???? هل سيحمل البرهان العالم لتصنيف الدعم السريع منظمة إرهابية؟
تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT
طالب رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة السودانية الفريق عبدالفتاح البرهان العالم بأن يصنف قوات “الدعم السريع” التي طالت حربه معها إلى عام ونصف العام، منظمة إرهابية. فقال خلال كلمة أخيرة له في الصين إنها تهدف بتمردها إلى “الاستيلاء على السلطة بقوة السلاح، وخدمة أطماع قوى إقليمية غير راشدة”.
وسبق للبرهان أن طالب بالشيء نفسه ضمن كلمة بلاده أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في الـ21 من يونيو2023، فقال إن الشعب السوداني يواجه حرباً مدمرة منذ منتصف أبريل 2023 شنتها عليه قوات “الدعم السريع” المتمردة بالتحالف مع “ميليشيات قبلية وأخرى إقليمية ودولية ومرتزقة من مختلف أنحاء العالم”. وزاد أنها ارتكبت “جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب في معظم أنحاء السودان، ومارست التطهير العرقي والعنف الجنسي”، مضيفاً أن الجرائم التي حدثت في مناطق مثل الجنينة في غرب دارفور، تمثل صدمة للضمير العالمي، مطالباً في كلمته بتصنيف “الدعم السريع” مجموعة إرهابية والمساعدة في القضاء عليها. وسمعت الأمم المتحدة مرة ثانية من سفير السودان لديها الدعوة نفسها، إذ طالب في كلمته أمام مجلس الأمن الذي ناقش الحرب في السودان الإثنين الماضي باعتبار “الدعم السريع” مجموعة إرهابية ترتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الدولة”. وخرج عن النص ليذكّر بترافق مطلبه هذا مع إحياء أميركا لذكرى الـ11 من سبتمبر (أيلول) التي بدأ بها فقه أميركا حول الإرهاب.
فما فرص نجاح البرهان في أخذ العالم إلى دمغ “الدعم السريع” بما أراد؟
ليس صعباً التكهن بأن دوائر الغرب لن ترخي الآذان لها إلى دعوته لتصنيف “الدعم” كجماعة إرهابية ، فهذه القوات لا تحمل العنوان الإسلامي الذي يغريه بدمغها بالإرهاب. لا اسمها ولا مشروعها اتصل بالإسلام بأية صورة من الصور. بل سنرى أن في خصومتها السافرة لإسلاميي السودان، ما قد يمنحها “شهادة براءة صحية”، كما يقول الأعاجم.
لا غرو أن الولايات المتحدة هي أكثر الدول عناية بتعريف الإرهاب لمنزلتها في العالم ولأنها ابتليت بواقعة الإرهاب الأكبر في الـ11 من سبتمبر التي تؤرخ لبدئها “الحرب على الإرهاب”. فلم تكُن لا هي ولا الدول الغربية الأخرى تواضعت على تعريف للإرهاب قبل هذا التاريخ، واكتفت بتعريف الأمم المتحدة الذي جاء بعناصر الإجرام فيه من اختطاف وأخذ للرهائن واغتيال ضمن أشياء أخرى. فبادرت كندا بتشريعها للإرهاب في 2001 الذي ميزه عن الأفعال الإجرامية المعتادة.
وانعكست حقيقة أن جماعة من الشباب المسلم المتطرف من قام بتفجير برجي التجارة الخارجية ومبنى الـ”بنتاغون” على مفهوم أميركا للإرهاب. فصار الإرهاب عندها قريناً بما يقع داخلها وخارجها من خلال متطرفين إسلاميين بصورة حصرية. ولاحظ كاتب أنها من فرط تركيزها على أولئك المتطرفين لم تحفل حتى بتعريف الإرهاب الذي يقع في داخلها من متطرفيها في ما صار يعرف بـ”الإرهاب المحلي”. فقال إن هذا الإرهاب المحلي في واقع الأمر أكثر انتشاراً من الإرهاب الإسلامي، إذ وقع ما بين 2008 و2016 70 هجوماً ضد الدولة من الجماعات اليمينية فيها، بينما لم ترتكب الحركات الإسلامية المتطرفة غير 18 هجوماً.
ومع ذلك لم يتفق لأميركا تصنيف هجمات حركات يمينها المتطرف بـ”الإرهاب”، وسرعان ما تراجعت عن معرفة مصادر هذا الإرهاب الداخلي وديناميكيته حتى حين حاولت ذلك. فكان الرئيس السابق باراك أوباما خصص موازنة لمعاهد أكاديمية لتبحث عن النازية الجديدة والعنصرية البيضاء إلى جانب التطرف الإسلامي. ولما جاء الرئيس السابق ترمب قصر الصرف من ذلك المال على المباحث حول الإرهاب الإسلامي. وهذا تعامٍ مبيت عن حقائق في الإرهاب الذي شاع داخل المجتمع الأميركي ليقتصر تعريف الإرهاب على ما يرتكبه رجال مسلمون.
وستجد غلبة اعتبار التطرف الإسلامي في الحرب على الإرهاب إحصائياً في قائمة وزارة الخارجية الأميركية للمنظمات الإرهابية الأجنبية بين 1997 و2021. ففيها 68 منظمة، 61 منها لجماعات مسلمة، و7 من غيرها مثل الجيش الإيرلندي والطريق الساطع (بيرو) وحزب العمال الكردستاني. ومن الجانب الآخر، هناك 20 منظمة تم رفع تهمة الإرهاب عنها، نصفها لجماعات مسلمة والنصف الآخر لغيرها.
يصعب القول أيضاً إن أميركا التي تحمل حصرياً ربما خاتم دمغ الجماعات بالإرهاب، ستتفق مع البرهان في دعوته. فإذا أخذنا موقف المبعوث الأميركي الخاص إلى السودان توم بيرييلو من الحرب القائمة، فهو الأقرب ربما لدمغ البرهان بالإرهاب لو كان هذا هو الخيار.
حمل بيرييلو أخيراً على الجيش منذ تغيبت الحكومة السودانية عن المؤتمر الذي دعا إليه في جنيف خلال أغسطس (آب) الماضي لمناقشة طرفي الحرب حول تردي الأوضاع الإنسانية في السودان والتزاماتهما تأمين المساعدات الإنسانية لأهلهم وتخفيف ما هم عليه من كبد. فقال لقناة “الحدث” الأربعاء الماضي إن مسؤولي النظام الإسلامي القديم بحاجة إلى الحرب لفتح باب خلفي للسلطة. وتوسع في هذا المعنى خلال لقائه مع لقمان أحمد الإثنين الماضي على الـ”بي بي سي”، فقال إنهم في هيئة الوساطة لم يروا إرادة سياسية من أطراف الحرب لتخفيف معاناة السودانيين، بخاصة من الجيش وحلفائه من مؤيدي الرئيس المخلوع عمر البشير من حزب المؤتمر الوطني.
وهكذا لم يترك شاردة ولا واردة عن هويتهم الإسلامية، وزاد أنهم يريدون للحرب أن تستمر طلباً منهم للحكم. وهو الحكم الذي يعلمون، في قوله، أن الشعب السوداني لا يريدهم أن يعودوا له. ثم عاد مرة أخرى للقول إن جهات فاعلة في هذا الجانب من المعادلة تريد أن تستمر معاناة الشعب. وهذا قريب من القول إن من وراء هذه الحرب متنفذين في النظام القديم الذي صنفته أميركا ضمن قائمة الإرهاب منذ 1993، وقامت القطيعة بينهما حتى سقط “نظام الإنقاذ” في أبريل 2019.
وإذا وقف بيرييلو من دون القول إن طرف الجيش في الحرب حامل لجينات إرهابية من “دولة الإنقاذ”، فإن “الدعم السريع” لا تتورع بالطبع عن رميه بالإرهاب. قال إبراهيم مخير، مستشار “الدعم” لموقع “إرم” إن “منطقة الفاشر تشهد تواصلاً مستمراً بين الاستخبارات السودانية والحركات الإرهابية وأشهرها “بوكو حرام” من أجل تجنيد المقاتلين واستقدامهم من ليبيا عبر تشاد”، وهكذا وجد شقاً فوسّعه.
من الصعب على المرء تصور وسيط يواطئ طرفاً في حرب خرج لإخماد نارها، كما رأينا من عبارة بيرييلو التي بنى عليها “الدعم السريع” بينة لدمغ القوات المسلحة بالإرهاب. ويرغب المرء لو تفادى بيرييلو خطأ في تعامل أميركا مع النظام الإسلامي على أيام “دولة الإنقاذ”، ناهيك عن حاله الآن وهو ملقى على قارعة التاريخ “يفسد الموت بالرفس” كما نقول. ولا فضل في زواله لأحد غير السودانيين الذين ما أطاحوا به حتى وجدوا أنفسهم مستباحين بعقوبات دولية على دولتهم موروثة من النظام نفسه الذي ذاقوا الأمرين لثلاثة عقود قبل الخلاص منه، وأنفق السودانيون وقتاً ثميناً ومالاً عزيزاً لتحرير وطنهم من آثار “نظام الإنقاذ”، وتعثر بالنتيجة التحول الديمقراطي الذي ما زال بيرييلو يمنينا به.
وكان ذلك الخطأ مما توافر على بيانه السفير الأميركي في الخرطوم في منتصف التسعينيات تيموثي كارني، ومنصور إعجاز، مسؤول الاستخبارات الأميركي المكلف التفاوض مع الاستخبارات السودانية حول مكافحة الإرهاب، وخلصا من تجربتهما في السودان إلى أن أميركا أخطأت فهم البيئة السياسية لما بعد تحرر المسلمين من ربقة الاستعمار التي تلازمت مع عزيمة لتجسير حياتهم المعاصرة إلى دينهم. فإذا صح لها الريبة في النظام السوداني خلال عقده الأول، في قولهم، فإنها، وفي طور تحول النظام في نهاية العقد الأخير من القرن الماضي إلى البراغماتية السياسة، تملكت عن الاستخبارات السودانية حقائق كانت تكفل لها فهماً أفضل للسودان من مجرد أنه “مباءة إرهاب”. فغلّبت السياسة على الحقيقة حتى إنها هدمت مصنعاً للأدوية في الخرطوم عقاباً للسودان على دور اتهم به في تفجير السفارة الأميركية في نيروبي (1998). ولم تجد أميركا سبباً للدفاع عن ضربة المصنع بعد التحري الذي كذب حيثياتها إلا قولها إنه أمر رئاسي لا معقب عليه. وفرضت المحاكم الأميركية على السودان غرامة مقدراها 355 مليون دولار لتعويض ضحايا المدمرة “كول” في البحر الأحمر (2000)، وتفجير سفارتها في نيروبي (1998) بعد اتهامه بالضلوع فيهما.
بدا لي من الخطاب الأميركي الرسمي أن “نظام الإنقاذ” وكيزانه لعنة على السودان لا دولة تدول. وشبه كاتب لعنة الفلول الكيزان التي يحوم شبحها فوق السودان حتى بعد القضاء عليهم على مشهد من العالم، بأنها مثل لعنة الآلهة الإغريقية لسيزيف. قيدته إلى صخرة يحملها صعوداً لأعلى الجبل وهبوطاً إلى سفحه حتى قيام الساعة.
عبد الله علي إبراهيم
عبد الله علي ابراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
المستشار السياسي السابق لـ”حميدتي” يكتب عن مستقبل الدعم السريع في السودان
إ
عداد: يوسف عزت
*مقدمة:* يواجه السودان مرحلة دقيقة من تاريخه الحديث، حيث تعكس المواجهة المسلحة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني صراعًا أكثر تعقيدًا من كونه نزاعًا عسكريًا. فعلى الرغم من النجاحات الميدانية التي حققتها قوات الدعم السريع في بداية النزاع، إلا أنها تعاني حاليًا من تراجع ملحوظ على الأصعدة السياسية والاجتماعية والعسكرية. يهدف هذا التحليل إلى دراسة الأسباب الجوهرية لهذا التراجع، مع التركيز على العوامل البنيوية، والسياسية، والقيادية. كما يسعى للإجابة على السؤال المركزي: هل تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية واضحة لحماية المجتمعات وضمان بقائها وسط هذا التصعيد؟ *أولاً: غياب الانضباط والانفلات الأمني* تعدّ السيطرة على الأمن والنظام أحد العناصر الأساسية للحفاظ على الشرعية والقبول الشعبي. غير أن الواقع في مناطق نفوذ قوات الدعم السريع يُظهر اختلالًا أمنيًا خطيرًا انعكس في انتشار أعمال النهب، وانتهاكات حقوق المدنيين. ويمكن تحليل آثار هذا الانفلات من خلال بعدين أساسيين: 1. فقدان التأييد الشعبي: • أسهمت الانتهاكات الميدانية في تقويض الثقة الشعبية بقوات الدعم السريع، خاصةً في المناطق الحضرية التي كانت أكثر تضررًا من عمليات النهب والاعتداءات. • انعكست هذه الانتهاكات على صورة القيادة باعتبارها غير قادرة على السيطرة على عناصرها، مما أدى إلى عزلة متزايدة في الأوساط المجتمعية. 2. تعزيز الفوضى وانعدام السيطرة: • أدى غياب المحاسبة الداخلية إلى بروز مجموعات منفلتة تعمل خارج السيطرة المباشرة للقيادة، مما كرّس بيئة من الفوضى وصعوبة استعادة النظام. *الخلاصة:* أضعف الانفلات الأمني قدرة الدعم السريع على تقديم نفسه كفاعل منظم ومشروع، وخلق حالة من الاستقطاب السلبي ضده داخل المجتمعات المحلية. ⸻ *ثانياً: تراجع الرؤية السياسية وانعدام المصداقية* بدأت قوات الدعم السريع مسارها السياسي بعد اندلاع الحرب عبر طرح رؤية الحل الشامل دات النقاط العشر، والتي لاقت قبولًا داخليًا وخارجيًا باعتبارها محاولة لصياغة مشروع سياسي مدني. إلا أن هذا الزخم تلاشى بسبب تضارب الخطاب السياسي مع الواقع الميداني. 1. التناقض في الخطاب السياسي: • اعتمدت القيادة خطابًا يركز على مواجهة الإسلاميين (“الكيزان”)، مما أكسبها دعمًا مؤقتًا من القوى المدنية المناهضة للنظام السابق. • غير أن وجود عناصر محسوبة على الإسلاميين داخل صفوف الدعم السريع قوّض مصداقية هذا الخطاب، وكشف عن تناقض جوهري بين الشعارات والممارسات. 2. تأثير الحرب على الأولويات السياسية: • فرضت الحرب أولويات جديدة على قيادة الدعم السريع، حيث أصبح الحشد القبلي والاجتماعي أولوية تفوق الالتزام بالمشروع المدني، مما أدى إلى تراجع الرؤية السياسية إلى مجرد أداة تكتيكية. *الخلاصة:* غياب خطاب سياسي متماسك يعكس رؤية مستقبلية واضحة أدى إلى فقدان الدعم الشعبي والانكشاف أمام المجتمع الدولي كفاعل غير قادر على الالتزام بمبادئ التحول المدني. ⸻ *ثالثاً: ضعف القيادة وتعدد مراكز القرار* تعاني قوات الدعم السريع من أزمة قيادية بنيوية تتجلى في غياب مركز موحد لاتخاذ القرارات الاستراتيجية. وتظهر هذه الإشكالية في النقاط التالية: 1. تعدد دوائر صنع القرار: • يشكل التداخل بين القائد الأول (محمد حمدان دقلو – حميدتي) ونائبه (عبد الرحيم دقلو) مصدرًا لتضارب القرارات وتباطؤ الاستجابة للأحداث. • تسهم تأثيرات المحيطين بالقيادة من أفراد الأسرة والمقربين في خلق ديناميكيات معقدة تُعيق اتخاذ قرارات حاسمة. 2. غياب التخطيط طويل الأمد: • تفتقر القيادة إلى رؤية استراتيجية بعيدة المدى، حيث يعتمد اتخاذ القرارات على ردود الفعل الآنية دون تحليل معمق للعواقب المستقبلية. *الخلاصة:* انعكس غياب القيادة المركزية الموحدة على كفاءة إدارة الحرب، وتسبب في قرارات متضاربة، مما أضعف الموقف السياسي والعسكري للدعم السريع. ⸻ *رابعاً: أزمة التحالفات السياسية والعسكرية* تورطت قيادة الدعم السريع في تحالفات متباينة مع قوى سياسية وعسكرية، خلال السنوات الماضية آخرها تبني مشروع “السودان الجديد”. لكن هذه التحالفات تعاني من تناقضات بنيوية واضحة: 1. التناقض مع التركيبة الاسرية والاجتماعية للدعم السريع: • يتطلب مشروع السودان الجديد إعادة هيكلة الدعم السريع كمؤسسة قومية ديمقراطية، في حين أن بنيته القائمة تعتمد على قيادة الأسرة والولاءات القبلية. 2. الطابع التكتيكي للتحالفات: • تتعامل قيادة الدعم السريع مع التحالفات كأدوات مرحلية فرضتها ظروف الحرب، دون التزام فكري أو سياسي حقيقي بالمبادئ التي تقوم عليها هذه التحالفات. *الخلاصة:* غياب رؤية استراتيجية للتحالفات والثبات عليها جعل الدعم السريع يبدو كفاعل انتهازي، مما يهدد استمرارية هذه التحالفات ويؤدي إلى عزلة سياسية متزايدة. *خامساً: الصدام مع الدولة المركزية وتأثيره على الاصطفاف القبلي* أدى الصدام المباشر بين قوات الدعم السريع والدولة المركزية إلى إعادة تشكيل الاصطفافات القبلية في السودان بصورة غير مسبوقة فللمرة الأولى في تاريخ السودان الحديث، أصبحت المجتمعات العربية منقسمة بين دعم الجيش أو الدعم السريع، مما أدى إلى حالة استقطاب حاد والدخول في حرب اهلية مباشرة. • دفع هذا الاستقطاب المجتمعات إلى تسليح نفسها بشكل مستقل، مما حول الحرب لحرب أهلية واسعة النطاق ذات قوى متعددة. *الخلاصة:* ساهم الصدام مع الدولة المركزية في تفكيك التحالفات القبلية التقليدية وأدى إلى تعميق الانقسامات المجتمعية واعاد المكونات العربية في غرب السودان إلى محيطها التقليدي والتحالف مع قوى الهامش التي كانت تستخدم هذه المجتمعات لقمعها ،كأداة لسلطة المركز . يمكن تطوير هذا التحول لحل صراع المركز والهامش بتبني مشروع دولة خدمية بدلا من التعريف التقليدي للصراع بأن المركز هو عروبي إسلامي والهامش إفريقي زنجي وهو تعريف غير صحيح كرست له سلطة الحركة الإسلامية وعمقتها وتبنتها كسياسات حتى الان ، وكنتيجة لذلك انفجر الصراع بهذه الصورة التي نشهدها الان ، ولكن يمكن وفق المعادلات الراهنة الوصول لحلول لصالح جميع السودانيين من خلال التفكير الواقعي والاعتراف بالأزمة وحلها حلا جذريا وذلك يحتاج لعقول تنظر إلى ابعد من مصالحها. *الإجابة على السؤال الجوهري:* هل تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية واضحة لحماية المجتمعات التي تقع في مناطق سيطرتها وضمان بقائها؟ بناءً على التحليل السابق، لا تمتلك قيادة الدعم السريع استراتيجية متكاملة لتحقيق هذا الهدف، وذلك للأسباب التالية: 1. الارتجالية بدل التخطيط الاستراتيجي. 2. التناقض في الخطاب السياسي والممارسات. 3. غياب قيادة موحدة لاتخاذ القرارات. 4. الاعتماد على تحالفات ظرفية غير مستدامة. 5-عدم القدرة هلى التخلص من ارث الماضي والتكيف مع التحولات التي تستدعي اعادة تشكيل القيادة وصياغة مشروع وطني يمثل مصالح قطاعات واسعة تتبناه وتشارك في تنفيذه. *توصيات* 1. إعادة هيكلة القيادة: إنشاء مركز موحد لاتخاذ القرارات الاستراتيجية. 2. ضبط الأمن: فرض انضباط صارم على القوات ومحاسبة المتجاوزين. 3. صياغة رؤية سياسية متماسكة: تطوير مشروع وطني يعكس المصالح الحقيقية لجميع الفئات. 4. تعزيز المشاركة المجتمعية: إشراك الكفاءات المحلية في صنع القرار. 5. تبني استراتيجية طويلة الأمد: التركيز على حلول مستدامة تربط بين الأمن والسياسة والتنمية. *خاتمة* يتضح أن قيادة الدعم السريع تواجه تحديات بنيوية تهدد بقاءها كفاعل سياسي وعسكري مؤثر. إن غياب التفكير الاستراتيجي والارتباك في الخطاب والممارسة يجعل مستقبلها مرهوناً بقدرتها على إصلاح هذه الاختلالات واعتماد رؤية متماسكة ومستدامة. الدعم السريعالمستشار السياسي السابقحميدتي