عربي21:
2025-02-22@14:22:50 GMT

ذاكرتنا التاريخية تقول: حطين مرة أخرى..

تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT

يقولون إن العظمة التي صاحبت سيرة صلاح الدين جاءت من عظمة القرار الذي اتخذه وقتها، وهو قرار مواجهة الصليبيين وهم في أوج مجدهم، بعد أن بلغوا من القوة واتساع النفوذ درجة هددت العراق والشام ومصر بل والحجاز والحرمين.. وحين قرر المواجهة كان يعلم تماما أنه سينازل عدوا قويا، مكّن لنفسه في الشرق تمكينا تاما.

لقد قرر الرجل تحدي ملوك إنجلترا وفرنسا وألمانيا ومعهم البابوية ذات النفوذ الواسع في غرب أوروبا في هذا الوقت.

. وقام الرجل وقرر جمع الأمة من "الفرات إلى النيل" في قوة واحدة شعارها "الجهاد" وهدفها تطهير البلاد من الصليبيين..

* * *

في أحد الكتب المهمة التي تناولت سيرة الرجل وهو كتاب "الناصر صلاح الدين" الذي كتبه د. سعيد عبد الفتاح عاشور (ت: 2009م) أستاذ التاريخ بجامعة الإسكندرية رحمه الله.. سيلفت نظرنا شيء بالغ الأهمية، سنجد الكاتب يستخدم عبارة "وشاءت الظروف" مرات عديدة، وهو يتحدث عن تلك الفترة المدهشة والتي بدأت بمجيء صلاح الدين مع عمه أسد الدين شيركوه إلى مصر سنة 1168م.. وحتى نجاحه في جمع مصر والشام في دولة واحدة لتحقيق رسالته وتحرير بيت المقدس عام 1187م..

في كل المراحل الهامة التي صاحبت صلاح الدين في هذه الرحلة العظيمة كانت تحدث أشياء لم يجد لها الكاتب تفسيرا إلا بقوله "وشاءت الظروف"..

والمقصود طبعا هو "القدر" الذي قدّره الله، ولا نعلم من أسراره شيئا، إلا بما يأذن به الله ويشاء.. وقال لنا الفاروق حول معناه جملته الشهيرة حين سمع سورة الأعراف (الآية 54) والتي تتحدث عن قدرة الله المطلقة في إبداع الخلق، ومشيئته سبحانه، وتنتهي بقوله تعالى: ".. ألا له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين".. قال رضي الله عنه بعد سماعها: "من بقي له شيء فليأخذه"!..

رضي الله عنه، كانت له بصيرة تنفذ إلى "قلب الأشياء".

* * *

لكننا سندعو لـصلاح الدين كما دعا له صديقه المقرب القاضي والفقيه والمؤرخ بهاء الدين بن شداد (ت: 1235م): "اللهم إنك تعلم أنه بذل جهده في نصرة دينك، وجاهد رجاء رحمتك، فارحمه".

وهي نفس الكلمات التي نسمعها في التسجيلات التي يرسلها لنا "فتية الأنفاق" الذين أذلوا أحفاد اللنبي/ بلفور/ روتشيلد في بريطانيا وأمريكا و"قفازهم القذر" الذي يضربوننا به من سبعين سنة.

* * *

هذا التاريخ لم يمض، ولم ينته، إذ لم تنته آثاره ومفاعيله، فكيف نغلقه؟

ما سيحدث فقط، هو أننا سنتعامل معه بطريقة مؤسس المدرسة الألمانية في علم التاريخ، يوهان هيردر (ت: 1903م) وسيكون هذا التاريخ حيا بروحه الكامنة بيننا: "التاريخ ليس مجرد المجرى الخارجي للأحداث، ومن يسعى لرؤية روحه، هو وحده الذي يستطيع اكتشاف الروح الكامنة وراء أقنعة هذه الأحداث"..

وطبقا لهذه "الروح الكامنة" سنكتشف أن حروب الغرب على "عالم الإسلام" من القرن الـ12 ميلادي فيما عرف بالحروب الصليبية، لم تنته..!! اللورد اللنبي فقط هو من قال ذلك، حين دخل القدس سنة 1917م: "الآن انتهت الحروب الصليبية"! لكن المرابطين في الأنفاق والكمائن، والصامدين من "أهل الأنوار" في الملاجئ والخيام كان لهم رأى آخر.

* * *

د. إيال زيسر (64 سنة)، أستاذ تاريخ الشرق الأوسط بجامعة تل أبيب، سيكتب لنا في جريدة "يسرائيل هيوم" يوم الجمعة الماضي (13 أيلول/ سبتمبر): في حرب 1967، واجه الجيش قوات عسكرية أكبر كثيرا من قوات حماس، لكنه احتل غزة خلال يوم ونصف، وحسم المعركة بسرعة، كما احتل معها سيناء برمتها، والضفة والجولان. أما اليوم، فالجيش عاجز عن احتلال غزة"..

لو قالها غيرك يا د. زيسر!

ألا تعرف الفارق الهائل المهول بين كتائب "عز الدين القسام" التي تقاتل الآن و"كتائب ناصر/ عامر" التي لم تقاتل في 5 حزيران/ يونيو 1967م؟..

كتائب عز الدين القسام هي بنت "الذاكرة التاريخية" لحضارة عالم الإسلام.. وكتائب ناصر/ عامر حالة هجينة ممسوخة، لا صلة لها لا بالذاكرة ولا بالتاريخ ولا بالإسلام.. وكذلك كان الحال أيضا في سوريا والأردن.. والموضوع يطول شرحه..

* * *

ما يجري في الأرض المباركة وحولها من 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023م، هو في حفظ الله وصونه ورعايته ومعيته ونصرته وتوفيقه وعطائه وفضله وكرمه.

هو سبحانه وتعالى يسمع ويرى، وبذلك طمأن خائفين (موسى وهارون) حين قال لهما في سورة طه "لا تخافا، إنني معكما أسمع وأرى".

وهي بالطبع لكل من يؤمن بأن الله هو الواحد القهار الفعال لما يريد، وأن إرادته سبحانه وتعالى علوا كبيرا لن تكون، إلا فيما يريد له أن يكون.

* * *

حين قرر صلاح الدين المواجهة الكبرى التي قررها وكان يشعر في أعماقه أنه "مختار" لها كان يعلم تماما أنه سينازل عدوا قويا، مكن لنفسه في الشرق تمكينا تاما، وأيقن بأن تلك المواجهة لا بد أن تبدأ من هنا.. مصر.. العمق الاستراتيجي للعروبة والإسلام؛ سيأتي كل آت إلى الشرق وهو يعلم هذه الحتمية التاريخية والجغرافية، فقرر أن يبدأ العمل في هدوء؛ أولا: لا بد من عودة مصر إلى حضن الأمة (الخلافة العباسية) لأن الحرب القائمة ليست حربا إقليميه محدودة، وثانيا: لكي يتم ذلك لا بد من اتحاد جهود الأمراء والعلماء.. وقد كان.. ولولا أنه كان على ما كان عليه ما استطاع أن يقوم بما قام.. كيف كان؟

كان فقيها وأديبا ودرس الحديث في دمشق ومصر والقدس وكانَ يحفظ ديوان الحماسة للشاعر الشهير أبي تمام، وتروى سيرته كما كتبها لنا بن شداد: أنه كان خاشع القلب غزير الدمع، مرتلا وسامعا للقرآن، لا يصلي إلا في جماعة، وكان حريصا على قيام الليل متهجدا متبتلا، داعيا ربه.

الواقع أكبر من الكلمات.. نعم.. لكن ستظل "ذاكرتنا التاريخية" هي النقطة الأقوى التي سننطلق منها.. ولعل تلك الرسالة من أوضح وأبهى رسائل "طوفان الأقصى"، بعد أن حاولوا كثيرا أن يُنشؤا الأجيال على أن هذه الذاكرة، هي العبء الذي يجب علينا أن نطرحه جانبا حتى نتقدم..

وكما يقول لنا أستاذنا وأستاذ كل الأجيال د. عبد الوهاب المسيري رحمه الله: معرفة تاريخنا من أنجع الطرق التي يتوسل بها الإنسان ليحدد علاقته مع الماضي، وليعرف هٌويته، وليتحرر من قضية الحاضر، وليعرف حدود ما هو ممكن وما هو مستحيل.

x.com/helhamamy

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه صلاح الدين التاريخ مصر مصر فلسطين تاريخ صلاح الدين مسلمين مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة من هنا وهناك صحافة سياسة صحافة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة صلاح الدین

إقرأ أيضاً:

العماد الذي لا مثيل له في البلاد‏

 

 

صانع المعجزات في الحروب والتفجيرات الشهيد عماد مغنية ”
في الذكرى السنوية لاستشهاد الشهيد الحاج رضوان عماد فائز مغنية الحاج ربيع رضوان الله عليه ” حزب الله أصبح أجيالاً ومجتمعاً لا يمكن إزالته”.
الحاج رضوان:
الاسم الذي نال رضا الله ” لقد رضي الله عن المؤمنين”، راضياً الله في مناهضة العدو الإسرائيلي، والاستكبار العالمي الذي يقف مع الكيان اللقيط، مُذل العدو الإسرائيلي ،العاصف الذي لا يعرف الهدوء مع العدو الإسرائيلي، المطل على التلال مستهدفاً المواقع الحيوية للعدو على الشريط الحدودي ،الباطش للعدو، والذي كان له الدور الأبرز في عملية أسر الجنديين الإسرائيليين على الحدود، رجل العمليات الميدانية للمقاومة، القائد الجهادي الأسطوري الكبير في حزب الله، المرهق استخباراتياً لـ ٤٢دولة.
الحاج رضوان:
الذي وضع السياسات والإجراءات التي تتعلق باستراتيجية إزاله إسرائيل من الوجود، الصانع لحالة توازن الردع مع العدو الإسرائيلي، خاطف الطائرات، والعقل المدبر لتفجير السفارات، قائد العمليات الخارجية.
عماد :-
اسم يعني العمود الذي يشكل الدعم والقاعدة، العمود الذي قام عليه حزب الله، العمود الطويل إلى ما لا نهاية به أصبح حزب الله طويلاً إلى مالا نهاية، عماد الشريف العالي المكانة في قومة، المعلم لهم، قائد الانتصارين، عنواناً للنصر، التطور الذكي، والإبداعي، والعسكري، والأمني في هذه المقاومة .
العماد:
رمزاً ونموذجاً للقدرة والنصر على العدو الأكبر في تاريخ المناضلين من أجل الحرية، الثائر على الاستكبار، فاتح عهد الاستشهاديين، العقل المدبر وراء أول العمليات الاستشهادية، المفجر لمقرات المارينز، المهدد الحقيقي للكيان الإسرائيلي، بطل الكاتيوشا، والذي كان له الفضل بعد الله في تحويل غزة من بقعة محتلة إلى قلعة حصينة ضد الاحتلال.
عماد :-
القاهر الأول للعدو الإسرائيلي في الأراضي العربية، محقق انتصار أيار عام ٢٠٠٠م، المفجر للبارجة الحربية الإسرائيلية في حرب تموز، محقق انتصار تموز ٢٠٠٦م، صانع الكثير من الانتصارات، الصامت الذي هز الاستكبار العالمي، مسؤول عن بناء القوة العسكرية لحزب الله، ورجل التخطيط الأول في حزب الله، المنفذ لكل أوامر الأمين العام لحزب الله الشهيد الأقدس حسن نصر الله رضوان الله عليه ،.
فالعماد هو مالك الأشتر في عصره، العماد الذي لا مثيل له بالبلاد.
فائز :
الفائز دنيا وآخرة الفوز العظيم، المجاهد المتفوق، المفلح، الناجح، المنتصر على أعدائه، الظافر بالأماني والخير، الرجل الثاني في حزب الله، البائع نفسه لله والجهاد في سبيل الله وعمره ١٣ عاماً إلى جانب الفصائل الفلسطينية المسلحة، السراج المنير في حركة فتح، رئيس حركة الجهاد الإسلامي، رئيس المجلس الجهادي في حزب الله، مهندس المعارك المطور للقدرات العسكرية لحزب الله، مؤسس كتائب الرضوان، المغير لمعادلات الصراع من لبنان إلى فلسطين، المدرب للأجيال في حزب الله ،” ذلك هو الفوز العظيم”.
مغنية:-
اسم قائداً بالفطرة ،الرجل المتواضع الذي كان عمله، وعقله، وشجاعته تخضع لسيطرة إيمانه، العاشق للعلم والمعرفة والبصيرة والجهاد ،الحليم الوقور في كلامه ،القائد العطوف ،والحريص على المجاهدين ،المحقق الاستقلال السياسي ،والثقافي للمقاومة ،ومن عوامل انطلاق مغنية في العمل الجهادي هو تأثره ُفي الحروب الأهلية اللبنانية ،وفهمه الهدف منها ومن يقف وراءها وهي قوى الاستكبار العالمي ،وتأثر مغنية أيضاً بشخصية الإمام الخميني قدس الله سره مقتدياً به ،وقد قام مغنية بالحفاظ على كثير من الشخصيات من عملية الاغتيالات منهم السيد فضل الله، المتصدي لجيش العدو الإسرائيلي في منطقة خلدة ،وهو أول من أسس العمل المقاوم ضد العدو الإسرائيلي ،الحامي للمسيحيين في لبنان، مغنية اسم غني على التعريف.
اغتاله الموساد الإسرائيلي بعد أكثر من ٢٥ عاماً من الملاحقة الاستخباراتية لدول قوى الاستكبار العالمي ،حيث استشهد عام ٢٠٠٨م ،في سيارة مفخخة في دمشق، ولم يمت عماد بل أصبح حياً يرزق مخلفاً الآلاف من المجاهدين يحملون روحية عماد ليصبح منشأة عماد ٥ ،عماداً للمقاومة والتضحية ،وبشارة النصر الحاسم وربيع النصر ،هنيئاً وطوبا للحاج ربيع هذا الفضل من الله ،وعهداً منا للحاج رضوان أننا على نهجه ماضون ومستمرون في إفشال المشروع الاستعماري الذي تسعى له دول قوى الاستكبار العالمي في الشرق الأوسط التي صرح بها المجرم الكافر ترامب ،وتحرير المقدسات ..

مقالات مشابهة

  • الناطق باسم ألوية الناصر صلاح الدين: نشارك كتائب القسام في عملية تسليم الأسرى
  • من أرض التاريخ .. حساب مانشستر سيتي يشارك فيديو لـ معالم القاهرة
  • سرّ جديد عن اغتيال نصرالله.. من الذي خطط لذلك؟
  • تعرض للقصف 3 مرات.. جسر الفتحة يربط صلاح الدين بكركوك مجدداً
  • عاجل. نتنياهو: الجثة التي أُعيدت تعود لامرأة من غزة
  • أرهق كاتب التاريخ.. محمد صلاح يعادل إنجاز ميسي القياسي
  • الجواد «صلاح الدين» يسعى للفوز بالشوط السعودي الدولي
  • بنعلي: ساكنة المحمدية لا تريد إعادة تشغيل "لاسامير"... وتأميم الشركة يحتاج مبالغ ضخمة (فيديو)
  • العماد الذي لا مثيل له في البلاد‏
  • صلاح الدين.. بعثة ألمانية تباشر التنقيب في موقع آشور الأثري