تصاعدت التوترات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية مع تهديدات إسرائيلية بشن حرب واسعة على لبنان، حيث أعلن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، أن الوقت قد حان لتغيير الواقع الذي استمر 30 عامًا، مؤكدًا أن هذه الحرب يجب أن تنتهي بالقضاء على حركتي "حماس" و"حزب الله".

وقال سموتريتش في تصريح إذاعي يوم الخميس: "ندفع الآن ثمن 30 عامًا من التصور الخاطئ بعدم الاستعداد لدفع أثمان الحرب، وهذا ما سمح لحماس وحزب الله بتعزيز قوتهما، وهو ما سننهيه خلال ولايتنا".

سموتريتش

في المقابل، شددت الحكومة اللبنانية على ضرورة تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701 لتحقيق الاستقرار في جنوب لبنان. 

نجيب ميقاتي رئيس الوزراء اللبناني 

وأكد وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بوحبيب، خلال لقاء مع سفيري تشيلي والنرويج، على ضرورة الالتزام الكامل بالقرار لتحقيق الأمن المستدام في الجنوب.

 

عبد الله بوحبيب وزير الخارجية اللبناني 

وفي ظل تصاعد الاشتباكات، شهد شهر أغسطس الماضي أعلى معدل من القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل منذ بدء المواجهات في أكتوبر 2023. فقد وثّق جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" أكثر من 1300 عملية إطلاق صواريخ من جنوب لبنان على مواقع إسرائيلية خلال أغسطس، وهو عدد قياسي مقارنة بالأشهر السابقة.

 وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن عمليات الإطلاق تضاعفت أربع مرات مقارنة بشهر يناير الماضي.

ردًا على هذه الهجمات، نفذ الجيش الإسرائيلي غارات جوية مكثفة على مواقع حزب الله في جنوب لبنان، أسفرت عن مقتل عنصر من الحزب يوم الخميس، إضافة إلى مقتل امرأة مدنية في غارات سابقة على بلدتي صديقين وكفرا، ما تسبب أيضًا في أضرار كبيرة بالممتلكات.

 

وأيضا تحضر إسرائيل لإطلاق حملة عسكرية واسعة في شمال البلاد، تستمر الاشتباكات في جنوب لبنان بوتيرة متصاعدة. فقد نفذ الجيش الإسرائيلي، يوم السبت، سلسلة غارات جوية استهدفت مستودعات أسلحة تابعة لحزب الله في منطقتي البقاع وبعلبك، إلى جانب ضرب مواقع للحزب في سبع مناطق جنوبية، شملت الصرفند، شيحين، كفركلا، الطيبة، ميس الجبل، عيترون، والجبين.

وأكدت وزارة الصحة اللبنانية إصابة أربعة أشخاص جراء غارة إسرائيلية استهدفت محيط بلدة الكواخ شمال الهرمل.

وزارة الصحة اللبنانية 


من جهته، أطلق حزب الله يوم السبت أربع رشقات صاروخية نحو الجليل الأعلى شمال إسرائيل، محاولًا استهداف مقر القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي في صفد، ما دفع الجيش الإسرائيلي للرد بضرب مواقع تابعة لحزب الله.

وفي تصعيد آخر، أفادت وسائل الإعلام بأن حزب الله نجح يوم الجمعة في استهداف ثكنة عسكرية إسرائيلية في صفد، ما أدى إلى إصابة أربعة جنود إسرائيليين، وهي المرة الأولى التي يتم فيها تسجيل إصابات مباشرة من هذا النوع.

كما شهدت مناطق في عسقلان ومحيطها صفارات إنذار جراء إطلاق صواريخ من لبنان، حيث سقط نحو 20 صاروخًا على صفد ومحيطها وجنوب بحيرة طبريا، مما تسبب في اندلاع حرائق.

ووفقًا للجيش الإسرائيلي، تم رصد إطلاق 55 صاروخًا من جنوب لبنان خلال اليوم ذاته. ومنذ بداية الصراع في أكتوبر الماضي، تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية مواجهات يومية أدت إلى نزوح أكثر من 113 ألف لبناني، وأسفرت عن مقتل 610 أشخاص في لبنان، بينهم 394 من حزب الله و135 مدنيًا. في المقابل، أعلنت إسرائيل عن مقتل 24 عسكريًا و26 مدنيًا، بينهم 12 قتلوا في الجولان السوري المحتل.

وقف الحرب

من جانبه قال المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب إن الولايات المتحدة تبذل جهودًا مكثفة لمنع فتح جبهة ثانية في شمال إسرائيل وتوسيع الحرب باتجاه جنوب لبنان. موضحًا  أن زيارة المبعوث الأمريكي آموس هوكشتاين إلى المنطقة تهدف إلى منع تصعيد الصراع بين إسرائيل من جهة، وإيران وأذرعها العسكرية من جهة أخرى، مشيرًا إلى أن المواجهة تشمل جوانب عسكرية وأمنية.

وأضاف أبو زينب في تصريحات خاصة لـ «الفجر» أن إسرائيل، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تسعى لاستخدام كل الوسائل الممكنة لضمان أمنها وإبعاد التهديدات الإيرانية، حتى وإن كانت تلك الوسائل غير تقليدية؛ وتطرق إلى أن تحييد سوريا عن المواجهة المباشرة منذ أحداث السابع من أكتوبر لم يمنع تعرض أراضيها لضربات إسرائيلية مكثفة، حيث استهدفت مواقع للحرس الثوري الإيراني والمليشيات التابعة له.

 

المحلل السياسي اللبناني طارق أبو زينب

وتابع أبو زينب قائلًا:" إن هناك معطيات عسكرية جديدة لدى محور الممانعة الإيراني تشير إلى احتمال استخدام إسرائيل للأراضي السورية في حال نشوب حرب ضد لبنان، لضرب مواقع إيرانية وحزب الله في الفترة المقبلة".

وأشار المحلل السياسي اللبناني إلى أن استراتيجية نتنياهو تقوم على تحقيق تسوية تُبعد الخطر عن شمال إسرائيل، لافتًا إلى أن وصول هوكشتاين إلى المنطقة قد يكون جزءًا من محاولة أمريكية لإقناع إسرائيل بالامتناع عن عمل عسكري واسع في لبنان.

وأكد أن الإدارة الأمريكية تدرك أن أي حرب مع حزب الله قد تتسبب في تصعيد واسع يشمل عدة ساحات. ومع ذلك، أضاف أبو زينب أن أي تسوية في الشمال ستظل مرتبطة بالتوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة.

 


توسيع الحرب

أوضح المحلل السياسي اللبناني محمد الرز، أن استراتيجية رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترتكز على مشروعين رئيسيين: الأول هو احتلال كامل فلسطين، بما في ذلك غزة والضفة الغربية والأغوار، بعد إما إبادة أو تهجير أهالي هذه المناطق، وذلك بهدف القضاء على القضية الفلسطينية وإخراجها من معادلة التسويات والمشاريع الإقليمية، وعلى رأسها مشروع "طريق الحرير الهندي" وما يستلزمه من تغييرات ديموغرافية؛ المشروع الثاني يتمثل في فتح المجال لإسرائيل (القوية) لقيادة تحالف إقليمي أطلق عليه نتنياهو اسم "التحالف الإبراهيمي"، وهو ما تحدث عنه في خطاب ألقاه أمام الكونغرس الأمريكي.

وأضاف الرز في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن نتنياهو يراهن على فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث يتوافق الأخير معه في مشروعه، والذي يشكل امتدادًا لما يُعرف بـ "صفقة القرن"؛ وبناءً على هذه الاستراتيجية، يعتبر احتلال الضفة الغربية هدف نتنياهو الأول بعد غزة، إلا أن معارك حزب الله في جنوب لبنان تحت شعار مساندة غزة شكلت عقبة تهدد تحقيق هذا المشروع.

المحلل السياسي اللبناني محمد الرز 

وأشار الرز إلى أن نتنياهو يرى في مقاومة حزب الله، المدعوم من إيران، مشكلة إقليمية كبيرة تعوق مشروعه، ما دفعه إلى تحويل أولوياته من الضفة الغربية إلى جنوب لبنان. وعلى الرغم من هذه الاستراتيجية، فإن الوقائع على الأرض، خاصة مع دخول الحرب على غزة شهرها الثاني، تشير إلى عجز الحكومة الإسرائيلية عن تحقيق أهدافها؛ فلم تتمكن من إبادة حركة حماس، ولا من تهجير سكان القطاع، كما فشلت في استعادة الأسرى.

وأكد الرز أن توسيع الحرب باتجاه جنوب لبنان يعتبر مغامرة بكل المقاييس، بسبب الجغرافيا الصعبة، وتفوق نوعية وكمية الأسلحة التي يمتلكها حزب الله، مما قد يؤدي إلى تدمير متبادل بين الطرفين. كما أن دخول دول من "محور المقاومة"، مثل اليمن وفصائل العراق، في المعارك قد يعقّد الأمور أكثر.

وأوضح الرز أن أحزابًا إسرائيلية تعارض هذا التوسع العسكري، كما أن هناك تخوفًا لدى مسؤولين في إدارة البيت الأبيض من عجز الجيش الإسرائيلي عن تغيير الواقع في الشمال بعد فشله في تحقيق الأهداف في الجنوب.

وأشار إلى أن إسرائيل وضعت خطة للدخول البري إلى جنوب لبنان من خلال اختراق من منطقة الجولان المحتلة إلى وسط سهل البقاع، يتكامل معه إنزال عسكري شمال نهر الليطاني لخلق شريط حدودي معزول من السلاح. ولكن هذه الخطة تحمل فجوات عديدة، وربما للمرة الأولى قد تتساوى أو تفوق خسائر الجيش الإسرائيلي أي إنجاز محتمل، خصوصًا أن حزب الله ومعه محور المقاومة أعدوا خطة لمواجهة حرب طويلة قد تستمر لسنتين أو أكثر، مما قد يعرقل تنفيذ مشروع "طريق الحرير الهندي" الذي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقه في مواجهة "مبادرة الحزام والطريق" الصينية.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: حزب الله اسرائيل لبنان حماس الصراع بين إسرائيل و حزب الله الصراع اللبناني و الإسرائيلي

إقرأ أيضاً:

خطوة حاسمة.. الجيش الإسرائيلي يستعد لفرض منطقة عازلة في جنوب لبنان!

أوصى قائد المنطقة الشمالية بالجيش الإسرائيلي، أوري غوردين، خلال جلسات مغلقة بالسماح للجيش بالسيطرة على منطقة أمنية عازلة في جنوب لبنان.

وحسبما أوردت صحيفة "يسرائيل هيوم" نقلا عن مصادر قالت إنها اطلعت على التوصية: "اعتبر غوردين أن الظروف مواتية وتتيح للجيش القيام بمثل هذه الخطوة في غضون وقت غير طويل، حيث قتل الكثير من عناصر قوة رضوان وهي وحدة النخبة لحزب الله التي انتشرت بالقرب من الحدود، خلال 11 شهرا من المعارك، أو أنهم فروا شمالا".

كما استند إلى نزوح عدد كبير من السكان المدنيين من قرى جنوب لبنان، وتشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن 20% من السكان ما زالوا يعيشون هناك ممن كانوا يسكنون المنطقة قبل 7 أكتوبر، حسبما أوردت الصحيفة.

وقال غوردين إن "انخفاض نسبة السكان بهذا الشكل سيسمح للجيش بتنفيذ هذه العملية ببساطة وسرعة أكثر"، مشيرا إلى أن هدف هذه الخطوة هو إزالة التهديد وإبعاد قوات "حزب الله" بحيث لا تشكل تهديدا على سكان الشمال، بالإضافة إلى تشكيل رافعة ضغط من أجل التوصل إلى تسوية دائمة، وهذه الخطوة ستدفع الحزب للتوصل إلى تسوية مقابل انسحاب الجيش من المنطقة.

وبحسبما جاء في صحيفة "يسرائيل هيوم"، فإن هذه الخطوة ستمثل بداية معركة كبيرة وواسعة ضد "حزب الله"، وليس من الواضح إمكانية السيطرة عليها حتى لا تستغرق مدة طويلة وعدم تطورها إلى حرب إقليمية شاملة.

وينظر المستوى السياسي الإسرائيلي على أنه في ظل فشل الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى تسوية سياسية مع "حزب الله" اللبناني، لا مفر من عملية عسكرية واسعة من أجل إعادة سكان الشمال إلى منازلهم.

وفي السياق، من المزمع أن يلتئم الكابينيت مساء اليوم الاثنين بشأن الجبهة الشمالية، وذلك بعد أن قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إدراج إعادة سكان الشمال إلى منازلهم ضمن أهداف الحرب.

ويأتي ذلك خلال زيارة مبعوث الرئيس الأمريكي عاموس هوكشتاين، إلى إسرائيل اليوم لمحادثات بشأن لبنان مع نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وكبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.

وتأتي زيارة هوكشتاين في ظل قلق إدارة بايدن من تصاعد الخطاب في الجيش الإسرائيلي وخصوصا بالقيادة الشمالية في ما يتعلق بشن حرب على لبنان.

مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم سياسية: نتنياهو جهز الإسرائيليين لفتح جبهة جنوب لبنان
  • تفاصيل الهجوم الإسرائيلي على أهداف لحزب الله في جنوب لبنان
  • جيش الاحتلال والشعب الإسرائيلي غاضبون من نتنياهو.. ماذا فعل؟
  • أين كان نتنياهو وغالانت لحظة الهجوم على لبنان وكيف تتأهب إسرائيل؟
  • وزير الإعلام اللبناني للجزيرة: إسرائيل اعتدت على سيادة لبنان وتجر المنطقة للحرب
  • حرب برية وشيكة وبرمجيات خبيثة.. خبراء يشرحون سيناريوهات الوضع في جنوب لبنان
  • «أكسيوس»: إقالة نتنياهو لوزير الدفاع وسط الأزمات الحالية في غزة ولبنان جنون
  • نتنياهو: لا يمكن إعادة مواطنينا إلى الشمال دون تغيير جذري في الوضع الأمني
  • خطوة حاسمة.. الجيش الإسرائيلي يستعد لفرض منطقة عازلة في جنوب لبنان!
  • في حال اندلاع حرب مع لبنان.. على ماذا يراهن نتنياهو؟