ما بعد الإسلام السياسي بين مآلات الربيع العربي وتداعيات طوفان الأقصى؟
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
بعد إجهاض انتفاضات الربيع العربي، وما تعرضت له حركات الإسلام السياسي من ضربات وملاحقات واعتقالات، شاعت في الأوساط الأكاديمية والإعلامية أطروحة "ما بعد الإسلام السياسي" التي تشي بتراجع تلك الحركات وفقدانها لكثير من مكتسباتها السابقة، وانزياحها عن مواقع الحضور والتأثير.
ووفقا لباحثين فإن غالب المقاربات التي تبنت أطروحة ما بعد الإسلام السياسي، كانت ترى أن المشروع الذي حملته تلك الحركات وبشرت به، قد وصل إلى طريق مسدود، ومُني بالفشل الذريع، وأن معطيات الواقع وإكراهاته تجبر تلك الحركات والأحزاب على تحولات جذرية، وإجراء تغيرات أساسية للتكيف والتوائم مع واقع ما بعد الإسلام السياسي.
لكن تلك الأطروحة لم تصمد طويلا كنموذج تفسيري في فهم وتحليل ظاهرة "الإسلام السياسي" إذ جاء طوفان الأقصى ليعيد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى صدارة المشهد الإسلامي، وهي الحركة التي خرجت من رحم جماعة الإخوان المسلمين، وإليها تنتمي، ومن ثم مد سائر حركات الإسلام السياسي بماء الحياة، وإعادتها للمسرح السياسي من جديد.
وفي هذا الإطار، تُظهر نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في الأردن يوم الثلاثاء العاشر من الشهر الجاري، الفوز الكبير والواسع الذي حققه حزب جبهة العمل الإسلامي، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، والذي حصل على 31 مقعدا في مجلس النواب الأردني من مجموع 138 مقعدا، وفق النتائج الرسمية التي أعلنتها الهيئة المستقلة للانتخابات الأردني.
ما بين مآلات الربيع العربي، وما تعرضت له حركات الإسلام السياسي من قمع وملاحقات واعتقالات، وبين تداعيات طوفان الأقصى التي أبرزت حركة حماس، وجناحها العسكري "كتائب عز الدين القسام" كمقاومة فاعلة وقادرة على مناجزة جيش الاحتلال الإسرائيلي كأكبر قوة في المنطقة، والذي يتلقى الدعم اللامحدود من الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر قوة عسكرية في العالم، وارتدادات ذلك على المنطقة بأسرها، أكدّت معطيات الواقع أن حركات الإسلام السياسي ما زالت تمتلك رصيدا شعبيا واسعا، وأنها قادرة على الفعل والتأثير.
وأمام معطيات الواقع فثمة تساؤلات تدور حول متانة أطروحة "ما بعد الإسلام السياسي" وتماسكها كنموذج تفسيري لفهم وتحليل الظاهرة الإسلامية؟ وهل جازف أصحاب تلك الأطروحة في إطلاقها وترويجها؟ وماذا تبقى منها في ظل تداعيات عملية طوفان الأقصى، وما أحدثته من ارتدادات قوية ظهرت بعض تجلياتها في نتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت في الأردن قبل أيام؟
الكاتب والباحث اليمني، المتخصص في الحركات الإسلامية والفكر الإسلامي، نبيل البكيري يرى أن أطروحة ما بعد الإسلام السياسي "لا تصلح كرؤية تفسيرية مطلقا، لأنها مقولة صِيغت على عجالة من الأمر عقب تراجع ثورات الربيع العربي وفشلها، وهي نفس المقولة التي أطلقها الباحث الفرنسي، المتخصص في حركات الإسلام السياسي، جيل كيبيل بداية تسعينيات القرن الماضي عن سقوط الإسلام السياسي عقب الانقلاب على الانتخابات الجزائرية التي فازت بها جبهة الإنقاذ الإسلامية حينها".
نبيل البكيري كاتب وباحث يمني متخصص في الحركات الإسلامية
وأضاف في حديثه لـ"عربي21": "وما أحدثته عملية طوفان الأقصى بارتداداتها وتفاعلاتها التي لا تزال قائمة ومفتوحة على كل الاحتمالات تكشف عن عدم فهم غربي دقيق لحقيقة وبواعث قيام الحركات الإسلامية واستمرارها، أو وهو الأقرب تذاكي غربي في دراسة الظاهرة التي ستظل قائمة وتتكاثر طالما بقيت الأيادي الغربية تعبث بالبلدان العربية والإسلامية وتسلب قرارها السياسي".
وعن تقييمه لأطروحة "ما بعد الإسلام السياسي" في ظل نتائج الانتخابات البرلمانية الأردنية الأخيرة، والفوز الكبير الذي حققته جبهة العمل الإسلامي، لفت الباحث اليمني البكيري إلى أن "هذا يعد من تجليات طوفان الأقصى وارتداداته على المشهد العربي العام".
من جانبه أكدَّ القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، الدكتور خالد حسنين أن "ظهور مقولة ما بعد الإسلام السياسي كان بعد الانقلاب على ثورات الربيع العربي، التي تصدرها الإسلام السياسي في تونس ومصر، وفي العديد من الدول، وكان هو العنصر الأساسي الفاعل في المعادلات السياسية المختلفة".
وأردف "ولما وقعت الردة عن ثورات الربيع العربي قيل إننا في مرحلة ما بعد الإسلام السياسي، بمعنى أن هذه التجربة المحدودة تم إجهاضها، وفي تقديري أنها مقولة تفتقر إلى الدقة من خلال قراءة المشهد السياسي من جميع جوانبه، نعم يمكن القول إنه تم التمكين لبعض جماعات الإسلام السياسي في بعض الدول، كتونس ومصر لكنه كان لفترة قصيرة ولم يطل كثيرا".
وواصل حسنين حديثه لـ"عربي21" بالقول "وقد شهدنا خلال هذه الفترة وجود خطاب أكثر واقعية من قبل قوى وأحزاب الإسلام السياسي، أو المحسوبة عليه، وقد ألجأتهم إلى ذلك إكراهات الدولة نفسها، سواء أكان في الأوضاع السياسية أو الاقتصادية وعلاقة الدولة مع غيرها من الدول استنادا إلى التزامات الدول تجاه بعضها البعض من خلال المعاهدات وغيرها كما حدث في العلاقة بين مصر وإسرائيل، وكما حصل في قضية القروض في تونس من البنك الدولي..".
د. خالد حسنين قيادي سابق بجماعة الإخوان في الأردن
ولفت إلى أنه "لا يوجد في أوساط جماعات الإسلام السياسي، أو المراقبين والباحثين المحايدين من يرى أن فكرة الإسلام السياسي في ذاتها فشلت، لكن ربما أُفشلت التجربة، وهذا ما يؤهلها للنهوض من جديد، إذ من المعروف أن الأفكار لا تموت، لكنها قد تضعف أو تحاصر أو يضيق عليها في فترة من الفترات، لكن يمكن بعثها من جديد".
وعن مدى تأثر الانتخابات البرلمانية في الأردن مؤخرا بطوفان الأقصى وارتداداته على المنطقة، أوضح حسنين أن "علاقة الدولة الأردنية بجماعة الإخوان حالة استثنائية، فالنظام الأردني إلى حد ما متسامح ومتقبل لوجود الحركة الإسلامية ضمن معايير معينة، لكن بدفع من القوى المحيطة، وتحت تأثير موجات الحرب على الإرهاب حقق النظام خطوات كثيرة باتجاه محاصرة الحركة الإسلامية، بدأت بسحب إدارة جمعية المركز الإسلامي من الإخوان، وتمت عدة خطوات بهذا الاتجاه، انتهت بسحب الغطاء القانوني عن الجماعة، وباتت من الجماعات المحظورة لكنها من المسكوت عنها".
وتابع: "فالنظام استطاع أن يتعامل مع الحركة الإسلامية ولم يلغِ وجودها، فالإسلام السياسي في الأردن لم يصل في تعامله مع الحركة إلى حالة الإلغاء أو السجون والاعتقالات العامة، لكنه على الأقل قام بمحاصرتها، ومن ثم يمكنها أن تنمو نموا طبيعيا بناء على الظروف القائمة والمحيطة، لكل هذا فإن فوز الإخوان من جديدة في الانتخابات البرلمانية ليس مستغربا".
أما فيما يتعلق بحركة حماس وتفاعلات الأحداث على وجودها كحركة تنتمي للإسلام السياسي، بيَّن حسنين أن "حركة حماس في شقها السياسي محسوبة على الإسلام السياسي، لكنها بالأساس حركة مقاومة مسلحة، لها ظروفها وواقعها المختلف تماما عن الحركات الإسلامية الأخرى، كونها حركة عسكرية، نشأت لمقاومة المحتل، وقد تعرضت لتضييق وحصار بعد الانقلاب الذي حدث في مصر، لكنها أعادت ترتيب وضعها مع القيادة المصرية، والمخابرات المصرية..".
وأكمل فكرته بالقول: "حركة حماس حركة عسكرية وُجدت لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي، ويصعب تصنيفها عبر محطاتها ومسيرتها السياسية في سياق الإسلام السياسي فقط، فمشروعها الأساسي هو مقاومة الاحتلال، لذا فإن الوضع في غزة إلى ما قبل طوفان الأقصى لم يكن مثاليا في طبيعة العلاقة بين الدولة والشعب، فالوضع أقرب ما كان إلى الحكم العسكري، بحكم الظروف والأوضاع القائمة".
وفي ذات الإطار أبدى الكاتب والباحث المصري المتخصص في الحركات الإسلامية، أحمد سلطان تحفظاته الشديدة على أطروحة ما بعد الإسلام السياسي، ذاكرا أن "ثمة حالة من الغرام في المابعديات في أوساط كثير من مراكز البحوث والدراسات والأوساط الإعلامية العربية، وجزء كبير منها يستقي ذلك من الدراسات الغربية، والإعلام الغربي".
وردا على سؤال "عربي21": إن كان الإسلام السياسي قد انتهى بالفعل حتى يتم الحديث عن ما بعد الإسلام السياسي؟ قال سلطان "الإسلام السياسي ضارب بجذوره في التاريخ، ومنذ نشأت الحركة الإسلامية المعاصرة، والتي يؤرخ لها بنشأة جماعة الإخوان المسلمين سنة 1928، مرت الجماعات الإسلامية المختلفة بحالات انتشار وحالات انحسار، ضيق عليها فيها، وطُوردت ولوحقت وما إلى ذلك، ورغم كل ذلك لم تختفِ حركات الإسلام السياسي، ولذلك أسباب سياسية ودينية واجتماعية عززت وجودها".
وتابع: "فمقولة ما بعد الإسلام السياسي خاطئة في جوهرها، وخاطئة في النموذج المعرفي الذي بُنيت عليه، وخاطئة كذلك في استدلالتها واستنتاجاتها، فعلى الرغم من كل ما حدث فأيديولوجية الإسلام السياسي ما زالت موجودة، وحركات الإسلام السياسي ما زالت باقية، والمشروعات الموازية أو الأنظمة السياسية القائمة لم تنجح في تفكيكها أو معالجة الأفكار المتعلقة بها، وإن كان ثمة مبادرات عديدة في هذا السياق تبنتها بعض مراكز البحوث والدول إلا أنها لم تنجح بشكل كامل، أو لم يكتب لها نجاح حقيقي يمكن الاعتماد عليه".
أحمد سلطان كاتب وباحث مصري متخصص في الحركات الإسلامية
وعن تأثيرات طوفان الأقصى وتداعياته على وجود حركات الإسلام السياسي وحضورها، أشار سلطان إلى أن "طوفان الأقصى هو جزء من حالة الزخم الموجودة لدى الإسلام السياسي باعتبار حماس حركة مقاومة إسلامية وطنية، لديها مشروعها، ومن المعروف أنها تنتمي فكريا بالإخوان..".
وأضاف "يمكننا النظر إلى طوفان الأقصى بوصفه جزءا من حالة التشكل في المنطقة، وهو ما سيمنح الإسلام السياسي فرصة كي يبرز مرة أخرى، وقد يأخذ ذلك أوقاتا مختلفة من مكان لآخر بحسب الظروف القائمة في كل دولة، وما حصل في الأردن هو جزء من هذه الحالة، لكن قد يكون للحالة الأردنية خصوصية معينة في إطار التفاهمات بين الدولة والحركة الإسلامية".
وختم حديثه بالتنبيه إلى أن "حركات الإسلام السياسي إذا ما منحت فرص حقيقية للتحرك والعمل فإنها قادرة على إعادة بناء نفسها، وإثبات وجودها وحضورها، لا سيما في ظل الفراغ السياسي والمجتمعي السائد في المجتمعات العربية، والذي فشلت مختلف القوى والحركات والأحزاب الأخرى في ملئه وإشغاله، وهو ما يُظهر بوضوح مدى هشاشة مقولة ما بعد الإسلام السياسي، فهي الأقدر على حشد الطاقات، وقيادة الشارع".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير تقارير العربي الإسلام السياسي إسلام سياسي سياسة عرب مصير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات البرلمانیة فی الحرکات الإسلامیة الإسلام السیاسی فی الحرکة الإسلامیة الإخوان المسلمین الربیع العربی طوفان الأقصى السیاسی من فی الأردن حرکة حماس إلى أن
إقرأ أيضاً:
“طوفان الأقصى” والعمليات المُساندة لها تُكبد اقتصاد العدو الصهيوني خسائر فادحة
يمانيون/ تقارير تؤكد التقارير الاقتصادية الرسمية وغير الرسمية أنّ الاقتصاد الصهيوني يتكبد خسائر فادحة، حيث بلغ عجز المالية العمومية في كيان العدو إلى مستويات قياسية خلال العام المنصرم 2024، وتضاعفت موازنة “جيش” الاحتلال عشر مرات، مقابل الهبوط الحاد للموارد الجبائية في ظل الانكماش الاقتصادي.
وفي هذا السياق.. كشفت وكالة أنباء “رويترز” نقلاً عن ما يسمى بوزير المالية الصهيوني المتطرف بتسئليل سموتريتش، بأن خسائر الكيان الغاصب التي تكبدها خلال الحرب على غزة بلغت 34 مليار دولار.
وقال سموتريتش: “إن الخسائر التي تكبدتها “إسرائيل” منذ بداية الحرب في قطاع غزة بلغت 34 مليار دولار.
لكن يبدو أن هذه الأرقام يُكذبها تقرير لصحيفة “كالكاليست” الاقتصادية الصهيونية، نشرته الجمعة الماضية، قالت فيه: إن تكلفة الحرب على قطاع غزة بلغت نحو 250 مليار شيكل (67.57 مليار دولار) حتى نهاية عام 2024.
وأفادت الصحيفة، بأن تقديرات “بنك إسرائيل” تُشير إلى أن تكلفة الحرب على قطاع غزة، بلغت حتى الآن نحو 250 مليار شيكل.
وقالت صحيفة “كالكاليست”: إن تكلفة الحرب على قطاع غزة بلغت نحو 250 مليار شيكل (67.57 مليار دولار) حتى نهاية عام 2024.
واستندت الصحيفة إلى تقديرات “بنك إسرائيل”.. مبينة أن المبلغ يشمل “التكاليف الأمنية المباشرة، والنفقات المدنية الكبيرة والخسائر في الإيرادات، وليس كل شيء”.
ووصفت الصحيفة هذه التكلفة بالـ”ثقيلة” وبكونها تعكس الـ”فشل” في الحرب على القطاع.. مؤكدة أن ذلك يتطلب “الحاجة إلى زيادة كبيرة في ميزانية وزارة الحرب الصهيونية خلال العقد المقبل”.
وقالت: إن “تلك الميزانية (المستقبلية) تتمثل في شراء مزيد من الطائرات والمروحيات وناقلات الجنود المدرعة وكميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة، فضلا عن الاستثمار في البشر أو الجندي الصهيوني نفسه”.
وشددت الصحيفة على أن “فشل جيش الاحتلال في الحرب على غزة لم يقف عند هذا الرقم، فقد سبقه عدد من الخسائر البشرية والمصابين، إضافة إلى عائلات وأُسر المصابين الذين تضرروا معنويا وبعضهم عقليا أيضا”.
ولفتت إلى أن “الحديث عن أرقام الحرب ونتائجها يأتي على خلفية الحديث عن لجنة فحص ميزانية الأمن والدفاع”، المعروفة صهيونياً بـ”لجنة ناجل” على اسم رئيسها يعكوف ناجل.
وفي 30 مايو 2024، نشرت “كالكاليست” تقريرا توقعت فيه بلوغ تكاليف الحرب على غزة 250 مليار شيكل بحلول عام 2025، وهو الرقم نفسه الذي كشفت عنه الأسبوع الماضي.
ولفتت الصحيفة إلى أن “العوائد الخاصة بالغاز الطبيعي في البحر المتوسط كان يفترض أن تذهب إلى وزارتي الصحة والتعليم، لكن يبدو أنها ستذهب إلى وزارة الحرب الصهيونية”.
وبينت أن لجنة “ناجل” أوصت بأن الإضافة المطلوبة لوزارة الحرب خلال السنوات العشر المقبلة ستكون 275 مليار شيكل (74 مليار دولار)، بمعنى إضافة 27.5 مليار شيكل (سبعة مليارات دولار) في العام الواحد.
وفي السابع من يناير الجاري، نقلت صحيفة “جيروزاليم بوست” الصهيونية عن تقرير اللجنة “اقتراح زيادة ميزانية الدفاع بما يصل إلى 15 مليار شيكل سنويا (4.1 مليارات دولار) على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وفي شهر نوفمبر من العام 2023 أعلن اليمن بداية عمليَّاته العسكرية المساندة لغزة بمنع السفن المرتبطة بالعدوّ الصهيوني، وُصُـولًا إلى استهدافِ العُمق الصهيوني بالطائرات المسيَّرة والصواريخ البالستية، والفرط صوتية التي باتت تشكِّلُ التهديدَ الأكبرَ للصهاينة وتقوض شعورهم بالأمن، ما شكل كابوساً كَبيرًا على الصهاينة.
واعتبرت أوساط الصهاينة أن صيرورة العمليَّات اليمنية هي التهديد الأكبر على الاقتصاد الصهيوني؛ بسَببِ الأزمات الكبيرة التي أحدثتها في مفاصلِ العدوّ الاقتصادية والحيوية، ووصل تأثيرها حَــدّ تعطيل الحركة الملاحية المرتبطة بالكيان الصهيوني.
وبحسب موقع “ورلد كارجو” المختص بأخبار الشحن العالمي، أَدَّى التأثير الاقتصادي لعمليات القوات المسلحة اليمنية على الشحن في البحر الأحمر إلى انخفاض حجم الشحن بنسبة 85 في المائة، ما يعني إصابة الاقتصاد الصهيوني بالشلل، في حين يترتب على هذه التراجعات الكثير من التبعات الاقتصادية على العدوّ وقطاعاته الإنتاجية.
ونشرت وسائل إعلام العدو الصهيوني العديد من التقارير، التي تشير إلى إفرازات الحصار البحري اليمني، حَيثُ تعطلت قطاعات الصادرات والواردات بشكل كبير، وهذا أسهَمَ في إرباك آلات الإنتاج الصهيوني، وعطَّل أهم قطاعاته، والمتمثل في قطاع التكنولوجيا.
وتؤكّـد وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية أن إطلاق الصواريخ من اليمن يشكل تهديداً للاقتصاد الصهيوني، حَيثُ يمنع العديد من شركات الطيران الأجنبية من السفر إلى الكيان، ويمنعه من إنعاش صناعة السياحة المتضررة بشدة، كما أَدَّى إلى إغلاق ميناء إيلات، ودفع السفن المتجهة إليه إلى اتِّخاذ طريق أطول وأكثر تكلفة حول إفريقيا.
وللمرة الأولى منذ عدة عقود، أظهر تقرير هجرة الثروات الخَاصَّة لعام 2024 الصادر عن شركة “هنلي أند بارتنرز” أن المهاجرين الأثرياء المغادرين من الكيان أكثر من أُولئك المصرين على البقاء؛ الأمر الذي جعل الكيان الصهيوني يعاني من أزمات استثمارية كبيرة، وهجرة جماعية لأصحاب رؤوس الأموال.
ونقلت منصة “غلوبس” الصهيونية عن التقرير، التأكيد على خروج “إسرائيل” من قائمة “هنلي أند بارتنرز” للدول الـ20 المستقطبة للثروات الخَاصَّة، وهو خروج يؤكّـد حالة الذعر والهبوط التي تطال كافة مفاصل العدوّ الصهيوني.
ومع استمرار العمليات اليمنية، يعاني العدوّ الصهيوني من أزمات اقتصادية متلاحقة، تمثلت في تراجع قيمة عملة العدوّ “الشيكل”، وسقوط أسهم البورصة للشركات والبنوك الصهيونية وإغلاق أكثر من 60 ألف شركة، وهروب جماعي للمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال، فضلًا عن تعطل قطاع السياحة بنسبة تصل إلى 80 في المائة وفق تقارير صهيونية متخصصة.
ومن خلال التقارير التي أقر بها العدوّ الصهيوني، وتحدث فيها عن العجز المالي غير المسبوق، والانهيار الكبير في الاستثمار والسياحة والإنتاج، فَــإنَّ كلفة الإجرام على العدوّ الصهيوني في تصاعد مُستمرّ؛ ما يزيد سُمعة العدوّ الاقتصادية سوءًا في نظر المستثمرين.