حرب تجارية قد تندلع ما بين الولايات المتحدة والصين، بسبب السيارات الكهربائية الصينية الواردة لأمريكا ودول الاتحاد الأوروبي، ومع زيادة صادرات تلك السيارات إلى الولايات المتحدة، قررت الأخيرة فرض رسوما جمركية زائدة على الواردات الصينية من تلك السيارات بلغت زيادة 100% على المركبات الكهربائية و25% على البطاريات المشغلة لها، وسيدخل القرار الأمريكي الجديد حيز التنفيذ في غضون أسبوعين.

وعلى الجانب الآخر، ردت وزارة التجارة الصينية على القرار الأمريكي الأخير موضحه اعترضها بقوة على رفع الولايات المتحدة للتعريفة الجمركية على الواردات الصينية، كما حثت وزارة التجارة الصينية واشنطن على تصحح ما وصفته بـ«مخالفات»، مطالبة الولايات المتحدة إلغاء كل الرسوم الجمركية التي فرضتها على السلع الصينية.

أستاذ قانون تجاري: الرسوم الجمركية هامة لعدم تغول واردات دولة على دولة أخرى

تعليقا على ذلك، يقول الدكتور مجيد بودن، أستاذ القانون التجاري من باريس، إن الرسوم الجمركية التي تفرضها الدول على الواردات من الدول الأخرى تم إقرارها من أجل تنظيم العلاقات التجارية حول كل دول العالم، وتحكمها الاتفاقيات الخاصة بمنظمة التجارة الدولية، وهذه المنظمة التي تفرض على كل المساهمين فيها بأن تكون الاتفاقيات بنفس التعامل بالمثل، على أن يكون هناك نفس الامتيازات الجمركية، حتى لا تستغل أحدى الدول تلك التعريفة لدعم صناعاتها أو أن يكون لها التفوق التجاري على دولة أخرى، وتقوم هي بتسويق بضائعها بكلفة أقل.

وأضاف «بودن»، في تصريح خاص لـ«الوطن»، أن التعريفة الجمركية دائما ما تضمن المساواة بين الدول في التنافس التجاري، حيث أن فرض الضرائب أو زيادتها ظاهريا يكون من أجل إعادة التوازن في الحركة التجارية، وهو ما دفع الولايات المتحدة لفرض ضرائب على السيارات الكهربائية الصينية ليكون هناك توازن، وحتى تتملكن هي ممن صناعة السيارات الكهربائية، وأن تستطيع التنافس بها في السوق المحلي، وكذا الأسواق الصينية.

بودن: الضرائب سلاح تستعمله الدول لعدم اكتساح منتجات دولة أخرى على أراضيها

وأوضح أن مسألة الضرائب تعد سلاحًا تستعمله الدول حتى لا تجعل دولا أخرى تكسح السوق لديها، وحتى تصل لموارد لم تتمكن منها دولة أخرى،، فمثلا في صناعة البطاريات الليثيوم المشغلة للسيارات الكهربائية فتتواجد تلك المواد النادرة والمناجم بنسبة 95% من هذه الموارد في التراب الصيني، وأخرى في إفريقيا، كما تريد الصين أن تضع يدها على تلك الموارد، وباتت هي المتحكمة في السوق.

وأكد أن ما تفعله أمريكا والاتحاد الأوروبي من زيادة الرسوم الجمركية على السيارات الكهربائية الصينية، جاء لردع الصين من عدم التحكم بشكل كامل في السوق، لأنها لو تمكنت به فبإمكانها رفع الأسعار من ناحية أو وقف تصدير البضائع كالسيارات من جهة أخرى، وبالتالي فسيكون هناك تبعيه من السوق الأمريكي إلى السوق الصيني.

وقد أعلن البيت الأبيض، تطبيقه لزيادة كبيرة في الرسوم التي تستهدف قطاعات رئيسية منها المركبات الكهربائية وأشباه الموصلات والبطاريات والألواح الشمسية، الأمر الذي أثار غاضب العاصمة الصينية بكين.

محلل الشؤون الصينية: أمريكا لا تريد للصين التوسع بمجال السيارات الكهربائية

من جانبه، يقول بيني كوك، محلل الشؤون الصينية من هونج كونج، إنه وفقا للمسؤولين الأمريكيين فإن السياسة الخاصة بفرض التعريفات الإضافية ظهرت بأنها ليس لها مخزى إلا خفض مستوى الصادرات والإضرار بالصناعة الصينية، ذلك لأن صناعة السيارات الكهربائية في الصين باتت متطورة بشكل كبير وأكبرها تقنيا حول العالم، مشيرا إلى أن هذا القطاع من الصناعة في الصين لن يتأثر بتلك الضرائب الجديدة على مستوى القريب، لكنه مع مرور الوقت وعندما يزداد فرض الضرائب والقيود فسيكون هناك تأثيرا كبيرا مع مرور الوقت.

وأوضح «كوك» في تصريح خاص لـ«الوطن»، أن الحكومة الصينية أتخذت العديد من الخطوات الهامة من أجل تعزيز تلك الصناعة الهامة بكل الأشكال الممكنة، وبالتالي فسيكون هناك اهتماما كبيرا من قبل القيادة السياسية الصينية لدعم قطاع صناعات السيارات الكهربائية، وحتى يكون رائدا على مستوى العالم وينافس الغرب، خاصة مع تعزيز الصناعات وخفض التكاليف، ووضع الأطر الخاص بتوظيف القوى العاملة، وخفض النفقات، وتسوية بعض المشكلات في هذا القطاع.

كوك: الصين سترد على أمريكا والاتحاد الأوروبي بزيادة التعريفة الجمركية

وتوقع محلل الشؤون الصينية، أن ترد الصين على قرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الأخير بزيادة التعريفة الجمركية الصينية على السلع والواردات من قبل أمريكا والدول الأوروبية، كما قد تشجع الصين بعض الدمج ما بين الشركات، كما رأينا في عددا من القطاعات الصناعية المختلفة، ذلك لأن الداخل الصيني والحكومة تعزز من الشراكات والدمج بين الشركات.

وأكد أن الحكومة الصينية قد تتخذ إجراءات أكثر عقلانية وسياسات ملائمة كنوعا من الرد على التعريفة الجمركية الأمريكية الأخيرة، وسيأتي ذلك في صالح خفض التكاليف الصينية ودعم القطاع الصناعي للسيارات الكهربائية، مع إجبار وضع بعض الأطر الصناعية الخاصة بهذا القطاع، وفرضها على الشركات.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: السيارات الكهربائية الصين أمريكا الولايات المتحدة الأمريكية الاتحاد الأوروبي البضائع التعريفة الجمركية السیارات الکهربائیة التعریفة الجمرکیة الولایات المتحدة الرسوم الجمرکیة دولة أخرى یکون هناک

إقرأ أيضاً:

من أوكرانيا إلى الصين ومن غزة إلى لبنان..رهانات عالمية على الانتخابات الأمريكية

على مدى عشرات السنوات ظلت انتخابات الرئاسة الأمريكية محل اهتمام أغلب دول العالم لآن الولايات المتحدة تملك أكبر اقتصاد وأقوى قوة عسكرية في العالم.

ولكن أهمية الانتخابات المقررة يوم 5 نوفمبر(تشرين الثاني) الجاري، تكتسب أهمية مضاعفة نظراً للتباين الحاد في مواقف وآراء المرشحين المتنافسين الديمقراطية كامالا هاريس والجمهوري دونالد ترامب تجاه كل القضايا العالمية  بدءاً من الصراعات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وحتى الحرب الروسية في أوكرانيا مروراً بالتغير المناخي وحرية التجارة العالمية وحقوق الإنسان.

تداعيات الرئيس الأمريكي الجديد

الحقيقة هي أن التداعيات الدولية الحتمية لاختيار الرئيس الأمريكي الجديد قد تجعل من غير العدل  أن ينفرد المواطنون الأمريكيون بالتصويت في هذه الانتخابات، في حين لا يدلي باقي العالم برأيه فيها.

فالولايات المتحدة تلعب دوراً رئيسياً عندما يتعلق الأمر بحرب أوكرانيا وصراع الشرق الأوسط وقضية الصين وتايوان ومستقبل حلف شمال الأطلسي "ناتو" والتحالف الأمريكي الأوروبي. والسبب واحد وهو أن ميزانية واشنطن العسكرية في العام الماضي كانت  916 مليار دولار وهو ما يفوق بشدة ميزانيات الدول الأخرى سواء الأصدقاء أو الأعداء.

لذلك فالسؤال المطروح يتعلق بالتأثير المحتمل  على العالم لفوز دونالد ترامب أو كامالا هاريس

بالنسبة لأوكرانيا تعتبر اختلاف وجهات النظر بين ترامب وهاريس كبيرة للغاية. فرؤية هاريس نائب الرئيس الأمريكي حالياً لأوكرانيا تتفق بشكل عام مع رؤية رئيسها جو بايدن. وقد تعهدت باستمرار دعم أوكرانيا، والتقت بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي   عدة مرات واتهمت روسيا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

وأثناء المناظرة مع منافسها الجمهوري ترامب قالت إنه إذا أصبح رئيساً للولايات المتحدة "سيدخل بوتين كييف "عاصمة أوكرانيا" فوراً".

أما ترامب الذي ينتقد باستمرار تقديم الولايات المتحدة للمساعدات الاقتصادية والعسكرية لأوكرانيا، فإن تصريحاته تشير إلى أنه سيوقف دعم الأوكرانيين. وخلال تجمع انتخابي في سبتمبر(أيلول) الماضي وصف زيلينسكي بأنه "أعظم مندوب مبيعات على الأرض"، قائلاً إنه في كل مرة يتحدث فيها زيلينسكي مع بايدن، يحصل على مساعدات عسكرية بمليارات الدولارات.

كما يدعي ترامب دون تقديم أدلة أنه لو كان رئيساً لما نشبت الحرب في أوكرانيا، لكن إذا أعيد انتخابه فإنه سينهيها "في يوم واحد". ويحمل أوكرانيا مسؤولية نشوب هذا الصراع.

أما رفيقه في السباق الانتخابي المرشح على منصب نائب الرئيس جيه.دي فانس فيتبنى موقفاً أكثر تشدداً مع كييف. وتعتمد خطة ترامب لإنهاء الحرب على السماح لروسيا بالاحتفاظ بالأراضي الأوكرانية التي تحتلها، ومنع أوكرانيا من الانضمام إلى حلف الناتو، وهو ما لا يختلف كثيرا عن مطالب بوتين لإنهاء الحرب.

Viktor Orbán: “If Donald Trump wins, the risk of the war in Ukraine escalating is reduced to almost zero.”

“If this does not happen, then the current situation will remain. Not only the war in Ukraine, but the constant danger of escalation.”

Do you agree with him? pic.twitter.com/HmbfUDQx8Y

— Cillian (@CilComLFC) October 31, 2024 ترامب وهاريس والشرق الأوسط

وبالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فإن كلا من هاريس وترامب يدعم إسرائيل، لكن ماذا عن الموقف من الفلسطينيين.

غالباً ما يبدو أن هاريس وترامب يحاولان  المزايدة على بعضهما البعض في إعلان دعم إسرائيل. فهاريس التي حاول ترامب تشويه سمعتها بالقول إنها "تكره إسرائيل"، تحاول الظهور بمظهر المؤيد القوي للدولة اليهودية. كما حذرت إيران بعد الهجوم الإسرائيلي الأخير عليها، من تصعيد الصراع. كما أن زوجها يهودي وهي معتادة على ثقافة وعادات اليهود.

وعندما قتلت إسرائيل زعيم حركة حماس يحيى السنوار  قالت هاريس إن "العدالة تحققت" لكنها دعت إلى إنهاء الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وإطلاق المحتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، وحصول الشعب الفلسطيني على حقه في الكرامة والأمن والحرية وتقرير المصير.

في المقابل فإن ترامب يبدو بشكل عام  كداعم قوي للدولة اليهودية. وخلال فترة رئاسته السابقة، نقل سفارة الولايات المتحدة من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وهو ما أثار غضب الفلسطينيين. لكنه انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بصراحة وقال إن إسرائيل عليها "إنهاء مهمة" الحرب بسرعة.

ورغم أن ترامب في كل أحاديثه يحاول إظهار قدر حبه الكبير لإسرائيل، فإنه أيضاً يدلي بتصريحات تنتقد اليهود إلى درجة أن البعض اتهمه بمعاداة السامية.

I will be a president for all Americans. pic.twitter.com/XkUNt572lI

— Kamala Harris (@KamalaHarris) November 2, 2024 ماذا عن الصين؟

أما في ملف الصين صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والمنافس التجاري والجيوسياسي الكبير للولايات المتحدة، يتجه تركيز كلا المرشحين الجمهوري والديمقراطية  على التجارة والاقتصاد. وقد طرح ترامب اقتراحاً مثيراً للجدل لفرض رسوم جمركية "كبيرة" ليس فقط على الصين ولكن على شركاء اقتصاديين آخرين - قائلاً إنه سيفرض رسوما جمركية تتراوح بين 10 و20 % على جميع الواردات ونحو 60 % على السلع الصينية.

ولكن منتقدين من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية  للأبحاث يشككون في حق الرئيس في فرض مثل هذه الرسوم، حيث يرون أن هناك "عوائق عملية وقانونية" تمنع ترامب من فرضها.

في المقابل تدين هاريس خطط ترامب وتقول إنها ستؤدي إلى ارتفاع بالنسبة للأمريكيين وتكلف المواطن الأمريكي 3900 دولارا سنوياً.

من ناحيتها تتهم هاريس التي كانت عضو مجلس الشيوخ عن ولاية كاليفورنيا معقل صناعة التكنولوجيا الأمريكية الصين بسرقة حقوق الملكية الفكرية للشركات الأمريكية.

وأخيراً فإن العلاقات الأمريكية مع كل من حلف الناتو والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة تبدو على المحك  انتظارا لنتيجة الانتخابات. ففوز هاريس يعني استمرار سياسات بايدن نحو تعزيز التحالف الأمريكي الأوروبي وحلف الناتو.

أما ترامب فهو الذي قلص بشدة هذه التحالفات خلال ولايته السابقة، وكان ينتقد حلف الناتو  ويهدد بالتخلي عن الدول الأعضاء  التي لا تساهم بصورة كافية في نفقات الحلف.

وفي تجمع انتخابي في فبراير(شباط) الماضي قال إنه سيشجع روسيا على "فعل كل ما تريده" مع دول الناتو التي ترصد ما يكفي من أموال لتمويل الأغراض الدفاعية.

وحتى الدور الأمريكي في الأمم المتحدة يمكن أن يشهد تراجعاً كبيراً في حال وصول ترامب إلى البيت الأبيض.

وفي ولايته الأولى قرر انسحاب الولايات المتحدة من منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة "يونسكو" ومن المجلس الدولي لحقوق الإنسان، واتفاق باريس  للمناخ، وهي القرارات التي ألغاها الرئيس بايدن بعد ذلك.

مقالات مشابهة

  • موجة إغلاق لمصافي النفط في أمريكا بعد تراجع الطلب على وقود السيارات
  • من أوكرانيا إلى الصين ومن غزة إلى لبنان..رهانات عالمية على الانتخابات الأمريكية
  • بطرازات جديدة.. السيارات الصينية تدخل السوق المصرية| كيف سيستفيد المستهلك؟
  • وزير الاستثمار يؤكد حرص مصر التام لإزالة كافة القيود الجمركية وغير الجمركية
  • بسبب السيارات الكهربائية.. الصين تقاضي الاتحاد الأوروبي أمام منظمة التجارة العالمية
  • ما الدول المستفيدة من فوز هاريس في الانتخابات الأمريكية؟.. ترامب يهدد الصين
  • معرض المنتجات الصناعية الصينية 2024 يفتح آفاق جديدة للشراكات الصناعية بين الإمارات والصين
  • السيارات الكهربائية تهبط بأرباح فولكسفاغن إلى أدنى مستوى في 3 سنوات
  • أمين رابطة المصنعين: تصنيع السيارات الكهربائية بمصر سيوفر فرص عمل.. والشاحنة بـ80 جنيها
  • الصين ترفض فرض الاتحاد الأوروبي رسوم إضافية على المركبات الكهربائية الصينية