ترجمة - أحمد شافعي -

في أكتوبر من عام 2023، وجّه عضو في الكينيست الإسرائيلي عن حزب الليكود يدعى ريفيتال «تالي» جوتليف دعوة إلى الجيش الإسرائيلي باستعمال «صاروخ أريحا» (وهو صاروخ باليستي تنتجه إسرائيل منذ ستينيات القرن الماضي) وسلاح دومسداي [أي «يوم القيامة»] النووي ضد حماس وفلسطين. ثم اقترح وزير التراث الإسرائيلي ـ آنذاك ـ عميحاي إلياهو في حوار إذاعي أجري في نوفمبر 2023 أن تلقي إسرائيل قنبلة ذرية على غزة، ثم صرح لاحقا إنه قال ذلك على سبيل «التعبير المجازي»، قبل أن يقوم رئيس الوزراء نتنياهو بتعليق حضوره للاجتماعات الوزارية.

وينعكس جزئيا في مثل هذا الحديث المتساهل عن استعمال الأسلحة النووية ما سبق أن قاله الرئيس بوتين عن استعمال الأسلحة النووية في أوكرانيا سنة 2022.

كما أن الرئيس ترامب قد وجّه ضربة لحظر انتشار الأسلحة النووية من خلال انسحابه أحادي الجانب من خطة العمل الشاملة المشتركة مع إيران سنة 2018. فقد اختار بدلا من الصفقة سياسة «الضغط الأقصى»، وبلغ ذلك ذروته في تصعيد خطير في الخليج حتى عام 2021. وردا على التقدم الدبلوماسي البطيء مع إدارة بايدن، توقفت إيران عن تنفيذ البروتوكول الإضافي في 2021 الذي كان يمنح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية قدرة مطلقة على تفقد منشآت إيران وخاماتها النووية. ثم زادت إيران الأمر تعقيدا في ما يتعلق بمفاوضاتها النووية الضمنية الجارية مع الولايات المتحدة في سلطنة عُمان عندما قامت بتركيب أجهزة طرد مركزي متقدمة جديدة.

منذ نشوب حرب غزة، قامت إسرائيل باغتيال أفراد من أمثال محمد رضا زاهدي، قائد فيلق القدس في لبنان وسوريا، ومحمد سرور ممول حماس، وفؤاد شكر القائد رفيع المستوى لحزب الله، وإسماعيل هنية، الزعيم السياسي لحماس. بدأ الجيش الإسرائيلي يقصف أهدافا تابعة لحزب الله في جنوبي لبنان في الخامس والعشرين من أغسطس، فسارع حزب الله إلى الرد بهجمة جوية على جيش إسرائيل وقواعد دفاع جوية. وتستمر إسرائيل في شنِّ غاراتها واسعة النطاق على الضفة الغربية. وبرغم أن التصعيد قد لا يفضي إلى حرب شاملة مع حزب الله وإيران لأسباب تتعلق بالحفاظ على الذات، فإن منحنى الصراع الحالي قد يمنح إيران أسبابًا أكثر للحصول على ردع نووي تتحدى به قوة الردع الإسرائيلية على نحو أفضل.

وهذا ما سيعود بالدبلوماسية النووية مع إيران عودة حازمة إلى الطاولة. ومع ذلك، في حال تولّي كامالا هاريس الرئاسة القادمة في الولايات المتحدة، سوف يتطلب الأمر ثقلا سياسيا كثيفا من الولايات المتحدة.

ليس التصعيد الإقليمي المستمر هو الدافع الوحيد للدبلوماسية الوقائية في هذه المنطقة. فالحاجة إلى تعزيز القواعد وحماية المنشآت النووية المدنية الوليدة في الشرق الأوسط تضفي أهمية وعجلة على التوصل إلى اتفاقية أسلحة نووية شاملة للمنطقة. ومن المؤكد أن عقبات كبيرة تحول دون التوصل إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل، ومنها سلسلة المشكلات بين إسرائيل ومصر. واستجابة لذلك، تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية باتفاقيات التطبيع مع إسرائيل بموجب الاتفاقات الإبراهيمية بدلا من الخضوع لأسس مبادرة السلام العربية المطروحة منذ 2002 والتي كان يمكن أن تضمن التطبيع مع جميع أعضاء جامعة الدول العربية. وهكذا يكون قد ثبت بأثر رجعي أن الوقت الأمثل للدفع بمعاهدة أسلحة في المنطقة لم يكن له وجود قط.

وفي سياق التصعيد الإقليمي وبدعم من التقدميين في الحزب الديمقراطي، قد تكون إدارة هاريس أنسب موضعًا للحديث بانفتاح عن الردع النووي الإسرائيلي وللانخراط مع الشعب الإسرائيلي في إعادة التفكير في السياسة. واجتذابًا للدعم من المجتمع اليهودي الأمريكي والكتلة اليهودية في الكونجرس على وجه الخصوص، قد يعرض البيت الأبيض على الحكومة الإسرائيلية ضمانات أمنية مشددة على هيئة مظلة نووية أمريكية من شأنها أن تنبني على عرض بدفاع الولايات المتحدة الأمريكية عن إسرائيل حسبما تقدم به وزير الدفاع لويد أوستن في يوليو من العام الحالي.

وبعد أن تلتزم إيران وآخرون بالتوقف عن الأنشطة المتعلقة بالأسلحة النووية والتراجع عنها، فقد يؤدي الجمع بين التأكيدات والضمانات الأمنية الأمريكية إلى أن تقوم إسرائيل بتفكيك ما يقترب من تسعين رأسًا نوويًا والتوقيع على اتفاقية إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.

لقد حذر بالفعل رؤساء سابقون لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي ورؤساء للموساد من «تهديد وجودي» تمثله سياسات نتنانياهو على دولة إسرائيل. فأسلحة إسرائيل النووية مشكوك في قيمتها ـ في أحسن الأحوال ـ أمام قيادة إيرانية تعلمت من ضربة إسرائيل الاستباقية لمفاعل أوزيراك في العراق في التاسع من يونيو سنة 1981، ومن ضربتها سنة 2007 لمفاعل نووي محتمل أقامته كوريا الشمالية في سوريا، فنشرت مفاعلاتها النووية في أرجاء البلد وحصنتها تحت الأرض. ولقد مضى رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق نفتالي بينيت إلى حد قوله علنا إن انسحاب الولايات المتحدة الأحادي من خطة العمل الشاملة المشتركة كان خطأ لأن إيران أحرزت تقدما في برنامجها النووي من ذلك الحين يفوق ما حققته من تقدم في أي وقت مضى. وتشير هذه الاستجابة إلى أن الحل الدبلوماسي يبقى هو أفضل الخيارات.

من شأن إدراج إسرائيل في إطار إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل أن يفتح جوانب مهمة تتعلق بحظر الانتشار النووي في الشام والخليج وأن يبدد قسما كبيرا من انعدام الأمن في المنطقة من خلال وضع إسرائيل وإيران في ترتيب نووي عادل، مما يمنع المزيد من العمل العسكري الحركي المدمر واستخدام الأسلحة النووية، فضلًا عن الحوادث النووية والمخاوف الإرهابية.

روبرت ماسون زميل غير مقيم في معهد دول الخليج العربية في واشنطن

ذي ناشونال إنتريست

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأسلحة النوویة الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

تقرير: إسرائيل تدرس خيار الهجوم المباشر على إيران

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، الأحد، بأن القيادة السياسية الإسرائيلية تعتقد أن إيران تواجه ضغطا متزايدا بسبب احتمال قيام إسرائيل بشن هجوم على مواقع استراتيجية داخل الأراضي الإيرانية.

ووفقا لما نقلته القناة 12 الإسرائيلية، في ظل تفكك المحور الشيعي وتراجع نفوذ الجماعات المدعومة من إيران في الشرق الأوسط..

وبحسب للنقاشات الأخيرة داخل الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية، يربط الإيرانيون بين عدة تطورات رئيسية، من بينها: تدمير أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية بشكل يتيح حرية تحرك الطيران الإسرائيلي، وتوقيع اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، علاوة على انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.

وأشارت تقارير إلى أن إيران تجري مشاورات مكثفة لتحديد ردها على هذه التطورات.

كما أن إسرائيل، وفقًا للمناقشات، ترى ضرورة منع إيران من إعادة تعزيز وجودها في سوريا ولبنان، وهي الخطوة التي تستثمر فيها إيران موارد مالية كبيرة.

ومع ذلك، هناك توصيات إسرائيلية لتجنب الانخراط في مواجهات طويلة الأمد مع إيران، لما قد تحمله من تداعيات لا تصب في مصلحة إسرائيل.

وذكرت القناة 12 أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، أو غالبيتها، تدعم تنفيذ هجوم مباشر على الأراضي الإيرانية، خصوصا في ضوء تصاعد التهديدات من جماعة الحوثيين بعد تصعيد هجماتها ضد إسرائيل.

وتمتلك جماعة الحوثيين أسلحة متقدمة تشمل صواريخ كروز، طائرات مسيرة، وصواريخ أرض-أرض، وهو ما يصعب عملية التعامل معها بسبب انتشارها الجغرافي الواسع وصعوبة جمع المعلومات الاستخباراتية وتحديد الأهداف.

وتسعى إسرائيل إلى تعبئة المجتمع الدولي لتشكيل تحالف واسع تقوده الولايات المتحدة ضد الحوثيين، حيث تعتبر إسرائيل أن هذه المشكلة لا تخصها وحدها بل تؤثر على أمن المنطقة بأكملها.

كما تؤثر الهجمات الحوثية على شركات الطيران والاقتصاد الإسرائيلي، ما يزيد من أهمية التصدي لها.

مقالات مشابهة

  • سوليفان: إيران الضعيفة تتجه نحو امتلاك السلاح النووي
  • تقرير: إسرائيل تدرس خيار الهجوم المباشر على إيران
  • البيت الأبيض يحذر إدارة «ترامب» من سلاح إيران النووي
  • بين تهديدات خارجية وداخلية... هل تتبنى إيران الخيار النووي؟
  • ترامب: سأنهي الفوضى في الشرق الأوسط وحرب أوكرانيا وأمنع اندلاع حرب عالمية ثالثة
  • ترامب: سأوقف الفوضى في الشرق الأوسط وسأمنع اندلاع حرب عالمية ثالثة
  • ترامب: سأوقف الفوضى في الشرق الأوسط والحرب بأوكرانيا
  • نظام إسرائيلي في الشرق الأوسط
  • قرار جديد في محاكمة متهم بتصنيع أسلحة نارية
  • نائب أمريكي: بايدن وترامب فشلا في وقف سعي إيران نحو الأسلحة النووية