بوابة الوفد:
2024-09-18@19:11:19 GMT

اﻟﺴﻮدان.. وﻟﻴﻤﺔ ﻷﻓﺮاس اﻟﻨﻬﺮ

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

«الرقيق الأبيض» مسار إجبارى للأطفال والنساء!

لا شيء يحدث عبثا كما أن الربط بين تفاصيل الأحداث فى السودان الشقيق يعجزك عن الوصف، ففى مارس العام الماضى رج فرس النهر من النيل مفاجئاً جنوداً بمدينة كوستى بجنوب السودان المنفصل عن الجسد الكبير عبر استفتاء يوليو2011، وتداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى فيديو لفرس النهر أثناء تجوله فى أحد شوارع جنوب السودان، بعد خروجه من النيل الأبيض.

وكأنه يشير لنا لما يجرى تحت النهر من صراع محتدم بين الإخوة الفرقاء لتصل الوحشية إلى حد بيع النساء فى الأسواق بعد سلسلة من الانتهاكات وحفلات الاغتصاب بمعسكرات النازحين فضلا عن تجنيد الأطفال. طبقا لتقارير دولية وحقوقية وشهادات محلية للضحايا.

 «إن الوضع فى السودان هو من أبشع الأوضاع التى شهدَتها خلال مسيرتى المهنية فى الأمم المتحدة والممتدة على مدار 30 عاما» عبارات مختصرة لـ«ليلى بكر» الامريكية من أصول فلسطينية ذات القسمات الهادئة مع الجدية متوسطة بعض النسوة السودانيات مرتدية وشاحا على رأسها مطبوعا على شكل وردة كبيرة من «الكتان والأورجنزا، ولباس بسيط قميص مموج من بضعة ألوان مبهجة بينما غلب فيها الأزرق رمزا للنيل وبنطال قصير لونه كسن الفيل.

تحدق «بكر» فى قسماتهن غير مستوعبة لتلك الصدمة التى هوت على رأسها من فرط الإجرام اللامحدود فيما غطت السودانيات وجوههن وتدارين بعضهن خجلا من الكلمات، بينما كانت المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية تستمع لهن بمرارة عما يواجهن من ثلاثية «الدم والجوع والاغتصاب» على مائدة أفراس النهر من قوات الجيش والدعم السريع المتناحرين على جثة السودان الذى تنهش الكوليرا أكثر من 11 من ولاياته فى حصد جديد لأرواح ضحايا الحرب.

كشفت المسئولة الأممية للصحفيين فى مقر الأمم المتحدة فى نيويورك عبر الفيديو من العاصمة الاردنية عمان على ما شهدته خلال زيارتها قبل أيام إلى السودان الشقيق والوضع المأساوى هناك، حيث قالت إن النساء والفتيات جُردن من كل ضرورياتهن الأساسية. وأضافت «تخيلوا الآلاف من النساء مكتظات فى ملجأ حيث ليس لديهن مياه نظيفة، ولا نظافة، ولا طعام كافٍ لوجبتهن التالية، ولا رعاية طبية لهؤلاء النساء النازحات».

وأشارت إلى زيارتها لأحد ملاجئ النساء فى منطقة ديم عرب فى مدينة بورتسودان على البحر الأحمر والذى كان من المفترض أن يستوعب بضع مئات من الأشخاص، لكنه يؤوى الآن أكثر من ألفى نازحة، فى بيئة مزدحمة للغاية.

وأكدت أنه رغم ذلك الاكتظاظ، فإن النساء والفتيات هناك شعرن بسعادة لمجرد وجودهن بين نساء أخريات حيث يمكنهن التجمع، والوصول إلى الخدمات، والتحدث بحرية لأول مرة، بعد أن نزحن عدة مرات.

وتواصل «بكر» شهادتها مسترجعة لحظة معينة أثرت فيها كثيرا أثناء وجودها فى بورتسودان عندما كانت تجلس على الأرض مع بعض النساء، وكن يروين لها قصصهن، حيث كانت هناك شابة خجولة «روت لى ما حدث وهى تهمس فى أذنى بلطف شديد، أنها تعرضت للاغتصاب».

وقالت «بكر» بصوت متهدج إن الشابة النازحة زينب تعرضت للاغتصاب أثناء فرارها من منزلها فى الخرطوم، حيث فقدت كل شيء. كانت هى المعيلة الوحيدة لأسرتها، وهذه امرأة تبلغ من العمر 20 عاماً وكان ينبغى أن تكون فى أوج نشاطها وحياتها.

وأضافت بكر: «لقد عانت زينب 15 شهراً من الصمت والألم حتى أتت إلى ذلك المركز. وهناك تمكنت من الحصول على المشورة النفسية الاجتماعية. وتمكنت من مقابلة نساء أخريات كن فى نفس الموقف، ومن البدء فى إعادة بناء حياتها».

تشير المديرة الإقليمية لصندوق الأمم المتحدة للسكان للدول العربية إلى خطر المجاعة الذى يهدد أكثر من 26 مليون شخص فى السودان، وهو ما يعادل تقريبا عدد سكان أستراليا. وقالت بكر: «بالنسبة لستمائة ألف امرأة حامل، من المرجح أن تموت 18 ألفا نتيجة لهذه المجاعة. وهن لا يعرفن من أين ستأتى وجبتهن التالية».

وتوضح أنه بالنظر إلى تعقيدات الصراع والخسارة المادية والبشرية والدمار الناجم عن النزوح وفقدان الأحباء، فضلا عن انتشار العنف الجنسى على نطاق واسع، «يمكنك أن تفهم أننا نشعر بقلق بالغ، كصندوق الأمم المتحدة للسكان، بشأن العواقب، سواء الفورية أو طويلة الأجل، بالنسبة للنساء والفتيات فى السودان».

وشددت «بكر» على الحاجة إلى وصول إنسانى دون عوائق أو عراقيل، وهو أمر يمثل مشكلة حقيقية بالنسبة لنا.

وأكدت المسئولة الأممية أنه من خلال لقاءاتها مع النساء فى السودان وما استمعت إليه منهن مباشرة، فإن ما يرغبن فيه أكثر من أى شيء آخر أكثر من الماء، وأكثر من الطعام هو الحماية الفورية من الحرب المستعرة بين الجيش السودانى وقوات الدعم السريع على مدار أكثر من عام ونصف العام دون بارقة أمل فى الأفق لوقف الجنون، وأضافت أنهن يردن السلام والاستقرار. إنهن يردن ألا يعشن هذه التجربة مرارا وتكرارا.

«شيلدون ييتّ» ممثل منظمة يونيسف فى السودان لم يكن بعيدا عما طالبت به «بكر» للنساء وشدد على وجوب توقّف الفظائع التى ترتكب فى حق أطفال السودان وما يتعرضون له فى ظل الحرب المتواصلة. وحذّرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) من أنّ الهجمات المروعة التى تُسجَّل وسط الاقتتال الدائر فى السودان تمضى فى إلحاق الضرر بالصغار.

وقال «ييت» إنّ العام الماضى شهد أكبر عدد من الانتهاكات الجسيمة الموثقة ضد أطفال السودان منذ أكثر من عقد من الزمن. مشيرا إلى ان الانتهاكات شملت قتل الأطفال وتشويههم بنسبة قُدّرت بنحو 72%، تلاها تجنيد الصغار واستغلالهم من قبل الجماعات المسلّحة وتعرّضهم للعنف الجنسى.

ووصفت نائبة ممثّل يونيسف فى السودان «مارى لويز إيغلتون» الوضع هناك بأنّه أزمة منسيّة، وأوضحت أنّ أطفال السودان من أبرز ضحاياها، وأنّ نحو «24 مليون طفل يعيشون كابوسًا حقيقيًا. ويشكل الأطفال عمومًا القدر الكبير من الفئات الأكثر هشاشةً وسط النزاعات».

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السودان جنوب السودان النيل النيل الأبيض الأمم المتحدة فى السودان أکثر من

إقرأ أيضاً:

تسريع التقدم الخلفى

منذ عام 2016 وهى بداية رؤية مصر لعام 2030، استطاعت الدولة أن تحقق الكثير من الأهداف المرسومة والخاصة بخارطة التنمية التى وضعتها الأمم المتحدة لتحسين ظروف المعيشة، وتطوير وسائل الإنتاج، مع إدارتها بطرق لا تؤدى إلى استنزاف الموارد الطبيعية الموجودة على كوكب الأرض، ولكن المشكلة أن الموارد تتناقص فهى غير متجددة،وتكمن المشكلة الأكبر أن أنشطة الإنسان هى المسئولة عما وصلت إليه تلك الأخطار، وقد أكدت الكثير من الدراسات العالمية أنه لو استمر وضع العالم على هذا النحو، فإنه بحلول عام 2050 والتى سيصل معها السكان قرابة 10 مليارات نسمة فإننا سنحتاج إلى ما يعادل موارد ثلاثة كواكب للأرض. نظرًا لأنه قد رافق التقدم الاقتصادى والاجتماعى خلال القرن الماضى تدهورًا بيئيًا غير مسبوق وهو ما يتطلب ضرورة السعى نحو تحسين كفاءة استخدام الموارد الطبيعية وحسن استغلالها. وما يجعلنا نشعر أننا فى منطقة آمنة، أن مؤشر التنمية المستدامة بمصر قد تحسن كثيرًا، فبعد ان كان ترتيبنا 92 عالميًا فى عام 2019 أصبح الآن 81 من أصل 166 دولة، وقد نتج ذلك بتكريس أن الإنسان المصرى هو محور التنمية، وأن تحقيق العدالة والإتاحة هو الأساس فى تحقيق التنمية المستدامة، وأنه لا بديل عن تعزيز المرونة والقدرة على التكيف مع الصدمات والأزمات المحتملة من أجل تحقيق الاستدامة التى تقوم على تلبية احتياجات الجيل الحالى دون إهدار حقوق الأجيال القادمة، لذا يجب أن ندرك جيدًا أن تحقيق أهداف التنمية المستدامة يتطلب جهدًا استثنائيًا من الجميع، خاصة وأن الدول النامية فى وقت الأزمات تحديدًا، عليها أن توازن بين الإنفاق العاجل على حماية الأرواح والأرزاق، وبين الإستثمارات طويلة الأجل خاصه فيما يتعلق بالصحة والتعليم والبنية التحتية، وبالتالى فإن الدول النامية بحاجة ماسة إلى دعم حاسم واستثنائى من المجتمع الدولى، يكفى أن نقول إن التكلفة المبدئية لتحقيق الأهداف الـ17 التى وضعتها الأمم المتحدة كخارطو للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على مستوى العالم بداية من القضاء على الفقر إنتهاء بعقد الشراكات، تقدر بـ 5.3 تريليون دولار وهى تكلفة تمثل 4% فقط من حجم الإقتصاد العالمى، ولكن على أرض الواقع توجد مجموعة من العراقيل تواجه توفير هذا التمويل اللازم منها جماعات الضغط التى تعمل لصالح جهات مثل التوجه نحو الوقود الأحفورى، أو تهرب الأثرياء من الضريبة، والافصاح عن ثرواتهم، بالإضافة إلى زيادة الملذات الضريبية التى وصلت إلى أكثر من 20 تريليون دولار على مستوى العالم، تزايدت مع تزايد حدة الحروب والأزمات التى تسيطر على العالم الآن، كل هذا أسهم فى ما اعلنه انطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة من أن 15% فقط من الاهداف تسير على الطريق الصحيح و50% منها انحرفوا عن المسار، أما النسبة الباقية وهى 35% فقط أصبحت أسوء مما كانت عليه فى عام 2015. أما على المستوى الوطنى فقد أنجزت الدولة المصرية خمسة أهداف إستراتيجية من أهداف التنمية المستدامة بواقع 25 برنامجًا رئيسيًا، و161 برنامجًا فرعيًا وهو ما جعل مصر من الدول العشر على مستوى العالم التى تقوم بإعداد تقريرها الوطنى الطوعى أمام الأمم المتحدة والذى أفصح عن تقدم ملموس لمصر فى كثير من الأهداف وعلى رأسها المساواة بين الجنسين عبر مشاركة الإناث بصورة كبيرة فى العمل، بالإضافة إلى الإهتمام غير المسبوق بالصناعة والابتكار والهياكل الأساسية، مع جعل الرؤية المصرية للفترة القادمة تقوم على عملية توطين الصناعة والاهتمام بالتنمية الصناعية وربطها بالذكاء الاصطناعى كأساس لتحقيق باقى اهداف التنمية المستدامة، وصولًا إلى التعهد بعدم ترك اى شخص فى الخلف مما يسهم فى تسريع التقدم لمن فى الخلف والتحول نحو المستقبل المنشود.

رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية والسلام

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة تحيي اليوم الدولي للمساواة في الأجر
  • جهود عربية ودولية لتعزيز حقوق النساء والفتيات في مواجهة العنف
  • لماذا يظل السودان تحت أضواء المجتمع الدولي الكاشفة
  • ما هي أكثر الدول العربية استهلاكاً للبن؟ .. السودان في القائمة
  • اليونيسف: أكثر من ثلاثة ملايين طفل معرضون لخطر الإصابة بالكوليرا وأمراض مميتة أخرى في السودان
  • تسريع التقدم الخلفى
  • الأمم المتحدة تدعو أطراف الصراع في السودان إلى الامتناع عن استهداف المدنيين
  • توكل كرمان من واشنطن تطالب إصلاحات في مجلس الأمن فيما يتعلق بحق الفيتو الذي يمنح 5 أعضاء التحكم المطلق بالشعوب
  • الأمم المتحدة: انهيار النظام الصحي في السودان ومعاناة بالغة للحوامل
  • برسالة من سجنها.. نرجس محمدي تدعو الأمم المتحدة لكسر الصمت