جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-12@00:21:09 GMT

كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

كلكم راعٍ ومسؤول عن رعيته

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

قال رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم "كُلُّكُمْ راعٍ، وكُلُّكُمْ مسؤولٌ عنْ رعِيَّتِهِ" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كثيرٌ من المشاهدات الحياتية تمر علينا خلال اليوم الواحد ولعلنا لا نلقي بالًا لكثير من هذه المواقف ولا نتمعن فيها باعتبارها مواقف مكررة أصبحت مألوفة في وقتنا الحاضر، ومع تسارع رتم الحياة نجدنا في كثير من الأحيان غير مبالين حتى لمجرد بذل محاولة في فهم السلوك البشري الذي اختلف كليًا عن السابق مع طغيان المدنية وسيطرتها على حياتنا بشكل شبه كامل جعلتنا أقرب للآلات منَّا للبشر الذين يشعرون ويعانون ويتعاطفون ويلقون بالهم للآخرين.

ترى شابًا يخرج للتنزه في مكان عام مرتديًا السروال القصير، وترى فتيات تتعالى ضحكاتهن في أحد الأماكن العامة المكتظة بالناس دون الشعور بالحرج، وآخر يرتدي سلسال في رقبته وأسورة في معصمه، وشاب عند مدخل أحد الجوامع يتقدم في الدخول كبار السن دون أن يُفسِح لهم، ومجموعة أخرى في سيارة يصدر منها صوت أغنية غربية بصوت عالٍ يسمعه كل من في الشارع، وآخرون في وسائل التواصل الاجتماعي بأسماء ومُعرَّفات مختلفة يُطلقون العنان لأنفسهم ويكتبون عبارات مُسيئة وردود خارج سياق الذوق العام والقيم، وكثير من المشاهد التي انتشرت وأصبحت تؤذي العين والمشاعر في نفس الوقت وتقودنا للتساؤل هل هذا المجتمع يشبه مجتمعنا.

إنَّ ما نراه يُعطي مؤشرات تجعلنا مجبرين للوقوف عليها طويلًا وتجبرنا على مراجعة أنفسنا وطرح عديد الأسئلة في محاولة لفهم أسباب ما يحدث، هل قمنا بدورنا في تنشئة الأجيال الجديدة وفق سياق القيم والأخلاق التي كانت سائدة في مجتمعنا قبل أن تغزو التكنولوجيا الرقمية بيوتنا؟ كم من الوقت نقضيه في محاولة نقل هذه القيم لأبنائنا؟ هل وضعنا محددات للسلوك العام الذي لا يمكن التنازل عنه في تعاملنا معهم؟ هل قمنا بتحديد الخطوط العريضة والحمراء التي لا يجب الاقتراب منها؟

على كل مسلم إدراك أن دوره في الحياة أكبر من فكرة التكاثر؛ بل هي تتعدى ذلك لتصل إلى عمارة الأرض ونشر القيم الحميدة ومكارم الأخلاق وترسيخ مبادئ الإسلام السمحة وإخراج أجيال صالحة تحمل الرسالة وتنقلها للأجيال القادمة، وأن الحفاظ على استمرار الحياة وفق منهج الله تعالى وسننه المثلى لا يتأتى إلا من خلال تحقيق التربية الصحيحة التي تحفظ الأخلاق الفاضلة وتحافظ على القيم والمبادئ وتعظم دور الإنسان في هذا الشأن. دون إغفال ودون تهاون وتخاذل يدفع بالمجتمع لهاوية السقوط القيمي والأخلاقي كما سقطت أمم سابقة واندثرت حضارات كانت في يوم من الأيام رائدة.

كلكم راعٍ.. أوكل الله سبحانه وتعالى إليه مهمة عظيمة عليه أن يؤديها وفق ما شرع الله تعالى وإلا سوف يكون ذلك وبالا عليه يوم القيامة، وسوف يسأل عن رعيته من أسرة أو جماعة أو عاملين أو ممن جعل الله تعالى له عليهم سبيلًا، وأناط إليه مسؤوليتهم في كل جانب من جوانب الحياة، وعلى الإنسان أن يدرك إنما ذلك فضل الله عليه إذا أحسن كان له أجر عظيم وثواب جزيل، وهذا أمر ليس بصعب على من يعرف دوره بشكل سليم ويقوم به على نحو صحيح مستعينا بالله تعالى راجيًا أداء أمانته بكل إخلاص وصدق.

لقد ابتُليت المجتمعات بكثرة الموثرات التي يمكن أن تشكل تحديًا في سبيل الحفاظ على القيم والمبادئ والعادات والتقاليد الاجتماعية الصحيحة، وهذه المؤثرات تتعقد يومًا بعد يوم وتتطور بشكل متسارع، فلم تكن وسائل التواصل الاجتماعي موجودة قبل عشرون عامًا ولكنها اليوم تؤدي دورًا رئيسيًا في التأثير على المجتمعات وأحد مصادر تشتيت الأجيال وتقويض مساعي التربية القويمة والحفاظ على قيم المجتمع، وفي القريب سوف تضاف تقنيات أكثر صعوبة في الضبط وسوف تصبح هذه التقنيات أهم منابع السلوكيات الخاطئة التي تؤثر على أفراد المجتمع فتجعلهم جاهزين للتأثر واستقبال ما تحمله من أفكار وسلوكيات.

إنَّ مسؤولية الرعاية لا تنحصر في المنزل والعائلة وإنما تشمل كل فرد جعل أمره بين يدي الإنسان من مسؤولية وظيفية أو مسؤولية مجتمعية أيًا كان شكلها، وفي مجال الأسرة يشدد المتخصصون على أهمية معرفة أساليب التربية والتنشئة الصحيحة والإلمام بمبادئ السلوك البشري وكيفية حل مشكلاته وعلى رب الأسرة أن يقضي وقتاً أطول مع أبنائه وأن يكون النموذج الذي يحتذون به فلا يوجد أسلوب للتربية أنجع من التربية بالمُثل والنمذجة والقدوة الحسنة التي ينتقل من خلالها السلوك بكل سلاسة من الآباء إلى الأبناء.

علينا أن نحرص على القيام بدورنا؛ فهذه مسؤولية وأمانة وتأثير عدم القيام بها يتخطى الفرد ليضر المجتمع والوطن والمواطن الذي لا ذنب له سوى أن أحدهم قصر في أداء دوره وترك الحبل على الغارب لينتشر السلوك السيئ في المجتمع.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

طريقة مجربة لاستجابة الدعاء بـ 8 خطوات.. لا تفوت الفرصة

8 خطوات لاستجابة الدعاء، فالدعاء عبادة عظيمة يتقرب بها العبد إلى ربه ويظهر بها حاجته إلى الله سبحانه وتعالى، ويجب الأخذ بالأسباب لـ استجابة الدعاء وقد أمرنا الله عز وجل بها في قوله تعالى "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون"، وقوله تعالى "قال ربكم ادعوني أستجب لكم"، وفي السطور التالية نستعرض 8 خطوات لاستجابة الدعاء يتحقق 

كيف يستجاب الدعاء بسرعة؟

وعد الله - تعالى- عباده بإجابة الدعاء، ولكن هذه الإجابة لها أسباب، وقد تؤخَّر إجابة الدعاء لحكمة بالغة، فإما أن تستجاب الدعوة في الدنيا، أو أن أنها تؤخر إلى الآخرة، أو أن الله يصرف عن العبد فيها شرًا، فالله -حكيم عليم- بما يقدره؛ و لكى يستجاب دعاء الانسان يجب عليه أولًا الأخد بأسباب الإجابة الواردة فى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة:

تحرّي الأوقات الشريفة للدعاء؛ كيوم عرفة، وشهر رمضان، وليلة القدر، ووقت السحر، وما بين الأذان والإقامة.استغلال حالات الضرورة التي يمر بها الإنسان في حياته، فإنه يدعو ربه في هذه الأوقات بتضرع وتذلل واستكانة.حضور مجالس الذكر، ففيها الدعاء مستجاب، ومغفور لأهلها ببركة جلوسهم فيها.العلم بأن الله يجيب للمضطر والمظلوم إذا دعاه، وكذلك لمن يدعو لأخيه في ظهر الغيب، وللوالدين، والمسافر، والمريض، والصائم، والإمام العادل.الإخلاص لله في الدعاء، وحسن الظن به، فإن الله لا يستجيب لمن دعاه بقلب غافل.حضور القلب أثناء الدعاء، والتدبر في معاني ما يقوله الداعي.الصبر وعدم تعجل إجابة الدعاء.التوبة من كل المعاصي، وإعلان الرجوع إلى الله.

كيف تصلى صلاة الحاجة؟.. اعرف صيغة الدعاء بعدها وعدد ركعاتهادعاء الحر الشديد .. اللهم خفف حرارة الشمس وأثرها عليناماذا يحدث بعد قراءة أذكار المساء؟.. 16 دعاء مكتوبا تفتح لك أبواب الخيرهل صحيح أن الدعاء يوم الأربعاء مستجاب؟.. داعية يجيبدعاء الرزق بالولد .. كلمات مُجربة للمحرومين من نعمة الإنجابأيهما أنفع للمتوفى قراءة القرآن أم الدعاء أم الصدقة؟

ما هي آداب استجابة الدعاء؟

بعد أخذ الإنسان بالأسباب السابق ذكرها لاستجابة الدعاء؛ يوجد عدد من الآداب التى يستحب له المحافظة عليها لكى يكون دعاؤه مستجابًا- بإذن الله تعالى- وهى :

-البدء بحمد الله والصلاة على رسوله - صلّى الله عليه وسلّم-، والختم بذلك، فقال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: «إذا صلَّى أحدُكم فليبدَأْ بتحميدِ ربِّهِ والثَّناءِ علَيهِ، ثمَّ يصلِّي علَى النَّبيِّ - صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ-، ثمَّ يدعو بعدُ بما شاءَ».

-الدعاء في الرخاء والشدة، فمَن أحب أن يستجيب الله -سبحانه- له وقت الشدائد، فليكثر من الدعاء في حالة الصحة والفراغ والعافية، لأن من صفات المؤمن وشيَمه أنه دائم الصلة مع الله.

-عدم الدعاء على الأهل، أو المال، أو الولد، أو النفس، فقد نهى رسول الله عن ذلك.

-إخفات الصوت أثناء الدعاء ما بين المخافتة والجهر، قال تعالى: «ادعوا رَبَّكُم تَضَرُّعًا وَخُفيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدين ».

-التضرع إلى الله أثناء الدعاء، والضراعة من الذل والخضوع والابتهال.

-الإلحاح في الدعاء، وهو الإقبال على الشيء والمواظبة عليه؛ فالعبد يكثر من الدعاء ويكرره، ويلحّ بذكر ألوهية الله وربوبيته، وأسمائه وصفاته، وذلك من أعظم ما يطلب به الدعاء.

-التوسّل إلى الله بأنواع التوسل المشروعة؛ كالتوسل باسم من أسماء الله أو بصفة من صفاته، أو التوسل إلى الله بعمل صالح قام به الداعي، أو التوسل إلى الله بدعاء رجل صالح.

-الاعتراف بالذنب والنعمة وقت الدعاء.

-عدم تكلف السجع في الدعاء.

-الدعاء ثلاثًا، واستقبال القبلة، ورفع اليدين أثناء الدعاء، والوضوء قبل البدء بالدعاء إن كان ذلك ميسرًا على الداعي.

-من خشية الله تعالى، وإظهار الافتقار إلى الله، والشكوى إليه.

كيف يستجاب الدعاء؟

يجب على الداعي أن يتحرّي المواطن التي يستجيب الله فيها الدعاء كالسجود وببن الآذان والإقامة وأثناء السجود والثلث الأخير من الليل، ومن ذلك ما أخبر به الله -تعالى- عن استجابته لدعاء زكريا عليه السلام، فقال: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ*فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّـهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ).

 الدعاء بأسماء الله الحُسنى ، وأن يكون المسلم على يقين تام بأن الله تعالى سيستجيب الدعاء، وألا يترك المسلم الفروض الأساسية ويتشغل بالدعاء والدعاء بالأدعية التي جاءت عن الرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم. التوسّل لله تعالى خلال دعاء، والدعاء باستخدام أحد أسماء الله تعالى، أو صفاته. 

الدعاء باستخدام الأدعية التي جاءت على لسان الرسل والصالحون، وعلى المسلم إن يتوب الى الله من كل المعاصي والرجوع الى الله تعالى ، فإن اكثر اولئك الذي يشكون من عدم اجابة الدعاء آفتهم المعاصي فهي خلف من كل مصيبة وعلى المسلم التوسّل لله تعالى بصالح الأعمال التذلّل والاعتراف بالذنب الذي يرتكبه العبد، ورجاء العبد إجابة الدعاء بالرغم من تقصيره.

طباعة شارك كيف يستجاب الدعاء بسرعة الدعاء دعاء 8 خطوات لاستجابة الدعاء استجابة الدعاء

مقالات مشابهة

  • الدكتور يسري جبر: الكف عبادة يترتب عليه ثواب كفعل الخير تمامًا
  • موعد المولد النبوي 2025.. كم باقي على الإجازة؟
  • ما المقصود بـمكر الله في القرآن؟.. دار الإفتاء تجيب
  • كيف تضمن رضا الله؟.. 5 أعمال داوم على فعلها
  • كيف أكون مستجاب الدعاء؟.. 8 خطوات مجربة لا تفوتها
  • كيف يمكن تأهيل الناجين من السجون؟ وما مسؤولية المجتمع؟
  • محافظ الغربية يدير حوارا مع رموز الأزهر لدعم الوعي العام وترسيخ القيم الوسطية
  • طريقة مجربة لاستجابة الدعاء بـ 8 خطوات.. لا تفوت الفرصة
  • الرياضة وخدمة المجتمع.. تكامل لتعزيز جودة الحياة
  • محلل سياسي: بقاء الحوثيين مرهون بمخططات الدول التي تسعى لتمزيق اليمن والسيطرة عليه