الموصل تعود إلى لياليها النابضة بالحياة
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
الموصل (العراق) «أ ف ب»: على أنغام أغانٍ عراقية وعربية في مطعم افتُتح مؤخرا في الموصل، تتناول أميرة طه مع صديقاتها وبناتهنّ العشاء، ويستمتعن بواحدة من سهرات باتت تطبع الحياة الليلية في منطقة عانت طويلا من سيطرة الدواعش وتداعياتها.
بعد سبع سنوات على إعلان السلطات العراقية «النصر» على تنظيم داعش الذي سيطر بين 2014 و2017 على أجزاء واسعة من شمال العراق وغربه، تكتظّ ليلا شوارع الموصل والمتنزّهات والمطاعم ومدينة ألعاب بالعائلات التي تذوق للمرة الأولى منذ سنوات طعم الاستقرار الأمني والحرية.
وقالت طه (35 عاما) التي ارتدت ملابس زرقاء داكنة: «تغيّر كل شيء في الموصل. أصبحت هناك حرية وأمان واستقلالية، وباتت السهرات شائعة».
وتشير ربّة المنزل إلى أن «الاستقرار الأمني» اليوم هو الذي أسهم في «انفتاح الناس وشعورهم بأنهم يريدون العيش في أجواء حلوة».
في العاشر من يونيو 2014، سيطر تنظيم «داعش» على الموصل في محافظة نينوى في شمال العراق. وأعلن منها بعد 19 يومًا «الخلافة». وعلى مدى سنوات، بثّت عناصره الرعب في المنطقة وحوّلوا حياة الناس إلى جحيم، فنفّذوا إعدامات بقطع الرأس وفرضوا عقوبات بمنع التدخين وقطعوا أيدي أشخاص اتهموهم بالسرقة ودمّروا كنائس ومساجد ومتاحف وأحرقوا كتبًا ومخطوطات وحرّموا الموسيقى.
وبعد معارك عنيفة، استعاد الجيش العراقي، بدعم من تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، الموصل في 2017، وأعلن في نهاية العام نفسه هزيمة التنظيم في العراق.
وتؤكّد طه التي تقول إنها تخرج يوميًا للترفيه، إنها لم تعد «تشعر بالخوف أبدًا»، وإن السكان المحليين «أصبحوا الآن ينعمون بحرّية دون قيود»، بينما كانوا خلال سيطرة تنظيم «داعش»، يلازمون «منازلهم ويقفلون الأبواب».
واستغرق تعافي المدينة سنوات. فبعدما تحولت أحياء كثيرة إلى أنقاض، توجّب إزالة الألغام قبل إعادة بناء ما دُمّر من منازل وطرق وبنى تحتية لتمهيد طريق عودة النازحين الذين فرّوا من المدينة التي يقيم فيها اليوم 1,5 مليون شخص.
وعلى غرار الموصل، تشهد مدن عراقية عدة استقرارًا نسبيًا بعد عقود من حروب وصراعات سياسية وعنف طائفي وعمليات خطف وهجمات إرهابية أثقلت كاهل العراقيين في حياتهم اليومية.
قبالة قصر قره سراي التاريخي وقلعة باشطابيا، يعجّ مطعم «الشيف أحمد السويدي» الذي افتُتح في يونيو، بما يتراوح بين 300 و400 شخص يوميًا، وفق مؤسسه.
وفي سهرة في الهواء الطلق يحييها مطربون محليون مع فرقة موسيقية، يصفّق أطفال ويرقصون فيما يتناول آخرون مأكولات غربية بعضها اسكندنافية وأوروبية طعمّها الطاهي بنكهات عراقية موصلية.
ويقول صاحب المطعم البالغ 40 عامًا الذي ارتدى بزة الطاهي البيضاء «قبل الأحداث، غادرتُ المدينة وعشت أكثر من نصف عمري في السويد، لكنني كنت دائما أحلم بالعودة لأفتتح مشروعي الخاص في العراق».
ويضيف الطاهي الذي أطلق على نفسه لقب «السويدي» نسبة لإقامته سابقا في ستوكهولم: «أردتُ جلب فكرة جديدة إلى محافظة نينوى، لذلك عدت».
ويتابع: «يستحيل أن أعود إلى الغربة بعدما عدت مع ابنتَيّ وزوجتي لنكمل حياتنا هنا».
ويعبّر عن ارتياحه لأن «الناس بدأوا يريدون الخروج لرؤية أشياء جديدة ومختلفة».
على بعد بضعة أمتار في منطقة الغابات التي لطالما شكّلت متنفسًا يقصده عراقيون من محافظة نينوى ومحافظات أخرى قبل النزاع، ترتاد عائلات مجمعًا سياحيًا يضم مدينة ألعاب ومطاعم وأكشاكًا وحدائق.
ويقول مدير إدارة مدينة الألعاب ومسؤول الأمن في مجمع السدير السياحي خليل إبراهيم (50 عامًا) «تغيّرت المدينة في السنوات الماضية من دمار إلى إعمار».
ويشير إلى أن مدينة الألعاب التي تأسست في عام 2011، دُمّرت بالكامل بعدما سيطر تنظيم «داعش»على الموصل. ويوضح بينما يركض أطفال خلفه حاملين بالونات ملوّنة «تعرّض هذا المكان للحرق بالكامل وكانت لدينا مجموعة من الحيوانات قُتل قسم منها. حين عدنا إلى الموقع، كنّا تحت الصفر لكننا أعدنا بناءه بإمكاناتنا الخاصة».
- «طعم الأمان» - بعد استعادة القوات العراقية السيطرة على ثاني أكبر مدن العراق، عاد المتعهدون والمستثمرون إلى الشطر الشرقي أولا من المنطقة التي كانت يومًا مركزًا تجاريًا إقليميًا.
أمّا الشطر الغربي، فأطلق فيه محافظ نينوى عبد القادر الدخيل مطلع العام الجاري مشروع «الواجهة النهرية» لإعادة إعمار المدينة القديمة بمنازلها ومتاجرها.
وافتُتحت في هذه الضفة متنزّهات وحدائق جديدة فيما أُعيد إعمار حدائق مهملة أو متضررة.
وتشهد الموصل كذلك نشاطًا سياحيًا ليليًا نهريًا بعد سنوات صدمة عاشها السكان حين قضى في مارس 2019 مائة شخص غالبيتهم نساء وأطفال في غرق عبّارة سياحية كانت تقلّهم إلى منطقة الغابات.
وتنساب القوارب السياحية على المسطّح المائي وعلى متنها نحو 30 متفرجًا، وتنعكس أضواؤها الحمراء والخضراء والزرقاء على صفحة النهر.
واشتهرت الموصل بلقب «أمّ الربيعين» لاعتدال مناخها في فصلي الربيع والخريف.
ويقول الكاسب جمال خالد عبد الستار (32 عامًا) لفرانس برس في مقهى يتناول فيه مع عدد من الشبان الطعام ويلعبون الورق والدومينو: «الجلسة لطيفة في هذا المتنفس الطبيعي والأكسجين الطبيعي، ونهر دجلة يكفي».
ويضيف: «حين ذاق الناس طعم الأمان، بدأوا يخرجون ويعودون إلى منازلهم في الوقت الذي يريدونه، وأصبحت هناك متاجر تفتح حتى الثالثة فجرًا أو حتى 24 ساعة».
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
سلسلة غلادييتر تعود من جديد.. إعلان مفاجئ عن جزء ثالث للفيلم
أعلن المخرج البريطاني الشهير ريدلي سكوت، عن خططه لإنتاج جزء ثالث من سلسلة أفلام "غلادييتر"، وذلك قبل أيام قليلة من عرض الجزء الثاني المنتظر في الولايات المتحدة.
وأثار الإعلان حماس محبي السلسلة التي بدأت عام 2000 بفيلم أذهل الجمهور وحصد جائزتي أوسكار عن أفضل فيلم وأفضل ممثل لبطله راسل كرو.
"غلادييتر"، الذي قدّم مزيجا فريدا من الدراما التاريخية والملاحم الإنسانية، يعود مجددًا بحبكة تتناول الانتقام والمؤامرات السياسية، مع طاقم عمل جديد يضيف أبعادًا عميقة للقصة.
ويروي الجزء الثاني، المقرر عرضه في الولايات المتحدة الجمعة، قصة لوسيوس، الذي كان طفلا في الفيلم الأول، ويجسّد شخصيته الممثل الإيرلندي بول ميسكال. القصة تتابع رحلة لوسيوس من النفي في نوميديا إلى تحوّله لمحارب يسعى لاستعادة كرامته.
ويتمحور الفيلم حول مؤامرة دموية يقودها الجنرال ماركوس أكاسيوس، الذي يجسّده بيدرو باسكال، ومعارك نفسية وجسدية تضع لوسيوس في مواجهة مع قوى تسعى لتحطيمه.
وبدا نجاح الفيلم عالميًا واضحًا منذ إطلاقه في بعض الأسواق، محققًا إيرادات بلغت 87 مليون دولار في أسبوعه الأول، مع إشادة واسعة بالأداء والسيناريو، هذا النجاح دفع ريدلي سكوت للتأكيد على تطوير جزء ثالث، قائلًا إن سيناريو الجزء الثاني كُتب بأسلوب يترك الباب مفتوحًا لاستكمال القصة، وأشار إلى أن الجانب المالي مهم للغاية، مؤكدًا أن تجاهل النجاح الكبير للفيلم سيكون قرارًا غير منطقي.
ويقدم الفيلم الجديد أيضا شخصيات استثنائية، أبرزها شخصية ماكرينوس، العبد السابق المتعطش للسلطة، والذي يجسده النجم دينزل واشنطن. الأداء القوي لواشنطن أثار التوقعات بترشحه لجائزة أوسكار. أما بول ميسكال، الذي قدم أداء مميزا، فقد عبّر عن تطلعه لتطوير شخصية لوسيوس في الجزء الثالث، مشيرا إلى إمكانية استكشاف أبعاد سياسية أكثر عمقا في المؤامرات الرومانية.
Tout le monde se moque de Ridley Scott qui cale un journal façon Canard Enchainé dans GLADIATOR II, mais son meilleur anachronisme, ça reste Commode qui invente le post Linkedin dans GLADIATOR pic.twitter.com/MwgZsHwexd — Emmanuel Raspiengeas (@ERaspiengeas) November 18, 2024
وعلى الرغم من اختلاف الزمن والحقبة، يواصل سكوت تقديم سلسلة تعكس الصراعات الإنسانية مع السلطة والسياسة، قائلًا: "نحن لا نتعلم من التاريخ ونكرر الأخطاء ذاتها". رؤية سكوت في دمج الماضي بالحاضر تجعل سلسلة "غلادييتر" ليست مجرد ترفيه، بل أيضًا رسالة تدعو للتأمل في واقعنا الحديث.
وتستمر السلسلة في كسب إعجاب الجمهور بفضل ما تقدمه من دراما قوية ورؤية سينمائية مميزة، مع الحفاظ على عمق القصة وتنوع الحبكات، ما يجعل عشاقها يتطلعون بشغف لما يحمله المستقبل من تطورات.