هاتفتني فتاة أعرفها تعرَّضت لحادث سير بالقرب من بيتي باكية، ولأن ليس لها أحد في مدينة مسقط العامرة على ما يبدو. عندما وصلت وجدتها في حالة من الهلع، رغم كونه حادثا بسيطا للغاية، وبجانبها رجل عرفت أنه صديق لأخيها الذي كان خارج محافظة مسقط وقت وقوع الحادث، فطمأنها بأنه سيُرسل مَن يساعدها. تذكَّرتُ المرات العديدة التي تعرَّضت فيها لمشاكل من ضمنها حوادث السير، فكان أول إجراء أقوم به هو الاتصال بزوجي الذي قد يكون خارج سلطنة عمان وتبعدني عنه آلاف الأميال، لكن مجرد سماع صوته الذي يطمئنني فيه كان كفيلا ببعث الطمأنينة إلى نفسي وشعوري بالأمان، وأكون حينها على ثقة تامّة بأنه سيجد حلا لمشكلتي التي كثيرا من الأحيان تكون كبيرة فقط في عقلي.
أذكر قبل فترة أنه دار حوار بين مجموعة نساء، فقالت إحداهن موجِّهة الكلام لي: محظوظة أنتِ لأنكِ تعملين، بالتالي لستِ بحاجة لرجل، استحضرتُ ذلك الحديث في ذلك اليوم وأنا أرى الفتاة تستنجد بأخيها الذي يبعد عنها مئات الكيلومترات، رغم كونها موظفة، ولديها المال، على حد تعبير تلك المرأة.
ذلك لأن الرجل في حياة المرأة مهما بلغ ثراؤها المادي هو العمود الذي ترتكز عليه حياتها، هو مصدر الأمان والسند، اعترفنا بذلك كنساء معاصرات أم لا، سواء كان هذا الرجل والدًا أو أخًا أو زوجًا، أو حتى زميل عمل، إذ إنني لن أنسى حتى وأنا على رأس الهرم الوظيفي الفريق الرائع من الرجال الذين ساندوني، وأعانوني للوصول ولتأدية دوري بذلك الشكل.
تماما كما أن الرجل لا يستطيع أن يعيش من دون تلك المرأة التي -إن أحسن الاختيار- يستطيع أن يلجأ إليها بعد يوم طويل من العمل الضاغط، والمجاملات الاجتماعية التي تُنهِك روحه، فيجد عندها الدفء والراحة اللذين يُنسيانه كل ذلك التعب، لهذا جعلنا رب العزة «سكنا» لهم، ولهذا عندما استوحش آدم في الجنة خلق له المولى «مؤنسة» من جنس النساء.
المشكلة أن اختيار شريك الحياة في عصرنا أصبح في بعض الأحيان بناءً على ما تعكسه شبكات التواصل الاجتماعي؛ فغابت حكمة الكبار في الاختيار وخبرتهم، فباتت المادة والمظهر معياري اختيار الشريك، وهما معياران هشان للأسف سريعا ما يسقطان بالعِشْرة، فارتفعت تبعا لذلك حالات الطلاق في مجتمعاتنا.
حمدة الشامسية كاتبة عمانية في القضايا الاجتماعية
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
جلاد ينتحل صفة معتقل.. هل فبركت CNN قصة تحرير سجين سوري؟
نشرت شبكة سي إن إن الأمريكية، تقريراً مصوراً يظهر لحظة ما قالت إنه اكتشاف سجن سري تواجد بداخله أحد المعتقلين ولم يكن يعلم بخبر الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وبحسب الفيديو المنشور فإن السجين كان يعاني من حالة ذهول شديدة، قائلاً أن الحراس الذين اعتقلوه فروا وتركوه منذ 4 أيام بلا طعام أو ماء حتى فتح أحد مقاتلي قوات المعارضة السورية بوابة السجن وأخرجه.
بالفيديو: العثور على معتقل سوري في سجن سري دون طعام ولا ماء منذ سقوط الأسد - موقع 24كشفت مراسل شبكة سي إن إن الأمريكية كلاريسا وارد خلال تغطيتها لتطورات الأوضاع في سوريا عن اكتشاف سجن سري تواجد بداخله أحد المعتقلين ولا يعلم بخبر الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وسط حالة من الذهول.وظهر في الفيديو السجين وهو في حالة من الصدمة والخوف، وقال إنه من مدينة حمص، وأنه كان في الزنزانة منذ ثلاثة أشهر، وأن ضباطاً من أجهزة المخابرات السورية أخذوه من منزله وبدأوا في استجوابه بشأن هاتفه.
وقال الرجل إنه يُدعى "عادل غربال" وإنه من مدينة حمص.
لكن يبدو أن القصة الحقيقة مختلفة، بحسب موقع "تأكد" السوري المختص بالتحقق بالمعلومات المضللة، إذ أشار الموقع إلى أن الرجل الذي كان مُختبأً تحت بطانيته -رغم صوت الرصاص- الذي أطلقه الرجل المسلّح لفتح قفل زنزانته، ادّعى انّه لم يرَ الضوء منذ 3 أشهر، لكن ردّة فعل عينيه تجاه الضوء لم توحي بذلك، حيث أنّه لم يرمش حتى عندما نظر إلى السماء.
وعلى غرار المعاملة السيئة التي يحظى بها المعتقلون في السجون السرية، بدت ملابسه نظيفة، وشعره مرتّب، وحالته الجسدية جيدة، دون كدمات أو آثار تعذيب، كل ذلك لا يعكس حال شخصٍ سُجن في زنزانة بمفرده في الظلام لمدة 90 يوماً.
وبحث الموقع في السجلات الرسمية المتوفرة عن اسم "عادل غربال" للتحقق من سبب ومدّة اعتقاله، دون العثور على نتائج.
وبعد البحث عن سجلاته في مدينة حِمص، تبيّن أنّ اسمه الحقيقي سلامة محمد سلامة، وهو ضابط برتبة مساعد أول في فرع المخابرات الجوية - أحد أسوأ الأفرع الأمنية التابعة لنظام الأسد، ويتواجد غالباً في حيّ "البياضة" أحد أكبر أحياء مدينة حِمص على رأس حاجز أمنيّ سيء السُمعة، وفق أهالي الحي.
وسلامة، المعروف أيضاً بـ "أبو حمزة" كان مسؤولًا عن عدّة حواجز أمنية في حِمص، ولهُ باعٌ طويل في السرقة وفرض الأتاوات والتحكم في أرزاق الأهالي، وتجنيد المخبرين قسراً لجمع المعلومات، إذ اتّضح أنّه سُجن منذ شهر فقط بسبب خلافه على نسبة توزيع الأرباح من الأموال التي يجمعها عنوةّ من المدنيين، مع رجل آخر أعلى منه رتبةً في الجيش، الأمر الذي أودى به إلى إحدى الزنزانات في دمشق، بحسب تصريحات أهالي الحي.
ويضيف الموقع أن سلامة، شارك في عمليات عسكرية على عدة جبهات في المدينة عام 2014، وقَتَلَ عدداً من المدنيين، وهو مسؤول أيضاً عن تعذيب واعتقال الكثير من شباب المدينة، بدون تهم، وبتهمٍ باطلة في حال رفضوا دفع الأموال أو العمل لصالحه، أو لمجرد أنّه لم يرتاح لوجوه البعض، وفق شهادات أهالي الشهداء وناجين من المُعتقل تواصل معهم فريق "تأكد".