روسيا تنقضّ على المصالح الفرنسية
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
روسيا تنقضّ على المصالح الفرنسية
القوى الجديدة في النيجر تريد تعويض الوجود الفرنسي المكثّف بآخر روسي.
التداخل الروسي قد يكون عاملا جديدا آخر في هذه التغيرات، وقد جرى تلمس وجود الروس بقوة عبر مجموعة فاغنر.
يبدو الأمر جائحةٌ تعصف بدول الساحل الأفريقي، فمالي وهي من المستعمرات الفرنسية السابقة، تخلت عن استخدام الفرنسية لغةً رسمية.
ترغب روسيا بنقل المواجهة لأفريقيا وهي تعلم أن الغرب لن يسلِّم بسهولة، فالمناخ السياسي بأفريقيا شديد التبدّل وتواتر الانقلابات يتيح لفرنسا استعادة مواقعها.
نتجت الحالة الراهنة عن تساقط جماعي وسريع لدول أفريقية غدت تديرها مجالس عسكرية وهو نظام ترغب روسيا به وتجيد التعامل معه حتى الانقلاب المقبل.
اضطرابات اجتماعية وسياسية واقتصادية بالغة بمنطقةٍ ينشط فيها التطرّف ويجد بيئة آمنة فيتمدّد ويتقلص حسب الظروف، دون أي أمل في التخلّص منه نهائيا.
مع انقلاب النيجر أخيرا، ظهرت مرحلة جديدة من مراحل التغلغل الروسي في أفريقيا، عندما مضى المجلس العسكري قابضًا على السلطة، وظهرت أعلام روسيا أوائل أيام الانقلاب.
* * *
بعد الانقلاب العسكري في 26 يوليو/ تموز الماضي في النيجر، جرت محاولة انقلابية بداية شهر أغسطس/ آب الجاري في سيراليون، وهي من دول الجنوب الغربي الأفريقي ...
تعتبر انقلابات أفريقيا مسلسلا متصلا تتوالى حلقاتُه بسرعة، حتى إن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وصف الحالة الانقلابية التي تعيشها القارّة باللعنة، في أعقاب انقلاب في بوركينا فاسو مطلع العام 2022.
تؤكّد الإحصاءات كثرة الحركات العسكرية التي تستهدف السلطة في أفريقيا، فقد جرى 14 انقلابا أو محاولة انقلاب منذ أغسطس/ آب 2020، أي بمعدّل انقلاب كل مائة يوم تقريبا.
يعكس الأمر اضطرابا اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا شديدا في منطقةٍ ينشط فيها التطرّف، ويجد له بيئة آمنة، فيتمدّد ويتقلص بحسب الظروف، من دون أي أمل في التخلّص منه نهائيا.
ويلعب التمايز الإثني في المنطقة دورا رئيسيا في تحفيز القادة العسكريين لقيادة الانقلابات أو المشاركة فيها، وذلك كله وسط فوضى اقتصادية عارمة تفشل فيها السلطات، منتخبة كانت أم انقلابية، في تنشيط الاقتصاد، أو تحقيق مقدار من التنمية.
رغم أن هذه العوامل حاسمة في مسار الشكل السياسي لبعض دول أفريقيا في الساحل الغربي والوسط، إلا أن التداخل الروسي قد يكون عاملا جديدا آخر في هذه التغيرات، وقد جرى تلمس وجود الروس بقوة عبر مجموعة فاغنر.
دخلت "فاغنر" إلى أفريقيا عبر بوّابة تقديم الاستشارات الأمنية والدعم شبه العسكري، وحاولت أن تقوي علاقاتها في أوساط الجيش وجنرالاته، ومدّدت التعاون معهم بما يتجاوز الجانب العسكري.
وعرضت خدماتها على القادة في حماية أنظمتهم عبر لعب دورٍ في مواجهة المتمرّدين الذين يهدّدون بهجمات عسكرية، وساهمت، في حالات أخرى، بصد الجماعات المتشدّدة كتنظيم الدولة الإسلامية..
كانت "فاغنر" حاضرة في أفريقيا الوسطى عبر تدريب القوات المسلحة النظامية، وقدّمت مساعدات عسكرية لمالي متمثلة بطائرات عسكرية ومراقبة.
وقد جعل بوتين منظمة فاغنر تقوم بكل العمل، لتبدو موسكو بعيدة عن هذا النشاط، من دون أن تكون قادرة على التخفّي بشكل كامل، فقد بدأت قرائن كثيرة بالظهور، حتى قبل أن تبدأ الحرب الروسية في أوكرانيا.
وعرف الجميع بمن فيهم من يتلقّى المساعدة بأنّ "فاغنر" مجرّد هيئة تتبع مباشرة للرئيس الروسي، وما تقوم به هذه المنظمة في الساحة الأفريقية خالصا لدعم مكانة روسيا وتعزيز دورها.
مع انقلاب النيجر أخيرا، ظهرت مرحلة جديدة من مراحل التغلغل الروسي في أفريقيا، عندما أصرّ المجلس العسكري الذي أطاح رئيس النيجر محمد بازوم على المضي في القبض على السلطة، وظهرت أعلام روسية في أوائل أيام الانقلاب.
ثم كانت فرنسا أول دولة أوروبية تهرع إلى إجلاء رعاياها من النيجر، رغم أن لفرنسا علاقات مميزة مع هذه البلد الذي كان جزءا من خطط الرئيس الفرنسي، ماكرون، لدول الوسط والساحل الغربي الأفريقي.
وكان بازوم بالذات في زيارة لفرنسا قبل أسبوعين، وكان المجلس العسكري قد سارع بتوجيه النقد إلى فرنسا، وقبل أيام، ألغى مجموعة من الاتفاقيات العسكرية المعقودة معها، وسحب سفيره من باريس...
يبدو الأمر وكأن القوى الجديدة في النيجر تريد أن تستعيض عن الوجود الفرنسي المكثّف بآخر روسي. وما يوحي بأن الأمر جائحةٌ تعصف بدول الساحل والوسط الأفريقي أن مالي، وهي من المستعمرات الفرنسية السابقة، قد تخلت عن استخدام الفرنسية لغةً رسمية.
ترغب روسيا بتوسيع المواجهة أو نقلها إلى أفريقيا، وهي تعرف أن الغرب لن يسلِّم بسهولة، خصوصا أن المناخ السياسي في أفريقيا شديد التبدّل، وتواتر الانقلابات سريع، ما يتيح لفرنسا الفرصة لاستعادة موقعها مرّة جديدة، رغم أنّ الحالة الراهنة نتجت عن تساقط جماعي وسريع لمجموعة من الدول الأفريقية أصبحت تديرها مجالس عسكرية، وهو النظام الذي ترغب روسيا برؤيته وتجيد التعامل معه حتى الانقلاب المقبل.
*فاطمة ياسين كاتبة صحفية وإعلامية سورية
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الغرب روسيا فرنسا أفريقيا فاغنر انقلابات النيجر محمد بازوم أنطونيو غوتيريش فی أفریقیا
إقرأ أيضاً:
الخزنة ذات المفاتيح الثلاثة !؟
بقلم : عمر الناصر ..
لايعلم بمواعيد التحولات والانقلابات السياسية الا الله الذي يهلك ملوكاً ويستخلف اخرين ،والفاعل الدولي الذي يُنصِب الكثير من الرؤساء والملوك والامراء ويخلعهم متى يشاء ويذهب بهم الى حيث يشاء ،فيكتب التاريخ على يد المنتصرون يدونوا ما يحلوا وما طاب لهم من انتصارات وملاحم بطولية الكثير منها وهمية سرعان ما حدثت تحت جنح الليل لتكشف عورتها بعد مرور العاصفة وانقشاع الضباب ، وهذا ما تجسد لنا مع داخل الوضع المبرمج في سوريا ، في محاولة واضحة لاضعاف دور اقطاب” محور الممانعة ” كخطوة تمهيدية لاضعاف ايران كعنصر فاعل في الشرق الاوسط لغرض ضرب مشروع المقاومة المؤمنة بوحدة الساحات والميدان وبالاستراتيجية العابرة للحدود.
لا اعتقد ان الكثير من الناس لديهم القدرة والمعرفة على فهم مصطلح ” الخزنة ذات المفاتيح الثلاثة” ، والتي هي مفهوم سياسي بامتياز يُستخدم أحياناً لتوصيف الآليات المتبعة للسيطرة والتأثير وبسط النفوذ ومقاربة الرؤى الدولية والاقليمية في قضية سياسية أو جغرافية حساسة من خلال توزيع السلطات أو الشراكة بالمسؤوليات بين ثلاث اقطاب وقوى مختلفة، بحيث لا يمكن فتح تلك “الخزنة” او حل اي قضية الا تخصها أو اتخاذ اي قرار محوري إلا بتوافق الأطراف الثلاثة ، مع توافر لبعض المقومات التي تستند عليها الشراكة والتوازن ” والاعتماد الاقليمي المتبادل ” لضمان وحماية المصالح المتضاربة في تلك البقعة ومنع الانفراد بالنفوذ او احتكار القرار لدى جهة واحدة ، وبالعادة تطبق هذه الفكرة في المناخات ذات النزاعات والصراعات المعقدة والمركبة لاجل الحفاظ على الهدوء والاستقرار النسبي وهذا ما حدث في الازمة السورية، وبالتالي فأن هذه النظرية تسعى في نهاية المطاف خلق نوع من التوازن وقد تؤدي أحياناً إلى تعقيد المشهد وتأخير الحلول بسبب تضارب المصالح بين الأطراف.
انتهى ..
خارج النص / لا بد من ان تتغير مفاتيح الخزنة برموز وكودات حديثة.
عمر الناصر