أشمون الرمان مقبرة الغزاة على مر التاريخ
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
تعد قرية أشمون الرمان التابعة لمركز دكرنس بالدقهلية من أعرق القرى المصرية فجذورها ضاربة فى أطناب التاريخ المصرى وتقع على بعد 3كم شرق مدينة دكرنس على الطريق الممتد من دكرنس إلى المطرية وتقع على البحر الصغير والذى كان يسمى (بحر أشمون ) . وقد أطلق اسم( منديس ) أشمون الرمان نسبة للإله أشمون وكان يوجد فيها معبد لهذا الإله وظل اسم أشمون عاصمة لأحد أقسام مصر حتى نهاية العصر الروماني وحتى دخول المسلمين إليها على يد القائد عمرو بن العاص عام 21هـ.
ويقول ياقوت الحموي لجغرافى المعروف في كتابه (معجم البلدان) :أن أشمون الرمان كانت مدينة عامرة فى شرق الدلتا وسميت باسم أشمون طناح وفى عهد العثمانيين أى بعد أن فتح السلطان سليم الأول مصر عام 1517 أعيد إلى أشمون الاسم القبطى (أشمون الرمان) ويضيف الجغرافى العربى (ابن دقماق)عام 809 هـفى كتابه ( الانتصار لواسطة عقد الأمصار ) أن أشمون الرمان عاصمة إقليم الدقهلية : كانت مدينة جميلة بها الحمامات العامة والأسواق والجوامع الفخمة والفنادق العامرة بالنزلاء مما يؤكد أنها فى الزمن الماضى من أزهى وأشهر المدن المصرية ولذلك أختيرت لتكون عاصمة إقليم الدقهلية عام 715 هـ ومقر لديوان الحكم وقد ظلت أشمون الرمان عاصمة شرق الدلتا حتى نهاية عصر الدولة المملوكية .وقد زار أبو عبد الله ( بن بطوطة )محمد بن عبد الله اللواتى المغربى الأصل أشمون الرمان عام 703 هـ ضمن رحلاته وكتب عنها فى كتابه ((تحفة النــــظار فى غرائب الأمصار)) صفحة 50 فقال " لقد زرت مدينة أشمون الرمان وهى مدينة عتيقة كبيرة على خليج من خلج النيل ، ولها قنطرة من خشب ترسو عليها المراكب ، فإذا كان العصر رفعت تلك القنطرة . وكان يوجد بهذه المدينة قاضــي القضــاة وكانت أشمون الرمان خط الدفاع الأول عن مصر كلها فى العصور الوسطى الإسلامية . ويشهد على ذبك الحملة الصليبية الخامسة حيث كانت الجيوش الإسلامية تخرج من أشمون الرمان للدفاع عن مصر.
وقد كان لأِشمون الرمان دزر كبير فى هزيمة الحملة الصليبية بقيادة (لويس ملك فرنسا) ففى الرابع من جمادى الأولى 646هـ ـ25 أغسطس عام 1248 م أبحر من مياه فرنسا أسطول ضخم يزيد على 1800 سفينة تحمل ثمانين ألف من جنود فرنسا ومعهم عدتهم وسلاحهم وخيولهم إلى دمياط . .وكان الملك الصالح مريضا مرضا خطيرا يمنعه عن ركوب الخيل ، ولم يمنعه ذلك من النزول وأصدر أوامره بحشد الأسلحة والجنود إلى دمياط . حيث أسرع السلطان الكامل بن الملك العادل ونزل بأشمون وانضم إلى عساكر أخيه
(عيسى ) القادمة من سوريا ،فأمر السلطان بنصب الجسور عند أشمون الرمان فعبرت العساكر بحر أشمون ، وسلكت طريقها إلى دمياط ،فاضطرب الصليبيون وأرسل الملك لويس التاسع بمجرد نزوله دمياط رسالة إلى الملك الصالح بأشمون الرمان كلها تهديد ووعيد وإغراء يقول فيها : ( إن قابلتنا بالقتال فقد أوجبت على نفسك ورعيتك النكال وأرميتهم فى أشر الوبال ،يكثر فيها العويل ، ولانرحم عزيزا ولا ذليلا ،
ولا تجد إلى نصركم من سبيل ، فسيوفنا حداد ، ورماحنا مداد ، وقلوبنا شداد ، ويحكم بيننا وبينكم رب العباد ) ولما وصلت المكاتبة للملك الصالح بأشمون الرمان وهو مريض فى قصره الفخم بها ، رد عليه قــــائلا:
( أما بعد غقد وصل كتابك وفهمنا لفظك ،وها أنا قد أتيتك بالخيل والرجال والخزائن والأموال، والعساكر والأثقال والأغلال ، فإن كانت لك فأنت الساعى ،وقد أمنت الناعى ،وإن كانت عليك فأنت الباغى لحتفك والجادع أنفك بظلفك ،أولا أننا عن أرباب الحقوق وفضلات السيوف .
وكان حول الملك الصالح رجال الحاشية يشاركونه الرأى فى كل خطوة ،وكجد حوله (السلطانة شــــــــجر الد ر) زوجته ،والوزير الأديب"جمال الدين يحى ابن مطروح . الذى أتى إلى أشمون الرمان من الشام رأسا ومعه فرقة حربية لملاقة الحملة الصليبية السابعة ،
كما تواجد بأشمون الرمان فى ذلك الحين أعظم أمراء المماليك البحرية الذين تركوا أثرا فى تاريخ مصر والشرق الإسلامى ومنهم الأمير سيف الدين قطز ، والأمير بيبرس البندقدارى . وفى هذه الظروف وبينما الملك الصالح يخطط مع مستشاريه لمواجهة الصليبيين إذ بالأخبار تتوافد على أشمون الرمان بأن الصليبيين قد استولواعلى دمياط، وقد عبروا نهر النيل ،وترك أبناء دمياط مدينتهم ،وعادوا حفاة عراة إلى أشمون الرمان وتوفى الملك الصالح بقصره (بأشمون الرمانيوم 23نوفمبر سنة 1249 م الموافق 15 من شعبان 647 هـ .
وسرعان ما وصل ابنه توران شاة إلى أشمون قادما من سوريا فى فبراير 1250 م بعد أن استدعته شجر الدر (زوجة أبيه) ،وكانت المعركة على أشدها مع الصليبيين وقد دخلت الجيوش المصرية يوم 22مارس 1250م فى قتال مع الصليبيين ،لذلك طلب لويس التاسع المفاوضات مع توران شاة، تحت ضغط القتال والجوع والمرض ، ولـــــــكن لم تلبث القوات المصرية أن أطبقت على الجيش الصليبى فى 6 إبريل سنة1250م ،وإبادتهم ،حيث فــــر( لويـــس التاسع) إلى (ميت الخولى عبدالله ) ، وتم القبض عليه ، وقد طلب الآمان له ولأسرته، فأمنه المصريون ، حيث نقل إلى مسكن لائق بالمنصورة وهى دارمخصصة للشيخ فخر الدين إبراهيم بن لقمان،حيث نزل بها أسيرا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بالدقهلية معركة الخامسة بالمنصورة عمرو بن العاص الملك الصالح العصر الروماني لمفاوضات العصور الوسطى السلطان سليم مركز دكرنس بالدقهلية
إقرأ أيضاً:
هل تقبيل أيدي العلماء والصالحين مخالف لهدي النبي والسلف الصالح؟
قال خادم الجناب النبوي الشريف محمد إبراهيم العشماوي أستاذ الحديث الشريف وعلومه في جامعة الأزهر الشريف : “استمعت إلى مقطع فيديو يظهر فيه الشيخ مصطفى العدوي وشاب أزهري يحاول تقبيل يده، وهو رافض، ثم سأل الشاب عن سبب تقبيله، فقال: إنه أزهري، ودرس في الأزهر، في كتاب [الإقناع] في فقه السادة الشافعية استحباب تقبيل أيدي العلماء، فقال العدوي ما معناه: إن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أحب إليه من كلام الفقهاء، ولم يثبت أن أحدا من الصحابة قبَّل يد رسول الله صلى الله عليه وسلم!"
الأزهر ودار الإفتاء.. حصن منيع في وجه التطرف ودعوة متجددة للتسامح حكم الزواج من أخرى بدون سبب.. أمين الفتوى يوضحووضح العشماوي ردًا على هذا الكلام أن في هذا الكلام عدة مغالطات من وجوه: الأول: اتهامه للفقهاء بأنهم لا يستندون إلى سنة فيما يقررونه من مذاهب، وهذا جهل بتاريخ المذاهب الفقهية السنية، ومذاهب أئمتها الذين هم من أهل خير القرون، والذين أقاموا مذاهبهم على الكتاب والسنة والإجماع، وغيرها من الأدلة الشرعية المعتبرة، ولكن عُرف عن هذا الشيخ وأضرابه عدم حبهم لدراسة الفقه والأصول، واعتمادهم المباشر على الأخذ من الكتاب والسنة، حتى صدرت عنهم طوامُّ ودواهٍ، تُضحك الثكلى، وتُسقط الحبلى، ولا يحل لجاهل بالفقه والأصول والخلاف؛ أن يفتي في دين الله عز وجل، ولو حفظ القرآن الكريم بالقراءات العشر الصغرى والكبرى، ولو سرد صحيح البخاري من أوله إلى آخره، فإن أفتى يأثم، ويأثم من يستفتيه!
وتابع العشماوي أن الثاني: تعريضه بأن كلام الفقهاء قد يكون مخالفا لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا اتهام ضمني للأئمة في دينهم، وهو من جنس الذي قبله، ناتج عن الجهل بمناهج الفقهاء في الاستدلال! الثالث: زعمه أن أحدا من الصحابة لم يثبت عنه أنه قَبَّل يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا إما ناشئ عن قِصَر باع وقلة اطلاع، وإما ناشئ عن هوى وعناد ومكابرة! ونحن نردُّ عليه بما قاله أمير المؤمنين في الحديث، الحافظ ابن حجر العسقلاني، مما يثبت وقوع التقبيل من الصحابة لأطراف النبي صلى الله عليه وسلم، يديه ورجليه ورأسه، بل قبَّل الصحابة فمن بعدهم بعضهم أطراف بعض! قال الحافظ رحمه الله في [فتح الباري]: "وقد جمع الحافظ أبو بكر بن المقرئ جزءاً في [تقبيل اليد]، سمعناه، أورد فيه أحاديث كثيرة وآثاراً! فَمِنْ جيِّدها حديث الزارع العَبْدي - وكان في وفد عبد القيس - قال: "فجعلنا نتبادر من رواحلنا، فَنُقَبِّل يد النبي صلى الله عليه وسلم ورجله". أخرجه أبو داود. ومن حديث مَزِيدة العَصَري مثله.
ومن حديث أسامة بن شَرِيك، قال: "قمنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقبَّلْنا يده" وسنده قوي. ومن حديث جابر، أن عمر قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقبَّل يده. ومن حديث بُريدة في قصة الأعرابي والشجرة، فقال: "يا رسول الله، ائذن لي أن أقبِّل رأسك ورجليك، فأذن له". وأخرج البخاري في [الأدب المفرد] من رواية عبد الرحمن بن رَزِين قال: "أخرج لنا سَلَمة بن الأكوع كفًّا له ضخمة، كأنها كف بعير، فقمنا إليها، فقبَّلناها". وعن ثابتٍ أنه قبَّل يد أنَس.
وأخرج أيضا - أي البخاري في [الأدب المفرد] - "أنَّ عليًّا قبَّل يد العباس ورجله"، وأخرجه ابن المقرئ. وأخرج من طريق أبي مالك الأشجعي قال لابن أبي أوفى، قلت: "ناولني يدك التي بايعتَ بها رسول الله، فناوَلَنِيها فَقبَّلْتُها". انتهى النقل عن الحافظ. ومن الأحاديث والآثار الدالة على ذلك أيضا؛ ما رُوي عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أنه كان في سَرِيَّةٍ من سرايا رسول الله صلي الله عليه وسلم، فذكر قصة، قال: "فدنونا من النبي صلي الله عليه وسلم، فَقبَّلْنا يده". أخرجه أبو داود في [سننه] في موضعين، والبيهقي في [سننه الكبرى]>
وفي [الشُّعَب]، وابن أبي شيبة في [مصنفه]، وذكره البخاري في [الأدب المفرد]. ومنها حديث صفوان بن عسَّال؛ أن يهوديين أتيا النبي صلى الله عليه وسلم، فسألاه عن تسع آيات .. الحديث، وفي آخره: "فقبَّلا يده، ورجله". أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي: "حسن صحيح"، وصححه الحاكم. وممن قبَّل يد النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة؛ أبو لبابة. أخرجه البيهقي في [الدلائل] وابن المقري في [الرخصة في تقبيل اليد].