حسم مستقبل "سيد البيت الأبيض" في نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الخدمة السریة
إقرأ أيضاً:
كواليس الـ48 ساعة التي انقلب فيها ترامب على زيلينسكي
(CNN)-- مع تمزق العلاقة المشحونة منذ فترة طويلة بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء، كان السؤال الذي ظل عالقًا بين حلفاء الرجلين هو ما إذا كانت المعركة ستبدد الآمال في التوصل إلى سلام بوساطة أمريكية؟
وفي رسالة غاضبة على منصته للتواصل الاجتماعي، وصف ترامب زيلينسكي بأنه "ديكتاتور بلا انتخابات"، وألقى باللوم عليه في تسليح الولايات المتحدة بقوة لإنفاق مئات المليارات من الدولارات "لخوض حرب لا يمكن الفوز بها".
وتحول الأمر إلى سلسلة من الاستهزاءات استمرت طوال اليوم، والتي ضخَّمها ترامب خلال خطاب ألقاه ليلة الأربعاء في ميامي، حيث أعلن: "من الأفضل لزيلينسكي أن يتحرك بشكل أسرع، وإلا لن يبقى له وطن".
وكان كلا الاتهامين بمثابة تكرار لنقاط حديث موسكو المليئة بالسخرية حول الحرب والرئيس الأوكراني، الذي أعلن الأحكام العرفية في بداية الغزو الروسي، الأمر الذي حال دون إجراء انتخابات مقررة.
لم يكن منشور ترامب هجومًا معزولًا، فلسنوات، كان ترامب ينظر إلى زيلينسكي بتشكك، وشكك في قراراته، وفي لحظة خلال أول إجراءات عزل ترامب، ضغط عليه لفتح تحقيق مع منافسه آنذاك جو بايدن، وقال ترامب ليلة الأربعاء: "لو كانت إدارة (بايدن) قد استمرت لعام آخر، لكنتم في حرب عالمية ثالثة ولن يحدث ذلك الآن".
ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، كان مساعدو ترامب يراقبون عن كثب تصريحات زيلينسكي العامة، وخاصة انتقاداته للولايات المتحدة لاستبعاد أوكرانيا من المحادثات مع المسؤولين الروس في المملكة العربية السعودية هذا الأسبوع، مع تصاعد الانفعالات.
وقالت المصادر إن إحباطهم كان يتزايد قبل يوم الأربعاء، لكن الأمر تفاقم بعد أن قال زيلينسكي للصحفيين في مكتبه في كييف إن ترامب يعيش في "شبكة من المعلومات المضللة".
وقال مسؤول يسافر مع ترامب إن الرئيس أخبر مساعديه الذين كانوا معه في فلوريدا بشكل خاص أنه يريد الرد مباشرة، وألقى هذا الصاروخ الدبلوماسي في طريقه إلى نادي الغولف الخاص به في ميامي، مع استمرار توسع تصريحاته العامة في مؤتمر الاستثمار الذي رعاه صندوق الثروة السيادية للمملكة العربية السعودية التي استضافت محادثات في وقت سابق من الأسبوع بين مسؤولين أمريكيين وروس.
وقال مسؤال آخر في البيت الأبيض لشبكة CNN "إنه إحباط.. هناك شعور قوي ومشروع بأن هذه الحرب الوحشية يجب أن تتوقف وأن هذا المسار يتضاءل بسبب خلال تصريحات زيلينسكي العامة".
ومع ذلك، فمن وجهة نظر زيلينسكي، فإن نهاية الحرب التي يتصورها ترامب تبدو مشابهة إلى حد كبير لما كانت تطالب به روسيا، وبالفعل، استبعد أعضاء في إدارة ترامب عضوية كييف في حلف شمال الأطلسي وقالوا إن القوات الأمريكية لن تساعد في ضمان أمن أوكرانيا عندما تنتهي الحرب، ولهذه الأسباب، يقول زيلينسكي إنه لا يستطيع إلا أن يتكلم.
ولعدة أشهر، سعى زيلينسكي بعناية إلى تجنب حدوث قطيعة كاملة مع نظيره الجديد في واشنطن، وقام بترتيب اجتماع في الأسابيع التي سبقت انتخابات العام الماضي بهدف تهدئة بعض شكوك مرشح الحزب الجمهوري آنذاك حول تورط الولايات المتحدة في الحرب.
وظهر الرجال في بداية المناقشة في برج ترامب في مانهاتن لإظهار رغبتهم في الانسجام. وقال ترامب إن لديه "علاقة جيدة للغاية" مع الرئيس الأوكراني، لكنه يتمتع أيضًا "بعلاقة جيدة جدًا" مع خصمه في موسكو، فلاديمير بوتين، فقاطعه زيلينسكي قائلاً: "آمل أن تكون لدينا المزيد من العلاقات الجيدة"، ليجيب ترامب: "لكن، كما تعلمون، يتطلب الأمر شخصين لرقصة التانغو".