موقع النيلين:
2025-03-10@14:23:55 GMT

الثورة الرقمية والشرط الإنساني

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

كتاب «الإنسان العاري، الديكتاتورية الخفية للرقمية» لمارك دوغان وكريستوف لابي، وهو كتاب بالغ الأهمية، يتناول كل القضايا الخاصة بالآثار الكارثية التي خلفتها الثورة الرقمية على الشرط الإنساني، ما يعود إلى علاقة الفرد بالزمان وبالمكان، وعلاقته مع نفسه ومع الآخرين، بل امتد تأثيرها ليشمل مجمل الأنوات التي بها يحيا الفرد، وهي ما يشكل «هوياته» الموزعة على فضاءات لا يلعب فيها الواقعي سوى دور بسيط، وعادة ما يكون مجرد ممر نحو عالم افتراضي لا حد لامتداداته، فعوض أن يبحث الناس في الحياة الحقيقية عن أصدقاء حقيقيين، راحوا يلهثون في الشبكات الاجتماعية وراء «صداقات» وهمية خالية من أي دفء إنساني.

وهذا دليل آخر على أن الفضاء الحميمي يجنح الآن إلى الاختفاء، «فالحياة الخاصة أصبحت مختلفة كلياً»، كما يؤكد ذلك صاحبا الكتاب.

ويرى مترجم الكتاب سعيد بنكراد، أن الثورة الرقمية جاءت بالخير، و«كسب الإنسان بفضلها أشياء كثيرة: في المعلومة ومعالجتها وتداولها وفي الصحة والأمن والسرعة، ولكنه خسر كل شيء أيضاً، الحميمية والحياة الخاصة والحرية والحس النقدي.
إنها مفارقة غريبة، يقول بنكراد «فلم تقُد هذه الثورة بإنجازاتها الكثيرة، كما كان مؤملاً، إلى تجدد الإنسانية وتطورها، وإلى بلورة المزيد من القيم التي تحتفي بروح الأخوة والصداقة والكرامة، بل أعلنت ميلاد «فرد فائق» (hyper individu) يتحرك ضد نفسه وضد المجموع ضمن ممكنات «واقع فائق» (hyper realité). إنه إنسان «مزيد» بالافتراضي والبدائل الاصطناعية، ولكنه مُفرغ من الداخل. لقد اختفى الحلم والمتخيل والفعل الاستعاري عنده لتحل محله «الرغبة» و«الاتصال الدائم»، كل ما يتحقق في «اللحظة»، كما يمكن أن تُعاش في زمنية تنتشر في «فضاء أفقي» مصدره كل الشاشات: التلفاز والحاسوب واللوحات والهواتف المحمولة».

لا يتعلق الأمر بتمثيل مزيف للواقع، كما كانت تفعل ذلك الإيديولوجيا قديماً، بل هو الإيهام الدائم «بأن الواقعي ليس هو الواقعي»، كما يقول جان بودريار، فعالم الحياة الفعلية لا يُدرك إلا من خلال مضاف افتراضي يُعمق غربة الفرد عن نفسه وعن واقعه، ويستدرجه إلى وحدة «ينتشي» بها وسط الجموع. إن الواقعي ناقص، وتلك طبيعته، كما هو الإنسان ناقص أيضاً، وتلك عظمته وذاك مصدر قوته. ولكن النقصان في الحالتين معاً لا يمكن أن يعوض بالافتراضي، بل يجب أن يتجسد في فعل إنساني واقعي يسعى فيه الإنسان إلى التغطية على جوانب النقص في وجوده، وذاك كان مسعاه منذ أن استقام عوده وانفصل عن محيط صامت ليخلق تاريخه الخاص.
لقد امتدت سيطرة الافتراضية في عصر الرقمية لكي يشمل كل شيء. فهي الثابت في وجودنا. فنحن لا نكف عن اللعب بهواتفنا أو لوحاتنا، إننا لا نحس بالآخرين حولنا، بل نبحث عن سلوان ومواساة وفرحة ونشوة، أو حالات استيهام، في ما تقوله الصورة في أجهزتنا. لقد تغير كل شيء في حياة إنسان القرن الحادي والعشرين، لم يعد الناس يعيشون ضمن هذه الثورة باعتبارهم كينونة مستقلة تتغذى من القيم وتنتشي بكل مظاهر العزة والكرامة والاستقلالية في القرار، وفي العواطف.

محمد نجيم – صحيفة الاتحاد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

منسقة الأمم المتحدة تحذر من تخفيض المساعدات للسودان وتدعو لتكثيف الدعم الإنساني

منسقة الأمم المتحدة دعت الحكومات والجهات المانحة والمؤسسات والقطاع الخاص والأفراد إلى تكثيف جهودهم لدعم الاستجابة الإنسانية في السودان.

الخرطوم: التغيير

حذرت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمنتين نكويتا سلامي، من تخفيضات كبيرة في تمويل المساعدات الإنسانية من قبل المانحين الرئيسيين، في وقت تتفاقم فيه الاحتياجات الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة.

وأكدت المسؤولة الأممية، في تغريدة على منصة “إكس”، اليوم الإثنين، أن السودان يمر بأزمة إنسانية حادة، مشددة على أن “هذا هو الوقت الذي يجب أن يتدفق فيه كل شريان حياة لإنقاذ الأرواح”.

كما دعت الحكومات والجهات المانحة والمؤسسات والقطاع الخاص والأفراد إلى تكثيف جهودهم لدعم الاستجابة الإنسانية في السودان.

ويشهد السودان أزمة إنسانية غير مسبوقة منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، ما أدى إلى نزوح أكثر من 8 ملايين شخص داخليًا ولجوء ملايين آخرين إلى دول الجوار، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

وأدى النزاع إلى انهيار الخدمات الأساسية ونقص حاد في الغذاء والدواء، في ظل تحديات متزايدة تواجه المنظمات الإغاثية بسبب تعقيد الأوضاع الأمنية والتراجع الحاد في التمويل الدولي.

Key donors have announced sweeping funding reductions & suspensions, yet needs in #Sudan have never been greater.

This is a time when every lifeline must flow to save lives.

I urge governments, donors, foundations, the private sector, individuals & others to step up for Sudan.

— Clementine Nkweta-Salami (@CNkwetaSalami) March 10, 2025

الوسومالوضع الإنساني في السودان كليمنتاين نكويتا سلامي منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية

مقالات مشابهة

  • منسقة الأمم المتحدة تحذر من تخفيض المساعدات للسودان وتدعو لتكثيف الدعم الإنساني
  • 250 جنيها .. اعرف نصيب الفرد بالزيادة الجديدة على بطاقة التموين
  • حكومة غزة تحذر من تدهور الواقع الإنساني
  • في محاضرته الرمضانية التاسعة.. قائد الثورة: من ثمرة اليقين أن يمتلك المؤمن الحُجّة المقنعة والحرص على هداية الآخرين
  • الساحل السوري وانكشاف الزيف الإنساني
  • شواطىء.. الأنثروبولوجيا.. الإنسـان والعــالم (1)
  • الإمام الطيب : حفظ الله يشمل كل الناس المطيعين والعصاة
  • سبب وفاة معز محمد شريف الناشط بالعمل الإنساني في السودان
  • الأمم المتحدة: منع دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة جريمة حرب
  • في محاضرته الرمضانية السابعة: قائد الثورة: نحن بحاجة دائمة إلى رعاية الله سبحانه وتعالى وبدونها ينتهي الإنسان