الجزيرة:
2024-11-25@18:09:42 GMT

قصة إبادتين.. الطنطورة تنكأ جرح النكبة في سراييفو

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

قصة إبادتين.. الطنطورة تنكأ جرح النكبة في سراييفو

سراييفو- وسط جمع من صناع الأفلام العالميين والجمهور البوسني، عرض فيلم "الطنطورة" الوثائقي للمخرج الإسرائيلي ألون شفارتس، الذي يوثق -بأدوات سينمائية- إفادات جنود من لواء "ألكسندروني" يعترفون بارتكاب مجزرة قرية الطنطورة الفلسطينية ودفن شهدائها في قبر جماعي.

ويتتبع الوثائقي قصة طالب الدراسات العليا الإسرائيلي تيدي كاتز الذي وثق مقتل المدنيين الفلسطينيين عبر شهادات شفهية للجنود المشاركين في المجزرة خلال حقبة ما يعرف إسرائيليا بحرب "الاستقلال الإسرائيلي" وفلسطينيا باسم "النكبة"، وحظي الباحث الإسرائيلي في البداية بالاحتفاء لعمله العلمي الدقيق، ولكن سرعان ما جُرِّد من درجته العلمية وتم استهدافه علنا باعتباره خائنا محتالا.

الصحفية الفلسطينية أشيرة درويش متحدثة للجمهور في جلسة افتتاح مهرجان الجزيرة للأفلام الوثائقية في سراييفو (الجزيرة)

وبعد عقود من الزمان، ظهرت أدلة جديدة لتؤكد النتائج التي توصل إليها تيدي كاتز، ليس فقط لتبرئته، بل لإثارة تساؤلات عميقة عن كيفية تعامل الإسرائيليين مع أحد أكثر الفصول قتامة في التاريخ المعاصر، وتروي القصة غير المروية لتأسيس إسرائيل حيث يحظر الحديث عن "النكبة".

وعبّر حضور من البوسنيين في سراييفو عن ألمهم من قصة الفيلم التي رأوا فيها انعكاسا لقصة الإبادة في البوسنة في حقبة التسعينيات، وقالت الصحفية الفلسطينية أشيرة درويش التي حضرت عرض الفيلم أنها تأثرت كثيرا بالوثائقي الذي يتناول الطنطورة، وأضافت -في حديث للجزيرة نت- أنها تألمت بشدة لأنها عرفت أن المكان الذي كانت تُصف فيه السيارات -عندما تزور المنطقة- يقع تماما فوق المقبرة الجماعية التي دفن فيها الفلسطينيون.

قرية الطنطورة

وارتكبت المجزرة في قرية الطنطورة على ساحل البحر الأبيض المتوسط، التي هُجّر أغلب أهلها المقدّر عددهم بأكثر من 1200 في النكبة إلى قرية الفريديس القريبة، ومنهم من استقر فيها، بينما الجزء الأكبر من سكان الطنطورة أجبرهم المستوطنون على الرحيل، فتفرقوا حتى استقر بعضهم في مخيم اليرموك بسوريا أو في منطقة إربد بالأردن وبعض القرى العربية في الداخل الفلسطيني.

العصابات الصهيونية منعت سكان الطنطورة العودة لقريتهم بعد ارتكاب المجزرة ودفعتهم للهروب من المنطقة (الجزيرة)

ويعتمد الفيلم على روايات وإفادات امتدت 140 ساعة، لناجين من المجزرة ولمشاركين في ارتكابها، كما استندت إلى الكشف عن وثائق بالأرشيف الإسرائيلي تتضمن اعترافات لبعض الضباط خلال المراسلات بينهم بارتكاب المجزرة -في 23 مايو/أيار 1948- وقتل السكان من دون الإشارة إلى عدد الضحايا ووضع الجثث في قبر جماعي.

ولم يتوقف ما كشف عنه فيلم الطنطورة عند اعترافات 4 جنود من لواء "ألكسندروني" الذين شاركوا في المجزرة، بل أظهر تصوير جوي ثلاثي الأبعاد للمنطقة أن حفرة حُفرت في عام 1948، بعد ارتكاب المجزرة، بطول 35 مترا وبعرض 4 أمتار وبعمق متر واحد.

مكان القبر الجماعي بالطنطورة الذي دفن به ضحايا المجزرة وأصبح مرآب سيارات حاليا (الجزيرة)

وبالاعتماد على الشهادات المسجلة والتاريخ الشفوي، أجرى الباحث كاتز مقابلات مع عشرات الجنود الذين شاركوا في العملية، فضلا عن الناجين الفلسطينيين الذين تجاوزوا الآن التسعين من عمرهم. واستنادا إلى النتائج التي توصل إليها، خلص كاتز إلى أن الجنود الإسرائيليين ارتكبوا جرائم حرب في الاستيلاء على الطنطورة، مثل قتل أفراد عُزّل واغتصاب ونهب ممتلكات، ونشرت الأطروحة التي لم يلتفت إليها كثيرون حينها، ولكن بعد عامين، التقطت صحيفة إسرائيلية الأطروحة ونشرت عنها.

وبعد نشرها، رفع قدامى المحاربين في لواء ألكسندروني دعوى قضائية ضد كاتز بتهمة التشهير، وشكلت جامعة حيفا لجنة خاصة لإعادة النظر في الأطروحة الأكاديمية لتجد "أخطاء منهجية أثارت تساؤلات عن الأطروحة"، واضطر كاتز للاعتذار والتراجع عن أطروحته، مقابل إسقاط التهم القضائية، وتم استبعاد عمله من أرفف المكتبة الإسرائيلية.

لقطات مفبركة (تمثيلية) بعد ارتكاب مجزرة الطنطورة تظهر وكأن طواقم الإسعاف اليهودية تقدم العلاجات للفلسطينيين (الجزيرة) أين المقبرة الجماعية؟

وقبل عام أعدت لجنة من أهالي قرية الطنطورة الفلسطينية المهجرة تقريرا يحدد مواقع المقابر الجماعية للمجزرة التي وقعت في القرية قبل 76 عاما، وبعضها لم يكن معروفا من قبل.

وجاءت هذه النتائج بعد تحقيق أجرته اللجنة بالتعاون مع مركز "عدالة" الحقوقي ومؤسسة "فورنسيك أركيتكتشر" (Forensic Architecture) على مدى عام ونصف العام، وشمل تحليلا للخرائط ودراسة للصور الجوية قبل وبعد احتلال القرية، وكذلك الاستماع إلى العديد من الشهادات.

وحددت اللجنة 4 مواقع للمقابر الجماعية، وقالت إن النتائج التي توصلت إليها من شأنها أن تؤسس لمسار قانوني بهدف الحصول على اعتراف إسرائيل بالمجزرة وفرض حرمة تلك المقابر الجماعية، مما يسمح لذوي الضحايا بدفنهم بالشكل اللائق.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

عزون.. قرية العز والصلابة في فلسطين يقسمها جدار الفصل العنصري

قرية استمدت اسمها من العز والصلابة وكثرة الأشجار المثمرة، اسم عربي كنعاني قديم يشير إلى أنها بلدة ضاربة بجذورها في التاريخ.

عزون، قرية العز، هي قرية فلسطينية حالية، تقع شرقي مدينة قلقيلية وعلى مسافة 9 كم منها.

تبلغ المساحة الإجمالية لبلدة عزون نحو 24 آلف دونم، وتقع على الطريق الواصل بين مدينتي نابلس وقلقيلية، وهي أيضا تقع على الطريق الممتد بين مدينتي قلقيلية وطولكرم، ويصلها بمدينة رام الله طريق معبد يمتد جنوبا، وفي العهد العثماني كان الطريق الذي يربط بين مدينتي  نابلس ويافا يمر عبر وادي عزون، فيما كانت في عهد الحكم الأردني طريقا عسكريا.

تتوسط عزون مجموعة من القرى التي يزيد عددها على العشرين قرية وهي: صير وجيوس وكفر جمال وكفر عبوش ووكفر زيباد وكفر صور وكفر ثلث وسنيريا ومسحة والزاوية وبديا، النبي إلياس وعسلة وعزبة الطبيب، كفر لاقف وجينصافوط والفندق وأماتين وحجة وباقة الحطب وكفر قدوم وجيت وفرعطة وصرة.

وبحسب مجلس بلدي عزون فإن سبب تسمية القرية بهذا الاسم يعود لكلمة عين العز وذلك نسبة إلى كثرة الأشجار المثمرة المنتشرة فيها، وهو الاسم الذي كانت تعرف به القرية قديما وحرف الاسم من عزين إلى عزون.


                                      مستوطنة أقيمت على أراضي قرية عزون الزراعية.

وهناك رأي يقول بأن اسم عزون جاء من الأصل الآرامي عز يعز بمعنى صلب وأشتد مراسه، فهو عزيز وهذه صفة أهلها، وهذا الرأي قد يكون الأصح.

وقدر عدد سكان قرية عزون عام 1922 بنحو 700 نسمة، ارتفع عددهم في إحصائيات عام 1931 إلى 994 نسمة، وفي عام 1945 بلغ 1190 نسمة. أما في عام 1961 فقد ارتفع إلى 2096 نسمة، وفي عام 1997 وصل عدد سكان القرية إلى 5871 نسمة، وفي عام 2017 بلغ 9189 نسمة، وفي أخر إحصاء عام 2024 بلغ 10699 نسمة.

ويعتمد اقتصاد البلدة على عائدات مجموعة من الأنشطة الاقتصادية منها الزراعة وتربية الماشية والطيور، ومن ثم الوظائف الحكومية، ونسبة من أبناء القرية الذين يعملون في الأراضي المحتلة عام 1948، إلى جانب عائدات ممارسة أنشطة أخرى في قطاع الخدمات والصناعة والتجارة.

لبلدة عزون تاريخ طويل ثبت من الحفريات الموجودة في البلدة القديمة بمنطقة المسجد القديم أنها كنعانية التأسيس، ووجدت آثار يونانية ورومانية، أما البلدة الحالية فقد تم تأسيسها بعد معركة حطين عام 1187، وهي تتبع محافظة قلقيلية وقبل ذلك كانت تتبع قضاء طولكرم، وفي العهد التركي كانت تتبع قضاء سلفيت وفي العهد المملوكي كانت آخر قرية من قضاء القدس شمالا.

وعرفت بشكل بارز بعد معركة وادي عزون التاريخية أثناء حملة نابليون وبعد احتلاله ليافا حيث اتجه نحو عكا وأرسل سرية من جيشه بقيادة دوماس إلى وادي عزون الواقع جنوبا، وقتل دوماس على يد عابد المريحة من أهالي عزون وانهزم الجيش، وأشعلوا النار في الأحراج فأحاطت بهم من كل جانب ففروا مذعورين إلى يافا حيث صب نابليون جام غضبه عليها وقتل أهلها وكانت المعركة الفاصلة التي ردت نابليون عن فلسطين فيما بعد.

وقد سمي جبل نابلس بجبل النار نسبة إلى معركة عزون التي خلدها الشاعر إبراهيم طوقان في قصيدة له .

وقد شاركت عزون بأبنائها في جميع ثورات فلسطين، فقد قام أبناء عزون بالمشاركة الفعلية في الثورة وقدموا الشهداء في سبيل فلسطين، وقد حدثت معركة وادي عزون أثناء الإضراب العام في فلسطين عام 1936 وشاركت فيها الطائرات والدبابات والجنود الإنجليز .

وخلال الانتفاضتين الأولى عام 1987 والثانية عام 2001 قدمت عزون عدد من الشهداء وقامت قوات الاحتلال بإغلاق مدخل البلدة الشرقي نهائيا من ناحية نابلس وحولت الشارع الرئيسي والشريان الحيوي إلى خارج البلدة، الأمر الذي أدى إلى اختناق عزون اقتصاديا ناهيك عن مصادرة الكثير من أراضيها لبناء الشارع الجديد حولها وإحاطتها بجدار الفصل العنصري.

احتلت قرية عزون كما قرى ومدن الضفة الغربية خلال عدوان الخامس من حزيران/ يونيو عام 1967، ومع توقيع "اتفاق أوسلو" عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية وحكومة الاحتلال وقعت المساحة الأكبر من أراضي قرية عزون في المنطقة (C) ما مساحته 7130 دونم من أراضيها أما باقي المساحة فهي ضمن المنطقة(B) .

يوجد على أراضي بلدة عزون 3 مستعمرات، ومن الصعوبة تحديد مجموع المساحات التي صادرتها تلك المستعمرات من البلدة وتلك المستعمرات موزعة على أكثر من قرية وبلدة، وهذه المستعمرات هي: معالية شمرون تأسست عام 1980، وغنات شمرون تأسست عام 1985، وكرني شمرون تأسست عام 1978.

وفي عام 1996 تأسس مجلس قروي عزون الذي يدير شؤون قرية عزون وقريتي عسلة وعزبة الطبيب، وكانت قرية عزون من قرى قضاء طولكرم، وعندما تم تنصيف قلقيلية كمركز محافظة ألحقت قرية عزون بها إداريا.

وقامت سلطات الاحتلال بسرقة ما يزيد عن 70% من أراضي القرية الزراعية لبناء جدار الفصل العنصري بالقرية عام 2003 . وصادر الاحتلال حوالي 5000 دونم من الأراضي الخصبة المزروعة بالدفيئات والزيتون، إضافة إلى 800 دونم حولها إلى مستوطنة أورانيت المجاورة للبلدة.

وعزل الاحتلال خلف الجدار أيضا بئرا ارتوازية كانت المزود الأكبر للقرية بالماء وحولتها لصالح سكان المستوطنة المجاورة للقرية، حيث تقع محافظة قلقيلية على الحوض المائي الغربي الذي يحوي ما نسبته 52% من حجم المياه في الضفة الغربية.


                                                              أحد شوارع بلدة عزون.

ويواجه سكان قرية عزون مصاعب كبيرة في جني محاصيلهم الزراعية من زيتون وحمضيات ولوزيات.

الجدار قسم القرية إلى قسمين، أحدهما يضم أراضي زراعية وآبارا ارتوازية وبيارات ودفيئات، والآخر يضم منازل المواطنين وبعض الأراضي غير الصالحة للزراعة.

ويجد السكان أنفسهم تحت رحمة سلطات الاحتلال التي لا تسمح بفتح بوابة الجدار الفاصل سوى ساعات قليلة في النهار لدخول الفلاحين إلى مزارعهم الموجودة وراءه، وبتصاريح تعطى بعد فحص أمني.

بالطبع عزون ومنذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية بعد أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تعاني من اقتحامات الاحتلال المتكررة ومن إطلاق النار العشوائي على المنازل وعمليات الاعتقال والقتل الميداني لشبان القرية الذين يجدون أنفسهم أمام خيار واحد وهو مقاومة هذا المحتل المنفلت من عقله عقاله.

المصادر

ـ  مصطفى الدباغ، "بلادنا فلسطين"، دار الهدى،1991.
ـ "دليل قرية عزون ويضم تجمعي عسل وعزبة الطبيب"، معهد الأبحاث التطبيقية- أريج، القدس، 2013.
ـ "عزون ـ قضاء قلقيلية"، موسوعة القرى الفلسطينية.
ـ "بلدة عزون"، موقع فلسطين في الذاكرة، 9/3/2008.
ـ وضاح عيد، "عزون عتمه..القرية الفلسطينية التي قسمها الجدار"، الجزيرة نت، 11/1/2007.
ـ عيسى السفري، كتاب "فلسطين العربية بين الانتداب والصهيونية"..

مقالات مشابهة

  • صباغ : سورية تجدد إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية السافرة على دول المنطقة وشعوبها، وإدانة جرائم الحرب، وجرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني
  • مصرع "كريم" على يدة جارة فى قرية سرابيوم بالإسماعيلية
  • الخارجية الفلسطينية: استشهاد ما يزيد عن 11979 امرأة و17492 طفل وطفلة منذ النكبة
  • عزون.. قرية العز والصلابة في فلسطين يقسمها جدار الفصل العنصري
  • إنذار إسرائيلي عاجل إلى سكان قرية حلتا
  • كاميرا الجزيرة ترصد آثار الدمار في بلدة شمسطار اللبنانية
  • السيدة انتصار السيسي تلتقي قرية رئيس كولومبيا: «فرصة ثمينة لتعزيز الحوار»
  • الجزيرة.. حالة خراب ودمار بسوق قرية “فطيس” بمحلية الحصاحيصا – فيديو
  • الجزيرة ترصد المعاناة المعيشية لسكان خان يونس تحت الحصار
  • سودانيون يوثقون رحلة نزوحهم الصعبة من ولاية الجزيرة