ورثة الجنجاويد

في إقليم دارفور المكون من خمس ولايات، تعيد المعارك الدائرة حاليا بين الجيش وقوات الدعم السريع مخاوف وآلام الإبادات التي حدثت في بدايات الألفية، خصوصا وأن قوات الدعم السريع تمثل امتدادا لميليشيا “جنجاويد” التي قاتلت في اقليم دارفور منذ 2003 برعاية ودعم الجيش السوداني، قبل أن تتأسس رسميا باسمها الحالي في عام 2013، فقبل عقدين من الزمن تم قتل ما لا يقل عن 200 ألف شخص، وتهجير مليونيين و700 ألف سوداني من منازلهم، من أهالي الاقليم الذين يرون في هويتهم الانتماء إلى شرق أو وسط أفريقيا ويعتنقون المسيحية أو أديان وثنية، بخلاف الفئة الحاكمة في السودان من السودانيين العرب، مما جعل اسم اقليم دارفور مرتبطا بالإبادة وجرائم الحرب، والجدير بالذكر أن دارفور كان سلطنة مستقلة خلال القرن التاسع عشر وتم ضمه إلى السودان البريطاني مع نهايات الحرب العالمية الأولى ولا تزال إشكالية الهوية في دارفور تلقي بظلالها اليوم على انتماء الإقليم، واليوم تلجأ قوات الدعم السريع إلى حرق قرى كاملة والاغتصاب والقتل لترويع السكان وتطهير مناطقهم عرقيا وهي نفس الأساليب التي استعملها الجنجاويد قبل عشرين عاما، كما تم اتهام الجيش بارتكاب جرائم حرب بسبب الغارات الجوية والقصف المدفعي العشوائي، كما حدث في قصف مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور على سبيل المثال.

الظروف الإنسانية وتأزمها مع استمرار المعارك

بحسب آخر الاحصائيات حول الحرب الحالية في السودان قتل أكثر من أربعة عشرة ألف شخص ولجأ نحو مليون شخص إلى دول الجوار، فضلا عن نزوح تسعة ملايين سوداني من مناطقهم، ويجري الحديث عن مجاعة وشيكة ستضرب 25 مليون إنسان بحاجة ماسة لمساعدات أساسية، وكمثال على الكارثة الإنسانية، تشير التقديرات في شمال دارفور إلى وفاة 13 طفل في مخيمات النزوح يوميا بسبب سوء التغذية أو مشاكل صحية مرتبطة بذلك، تشير التقديرات إلى أن حوالي 3 ملايين طفل سوداني يعانون من سوء التغذية في مخيمات اللاجئين ومناطق القتال، فيما توقف 19 مليون طفل سوداني عن الذهاب إلى المدرسة، فحتى في خارج مناطق القتال تم تعطيل المدارس إلى أن يتضح مسار الحرب، وخرجت 70% من مستشفيات السودان عن الخدمة.

مناطق وأعداد النازحين داخل السودان حتى أبريل 2023

استمر هذا النزوح في التصاعد، كما نزح العديد من السكان من مناطق جديدة مثل شمال دارفور وولاية الجزيرة وسنار مرة أخرى بعد وصول المعارك إلى هناك

بالإضافة إلى الدمار الهائل الذي لحق بالبنية التحتية حول البلاد، خصوصا أن أهم المعارك تدور حول السيطرة على العاصمة خرطوم، حيث الكثافة السكانية العالية، وحيث تقع أهم المؤسسات السودانية، ويتبين حجم الدمار في مبنى الإذاعة والتلفزيون الذي سيطرت عليه قوات التدخل السريع في بداية الحرب واسترده الجيش السوداني في مارس 2024 بعد 11 شهرا من بدء المعارك، وقد يشمل الدمار بعض أرشيف التلفزيون السوداني وتراث الدولة السودانية المرئي والمسموع، والذي لم يتم حصر مدى التلف الذي طاله بعد المعارك، ومما يفاقم الأزمة الانسانية ويقلل من إمدادات المساعدات الإنسانية، قيام بعض المنظمات الإنسانية الدولية بالانسحاب من بعض مناطق السودان بعد انتشار المعارك وعدم قدرتها على العمل بشكل آمن، وقد قامت الأمم المتحدة بطلب 2.7 مليار دولار لتمويل الاحتياجات الانسانية المطلوبة، ولم تتسلم منها إلا 12% تقريبا من المبلغ المطلوب.

أعداد اللاجئين في دول الجوار حتى أبريل 2023
(استمرت هذه الأعداد في التصاعد حتى موعد نشر هذا التقرير)

 وتهدد الحرب بعض المناطق الأثرية، فقد طالت المعارك شارع النيل في الخرطوم حيث تقع متاحف سودانية، هي الآن دون حراسة لحمايتها من النهب أو التخريب، فالظروف الحالية تفرض أن يكون تأمين الغذاء والماء أولوية على الحديث عن التراث والآثار، ويضم المتحف القومي السوداني آلاف القطع النادرة، كما تشمل المواقع المهددة حول السودان دنقلا القديمة وهي مقرّ للسلطة المسيحية خلال العصر النوبي، ويستخدم هذا الموقع حاليا كملاذ للاجئين من الخرطوم، أما مدينة مروي القديمة، التي كانت عاصمة مملكة كوش، والتي تحتوي على ما يقارب 200 هرم شُيد كأماكن دفن للعائلة المالكة والنخب في المملكة، فقد دخلتها قوات الدعم السريع مرتين على الأقل، وقد طالبت اليونسكو فضلا عن منظمات دولية وسودانية الابتعاد بالمعارك وتجنب جزيرة مروي وموقعي النقعة والنصيرات التي تحتويهما في ولاية النيل شمال السودان، أما جبل البركل والذي يحتوي على آثار تشمل مقابر ومعابد قديمة فقد تعرض هو الآخر للتهديد بالتدمير والقصف والنهب.

الدعم الخارجي: من هي الدول المتورطة في الصراع ولماذا

يمثل الدعم الخارجي وتوريد السلاح السبب الأساسي لاستمرار الحرب حتى الآن، ويبدو من الصور الميدانية تنوعا كبيرا في أسلحة قوات الدعم السريع، مما يشير إلى تعدد مصادر الدعم والحصول على السلاح، وهو أمر غير معتاد حتى لأفضل الجماعات تسلحا، فضلا عن أنه يصعب الحل إذا ارتبط بمصالح أكثر من طرف خارجي.

تنوع الأسلحة التي تظهر في الصور الميدانية تعكس تعدد مصادر توريد السلاح بحسب منظمة small arms المتخصصة في تتبع استخدام الأسلحة بشكل غير مشروع

يشير تقرير معهد دراسات الحرب الأمريكي الصادر نهاية مايو 2024 إلى نية روسيا بناء مركز دعم لوجتسي يكون بمثابة قاعدة عسكرية مصغرة تطل على البحر الأحمر، وذلك للحصول على ميناء هناك في المستقبل، الدعم الروسي للجيش السوداني يتلاقى مع المصالح الإيرانية التي تسلح الجيش كذلك، مما يجعل المصالح الروسية والإيرانية تتفق من جديد في المنطقة، الأمر الذي يسهل من تنسيق الدعم الروسي مع الدعم الإيراني، وكانت روسيا قد اقترحت تعاونا عسكريا عبر مركز دعم لوجستي وليس قاعدة عسكرية متكاملة، في مقابل تزويد الجيش السوداني بالسلاح والذخيرة بشكل مستعجل، بالإضافة إلى الموافقة على توسيع التعاون ليشمل النواحي الاقتصادية فيما يخص المحاصيل الزراعية وشراكات العمل في المناجم و تطوير ميناء، ومن الأرجح أن هذه المناقشات حدثت حينما التقى نائب وزير الخارجية الروسي ومبعوث الرئيس الروسي إلى أفريقيا والشرق الأوسط ميخائيل بوغدانوف مع قيادات سودانية في أواخر أبريل 2024.

وقد سعت روسيا إلى إنشاء ميناء على البحر الأحمر منذ عام 2008 لحماية مصالحها الاقتصادية في المنطقة وتحسين وضعها العسكري في مواجهة الغرب في المنطقة الأوسع، بما في ذلك البحر الأبيض المتوسط ​​والمحيط الهندي.وجرى اتفاق بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس السوداني السابق عمر البشير في عام 2017.

بعد ذلك، دعم الكرملين كل من قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية بعد الإطاحة بالبشير في عام 2019 لمتابعة تنفيذ الاتفاق، قاد قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، هذه المفاوضات بعد أن أطاحت قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية بالحكومة الانتقالية التي يقودها المدنيون في السودان في عام 2021، وقد تلقى دقلو، دعماً في وقت سابق من مجموعة فاغنر الروسية، لكن الحرب الأهلية التي اندلعت بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية أوقفت الاتفاق بشأن مركز الدعم الروسي مرة أخرى وتسيطر القوات المسلحة السودانية على الساحل السوداني، مما يجعلها صاحبة القرار في إنشاء أي قاعدة بحرية هناك، ويمكن ربط انتشار النفوذ الروسي بتواجد مجموعة فاغنر التي تتواجد في ليبيا وتسعى للربط بين مناطق انتشارها من السودان إلى النيجر ومالي حيث حدثت انقلابات معارضة للوجود الفرنسي والأمريكي هناك، وتستعين بالقوة الروسية كبديل عن الدول الغربية، أما بعد محاولة تمرد قائد مجموعة فاغنر في روسيا فإن شكل التنسيق وتشابك المصالح والاتصالات بين الأطراف السودانية والروسية أصبح ملتبسا، فليس واضحا ما إذا ستستمر روسيا في دعم نفوذ فاغنر في السودان بعد تمرد قائد المجموعة على وزارة الدفاع الروسية خلال العام الماضي، أو أن نتنشر روسيا في السودان عبر فاغنر، ويبقى الاتصال الذي تم مؤخرا بين الحكومة الروسية والجيش السوداني.

وفيما يخص النفوذ الإيراني، يوثق تحقيق لبي بي سي نيوز عربي امتلاك الجيش السوداني نوعين على الأقل من المسيرات الإيرانية، فضلا عن مسيرات انتحارية، استخدمها خلال الحرب، النوع الأول الذي يظهر في المقاطع المصورة هو مسيرة مهاجر 6، أما النوع الثاني فهو مسيرة “زاجل 3” وهي نسخة مصنعة محليا في السودان، من المسيرة الإيرانية “أبابيل 3″، لكن مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الذي كان يحكم السودان قبل الاقتتال، كان قد نفى في حوار مع بي بي سي أن يكون السودان تلقى أسلحة من إيران أو أي دولة أخرى بشكل مباشر، قائلا :”لا نتلقى أي أسلحة من أي جهة، والحكومة السودانية تخضع لحظر التسليح. لن نناقش في الإعلام من أين نأتي بالسلاح. السلاح موجود في السوق السوداء، والسوق السوداء باتت رمادية. ليست معضلة أن تجد السلاح ”، وقد نجحت المسيرات الإيرانية بإحداث تغيير ميداني بعد فترة من الجمود، فبحسب سليمان بلدو “سلاح الطيران عجز عن فك الحصار عن قواته وعن المدنيين في مدينة أم درمان القديمة لعام كامل تقريبا”. وفي فبراير 2024، أجرى وزير الخارجية السوداني المكلّف علي الصادق محادثات في طهران مع نظيره الإيراني حسين أمير عبداللهيان.

أما فيما يخص العلاقة مع مصر فالبرهان، الذي قاد انقلابًا عسكريًا على السودان في عام 2021، هو حليف وثيق لمصر ورئيسها وقائد الجيش السابق عبد الفتاح السيسي، ولا يتضح الدور الذي تلعبه مصر في الصراع السوداني بخلاف محاولات الوساطة كاستضافة القوى المدنية السودانية في مؤتمر في مايو 2024، والتوسط سابقا بين الجيش وقوات الدعم، كما لا يتضح ما إذا كانت مصر تدعم أحد الأطراف بشكل ملحوظ، إلا أنه من الأكيد أن مواضيع الهجرة والنزوح واللاجئين السودانيين والعنصرية واستقرار حدود مصر الجنوبية تمثل هواجس أمنية لمصر، فضلا عن تطورات مسألة سد النهضة وما إذا ستنعكس الحرب السودانية والصيغة السياسية التي ستنتج عنها عن حصة مصر من مياه النيل والموقف السوداني بين أثيوبيا ومصر، أو ما إذا كانت أثيوبيا ستستغل انشغال مختلف الأطراف في الحرب الحالية لتملأ المزيد من السدود بالمياه.

الوسومأزمة إنسانية الجيش السوداني السودان نازحين

المصدر: كويت نيوز

كلمات دلالية: أزمة إنسانية الجيش السوداني السودان نازحين المسلحة السودانیة قوات الدعم السریع الجیش السودانی فی السودان فضلا عن ما إذا فی عام

إقرأ أيضاً:

امتحانات الشهادة السودانية ستنعقد (قريبا جدا)

المفوض بأعمال وزارة التربية والتعليم د. أحمد الخليفة لـ(الكرامة):
امتحانات الشهادة السودانية ستنعقد (قريبا جدا)
535 الف و(848) طالبا وطالبة سجلوا قبل الحرب..
(……) هذه رسالتي للمعلمين حول المتاخرات..
طلاب دارفور من أكبر التحديات
الاحصائية النهائية للجالسين لامتحان الشهادة ستظهر بعد اكتمال الحصر
مقترح بانشاء 4 مطابع للكتاب فى “الشرق، والغرب، والشمال والوسط”
(….) في هذا التوقيت سيبدأ المسح الإحصائي
حوار_ محمد جمال قندول
تظل امتحانات الشهادة السودانية من شواغل السودانيين داخل وخارج البلاد، كيف لا، وهنالك تكدس لطلاب وطالبات دفعتين (2023-2024) لم يجلسوا لاداء الامتحان بسبب الحرب وتمرد ميليشيا الدعم السريع.
(الكرامة) استنطقت المفوض بأعمال وزارة التربية والتعليم د. أحمد الخليفة في حوار هو الاول من نوعه كشف عبره عن معلوماتٍ جديدة حول الشهادة السودانية واجاب على كثير من الاسئلة التى تدور فى اذهان الطلاب واولياء الامور، بجانب طوافه على محاور عديدة بشأن العام الدراسي والكتاب المدرسي، فإلى مضابط ما قاله الضيف:
حددتم مراكزًا لامتحانات الشهادة السودانية خارج السودان، ما هي المعالجات للولايات التي تعاني من الحرب، وهل بإمكان طلابها خاصة ولايات “دارفور، وكردفان، والجزيرة، والخرطوم وسنار” إيجاد معالجات لهم؟
بالنسبة لنا من أكبر التحديات التي تواجهنا طلاب دارفور في الولايات غير الآمنة لا توجد معالجات بسبب الحرب، ومع التاكيد على إنّ عدم قيام امتحانات الشهادة السودانية واحدة من اهداف الميليشيا فمن الاستحالة أن ننفذ امتحانات في مدارس تحت سيطرة التمرد، واتصلت بنا عددًا من الولايات أهمها غرب دارفور ووسط دارفور وأفادونا بأنّ طلابهم في معسكرات اللاجئين، وعدد طلاب غرب دارفور المسجلين لدينا لامتحان 2023 قبل الحرب 11 ألف طالب، والعدد يقارب من هذا في وسط دارفور، وإفادات الوزارات المسؤولة أنّ هؤلاء الطلاب بمعسكرات على الشريط “السوداني – التشادي”، ونحن لدينا في المعالجات مركزان واحد في انجمينا مدرسة الصداقة السودانية التشادية، والأخرى في أبشي، ونفذنا في المركزين امتحانات الابتدائي والمتوسطة لنهر النيل بسهولة جدًا وأعلنت نتائج الابتدائي وستعلن نتائج المتوسطة، وبالتالي واحدة من المعالجات تسجيل هؤلاء الطلاب في انجمينا أو أبشي حسب وجودهم ومعالجة مشاكل السكن والترحيل والإعاشة، وستشارك معنا لجنة عليا مهمتها مثل هذه الأشياء، وطبعًا هنالك أيضًا نزوج لطلاب دارفور بالولايات الآمنة وسيظهر ذلك بعد نهاية التسجيل، وكما ذكرت بأنّ كل ولايات السودان موجودة في السجل بمركز حاسوب إدارة الامتحانات ونستطيع بسهولة جدًا نعرف التوزيع الجغرافي أين كان قبل الحرب، وهذا عامٌ لكل الولايات وكل هذا يتم بعد نهاية الحصر.
كم الحصر الكلي لعدد الطلاب الجالسين للشهادة السودانية في العالقين 2023؟
عدد الطلاب للعام 2023 كبير
(535848) هؤلاء هم المسجلون قبل الحرب، وبعدها ستظهر الإحصائية الحقيقية والتي انتهت أمس الأول الأحد وأعطيناهم يومًا إضافيًا، وبعده سيظهر عدد الطلاب والمراكز، وهي مسألة تكتمل بعد اكتمال التسجيل الذي طلبناه في الولايات والمراكز الخارجية، المساق الأكاديمي وحده (510106) طالبًا وطالبة وخارج السودان يجري حصرهم، وبعد اكتمال الحصر نستطيع أن نحدد كم عدد الجالسين خارج السودان وفي كل مركز إذا كان في مصر وتشاد أو أي دولة عربية.
هل من موعد قاطع لتاريخ انعقاد امتحانات الشهادة؟
قريبًا جدًا.
هنالك تباين بمواعيد الدراسة للعام الدراسي الجديد بالولايات؟
العام الدراسي والمعالجات حقيقةً في ولايات كثيرة بفضل الله سبحانه وتعالى والوزير السابق رحمة الله عليه بدأت المعالجات في عهده وستتواصل في عدد من الولايات والحلول جارية عبر المجتمعات المحلية وحكومات الولايات والمنظمات خاصة “اليونيسف”، والمنظمات الوطنية كلها تبذل جهودًا كبيرة في معالجة بداية العام الدراسي وتوفير حلول بديلة للسكن والمدارس والقيام ببرامج تدريبية خاصة للمعلمين والطلاب والأُسر “برامج دعم نفسي واجتماعي”، ومثل هذه البرامج الآن تنتظم بولايات السودان عبر منظمات وطنية وشراكات مع منظمات دولية وكله تحت إشراف وزارة التربية والتعليم بالولايات والوزارة الاتحادية.
كيف سيبدأ العام الدراسي ومعظم المعلمين لم ينالوا حقوقهم للشهور الماضية؟
بالنسبة للمعلمين عايز أقول كلام مهم جدًا، معلمي السودان هؤلاء جزءٌ من هذا الشعب بل فصيلٌ متقدمٌ من هذا الشعب ومن أكثر فئات العاملين تضررًا وأنا منهم، ولكن مهنة التعليم باختلاف توجهاتهم السياسية لديهم استعداد عالي جدا للعمل والتضحية، وهم قادة رأي ومجتمع مهني واعي ولديه تأثير قاعدي حتى على مستوى الأُسر، وأكثر فئات متواصلة مباشرة مع الأُسر هم المعلمون، وهنالك نماذج مشرقة دون استثناء مثلًا بالولايات التي بدأ العمل الدراسي بها مثل: نهر النيل، لم يصرفوا بداية العام الدراسي لثلاثة أشهر لم يتخلف ولا معلم واحد، رغم أنّ لديهم شهور مؤجلة “نزلوا طوالي”، والتحية لمعلمي السودان، والآن معلمي ولاية الخرطوم بولايات السودان انضموا لزملائهم فى التدريس رغم عدم صرفهم لاستحقاقاتهم وهناك معلمون تقدموا الصفوف لمعركة الكرامة وأنا يحق لي أن أفتخر بمهنتي التي اخترتها وأنا جزء منهم وإن شاء الله الدولة ستقدر هذا الجهد والالتزام الوطني العالي وتعمل على إنصافهم وأنا سأبذل قصارى جهدي بأن يتم إنصاف المعلمين بكل ولايات السودان ويأخذوا مرتباتهم ولهم التحية على ما قدموه ويا ريت الإعلام يبرز هذه الروح الوطنية ونحن محتاجون لهذه القدوة الوطنية.
“الكتاب المدرسي” ما هو موقفه داخل السودان وخارجه؟
بحمد الله سبحانه وتعالى تم توفير الكتاب للصف الثالث متوسط باعتباره أول دفعة بالمرحلة المتوسطة بعد تعديل السلم التعليمي، والكتاب يواجه تحديًا كبيرًا بسبب أنّ الميليشيا دمرت البنية التحتية للمطابع، ولكن لدينا حلولًا بديلة بجانب جهود مبذولة لتوفير الحد الأدنى من الكتاب المدرسي، ولدينا مشروع منصات إلكترونية بإذن الله تعالى ستسد الفجوة وتقدم إلينا الصندوق الكويتي للتنمية بمشروعات في قطاع التعليم ومنحنا الأولوية للمطابع واقترحنا 4 مطابع بأربع قطاعات “الشرق، والغرب، والشمال والوسط”، وكذلك اقترحنا منصات الكترونية التي تناسب إمكانيات وقدرات هذا الجيل، وكذلك وعدنا من وزارة المالية حيث اعتمدوا لنا ميزانية مقدرة من الصندوق الكويتي ستساعد المنصات بردم الفجوة.
المدارس التي تأثرت بالحرب بالولايات هل تم حصر الخسائر؟
الآن كما ذكرت، لدينا جهات ممولة غير الحكومة السودانية مثل: الصندوق الكويتي للتنمية والبنك الإفريقي للتنمية، ولدينا فريق من الخبراء صمموا عددًا من المشروعات كلها تصب في الإعمار، وعشان نعمل مشروعات لازم تعمل حصر وبدأنا بالولايات المتأثرة التي تأثرت بسبب استخدام المدارس كسكن للوافدين وطبعًا من المستحيل العمل بولايات واقعة تحت سيطرة الميليشيا، وهنالك مدراس تأثرت بسبب استخدامها كمقر للنازحين وهنالك مدارس تحتاج لزيادة فصول بسبب الكثافة للطلاب الذين قدموا للولايات، دي كلها تم حصرها وحصر الخسائر ووضعنا مشروعات للبنية التحتية وتحسين البيئة المدرسية بكل الولايات الآمنة مثل: “كسلا، والقضارف، والبحر الأحمر، والشمالية، ونهر النيل، والنيل الأبيض والنيل الأزرق”، ونعتقد بأنّها مشروعات إعمار ولكن مسح الإحصاء هو الذي سيحدد لنا المناطق المستهدفة وفق معايير محددة وستمول بإذن الله تعالى، واليوم (أمس) كان هنالك اجتماع ،(أون لاين) مع البنك الإفريقي للتنمية وقبله نفس الاجتماع مع الصندوق الكويتي للتنمية وإن شاء الله كلها ستكلل النجاح بل إنّ صندوق التنمية الإفريقي طلب خطة عامين للإعمار.
هل هنالك مقترحات لإعمار قطاع التعليم بعد الحرب بشريًا وماديًا؟
أواصل في الإعمار، هنالك مكتب اليونسكو في السودان اتصلوا بنا قبل أيام وأكدوا لي بأنهم يعملون في تحديد أولويات لإعمار التعليم في السودان بعد الحرب، وغالبًا ستجتمع هذه المجموعة من المنظمات في آخر شهر نوفمبر ومبدئيًا تمت دعوتنا للتأكيد على الأولويات وهي مشروعات تشمل البيئة المدرسية وتحسين النظام التعليمي وكذلك المدارس الفنية التي تجد اهتمامًا كبيرًا منهم، وسيتم دعمه بقوة ونسأل الله أن ينصر جيشنا ويحقق الأمن والسلام.
ما هي أبرز التحديات التي تواجه الوزارة؟
أبرز التحديات التي تواجهنا أن نستعيد هذا النظام التعليمي بالسودان بعد الخسائر الضخمة والكبيرة التي تعرضت لها مدارسنا والبيئة التعليمية، وهذا يحتاج لتحسين البيئة وإضافة فصول وتهيئة للبيئة التي تضررت، والقيام ببرامج تدريب معلمين وإعادة تأسيس النظام، وكلها ستبدأ بالمسح الإحصائي ونتفاءل بأنّ التعليم سيعود أقوى بإذن الله تعالى.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مديرة المتاحف السودانية لـ«التغيير»: قوات الدعم السريع سرقت الآثار وهربتها
  • السودان يحترق والقوى الأجنبية تستفيد.. ما المكاسب التي تجنيها الإمارات من الأزمة؟
  • امتحانات الشهادة السودانية ستنعقد (قريبا جدا)
  • السودان في ظل حرب أهلية جديدة: التدخلات الخارجية ومحاولات حل النزاع
  • جبريل يتهم أمريكا بالتورط في الحرب السودانية
  • «التايمز البريطانية»: الآثار السودانية المنهوبة تُباع على الإنترنت بشكل غير مسبوق
  • مليشيا الدعم السريع تبيع الآثار السودانية المنهوبة على الإنترنت
  • الآثار السودانية المنهوبة تُباع على الإنترنت بشكل غير مسبوق
  • الآثار السودانية المنهوبة تُباع على الانترنيت بشكل غير مسبوق