تواصل تداعيات تغير المناخ إلقاء ظلالها على كل مكان في الكوكب، إذ تكرر تراجُع مستويات الجليد البحري المحيط بالقارة القطبية الجنوبية هذا العام، بعد انهيار استمر 6 أشهر متتالية في العام الماضي 2023.

وقال باحث الجليد البحري في جامعة تسمانيا الأسترالية، الدكتور ويل هوبز: “إن الأمر قد يستغرق عقودًا حتى يتعافى النظام البيئي في القارة القطبية الجنوبية مما حدث خلال العام الماضي”.

ويشير بعض العلماء إلى أن الجليد البحري المحيط بالقارة القطبية الجنوبية على وشك الوصول إلى أدنى مستوى قياسي في الشتاء للعام الثاني على التوالي، وفقًا لتقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

تجدر الإشارة إلى أن منطقة القارة القطبية الجنوبية خضعت لتحول مفاجئ في عام 2023 بسبب تغير المناخ، إذ انهار الغطاء الجليدي البحري المحيط بالقارة لمدة 6 أشهر متتالية.

تراجع مستويات الجليد البحري المحيط بالقارة القطبية الجنوبية

في شتاء عام 2023، غطى نحو 1.6 مليون كيلومتر مربع أقل من المتوسط طويل الأجل، وهذا يعادل تقريبًا مساحة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا مجتمعة، بسبب تغير المناخ.

وقال علماء في شراكة برنامج أنتاركتيكا الأسترالي، إن أحدث البيانات أظهر أن هذا تكرر في عام 2024. وفي 7 سبتمبر/أيلول الجاري، كانت كمية المحيط المتجمد أقل مما كانت عليه في التاريخ نفسه من العام الماضي، حسبما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية (theguardian).

وعلى الرغم من أن سجل الشتاء لم يكتمل بعد، وبالتالي ليس من الواضح ما إذا كانت مساحة الجليد البحري للموسم ستكون أقل من العام الماضي، قال العلماء إنه جزء من مجموعة من الأدلة على أن نظام القارة القطبية الجنوبية انتقل إلى “حالة جديدة”.

وقال باحث الجليد البحري في جامعة تسمانيا الأسترالية، الدكتور ويل هوبز: “ما نتحدث عنه هو حدثان متطرفان… فقد كان العام الماضي قاسيًا وحدث مرة أخرى”.

تأثير الغلاف الجوي

أوضح باحث الجليد البحري في جامعة تسمانيا الأسترالية، الدكتور ويل هوبز، أن الغلاف الجوي كان المحرك الرئيس للتغيرات الإقليمية على أساس شهري وسنوي، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وقال: “الأمر المختلف الآن هو أن درجات حرارة المحيط الجنوبي الأكثر دفئًا لها تأثير حقيقي في الجليد البحري”.

وأردف: “نحن نعلم أن العامين الماضيين كانا الأكثر دفئًا على الإطلاق بالنسبة إلى الكوكب، حيث كانت درجات الحرارة العالمية أعلى من 1.5 درجة مئوية فوق ما قبل الصناعة لفترات طويلة، وينعكس هذا الاحترار العالمي الآن في المحيطات المحيطة بالقطب الجنوبي”.

وفي يوم السبت 7 سبتمبر/أيلول الجاري، غطّى الجليد البحري في المحيط الجنوبي 17 مليون كيلومتر مربع، وهو أقل من أدنى مستوى سابق بلغ 17.1 مليون كيلومتر مربع في العام الماضي.

ويبلغ المتوسط طويل الأمد ليوم 7 سبتمبر/أيلول الجاري بناءً على بيانات الأقمار الاصطناعية 18.4 مليون كيلومتر مربع، حسبما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية (theguardian).

شتاء القطب الجنوبي

يبدأ الشتاء في القطب الجنوبي عادة في شهر مارس/آذار، ويستمر حتى أكتوبر/تشرين الأول.

وقال عالم المناخ ومصمم النماذج الجوية لدى المكتب الأسترالي للأرصاد الجوية، الدكتور فيل ريد: “إنه من السابق لأوانه القول بشكل قاطع ما إذا كان الجليد البحري الشتوي قد وصل إلى أقصى مستوى سنوي له، لكن من المفاجئ أنه انخفض إلى ما دون المتوسط في سنوات متتالية”.

وأكد أنه في حين بدأ العلماء في فهم تأثير انخفاض مستويات الجليد البحري في الطقس والمناخ، فقد أشارت دراسات حديثة إلى أنها أسهمت في زيادة هطول الأمطار في الصيف وأيام الشتاء الجافة في أستراليا.

وأضاف ريد: “يُعتقد أن تفاعلات المحيط والغلاف الجوي الناجمة عن فقدان الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية هي التي تدفع هذه التغييرات”.

الجليد البحري المحيط بالقارة القطبية الجنوبية – الصورة من Getty Images

بدوره، قال باحث الجليد البحري في جامعة تسمانيا الأسترالية، الدكتور ويل هوبز: إن الأمر قد يستغرق عقودًا حتى يتعافى الجليد البحري في القارة القطبية الجنوبية من حدث العام الماضي، وبحلول ذلك الوقت سيكون التأثير طويل الأمد للاحتباس الحراري العالمي واضحًا.

وأكد أن “هناك المزيد والمزيد من الأدلة على أن (متوسط غطاء الجليد البحري على المدى الطويل) من غير المرجح أن يعود”.

وعلى الرغم من أن فقدان الجليد البحري لا يغيّر بصورة مباشرة مستويات سطح البحر العالمية، يقول العلماء إنه قد يكون له تأثير غير مباشر كبير، خصوصًا في الصيف.

ووجدت دراسة، نُشرت في مجلة نيتشر Nature العام الماضي، أن المياه الذائبة من الصفائح الجليدية في القارة يمكن أن تبطئ الدورة الانقلابية للمحيط الجنوبي -وهو تيار محيطي عميق- بحلول عام 2050 إذا استمرت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي عند مستواها الحالي.

وقدرت ورقة بحثية لاحقة أن الدورة الانقلابية، التي تؤثر في أنماط الطقس العالمية ودرجات حرارة المحيطات، قد تباطأت بنحو 30% منذ تسعينيات القرن الماضي، وهو ما يرجع إلى تداعيات تغير المناخ.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
Source link مرتبط

المصدر: الميدان اليمني

كلمات دلالية: فی القارة القطبیة الجنوبیة ملیون کیلومتر مربع العام الماضی تغیر المناخ

إقرأ أيضاً:

تداعيات الصراعات الشرق أوسطية

منذ بضعة أيام وفي تطور غير متوقع، أعلن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة عقب فترة طويلة من التوترات والصراع، ورغم الترحيب الدولي، ما زالت الرؤية السياسية على المدى البعيد للقضية الفلسطينية غارقة في الضبابية، كما هو الحال مع العديد من الأزمات في المنطقة السياسية. وبينما بدأت بعض الدول، مثل سوريا ولبنان تلتقط أنفاسها تدريجياً بعد سنوات من الصراعات، وتلوح بوادر أمل الحلول مشابهة في العراق واليمن وليبيا، هنا يبرز للأذهان سؤال محير حول الرابط ذو الصبغة الاستراتيجية الذي يجمع بين هذه التحولات؟ وما هي أدوار القوى الدولية والإقليمية المتحكمة بمسارات هذا المشهد السياسي المتشابك التعقيد والمحتوى على طلاسم سياسية في المنطقة؟ ففي الآونة السابقة كانت الأزمات تتراكم دون حلول ملموسة، مما أدى إلى تراجع الآمال في تحقيق السلام الواقعي، ولكن التطورات الأخيرة تشير إلى إمكانية التغيير، أن المتفحص قد يجد أن سوريا قد عانت خلال السنوات الماضية من فترة قاتمة بسبب صراع طويل الأمد أثقل كاهل شعبها وأدى إلى انهيار شبه كامل للأمل. وبالرغم من ذلك، بدأت مؤخراً تظهر بوادر تشير إلى إمكانية إعادة بناء سوريا من جديد.

فعلى الرغم من الدمار الهائل الذي خلفته الحرب، بدأت عملية إعادة الإعمار تتبلور شيئاً فشيئاً، مدعومة بتفاهمات دولية وإقليمية تسعى إلى وضع حد لهذا الفصل المؤلم وإعادة البلاد إلى مسار الاستقرار والتنمية. وفي لبنان، يبدو أن الأوضاع تسير نحو مرحلة جديدة تحمل في طياتها فرصاً إيجابية، بعد انتهاء هيمنة «حزب الله» الذي ظل مسيطراً على المشهد السياسي لفترة طويلة.

وعلى الرغم من التحديات المتشابكة التي يواجهها العراق، يلوح في الأفق تفاؤل متزايد يعزز الأمل في مستقبل مستقر، ومزدهر، مما يفتح الباب أمام فرص جديدة لتحقيق السلام بعد عقود من الصراعات. كما تشهد الساحتان اليمنية والليبية مؤشرات إيجابية نحو تحقيق تسوية سياسية، بعد أعوام طويلة من النزاعات الداخلية.

وبوهلة فاحصة، يلاحظ الباحث السياسي أن الرابط الجوهري الذي يربط هذه التحولات هو تحرك القوى الدولية والإقليمية بحذر، اذ تعرف ان مصالحها الاستراتيجية معرضة للخطر في حال استمرار الصراعات، إذ يمثل ذلك تهديداً مباشراً لاستقرار النظام العالمي.

في هذا السياق، يبرز تحول حيواستراتيجي شامل يعيد تشكيل خريطة المشهدين الإقليمي والدولي، حيث تعمل القوى الكبرى على استغلال مواقعها الجغرافية وأهميتها السياسية لتعزيز نفوذها في مراكز القرار العالمي.

ومن خلال إعادة ترتيب موازين القوى، تسعى هذه الدول إلى تحقيق توازن يلبي مصالحها الاستراتيجية، مع الحفاظ على دورها المحوري في رسم مستقبل المنطقة العربية.

أما غزة، فالوضع يكتنفه الغموض والتساؤلات، إلا أن هذا الاتفاق قد يكون خطوة أولى نحو هدوء نسبي إذا استمرت الجهود بثبات نحو حلول مستدامة.

ويبقى السؤال: هل تمهد هذه التحركات السلام الحقيقي في الشرق الأوسط أم تعكس تغييرات تكتيكية على المسرح الدولي؟ في خضم هذه الاحداث، يظل الأمل قائماً في أن تكون هذه التطورات بداية لمرحلة جديدة تركز على التنمية والأمن، حيث تتضافر السياسة والجغرافيا لتحقيق مستقبل مزدهر للمنطقة.

في الختام الله نسأله أن يعيد الطمأنينة والسلام الى ربوع أوطاننا العربية، وأن تتحقق الآمال في استقرار أمني واقتصادي شامل يعم البلدان العربية جميعها.

اقرأ أيضاًمصطفى بكري عن اتفاق وقف إطلاق النار: غزة تنتصر.. ومصر وقطر مارستا دورهما المحوري

بعد 15 شهرا من العدوان.. كارثة غزة تحديات إعادة الإعمار تعمِّق المأساة الإنسانية الضحايا حوالي 156 ألف قتيل وجريح.. والأنقاض تتجاوز الـ42 مليون طن

نائب بالشيوخ: مصر قدمت جهودا حثيثة لدعم القضية الفلسطينية وحريصة على إعادة إعمار غزة

مقالات مشابهة

  • أسعار النفط تتراجع.. والأنظار على البيت الأبيض
  • نائب محافظ بني سويف يناقش مستجدات مشروع Stream لمواجهة تأثيرات تغير المناخ
  • تداعيات الصراعات الشرق أوسطية
  • 90 ألف زيارة منزلية للمرضى نفذها "القصيم الصحي" خلال العام الماضي
  • بيوت تتنفس.. الكشف عن حل ثوري لمكافحة تغير المناخ
  • المسلسلات التركية تحقق عائدات تتجاوز  «500 مليون دولار» العام الماضي
  • 21 ألف عملية جراحية بمستشفى خولة العام الماضي
  • أمن أبين يقدم نموذجاً في الحفاظ على الأمن والاستقرار: تقرير إحصائي يوثق الإنجازات للعام 2024م
  • تنصيب ترامب خلف "أبواب مغلقة" بسبب الرياح القطبية
  • بعد 5 سنوات.. بورسعيد تتراجع من البابل شيت البوكلت فى امتحان الإعدادية