سواليف:
2024-09-18@22:38:43 GMT

ناي الحياة

تاريخ النشر: 16th, September 2024 GMT

#ناي_الحياة
نستولوجيا نكهات

#مصعب_البدور
تنحبس الذكريات في محاريب القلب حتى مطلع الشوق، فبين ذكرياتنا التي مثلت لنا مرجعا وبين اتصالها بنا غربةٌ تفصلنا عن كلّ شيء، عن الحارة ولعبة كرة القدم مع أبناء عمومتنا وجيراننا، عن ازدحام البيت، عن مشهد شقيقتي الكبرى والصغرى يحمل ما تحفل به المائدة من أطباق (قلاية بندورة) أو (صحن رائب) أو (صحن بطاطا)، وبصرف النظر عن الأطباق، فإن مشهدهن في هذه الحالة يبعث الأمل في النفس، وأستعد لخوض تزاحم الأيدي فوق سفرة أرضيتها جرايد، وسماؤها أيد متقاطعة بين مندفعة ومنسحبة.


وتفصلنا عن مشهد الخبز المشروح يحتضن (كيس حمص) و(كيس فول) مع (زرف فلافل) من عند نشأت آخر مطعم في إيدون من الجهة الجنوبية، نكهة فقدناها، بقيت عند بوابة الصعود إلى الطائرة أو ربما عند موقف المغادرين في مطار الملكة علياء، نسيها الزمن وراءنا، ننظر في مرايا الذاكرة فنرى وجوهنا تغيرت ومازالت أحلامنا هناك، نبحث عن أسمائنا في دفتر عائلة مزدحم، نفتش عن تصريحات شقيقتنا أكابر تتذمر من عدم انتظام أوقات الطعام، أو عن محاولاتها الفنية في إعداد الوجبات التي تشعرك بأنك حقل تجارب بين قضية المليحة فرفطت معها أو تمت وفقا للمواصفة، وبين (فاصوليات مَرْة) أو تجارب الغربية، ونبحث عن شقيقتنا أصالة مهندسة الأناقة _ هي شاطرة بالكوي_ تأخذ على عاتقها تجهيز المغادرين إلى المناسبات، نبحث في كل شيء يردنا إلى تلك الأيام، ربما أبحث عن ترحيب أمي بطريقتها إذا طلب أحد طعاما، أو صرح بقوله: جائع؛ فلقد كانت تردد عبارة مركبة أستطيع قول مقطعها الثاني: “…… وسهلا”
لهذه الأحداث نكهات من الحنين، تعبث بنا أحيانا، ونحاول بعثها من البلى أحيانا أكثر.
إن للحياة فواصل ومسافات تتحول بلحظة إلى مظاهر تصحر في العاطفة وقحط في الشعور، أن تبحث عن شقيق مثل قتيبة لا يشرب الشاي أبدا ليريح يدك من ملء كؤوس الشاي الذي لا ينتهي، أن تشتاق إلى كلمة ( محسوب حسابك) أو (الإشارة خضراء لك) من شقيق على مستوى رفيع في العائلة.
ثم تصحو من سكرة الحنين، لتجد نفسك سائح تذرع شوارع دبي تفتقد نفسك، تفتقد نذلك الفتى الذي تشتعل الأرض حوله، وتفقد كل مذاقات الماضي، فتحلّك الورقاء، فإذا أنت بالأستاذ سليمان لنبز يقف بباب مطعم (قاسمية الفوال) يرحب بك بابتسامة ترد إليك كل حنين الماضي، يرجع لي مظهر بيت الجدة أم صالح، هناك خلف مطعم قاسمية الفوال في شارع الثلاثين في إربد.
وحين تتخذ مكانك على الطاولة، وتستمع لكل العاملين هناك، وعندما تنظر إلى تلك المزحة المعلقة على الجدار تسرب إليك نكهة من فكاهة الحياة في عمان، أو نكهة من واقع الحياة في إربد بين الوقوف راصدا معلم السندويشات أو مراقبا عدد ملاعق الحمص، أما أغاني الطرب التي يمكنك أن تسمعها في سيارتك فإنها ذاتها تختلف آثلرها عن سماعها في صالة المطعم، أحس بأن لها صلة بالشنبر والثوب الأسود التي تلبسه أمي وبنات جيلها، وكأنها مدرقة تشرق في إحدى الشرف في البيوت الرفية في جبال عجلون، ثم يلاطفك سليمان أبو يلدار فتضحك ضحكة من الماضي، فإذا بدأت رحلتك مع الطعام تنفتح عليك كل ذكريات المذاقات فيتحول الحنين إلى واقع لذيذ، وتتمنى لو تجتمع مع أشقائك وأمك وأبيك في ضيافتهم لتضيفوا مشهدا جديدا من نستولوجيا المائدة العائلية إلى ذاكرتكم العائلية، عندما أكلت في قاسمية الفوال في ورقاء دبي أخذت هاتفي وكتبت فيه كلمات:
“وعثرنا على مذاق من ماضينا، وتذوقنا شيئًا من تاريخنا من جديد، وتجددت فينا كل أشكال الحنين لتلك الأيام، وصار لأبنائنا مكان فيه نكهة من بلادهم”

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

بغداد.. اعتقال الإرهابي أبو هاجر داخل مطعم شعبي وحملة خاصة تغلق خمسة فنادق

بغداد.. اعتقال الإرهابي أبو هاجر داخل مطعم شعبي وحملة خاصة تغلق خمسة فنادق

مقالات مشابهة

  • تفاصيل من الحياة الزوجية لملكة جمال سويسرا التي قطعها زوجها بمنشار
  • برج الجوزاء.. حظك اليوم الأربعاء 18 سبتمبر: اترك الماضي
  • طريقة تحضير قطع اللحم بالصويا صوص| نكهة آسيوية غنية وسريعة
  • زيادة صادرات النفط الخام الليبية في الأسبوع الماضي
  • تفحم شخص إثر حريق مطعم في عابدين
  • اعتقال ارهابي داخل مطعم شعبي ضمن منطقة الأعظمية في بغداد
  • مصرع عامل إثر حريق داخل مطعم فى عابدين
  • بغداد.. اعتقال الإرهابي أبو هاجر داخل مطعم شعبي وحملة خاصة تغلق خمسة فنادق
  • السجن 10 سنوات للمتهم بالاعتداء على طفلة في كفر شكر