ثمة كثير من الحراكات والاتصالات الدبلوماسية والسياسية التي تتعلق بالاستحقاق الرئاسي أو بالمواجهة التي تجري في جنوب لبنان، لكن وراء كل "هذا الغبار" لا يبدو أن ثمة نتائج ملموسة تجاه الملفين معاً.

لقد سادت خلال الأونة الأخيرة سيناريوهات جرى تداولها في أوساط الغربيين نقلاً عن الإدارة الأميركية تفترض أن انفراجاً في الاستحقاق الرئاسي من شأنه أن يشكل مخرجاً لتهدئة الوضع في الجنوب على خلفية أن يتولى الرئيس المنتخب بحكم مسؤوليته الدستورية هذه المهمة، لكن هذا السيناريو يقع في إشكالية جوهرية هي إصرار حزب الله على عدم الموافقة على أي فصل بين "جبهات الإسناد" والوضع في غزة، أي انه ليس وارداً في حساباته ما قبل انتخاب الرئيس أو ما بعد انتخابه أن يوافق على أي تهدئة أو حل في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة الأمر الذي يجعل من هذا السيناريو رهاناً في غير محله.



أما في ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي، فإن التطور الإيجابي الوحيد الذي شهده هذا الملف فهي المرونة التي أظهرها رئيس مجلس النواب نبيه بري في موقفه الذي أعلنه في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر والذي أعاد التأكيد عليه وتوضيحه عندما أشار الى أنه على استعداد لعقد جلسة واحدة بدورات متتالية في بضعة أيام شارحاً أن بضعة أيام هي أقل من خمسة، إلا أن هذا الموقف لا يعني،كما حاول البعض، أن يشيع بأنه يتضمن تخلياً عن ترشيح رئيس تيار المرده سليمان فرنجية ولا يقدم ضمانات لاكتمال النصاب، خاصة وأن المجلس النيابي بحاجة للحفاظ على دوره التشريعي الأمر الذي يفرض إقفال محضر الجلسات الانتخابية، كما أن المشكلة التي يبدو أنها لا تزال عالقة وهي تمنع حزب "القوات اللبنانية"عن المشاركة في الحوار أو المشاورات التي ستجري وفق دعوة رئيس المجلس.

لكل هذه الاسباب ، ليس من مؤشرات فعلية توحي، بحسب مصادر سياسية متابعة لحراك "الخماسية"، بقرب انفراجات ملموسة وهذا ما يدركه جيداً سفراء اللجنة الخماسية الذين اجتمعوا يوم السبت في قصر الصنوبر، والمبعوثان الأميركي آموس هوكشتاين والفرنسي جان آيف لودريان، لذلك تقتصر فعلياً وظيفة الزيارات المرتقبة لهما إلى لبنان على الدعوة لخفض التصعيد من دون أن تتمكن من تحقيق حلول فعلية للملفين العالقين.

هل ما تقدم، يعني أن الأمور سوف تتجه إلى المزيد من التعقيد والانحدار على المستوى الداخلي، كما أوحى تحذير الرئيس بري من مغبة الوصول إلى الانتخابات النيابية دون التمكن من إجرائها بسبب عقدة القانون الانتخابي الذي يفرض الالتزام بالتعديلات التي تحدد مقاعد نيابية خاصة بالمغتربين وهو ما يحتاج إلى آلية يتعذر انجازها في ظروف البلد الراهنة؟

ما يخص المقاعد النيابية الخاصة بالمغتربين، يفترض بحسب المادة 122 من القانون رقم 44/2017، أن تستحدث 6 مقاعد نيابية جديدة على مستوى القارات، وتوزع على الطوائف الست الكبرى، وهذا الأمر يحتاج إلى قرار في مجلس الوزراء بأغلبية الثلثين، خاصة وأن هذه المادة علقت لمرة واحدة في عام 2022، وبالتالي لم تعلق لانتخابات 2026. ومع ذلك تعتبر مصادر نيابية أنه يمكن أن يصار خلال هذه المهلة إلى تحديد الآلية المعتمَدة لتطبيق هذا البند، أو تكرار سيناريو 2022، والمضيّ بإجراء الانتخابات.

في حقيقة الأمر، من المتعذر على أي كان، بحسب مصادر نيابية، التنبؤ بما سيؤول إليه الأمر بعد ما يقرب السنتين، وهي فترة طويلة نسبياً ومقاربتها على هذا النحو هي مبالغة في التشاؤم. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

إنفوغراف24| ما الذي نعرفه عن تفجيرات "البيجر" في لبنان؟

قُتل 12 شخصاً على الأقل، وأُصيب نحو 3 آلاف آخرين، جراء تفجيرات متزامنة لأجهزة اتصال لاسلكية "بيجر" يستخدمها عناصر من جماعة حزب الله، بما في ذلك المقاتلون والمسعفون، في لبنان.

متى وأين؟

بدأت انفجارات أجهزة البيجر في حوالي الساعة 3:30 بالتوقيت المحلي، في الضاحية الجنوبية لبيروت وسهل البقاع بشرق لبنان، وهما من معاقل جماعة حزب الله المسلحة المعادية لإسرائيل.

واستمرت موجة الانفجارات نحو ساعة، وقال شهود وسكان الضاحية الجنوبية إنهم سمعوا الانفجارات حتى الساعة 4:30 بالتوقيت المحلي. ووفقاً لمصادر أمنية ولقطات فيديو، وقعت بعض التفجيرات عقب رنين أجهزة البيجر، مما دفع حامليها إلى الإمساك بها أو تقريبها من وجوههم لتفقد الشاشة.

كيف نجحت إسرائيل في تفخيخ 5 آلاف "بيجر" لضرب حزب الله؟https://t.co/pSMyhYixOE

— 24.ae (@20fourMedia) September 18, 2024 مدى ضخامة الانفجارات

أظهرت مقاطع الفيديو التي تم مراجعتها، أن التفجيرات كانت محدودة النطاق نسبياً. وأظهر مقطعان منفصلان التقطتهما كاميرات مراقبة في متجرين، أن التفجيرات أصابت فيما يبدو الشخص الذي يحمل جهاز البيجر أو القريبين منه.

وأظهر أيضاً مقطع فيديو مصور في مستشفيات وجرى تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي، أفراداً بترت أصابعهم أو مصابين بجروح في الوجه، أو عند الخصر حيث يوضع جهاز البيجر عادة. ولم تحدث التفجيرات فيما يبدو أضراراً جسيمة أو تسفر عن نشوب أي حرائق.

نوع الأجهزة المتفجرة

وقال مصدر أمني لبناني كبير ومصدر آخر، إن جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) زرع كمية صغيرة من المتفجرات داخل 5 آلاف جهاز بيجر تايواني الصنع، طلبها حزب الله قبل أشهر.

وذكر المصدر اللبناني أن الجماعة طلبت أجهزة بيجر من صنع شركة "جولد أبوللو" التايوانية، والتي تقول عدة مصادر إنها دخلت البلاد في وقت سابق من هذا العام. وقدم المصدر صورة لجهاز البيجر وهو من طراز (إيه.بي924).

وأظهرت صور لأجهزة بيجر مدمرة، ملصقات في ظهر الأجهزة تتسق مع تلك التي تصنّعها شركة جولد أبوللو ومقرها تايوان. ولم يرد حزب الله بعد على أسئلة حول نوع أجهزة البيجر. وقال مؤسس جولد أبوللو إن "الشركة لم تصنع أجهزة البيجر التي تعرضت للانفجار في لبنان، لكنها من إنتاج شركة في أوروبا لها الحق في استخدام العلامة التجارية للشركة التايوانية".

وقال مصدران مطلعان على عمليات حزب الله، إن "مقاتلي الجماعة يستخدمون أجهزة البيجر لمحاولة تجنب تعقب إسرائيل لمواقعهم"، وقالت 3 مصادر أمنية إن "الأجهزة التي انفجرت كانت أحدث طراز اشتراه حزب الله في الأشهر القليلة الماضية".

سبب الانفجار 

وقالت جماعة حزب الله المتحالفة مع إيران، إنها تجري تحقيقاً ‏أمنياً وعلمياً في أسباب التفجيرات، وتوعدت إسرائيل بأنها ستنال "القصاص العادل". وتكهنت مصادر دبلوماسية وأمنية بأن سبب التفجيرات ربما يكون انفجار بطاريات الأجهزة نتيجة ارتفاع محتمل في درجة حرارتها.

ولكن آخرين قالوا إن إسرائيل ربما تكون قد اخترقت سلسلة توريد الأجهزة لحزب الله. ونقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مصادر من بينها مسؤولون أمريكيون القول، إن إسرائيل زرعت مواد متفجرة ضمن دفعة جديدة من الأجهزة قبل تصديرها إلى لبنان.

وقال العديد من الخبراء إنهم يشكون في أن البطارية وحدها ستكون كافية لإحداث انفجارات.

      View this post on Instagram      

A post shared by 24.ae (@20fourmedia)

وذكر بول كريستينسن، الخبير في سلامة بطاريات الليثيوم أيون في جامعة نيوكاسل، أن الأضرار الناجمة عن انفجار أجهزة البيجر يبدو أنها لا تتسق مع الحالات السابقة لتلف البطاريات المماثلة. وأضاف "ما نتحدث عنه هو بطارية صغيرة نسبياً، تتحول إلى لهب. لا نتحدث عن تفجير قاتل هنا... حدسي يخبرني بأن هذا غير مرجح".

وقال أوفوديك إيزيكوي أستاذ الهندسة الميكانيكية بجامعة تكساس في أوستن، إن سبباً آخر للشك في أن الانفجارات ناجمة عن ارتفاع درجة حرارة البطاريات، هو أن البطارية المشحونة بالكامل هي فقط التي يمكن أن تشتعل فيها النيران أو تنفجر.

وأضاف "عند شحن أقل من 50% ستتولد غازات وأبخرة، لكن لن تحدث حرائق أو انفجارات. ومن المستبعد للغاية أن تكون جميع بطاريات الأجهزة التي انفجرت مشحونة بالكامل".

ووفقاً لكتاب "رايز اند كيل فيرست" الصادر عام 2018، فقد سبق أن زرعت المخابرات الإسرائيلية متفجرات في هواتف شخصية لاستهداف أعداء. كما يمكن لمخترقي الأنظمة الإلكترونية إدخال برمجيات خبيثة في أجهزة شخصية مما يتسبب في ارتفاع درجة حرارتها وانفجارها في بعض الحالات.

الفوضى تضرب صفوف حزب الله بعد تفجيرات "البيجر"https://t.co/UEj9HQiUI1

— 24.ae (@20fourMedia) September 18, 2024 ما تقوله السلطات

وصفت وزارة الخارجية اللبنانية الانفجارات بأنها "هجوم إلكتروني إسرائيلي"، لكنها لم تقدم تفاصيل حول كيفية التوصل إلى هذا الاستنتاج.

وقال وزير الإعلام اللبناني إن "الهجوم اعتداء على سيادة لبنان". وأحجم الجيش الإسرائيلي عن الرد على أسئلة بشأن الانفجارات.

وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إن واشنطن تجمع معلومات وإنها ليست متورطة. وذكرت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أنه لن يكون هناك تغيير في وضع القوات الأمريكية في الشرق الأوسط في أعقاب الانفجارات.

تداعيات الصراع بين إسرائيل وحزب الله

ويرى محللون أن هناك احتمالاً للتصعيد بين إسرائيل وجماعة حزب الله، اللتين تتبادلان إطلاق النار عبر الحدود منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في غزة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. إلا أن الخبراء أكثر تشككاً، في الوقت الراهن، بشأن احتمال نشوب حرب وشيكة واسعة النطاق بين إسرائيل وحزب الله.

وتسعى الولايات المتحدة لمنع اندلاع مثل هذه الحرب وترى أن الطرفين لا يريدانها. وقال ماثيو ليفيت المسؤول الأمريكي السابق ومؤلف كتاب عن حزب الله إن "انفجارات أجهزة الاتصال قد تعطل عمليات الجماعة لبعض الوقت".

وقال جوناثان بانيكوف المسؤول الأمريكي السابق إن "جماعة حزب الله قد تقلل من شأن أكبر فشل لها في مجال مكافحة التجسس منذ عقود، إلا أن التوتر المتزايد قد يؤدي في نهاية المطاف إلى حرب واسعة النطاق إذا لم تنجح الجهود الدبلوماسية".

مقالات مشابهة

  • ما الذي نعرفه عن انفجارات أجهزة اللاسلكي في لبنان؟.. 6 أسئلة تفسر ما جرى
  • ما الذي نعرفه عن انفجارات أجهزة اللاسلكي في لبنان.. 6 أسئلة تفسر ما جرى
  • الموساد نفذها خوفًا من اكتشاف حزب الله الأمر: عن أجهزة "البيجر" التي كانت ورقة خفية في يد إسرائيل
  • إنفوغراف24| ما الذي نعرفه عن تفجيرات "البيجر" في لبنان؟
  • الرئيس العراقي اتّصل بميقاتي.. وأدان الاعتداء الذي تعرّض له لبنان
  • حزب الله يحمل الاحتلال المسؤولية الكاملة عن العدوان الذي طال لبنان ويتعهد بالرد
  • حزب الله يحمل الاحتلال المسؤولية الكامل عن العدوان الذي طال لبنان ويتعهد بالرد
  • تفجيرات البيجر… ما الذي جرى في لبنان؟ 8 نقاط تشرح الحدث
  • المفتي قبلان في ذكرى المولد النبوي: حذارِ اللعب بسيادة البلد