الوحدة نيوز:
2025-01-29@18:54:34 GMT

كتب التنمية البشرية: سوق السعادة بأدنى الأثمان

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

كتب التنمية البشرية: سوق السعادة بأدنى الأثمان

سعيد خطيبي*

أتجول في متجر كتب عربية، على الإنترنت، وأصادف الكم الهائل من كتب التنمية البشرية، التي يحتل بعضها المراتب الأولى في قائمة المبيعات. وهذا ليس غريباً، بحكم أن هذا النوع من الكتب صار مثل فيروس، احتل العالم بأسره، وفي كل مكان يحتل الصدارة في اهتمامات القراء. تلك الكتب بأغلفتها المزركشة مثل الكتب المدرسية، وعناوينها الجذابة، التي يسهل أن يقع في فخها القارئ المتعطش إلى الوصفات السحرية.

عناوين على شاكلة: «مفتاح السعادة» «خمس خطوات كي تعيش سعيداً» «تحدى نفسك وعش سعيداً» من بوسعه أن ينجو من هذه العناوين؟ فالمشترك بينها أنها تجعل السعادة سلعة ملقاة على الأرصفة، ويظن القارئ أن مطالعة الكتاب تكفيه فتصيبه عدواها، أو هكذا يخيل للقارئ. إنها تبيع السعادة لمن يرغب فيها، لكن القراء لم يخبرونا هل عثروا عليها أم كانت مجرد وهم! مع أن تعريف السعادة ليس ثابتاً.

برامج الطبخ في التلفزيون كذلك تبشر الناس بالسعادة، فعلى رأيها أن السعادة تقيم في معدة الإنسان، وكذلك برامج التوك شو، تقسم بأغلظ الأيمان أن السعادة في الترفيه، وقد تكون السعادة في مجاورة شخص نحبه.

لكن مؤلفي كتب التنمية البشرية أدركوا أن الإنسان المعاصر يعيش في عزلة، أفرزتها التكنولوجيا الجديدة، وأن الحب ليس متاحاً مثلما كان في السابق، ويعلمون أن قارئهم يحيا حياة على الهامش، منعزل عن حياة الآخرين، قليل التواصل مع غيره، لذلك فإنهم يستثمرون في عزلته، يختصرون له الطريق ويتيحون له كتباً توسع من حقه في الحلم، لكنها لا تفيد على أرض الواقع بشيء. هذه الكتب من التنمية البشرية تشبه المهدئات، قد ينسى القارئ معاناته في لحظة من اللحظات، لكن بمجرد زوال المهدئ، يعود الألم إلى موضعه. وعندما نطالع الصفحات الأولى من هذه الكتب، نتخيل أنها تخيط السعادة على مقاس كل شخص، تعده بالجنة في حال صدّق كلامها، لكن شيئاً فشيئاً، مع توالي الصفحات ندرك أن ما جاء في الكتاب لا يعدو تجربة شخصية للمؤلف، ويريد إسقاط تجربته على الآخرين. في الغالب إن ما يعرض من كتب تنمية بشرية، في السوق العربية، إنما هي كتب مترجمة، من أمريكا أو أوروبا. وما ينطبق على شخص من ذلك المجتمع لا ينطبق بالضرورة على شخص من بيئة عربية. القارئ يفهم الفروقات بين المجتمعين، لكنه يريد أن يوهم نفسه عكس ذلك. وهذه قوة كتب التنمية البشرية، في قدرتها على إيهام القارئ عكس ما يفكر فيه. تجعله يشعر بأنه كائن قابل للتجدد، ومن شأنه أن يحيا حياة مثل نظير له في نيويورك أو لندن، وهي حقيقة لا يعثر عليها سوى بين دفتي الكتاب، وحالما يفرغ من كتاب التنمية البشرية، سوف يواجه واقعاً مخالفاً.

هذه الكتب التي تستفيد من علم النفس ومن تجارب ذاتية، لا تقول إنها كتب سيكولوجيا، بل تقدم نفسها على أنها كتب «سيكولوجيا السعادة». مع أن الكآبة كذلك من شأنها أن تجعل حياة الفرد مثمرة. إن مؤلفيها يقدمون أنفسهم مثل من يحمل المصباح السحري، يجيبون على الأسئلة كلها، ولا يوجد سؤال يتعذر عليهم الرد عليه، يلقون بالصنارة في شكل كتاب، يبتلعها القارئ ويؤمن بها، ثم يتحول هذا المؤلف إلى مدرب، ينشّط ورشات في التدرب على السعادة، تكلفة الانضمام إليها لا تقل عن ألف دولار. نعم، ألف دولار كي تتعلم كيف تصير سعيداً. هكذا هو سوق الكتب الأعلى مبيعاً، في العالم العربي، سوق يبشر الناس بالسعادة، والناس يصدقون من يملأ قلوبهم بالأوهام.

حديقة الأنانية

من غير اللائق أن نتهم المواطن العربي بمعاداة الكتاب، وأنه لا يقرأ. صحيح أن قراءة الشعر أو الرواية أو النقد ليست في أحسن حالاتها، لكن المواطن العربي يطالع كتباً في المجمل. وأرقام مبيعات كتب التنمية البشرية تؤكد هذا الكلام. فالإقبال عليها في تضاعف، سواء كانت كتباً محلية أو أجنبية. وهنا نقطة أخرى يجب الإشارة إليها، ان حركة الترجمة لم تخفت، فهذا النوع من الكتب يترجم باستمرار، بل هناك دور نشر تتخصص حصراً في كتب التنمية البشرية، ونجدها تقريبا في كل الدول العربية. ما يعني أنها سوق مربحة، تعود بفوائد معتبرة على أصحابها. فهي ليست ترجمات مقرصنة، بل تتضمن معلومات عن حقوق الملكية وحقوق الترجمة. لكن الملاحظ في هذا النوع من الكتب أنها تعزز من عزلة الإنسان، تزيده مسافة في الابتعاد عن الآخرين. إنها كتب تركز كل جهدها على التجربة الشخصية للفرد. تعده بالسعادة إذا تتبع خطواتها بمفرده، وليس جماعة. هذه العزلة من شأنها أن تضاعف كذلك من أنانية القارئ ونرجسيته. لأنها تعامله ككائن متفرد، وأن تميزه لا يكتمل إلا إذا حافظ على مسافة إزاء الآخرين. في حقل كتب التنمية البشرية، تتسع أنانية الإنسان. ينفرد في صحراء تعصمه عن الآخرين. هذه الكتب تسقي شعوره بالنرجسية، وتغذيه بشعور أنه أفضل من غيره، ترفع من هرمونات أنانيته، ويظن أن خلاصه لا يتم إلا بالاتكال على النفس، بل إن هذه الكتب تعزله عن محيطه الاجتماعي والسياسي. لا يهمه ماذا يحصل في الشارع، بقدر ما تهمه حياته الشخصية. يصير غير مبالٍ بما يدور من تحولات، بل كل وعيه وجهده منصب في حالته الشخصية. يظن أن هذه الكتب تتيح له ملاذاً من العالم، وهي كذلك، لأنها توهمه بأن الشر يأتي من الآخرين. وأن القطيعة مع الناس هي الخلاص مما يعانيه من أزمات نفسية. هذه الكتب التي تدّعي حلولا ووصفات من أجل حياة أفضل، سوف تخرج قارئها من سياقه الاجتماعي، فلا ينظر سوى إلى ذاته في المرآة. واللافت أننا دخلنا عصراً جديداً في عالم التنمية البشرية، لم تعد تلك الكتب تتوجه إلى البالغين فحسب، بل منها من يتوجه إلى الأطفال أو اليافعين. من أجل الكسب المادي السريع، تريد كتب التنمية البشرية صناعة إنسان جديد. إنسان يؤمن بالوهم وبأن العزلة هي الخيار الأمثل في عالمه المعاصر.

 

كاتب جزائري

المصدر: الوحدة نيوز

كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا انصار الله في العراق ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي هذه الکتب

إقرأ أيضاً:

حقيقة أرتباط السعادة بالسمنة دراسة توضح

لا شك في أن زيادة الوزن عادة تكون نقطة سلبية في حياة أي إنسان، إلا أن دراسة جديدة قد تقلب الأفكار على ما يبدو.

 

لا تعاسة مع السمنة!

إذ اتضح مؤخراً أن السمنة قد لا تؤثر بشكل واضح على الرضا عن الحياة، بل إنها قد تكون أحيانا سببا للسعادة، وفقا لصحيفة "هندوسيان تايمز" الهندية.

 

وأضافت الدراسة الجديدة التي أُجريت على بيانات دراسة اللوحة التعليمية الوطنية الألمانية (NEPS)، والتي تابعت 8815 بالغًا بين عامي 2011 و2021، أنها هدفت إلى فهم العلاقة بين مؤشر كتلة الجسم ومستوى الرضا عن الحياة.

 

وكشفت أن النتائج لم تظهر أي ارتباط سلبي بين زيادة الوزن والتعاسة، بل على العكس، أظهر الأفراد في بعض الحالات زيادة في مستويات السعادة مع زيادة مؤشر كتلة الجسم.

كما لفتت إلى أن تأثير الحركات الإيجابية للجسم قللت الفكرة السيئة حول زيادة الوزن، ما ساعد الأشخاص على تعزيز ثقتهم بأنفسهم وزيادة رضاهم العام.

 

الضغط النفسي

يشار إلى أن أحد أبرز نتائج الدراسة أيضاً أنها أشارت إلى أن الضغط النفسي المنخفض المرتبط بزيادة الوزن قد يسهم في تقليل الدافع لفقدان الوزن.

 

كذلك رأى القائمون عليها أن هذه النتائج تمثل خطوة مهمة في إعادة النظر في الفهم العام لزيادة الوزن، والعمل على محاولة تغيير نظرة المجتمع بالأمر أيضاً.

 


وتتعدد أضرار السمنة، فبعضها له تأثير قد يكون بسيطًا في حين بعضها الآخر خطيرًا على الصحة، وتتمثل هذه الأضرار في ما يأتي:

1. رفع خطر الإصابة بداء السكري
تعد السمنة من الأسباب التي قد تؤدي إلى الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، إذ أظهرت العديد من الدراسات أن الأشخاص المصابين بالسمنة أو السمنة المفرطة هم أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، ويمكن أن يزداد خطر الوفاة عند مرضى السكري.

وقد تتمثل أضرار السمنة المسببة لمرض السكري أحد المشكلات الصحية الآتية: 

بتر أحد الأطراف.
أمراض القلب.
السكتة الدماغية.
العمى.
الأمراض الكلوية.
ارتفاع ضغط الدم.
عيوب الدورة الدموية والأعصاب.
الالتهابات التي يصعب شفاؤها.
الضعف الجنسي.

2. ظهور مضاعفات على صحة المرأة 
يمكن أن يعرقل الوزن الزائد الحمل عند النساء، وقد يزيد أيضًا من فرصة تعرض المرأة لمضاعفات خطيرة أثناء الحمل، وعدم انتظام الدورة الشهرية عند الفتيات.

3. ظهور أضرار على العمود الفقري
من أضرار السمنة وزيادة الوزن أنها تساهم في زيادة الضغط الواقع على المفاصل التي تتحمل ثقل وزن الجسم، بالإضافة إلى زيادة فرصة الإصابة بالالتهاب داخل الجسم، وقد تؤدي هذه العوامل جميعها إلى التعرض لمخاطر هشاشة العظام.

4. حدوث آثار سلبية على البشرة
قد تشمل أضرار السمنة تأثيرًا على صحة البشرة فهي قد تسبب الطفح الجلدي في ثنايا الجلد، وقد تسبب أيضًا حالة تعرف بالشواك الأسود التي تؤدي إلى تغير لون الجلد في ثنايا وتجاعيد البشرة.

5. توقف التنفس أثناء النوم
يرتبط توقف التنفس أثناء النوم بشكل كبير في زيادة الوزن، ويمكن أن يسبب انقطاع التنفس أثناء النوم في شخير الشخص بقوة وزيادة النعاس أثناء النهار، كما أنه قد يزيد من احتمالية الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية.

6. رفع خطر الإصابة بالنقرس
يعد النقرس من الأمراض الأكثر شيوعًا عند الأشخاص المصابين بالسمنة، حيث أنه كلما زاد اوزن زادت احتمالية الإصابة بالنقرس.

مقالات مشابهة

  • جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم معجم مصطلحات الحج والعمرة
  • مفاجأة الدكتور «جمال شعبان»: مخ صغير في القلب و 40 ألف خلية عصبية
  • كيف تتقبل الآخرين؟!
  • حكم بيع قائمة بأرقام الهواتف لمساعدة الآخرين في التواصل مع أصحابها.. دار الافتاء توضح
  • 5 أسرار للسعادة لم تسمع بها من قبل!
  • وحدة برامج التنمية البشرية بجامعة حلوان تنظم دورة التربية الخاصة
  • القارئ المصري أحمد نعينع: برنامج ضيوف خادم الحرمين للعمرة عطاء كبير للمسلمين
  • شاهد.. وفاة قارئ أثناء تلاوة سورة الإسراء بمسجد إندونيسي
  • حقيقة أرتباط السعادة بالسمنة دراسة توضح
  • آيباد قابل للطي في 2028.. هل تنجح آبل أكثر من الآخرين؟