وكالة الصحافة الفلسطينية:
2024-09-18@23:15:11 GMT

42 عامًا على مجزرة صبرا وشاتيلا

تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT

42 عامًا على مجزرة صبرا وشاتيلا

بيروت - صفا يوافق يوم الاثنين، الذكرى الـ 42 لارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا، التي بدأت فصولها حينما دخل جيش الاحتلال الإسرائيلي وعملائه في لبنان، مخيم صبرا وشاتيلا للاجئين الفلسطينيين غربي بيروت، ونفذّوا أبشع مجزرة هزّت العالم بعيدًا عن وسائل الإعلام. ففي السادس عشر من سبتمبر/ أيلول عام 1982، استيقظ لاجئو مخيم صبرا وشاتيلا على واحدة من أكثر جرائم الإبادة دمويةً، بعد ارتكاب جيش الاحتلال لمجزرة كبيرة داخل المخيم، بقيادة وزير جيش الاحتلال آنذاك آرييل شارون، ورئيس أركانه رافايل إيتان في حكومة مناحيم بيغن.

وبدأت مقدمات المجزرة عندما دخلت ميليشيا الكتائب اللبنانية بمساعدة جيش الاحتلال إلى مخيم صبرا وشاتيلا وارتكبت ما تشاء من مجازر، ولم تفرّق بين عمر أو نوع؛ فكبار السن والنساء والأطفال وحتى الرضع كانوا فريسة سهلة. وحاصرت ثلاث فرق من جيش الاحتلال وجيش لبنان الجنوبي المخيم، بمئات المسلحين، بحجة البحث عن 1500 مقاتل فلسطيني داخله، علمًا أنه لم يكن فيه سوى الأطفال والشيوخ والنساء، وأطبقت المجموعات المارونية اللبنانية على السكان، وأخذوا يقتلون المدنيين بلا هوادة. 48 ساعة من القتل المستمر وسماء المخيم مغطاة بنيران القنابل المضيئة، وأحكمت الآليات الإسرائيلية إغلاقَ كل مداخل النجاة إلى المخيم فلم يُسمح للصحفيين ولا وكالات الأنباء بالدخول إلا بعد انتهاء المجزرة حين استفاق العالم على مذبحة من أبشع المذابح في تاريخ البشرية. وفي صباح يوم الجمعة 17 سبتمبر/ أيلول، بدأت معالم المجزرة تتضح لمعظم سكان المنطقة، بعد أن شاهدوا الجثث والجرافات وهي تهدم المنازل فوق رؤوس أصحابها، وتدفنهم أمواتًا وأحياء. وبدأت حالات فرار فردية وجماعية توجه معظمها إلى مستشفيات عكا وغزة ومأوى العجزة، واستطاع عدد منهم الخروج إلى خارج المنطقة متسللا من حرش ثابت، فيما بقيت عائلات وبيوت لا تعرف ما الذي يجري، وكان مصير بعضها القتل، كما طالت عمليات القتل ممرضين وأطباء فلسطينيين في مستشفى عكا. ونقل شهود عايشوا المجزرة الأليمة، مشاهد لنساء حوامل بقرت بطونهن وألقيت جثثهن في أزقة المخيم، وأطفال قطعت أطرافهم، وعشرات الأشلاء والجثث المشوهة التي تناثرت في الشوارع وداخل المنازل المدمرة. وتضاربت الأرقام بشأن عدد ضحايا المجزرة البشعة، لكن تقديرات تتحدث عن أعداد تتفاوت ما بين 750 - 3500 رجل وامرأة وطفل، قتلوا خلال أقل من 48 ساعة في يومي 16 و17 سبتمبر 1982، من أصل 20 ألف نسمة كانوا يسكنون صبرا وشاتيلا وقت حدوث المجزرة. والمجزرة التي قال عنها من شهدها "لا يُمكن تصورها حتى في أفلام الرعب"، كان الهدف الأساس لها "بث الرعب في نفوس الفلسطينيين لدفعهم إلى الهجرة خارج لبنان، وتأجيج الفتن الداخلية، واستكمال الضربة التي وجهها الاجتياح الإسرائيلي في ذلك العام للوجود الفلسطيني هناك". وشكلت المجزرة صدمة في العالم لبشاعة ما جرى من قتل بدم بارد وتدمير، فحاولت حكومة الاحتلال التماشي مع الضغوطات وشكلت لجنة تحقيق في 1 نوفمبر 1982، عرفت بـ "لجنة كاهان". ووجهت اللجنة في نتائج التحقيق التي أعلنت في فبراير 1983، الاتهام الشكلي إلى شارون بالمسؤولية عن المجزرة وتجاهل إمكانية حدوثها، ورفض الأخير هذه الاتهامات واستقال من منصبه كوزير للجيش، لكنه عاد بعد سنوات لتسلم منصب رئيس الوزراء الإسرائيلي. ويحيي اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وحول العالم، هذه الذكرى الأليمة سنويًا، مؤكّدين أن المجزرة يستحيل أن تسقط بالتقادم، وأن الحق الفلسطيني لن يموت ولن ينسى، مطالبين بمعاقبة كل من كان له يد بتنفيذها، وبإعادة تفعيل الدعاوى ضد مرتكبي المجزرة، والمطالبة بمقاضاتهم أمام المحاكم الدولية والقصاص منهم. ورغم مرور 43 عامًا على المجزرة، إلا أنها ما تزال محفورة في وجدان شعبنا وفي ضمير الإنسانية، باعتبارها من أشد المجازر دموية وإبادة.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: صبرا وشاتيلا مجزرة بيروت صبرا وشاتیلا جیش الاحتلال

إقرأ أيضاً:

من صبرا وشاتيلا إلى غزّة: عقيدة إبادة وغريزة انتقام لا تنطفئ

لا يُعرَف حتى الآن عدد شهداء مجزرة صبرا وشاتيلا، فالتقديرات متفاوتة جدّا، ترتفع إلى حدّ أربعة آلاف شهيد، وتنزل دون هذا العدد بكثير، وهذا العجز عن الإحصاء الدقيق لشهداء المجزرة، يتخذ صورتين متقابلتين، بين نمط الإبادة الذي يقترفه الإسرائيلي بحق الفلسطينيين، والنمط الخاص والفريد للمأساة الفلسطينية، فالإبادة الجماعية تتقصّد الفرد كذلك، فتنقله من كونه إنسانا كانت له حياته، وامتلك روايته وسرديته وشهادته، إلى رقم مشكوك في صحته، أو قصة مشكوك في حقيقتها، وذلك إمعان في النفي والمحو للمعنى الفلسطيني، وفي المقابل يُحرَم الفلسطينيون من سرد شهاداتهم كلّها، وإظهار معاناتهم المركّبة، بوصفها معاناة شعب تُلاحق كيانيته السياسية، ومعاناة كلّ فرد في هذا الشعب.

بمدّ التاريخ الفلسطيني الواحد، من اليوم موعد نشر هذه المقالة (17 أيلول/ سبتمبر 2024)، إلى يوم مجزرة صبرا وشاتيلا التي طالت من 16 وحتى 18 أيلول/ سبتمبر 1982، فإنّه لا يمكن لأحد، وقد ارتفعت مستويات الإبادة إلى عشرات الآلاف في الحرب على غزّة، أن يقطع بالعدد الدقيق لشهداء غزّة في هذه الحرب؛ فقد تمكّنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، في الذكرى الثانية والأربعين لليوم الأول لمجزرة صبرا وشاتيلا (16 أيلول/ سبتمبر)، من توثيق أسماء 34 ألفا و344 فلسطينيّا استشهدوا في حرب الإبادة الإسرائيلية المفروضة على قطاع غزّة، من ضمنهم 11 ألفا و983 طفلا أعمارهم أقل من 18 عاما، بينهم 710 أطفال لم يتجاوزوا العام، إلا أنّها في الوقت نفسه أعلنت أن الرقم الكامل لأعداد الشهداء والمفقودين هو 51 ألفا و206 فلسطينيين، وهو ما يعني أنّ 16 ألفا و862 فلسطينيّا لا يُعرف بعد عنهم أيّ شيء! وذلك حتى التاريخ المذكور (16 أيلول/ سبتمبر 2024).

الاختلاف من أيلول/ سبتمبر 1982 وحتى الشهر نفسه في العام 2024، هو فقط في مستويات القتل والإبادة، لا في المبدأ ولا في النمط، ولا حتى في الدوافع
إنّ الاختلاف من أيلول/ سبتمبر 1982 وحتى الشهر نفسه في العام 2024، هو فقط في مستويات القتل والإبادة، لا في المبدأ ولا في النمط، ولا حتى في الدوافع، فلم تكن مجزرة صبرا وشاتيلا التي اقترفتها المليشيات اللبنانية المتحالفة مع الاحتلال الإسرائيلي، بإشراف ومشاركة جيش الاحتلال، إلا بالدافع الإسرائيلي المركّب من غريزة الثأر والانتقام وعقيدة الإبادة، وتأكيد التفوق الإسرائيلي بالقدرة على الثأر والانتقام المضاعف وتيئيس الفلسطينيين من جدوى مقاومتهم، وهو الأمر الذي وبقدر ما يسعى الإسرائيلي بواسطته لتأكيد عناده وتمسّكه بأيّ وسيلة تضمن بقاءه واستمراره في فلسطين، فإنّه بذلك يُضمِر فزعا من أنّه لا بقاء له إلا بالإبادة، بيد أنّ عُقْدته في كون هذه الإبادة لا تضمن الغاية المرادة منها، فتصير في ذاتها غاية، وهو ما يعني أن الاستمرارية الإسرائيلية محدودة، فلا استمرار لكيانية تتنفس الإبادة وتغتذي بها وتعتاش عليها!

ترتبط حرب الإبادة الجارية على غزّة الآن بمجزرة صبرا وشاتيلا، بالدافع. وقعت مجزرة صبرا وشاتيلا بعد عشر سنوات بالضبط من عملية ميونخ التي كانت في يومي (5 و6 أيلول/ سبتمبر 1972)، لتكون عملية انتقامية نموذجية للإسرائيلي، فاختيار المخيم كان مقصودا لذاته، فكما يروي محمود عبد الله كلم في كتابه "صبرا وشاتيلا: ذاكرة الدم"، ينتمي خمسة من ثمانية هم منفذو عملية ميونخ للحيّ الذي بدأت منه المجزرة، ويلعبون كرة القدم في نادي "الكرمل" التابع لجمعية إنعاش المخيم الفلسطيني، حيث بدأت المجزرة؛ بقصف الجمعية والنادي وتدميرهما، ثمّ تركّزت في شارع أبو حسن سلامة الذي كان يُعدّ مقرّا لمنظمة "أيلول الأسود" المسؤولة عن عملية ميونخ.

جاءت المجزرة في مخيم صبرا وشاتيلا عن قصد، وبعد عشر سنوات على عملية ميونخ، وتعمّدت أن تطول ضعف مدة عملية ميونخ، وبينما قُتل في حاثة ميونخ 12 شخصا بسبب سلوك الشرطة الألمانية تحديدا، إذ لم يقصد الخاطفون قتلهم وإنما مبادلتهم بعدد من الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، وقُتِل إلى جانبهم خمسة من الخاطفين، فقد أمعن الاحتلال وبواسطة أدواته المتحالفة معه في قتل آلاف المدنيين الفلسطينيين في مخيم صبرا وشاتيلا، وذلك في حين أنه لا تصحّ المقارنة أصلا بين فصيل يندرج في إطار حركة تحرر وطنيّ يقصد بعمليته تحرير الأسرى من أبناء شعبه، وبين دولة تقصد الإبادة والانتقام يُفترض فيها امتلاك القدرة الكاملة لضبط عملياتها؛ لولا أنّها تتحرك بغريزة ثأرية تعتاش عليها، ولا يمكنها كبحها!

وإذا كان مخيم صبرا وشاتيلا مثّل الرمزية النموذجية للاحتلال الإسرائيلي للثأر من منفّذي عملية ميونخ، فقد انتهج السياسة نفسها في قطاع غزة، من جهة بالإبادة الواسعة التي طالت الغزيين كلّهم، ومن جهة أخرى باستهداف عائلات منفّذي عملية السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وملاحقتهم حتى الساعة، وقصفهم حيثما وجدوا، ولو في أماكن النزوح، وهو ما أفضى إلى مقتل آلاف النساء والأطفال والشيوخ الغزّيين؛ فقط لأنّ أبناءهم شاركوا في عملية "طوفان الأقصى".

بتحليل رمزية مخيم صبرا وشاتيلا بما يؤكّد اختياره بغرض الثأر والانتقام، هل يمكن القول إنّ عملية ميونخ وفّرت "الفرصة أو الذريعة" لتدمير المخيم وإبادة سكانه؟ الجواب: لا غرض العملية ولا شكلها ولا نتيجتها من الممكن تشخصيه ذريعة يمكن استغلالها لعملية تدمير وإبادة لمخيم فلسطينيّ في لبنان، (ونحن نستخدم هنا وصف الإبادة بمعزل عن أي نقاش قانوني حول مفهوم الإبادة الجماعية ولكن بقصد الوصف المباشر لما جرى)، الإبادة عقيدة إسرائيلية، يخضع تفعيلها وتقرير مستوياتها لإرادة "إسرائيل" وقدرتها، لا لفرصة أو ذريعة يوفّرها الفلسطيني، والقفز عن ذلك بتحميل الضحية مسؤولية توفير (الذريعة أو الفرصة) لا مفهوم له إلا دعوة الضحية للاستكانة، والتي تعني القبول بالإبادة السياسية والمعنوية، لأنه لا يمكن لأحد أن يتوقع كيفيات التصرف الإسرائيلي إزاء مقاومة الضحية لوجوده وسياساتهوعملية الإبادة هذه جاءت بعد عشر سنوات على عملية ميونخ، مما يمنح الزمن القدرة الكافية على إنهاء المفاعيل النفسية الجماعية لدى الإسرائيليين الناجمة عن عملية ميونخ، بما يلغي أن تكون ميونخ ذريعة لأيّ ردّ فعل إسرائيلي بهذا الحجم.

أيضا لا يمكن تفسير مجزرة صبرا وشاتيلا، فقط بالحرب الأهلية اللبنانية، وصراع منظمة التحرير والقوى اللبنانية المتحالفة معها مع ما كان يُسمّى حينها باليمين الانعزالي الذي لم يكتف بالتحالف مع "إسرائيل"، ولكنّه تذيّل لها ورضي أن يكون أداة منحطّة لجريمة إبادة، فرمزية المخيم من حيث العلاقة بصبرا وشاتيلا واضحة، وقد اختير دون غيره من المخيمات الفلسطينية بإشراف إسرائيلي لتنفيذ تلك المجزرة، هذا علاوة على كون الاجتياح الإسرائيلي نفسه للبنان في حينه ارتكز إلى ذريعة تافهة، لا يمكن عدّها سببا مقنعا لاجتياح بهذا العمق والشمول، إذ اتخذت الحكومة الإسرائيلية قرارها بغزو لبنان بعد ما قيل عن محاولة جماعة "أبو نضال" المعادية أصلا لقيادة منظمة التحرير، اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن!

وبما أنّ ذريعة الغزو أصلا غير معقولة، إذ السبب الحقيقي هو تصفية وجود قوات منظمة التحرير في لبنان، وبما أنّ عملية ميونخ لا يمكن ولا بأيّ اعتبار أن تمنح بعد عشر سنوات الذريعة أو الفرصة للثأر المتوحش في صبرا وشاتيلا، فإنّ ذلك لا يعني سوى أن الإبادة عقيدة إسرائيلية، يخضع تفعيلها وتقرير مستوياتها لإرادة "إسرائيل" وقدرتها، لا لفرصة أو ذريعة يوفّرها الفلسطيني، والقفز عن ذلك بتحميل الضحية مسؤولية توفير (الذريعة أو الفرصة) لا مفهوم له إلا دعوة الضحية للاستكانة، والتي تعني القبول بالإبادة السياسية والمعنوية، لأنه لا يمكن لأحد أن يتوقع كيفيات التصرف الإسرائيلي إزاء مقاومة الضحية لوجوده وسياساته.

x.com/sariorabi

مقالات مشابهة

  • من صبرا وشاتيلا إلى غزّة: عقيدة إبادة وغريزة انتقام لا تنطفئ
  • لجان المقاومة: مجزرة البريج تأكيد على مضي الاحتلال بحرب الإبادة
  • لجان المقاومة: مجزرة البريج تأكيد على مضي حكومة الاحتلال بحرب الإبادة
  • إحياء الذكرى الـ42 لمجزرة صبرا وشاتيلا جنوب لبنان.. من أبشع جرائم إسرائيل
  • "ثابت" تدعو لمحاسبة قادة الاحتلال على جرائمها في صبرا وشاتيلا وحرب الإبادة بغزة
  • اللاجئون الفلسطينيون في لبنان يحيون ذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا
  • 42 عاما على مذبحة صبرا وشاتيلا.. أسلحة بيضاء وقتل بلا هوادة
  • 16 أيلول 1982- قوات الاحتلال الإسرائيلي ترتكب مجزرة (صبرا وشاتيلا) في لبنان
  • صبرا وشاتيلا.. 42 عاما على المجزرة المروعة دون أن يعاقب الاحتلال