المفكر محمد العوا: لم أتمن عدم اندلاع ثورة يوليو 1952
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
وحل العوا ضيفا على برنامج "المقابلة" بتاريخ (2024/9/15) في أولى حلقاته التي تم بثها عبر منصة الجزيرة 360، حيث تناولت نشأته منذ ولادته بمدينة الإسكندرية عام 1942 ومسيرته الشخصية والفكرية وموقفه من العهود التي عاصرها، وكذلك علاقته بالتيارات المعاصرة وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين.
وعاصر العوا الفترة الملكية 10 سنوات قبل قيام "الضباط الأحرار" بإنهاء تلك المرحلة وبدء حقبة جديدة، استهلها جمال عبد الناصر بتغييرات جذرية وإصلاحات اتفق مع بعضها ورأى أن بعضها الآخر لم يكن صحيحا ولا مناسبا وأثمر حصادا مرا و"كان مؤلما".
ومع أنه لا يتمنى لو أن ثورة يوليو لم تحدث، إلا أنه كان يأمل أن تُدار الأمور بطريقة مختلفة، حيث يرى أن التجربة التي قادتها الثورة لم تكن ناجحة في مجملها. وأوضح أن أكثر ما آلمه في هذه التجربة هو تحطم منظومة القيم الأخلاقية، التي كانت سائدة قبل الثورة، والتي تشمل قيم الاحترام، العمل، والأمانة.
ملكية أم جمهورية؟وفي سياق المقارنة بين التجارب الملكية والجمهورية في البلاد العربية، استحضر العوا نقاشا دار بينه وبين الكاتب الراحل محمد جلال كشك، الذي كان يفضل الملكية ويرجع ذلك إلى أن "الملوك نعرف أصلهم وفصلهم، لكن من جاءوا إلى الحكم بعد الانقلابات العسكرية لا نعرفهم".
رغم أن العوا كان يأمل أن تكون أنظمة الحكم الجمهورية في العالم العربي مهتمة بحرية الشعوب وكرامتها، فإنه انتقد تركيزها -وخاصة في مصر- على مشاريع التنمية الاقتصادية والتصنيع رغم عدم توفر المقومات لذلك على حساب الزراعة.
ويقول في هذا السياق: "دخلنا على مشاريع تنمية اقتصادية وتصنيع، لكننا أهملنا الزراعة والعلاقات الثقافية بالعالم الإسلامي"، ويرى العوا أن مصر تحولت من منارة للعلم والثقافة إلى دولة تعاني من صناعة متعثرة وزراعة غير كافية، إلى جانب تدهور العلاقات الاجتماعية.
الفرق بين حقبتي عبد الناصر والساداتوفي تقييمه للعهد الناصري ومقارنته بحقبة أنور السادات، يرى العوا أن المصريين شعروا بتغير هائل بين الحقبتين، ويقول: "الذين آمنوا بالاشتراكية والناصرية شعروا بأن البساط قد سحب من تحت أقدامهم، بينما الذين رأوا في الحكم العسكري قسوة وفشلا، شعروا بأن الأمور قد ردت إليهم".
ويرى العوا أن الرئيس السادات حقق إنجازات عظيمة، ومن أبرزها إلغاء قانون الفصل بغير الطريق التأديبي، في حين يرى أن من حسنات عبد الناصر إحياءه فكرة العروبة، لكنه أخطأ في التجربة الاقتصادية والاجتماعية.
كما يرى أن مصر خسرت الكثير بعد الثورة، خاصة فيما يتعلق بالنظام الحزبي الديمقراطي الذي كان يمكن أن يكون بداية للإصلاح، لكنه لم يُستكمل بعد قيام الثورة.
وحول دور الإخوان المسلمين في تلك الفترة، يشير العوا إلى أنه لم يكن ملموسا وظاهرا بل كانت إسهاماتهم خفية عبر كوادرهم، لافتا في هذا السياق إلى أن جمعيتي أنصار السنة المحمدية والشرعية لتعاون العاملين بالكتاب والسنة احتضنتا الظاهرة الإسلامية بشكل شبه تام في عهد عبد الناصر، وساعدهما تجنبهما للخوض في السياسة.
وكان من مساوئ مرحلة ما بعد حركة الضباط الأحرار في يوليو، إذكاء وتنمية الشعور بالبغضاء في نفوس الفئات المتوسطة والفقيرة تجاه الفئات الغنية، وهو ما أدى -حسب العوا- إلى تأثيرات سلبية على الاقتصاد، ومن ذلك تفتيت الملكية الزراعية تحت عنوان الإصلاح الزراعي.
ويرى العوا أن مصر عاشت خلال القرن الماضي خليطا عجيبا من التجارب السياسية والاجتماعية، حيث كانت تسعى للديمقراطية في نصفه الأول، بينما شهد نصفه الثاني حكما لا يقبل الرأي المخالف ويضيق الخناق على الحريات.
العلاقة بجماعة الإخوانونشأ محمد العوا في أسرة ذات جذور شامية تحرص على تعليم أبنائها مبادئ الإسلام وأسسه وتعاليمه، ورغم علاقته الوطيدة بالكثير من منتسبي جماعة الإخوان المسلمين في بداية تكوينه وصلة والده الوثيقة بمؤسس الجماعة حسن البنا، فإنه آثر السير مستقلا، وعزز ذلك نصيحة والده وأحد مسؤولي الجماعة نفسها.
وفي معرض حديثه عن أسرته، أوضح العوا أنها كانت تحرص على تعليم أبنائها مبادئ الإسلام بطريقة خالية من الخرافات والشعوذة، ولفت إلى أن والده كان يميل إلى السلفية، وكانت مكتبته مليئة بكتب ابن تيمية وابن القيم، وأن هذا التوجه أثّر بشكل كبير على نشأته الدينية.
وكان والد العوا يعمل في مصلحة الهواتف، وتدرج في مناصبها حتى أصبح مديرا عاما للمصلحة في الإسكندرية والدلتا، وكانت له علاقة وثيقة بحسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، ورغم هذه العلاقة، فإن العوا لم ينخرط في صفوف الإخوان، بل اختار أن يبقى مستقلا بناء على نصيحة أولى من والده.
لكن العوا أكد أن هذه الاستقلالية وحرصه على عدم الانتماء لجماعة الإخوان لم يقترنا بكره للجماعة أو عداوة لها، وأبدى في هذا السياق إعجابه في تلك المرحلة بالنشاط الرياضي المستمر للإخوان، في مقابل رفضه القاطع لمبدأ السمع والطاعة في المنشط والمكره داخل الجماعة حيث كان يشكل نقطة خلاف أساسية بالنسبة له.
ويقول العوا في هذا السياق: "مبدأ السمع والطاعة فكرة عظيمة في القوات المسلحة والشرطة باعتبارهما قوات نظامية، لكنها غير مقبولة في الفكر والرأي السياسي أو الديني". ويعبر العوا عن قناعته بأنه من غير المقبول أن يُطلب من الأعضاء الطاعة العمياء في الأمور التي تتعلق بالعقيدة أو الفكر.
ويشير العوا إلى أنه عندما كان في الإسكندرية، كان المد اليساري حاضرا كما كان المد العلماني الديني موجودا لكنه كان ضعيفا.
وبحسب وجهة نظر العوا فإن التحولات التي شهدتها مصر منذ ثورة يوليو 1952، التي قادها جمال عبد الناصر، أثرت بشكل كبير على منظومة القيم في المجتمع المصري. ويقول في هذا السياق "حجم التغييرات من يوليو ليس له ترمومتر يقاس به، لكنه يتبين في نفوس الناس وتعاملهم مع بعضهم البعض".
ويضيف أن العلاقات الأسرية والاجتماعية تأثرت بشكل سلبي، حيث لم تعد القيم التي كانت سائدة في جيله موجودة في أجيال الأبناء والأحفاد.
التجربة الأكاديمية والعمليةوتحدث العوا عن تجربته الأكاديمية في جامعة الإسكندرية، حيث درس القانون وتخرج عام 1963، وذكر أن الجامعة في تلك الفترة كانت معقلا للتيارات السياسية المختلفة، لكن التيار الإسلامي كان هو الأبرز والأكثر هيمنة، في حين كان التيار العلماني ضعيفا سواء بين الطلاب أو الأساتذة.
وعمل العوا بعد تخرجه، في النيابة العامة لمدة 3 سنوات قبل أن يُفصل منها بتهمة انتمائه للإخوان المسلمين، وهي تهمة وصفها بالباطلة. وبعد فصله، أعاده عبد الحليم الجندي، رئيس هيئة قضايا الدولة في مصر حينها للعمل في الهيئة ثم أُعير إلى الكويت لمدة 3 سنوات.
وأثناء عمله في الكويت، التقى العوا بالمستشار حسن عشماوي، مسؤول الإخوان في الكويت، الذي كان الناصح الثاني له بعد والده بعدم الانضمام للجماعة، وهو ما كان مفاجئا وصادما له، حيث لم يتوقع أن ينصحه مسؤول في الجماعة بعدم الانضمام لها.
ونقل العوا عن عشماوي قوله له: "إذا أردت أن تخدم الإسلام ودعوة الإخوان، لا تنتمي إليهم وخليك مستقل"، وأرجع العوا هذه النصيحة لتجربة عشماوي الشخصية، حيث كانت شخصيته قوية ويفضل العمل بحرية.
وعقب فترة الإعارة للكويت، حصل العوا على درجة الدكتوراه في القانون من جامعة لندن في بريطانيا عام 1972، وكانت رسالته حول نظرية العقوبة في الشريعة الإسلامية والقانون البريطاني.
ولمشاهدة الحلقة كاملة، يمكن متابعتها عبر هذا الرابط بمنصة "الجزيرة 360".
15/9/2024-|آخر تحديث: 15/9/202410:12 م (بتوقيت مكة المكرمة)المزيد من نفس البرنامجالمقابلة.. الرئيس السنغالي ماكي سال (ج1)تابع الجزيرة نت على:
facebook-f-darktwitteryoutube-whiteinstagram-whiterss-whitewhatsapptelegram-whitetiktok-whiteالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الإخوان المسلمین فی هذا السیاق عبد الناصر إلى أن
إقرأ أيضاً:
«أبو إسحاق الحويني».. الداعية السلفي الذي فضح «الإخوان الإرهابية»
وفاة الشيخ أبو إسحاق الحويني.. فقدت الساحة السلفية الإسلامية اليوم، الاثنين 17 مارس 2025، أحد أبرز علمائها، حيث توفي الشيخ أبو إسحاق الحويني، الداعية السلفي المصري البارز، عن عمر ناهز 69 عامًا بعد صراع مع المرض.
وأعلن نجل أبو إسحاق الحويني، حاتم الحويني، خبر وفاته عبر صفحته على «فيسبوك»، قائلاً: «إنا لله وإنا إليه راجعون.. مات أبي».
من هو الشيخ أبو إسحاق الحويني؟ينتمي الشيخ أبو إسحق الحويني إلى مدرسة السلفية العلمية، حيث يوجد 3 مدارس من السلفية، فهناك السلفية العلمية والتي ينتمي لها أبو إسحق الحويني، والتي تعتبر المرجع الفكري من حيث التنظير والفكر، المستقي من الكتب والمراجع الحدثية والقديمة، ثم المدرسة الثانية وهي السلفية السياسية، والتي تستقي فكرتها من الأولى، ولكنها تعني وبشكل كبير في الخوض في المجالات السياسية والتي تمثلها العديد من تيارات الإسلام السياسي التي انتهجت السياسة، والمدرسة الثالثة وهي الأخطر، وهي السلفية الجهادية، وكان يمثلها في الماضي جماعة التكفير والهجرة، والجهاد وغيرها، وهى التي تؤصل إلى منهج استخدام العنف مع المخالفين حتى ولو كانت الدولة، وهم الذين أسسوا مصطلح التكفير وقتل المخالف، وكذلك إقامة دولة إسلامية تعقد فيما يعتقدون وتنكر وتكفر من يخالفون.
وانطلاقا من منهجه الفكري كان الشيخ أبو إسحق الحويني واضحا وصريحا مع نفسه، لا يخرج عن مدرسته الفكرية ولا يتنازل عنها، وكانت أصعب المواقف التي تعرض لها حينما هاجم جماعة «الإخوان الإرهابية».
ففي فيديو على صفحته الإلكترونية الرسمية، قال أبو إسحق الحويني عن جماعة الإخوان دون أن يذكرها بالاسم: «كأن الله أراد أن يقول للمتشوقين والذين يحلمون بإقامة الإسلام، أدنها لكم سنة.. ما نفعتوش، نسلبها منكم، لتتربوا وترجعوا، وتعرفوا أن التمكين لا يكون إلا بالعبودية».
وأضاف الحويني: «لو صرتم عبادا لله، مكنكم حتى بلا أسباب»، مشيرا إلى أن «حكم العالم أمر كبير.. ارجعوا إلى أنفسكم، وليسأل امرؤ نفسه: هل أنا عبد لربي في نفسي وفي بيتي وفي أولادي وفي عملي؟ هل أنا عبد لربي في حياتي مع الناس؟ ولا يكذب إذا أراد لنفسه خيرا، فإذا كان الجواب: لا، عرفنا الخلل».
وأضاف: «كلامي لن يعجب المتحمسين، وسيقول بعض الناس متخاذل، ولكن عندما تنكشف الفتن، سيعلم الناس من كان صاحب بصيرة، ومن كان أعمى»
يعتبر الداعية السلفي أبو إسحاق الحويني أحد أعلام الحديث في العصر الحالي وله مدرسة متميزة وفريدة من نوعها وهو ما أكسبه احترام الجميع من التيارات الدينية حيث كان وسطيا في تناول الأمور الدينية والخلافية.
يعد الشيخ أبو إسحاق الحويني واحدًا من أبرز علماء ودعاة التيار السلفي في مصر، وقد لعب دورًا مهمًا في نشر الدعوة السلفية في العالم العربي من خلال محاضراته وكتاباته. و يُعتبر مرجعًا في علوم الحديث والشريعة الإسلامية، وله تأثير كبير في الأوساط الإسلامية والشرعية.
نشأة الداعية أبو إسحق الحوينيوُلد الشيخ أبو إسحاق الحويني، واسمه الحقيقي حجازي محمد يوسف شريف، في 10 يونيو 1956 بقرية حوين التابعة لمحافظة كفر الشيخ في مصر.
نشأ الشيخ أبو إسحق الحويني في بيئة ريفية متواضعة، وكرّس حياته منذ صغره للعلم الشرعي، حيث تميز بدراساته في علم الحديث وتأثر كثيرًا بالشيخ محمد ناصر الدين الألباني، حتى لُقب بـ«ابن الألباني».
وُلد الشيخ أبو إسحاق الحويني في 12 مارس 1956 بمحافظة كفر الشيخ في مصر. نشأ في بيئة متدينة، وكان منذ صغره مولعًا بالعلم والدراسة.
بدأ حياته التعليمية في المراحل الدراسية المعتادة، حيث تخرج من كلية الألسن قسم اللغة الإسبانية وعين معيدا بالكلية ثم مذيعا ومترجما باتحاد الإذاعة والتلفزيون لكنه سرعان ما بدأ يظهر اهتمامًا خاصًا بالعلوم الشرعية.
أتم الشيخ أبو إسحاق دراسته في كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر، حيث حصل على درجة الليسانس في علوم اللغة العربية والدراسات الإسلامية. لكنه لم يتوقف عند هذا الحد، بل سعى دائمًا لمواصلة تعلمه ورفع مستواه العلمي في مجالات الحديث والفقه. كما كانت له دراسات خاصة في تفسير القرآن الكريم.
المسيرة العلمية والدعويةبرز الشيخ الحويني كأحد رموز الدعوة السلفية في مصر والعالم العربي، وعُرف بإلقائه المحاضرات والدروس الشرعية في علم الحديث والتفسير والعقيدة. كما شارك في العديد من المؤتمرات الإسلامية وألف العديد من الكتب، من بينها:
- النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة
- إتحاف الناصح بترجمة الإمام الحافظ ابن الصلاح
- تنبيه الهاجد إلى ما وقع من النظر في كتب الأماجد
تعرض الشيخ في السنوات الأخيرة لأزمات صحية متكررة أثرت على نشاطه الدعوي، وكان آخرها إصابته بجلطة دماغية أثناء وجوده في قطر، حيث نُقل إلى المستشفى في حالة حرجة. وفي 17 مارس 2025، أعلن نجله، حاتم الحويني، وفاته عبر صفحته الرسمية على «فيسبوك».
الإرث العلميترك الشيخ أبو إسحاق الحويني إرثًا علميًا كبيرًا من المحاضرات والمؤلفات، التي لا تزال مرجعًا مهمًا لطلاب العلم الشرعي، حيث عُرف بدفاعه المستمر عن السنة النبوية ودعوته إلى التمسك بالمنهج السلفي، ما جعله أحد الشخصيات البارزة في نشر علوم الحديث في العصر الحديث.
اقرأ أيضاًأبرز علماء السلفية.. وفاة الداعية أبو إسحاق الحويني
دفاع المتهمين في «خلية أبو تراب الإرهابية» يطلب شهادة محمد حسان وأبو إسحاق الحويني