أنقرة- كثّفت المعارضة التركية خلال الأسابيع الماضية دعواتها لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، وسط تصاعد التوترات السياسية والاقتصادية في البلاد.

ورجّح رئيس حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل أن تشهد تركيا انتخابات مبكرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2025، وأكد أن الشعب لن ينتظر حتى عام 2028 لإجراء الانتخابات، مشددا على استعداد حزبه لتولي السلطة.

وأضاف "إذا كان الرئيس أردوغان يخطط للترشح مجددا، فعليه ألا يتجاوز موعد نوفمبر/تشرين الثاني 2025، إذ لن نقبل بأي محاولة للترشح بعد هذا التاريخ".

في المقابل، عبّر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن رفضه القاطع لدعوات المعارضة المتزايدة بشأن إجراء انتخابات مبكرة، قائلا إن "هذه المطالبات لا تعنينا، فهي مجرد صراع داخلي بين أطراف المعارضة، ولا شأن لنا بها".

وأضاف "أمامنا 4 سنوات دون انتخابات، ولن نسمح بإدخال البلاد في أجواء انتخابية، في ظل الأزمات التي نواجهها حاليا".

وتأتي هذه التوترات في أعقاب فترة التطبيع السياسي التي دعا إليها أردوغان، واستجاب لها زعيم المعارضة أوزيل، مما جعل الأخير عرضة لانتقادات حادة على المستويين الداخلي والخارجي، إذ يسعى أردوغان من خلالها إلى التنسيق من أجل كتابة دستور جديد للبلاد.

شروط الانتخابات المبكرة

ينص الدستور التركي على إمكانية ترشح الرئيس الذي فاز بولايتين رئاسيتين للانتخابات في حال تم إقامتها مبكرا خلال الفترة الثانية من ولايته، إذ من الممكن لأردوغان أن يترشح مرة أخرى في حال توجهت البلاد إلى انتخابات جديدة في أي وقت قبل الموعد المقرر في عام 2028.

وحسب الدستور التركي، فإن هناك طريقتين لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة في تركيا. الأولى تتمثل في دعوة من رئيس الجمهورية لإجراء الانتخابات المبكرة، ولكن في هذه الحالة، لا يحق له الترشح للمنصب. أما الطريقة الثانية، فهي إصدار قرار من البرلمان، ويتطلب ذلك موافقة 3 أخماس أعضاء مجلس الأمة التركية الكبير، أي ما لا يقل عن 360 نائبا من أصل 600 مقعد.

إلا أن هذه الأغلبية غير متوفرة لدى أي من الأحزاب الرئيسية في البرلمان الحالي، ففي حين يمتلك حزب "العدالة والتنمية" الحاكم 266 مقعدا، يمتلك حزب "الشعب الجمهوري"، المعارض الرئيسي، 128 مقعدا.

ويضم البرلمان التركي 14 حزبا ممثلا عبر نواب في مقاعده، أبرزهم حزب "الحركة القومية" (50 مقعدا)، حزب "ديفا" (15 مقعدا)، حزب "الرفاه من جديد" (4 مقاعد)، و"المساواة وديمقراطية الشعوب" (57 مقعدا).

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (يمين) ورئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض أوزغور أوزيل (الأناضول) موقف الأحزاب الأخرى

أبدى رئيس حزب "الرفاه الجديد" فاتح أربكان ترحيبه بدعوة الانتخابات المبكرة، قائلا "لم تعد لدى الأمة القدرة على الصمود حتى عام 2028. يجب إجراء الانتخابات المبكرة في أقرب وقت ممكن، لتحقيق التغيير الذي عبّرت عنه الأمة بأصواتها في انتخابات 31 مارس/آذار".

من جانبه، أكد رئيس حزب "الجيد" المعارض مسعود درويش أوغلو استعداد حزبه لخوض الانتخابات المبكرة في أي وقت، لكنه أعرب عن اعتراضه على الطرح الذي يقدمه حزب الشعب الجمهوري.

وأوضح درويش أوغلو أن التصريحات التي تصدر عن قيادات الحزب الجمهوري، والتي تؤكد أنهم سيكونون "الفائزين والمتفوقين" في حال إجراء انتخابات مبكرة، لا تعكس بالضرورة الواقع السياسي، مشيرا إلى أن المنافسة ستبقى مفتوحة على جميع الاحتمالات.

وفي تعليقها، قالت سيفدا كاراجا، نائبة حزب "العمل" اليساري، إن الحكومة لم تعد تسير وفق المسار الطبيعي، مؤكدة أن الانتخابات تبقى الوسيلة الأهم للمواطنين للتعبير عن مطالبهم، مشيرة إلى أن الحديث عن الانتخابات المبكرة أصبح جزءا لا يتجزأ من المشهد السياسي الحالي.

على ماذا تعول المعارضة؟

أوضح الباحث السياسي أحمد أوزغور أن المعارضة التركية تعتبر الوضع الاقتصادي الراهن فرصة ذهبية للدفع باتجاه انتخابات مبكرة. فمع غياب أي مؤشرات على إصلاحات اقتصادية وشيكة، تجد الحكومة نفسها تحت ضغط كبير يمكن للمعارضة استغلاله.

وأضاف، في حديثه للجزيرة نت، أن المعارضة تستمد ثقتها من فوزها غير المتوقع في الانتخابات المحلية الأخيرة، وهو ما أعاد إليها الأمل في استعادة الناخبين الذين ابتعدوا عنها لفترة طويلة. هذا الانتصار المفاجئ زاد من إيمان المعارضة بقدرتها على استقطاب الشارع مجددا، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية التي تعاني منها البلاد.

أما في ما يخص زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزيل، فيرى الباحث أنه "تعرض لانتقادات واسعة بعد انخراطه في مسار التطبيع مع الحكومة، مما أثار اتهامات بأن حزبه بات يخدم أجندة السلطة الحاكمة. هذه الضغوط تدفعه الآن إلى تبني موقف معارض أكثر صلابة، إذ يسعى لاستعادة ثقة قاعدته الشعبية وتحدي الرئيس أردوغان".

لماذا يرفض أردوغان؟

من ناحيته، يوضح الصحفي ومدير "مركز القارات الثلاث" أحمد حسن في حديثه للجزيرة نت أن رفض الرئيس التركي فكرة الانتخابات المبكرة ينبع من عاملين رئيسيين: الأول يتعلق بمصلحة الرئيس وحزب العدالة والتنمية، إذ إن الدعوة لانتخابات مبكرة في هذه المرحلة قد تكون غير مجدية لهما، فالحزب بعد خسارته في الانتخابات البلدية، وفي ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد، لن يحقق مكاسب من انتخابات مبكرة، بل قد تتسبب في تهديد مكتسباته الحالية.

أما العامل الثاني، فيعود إلى رؤية الفريق الاقتصادي للحكومة، الذي يركز على خطط لإنعاش الاقتصاد، وهي خطط تتطلب فترة من الاستقرار بعيدا عن أجواء الانتخابات، التي قد تعرقل هذه الجهود. وبالتالي، فإن أي دعوة للانتخابات المبكرة قد تتعارض مع هذه الأهداف.

ويرى حسن أن المعارضة التركية لن تنجح في تحريك الشارع للضغط باتجاه انتخابات مبكرة، إذ إنها أهدرت هذه الفرصة بعد نجاحها في الانتخابات البلدية وتراجع تأثير الضغوط الاقتصادية على الشارع. كما أن التضخم يتجه نحو التحسن، مما يقلل من دوافع المواطنين للتحرك ضد الحكومة.

بالإضافة إلى ذلك، فشلت المعارضة في استقطاب نواب من خارج صفوفها لدعم مطالبها بإجراء انتخابات مبكرة، مما يجعل هذا القرار مرتبطا فقط بموافقة نواب حزب العدالة والتنمية وحلفائه، وهو أمر غير وارد في الوقت الراهن.

ويشير حسن إلى أن احتمال إجراء انتخابات مبكرة قد يكون واردا فقط في نهاية الفترة الحالية، أي قبل عام أو عامين من موعد الانتخابات المقرر، وذلك بعد ظهور مؤشرات واضحة على تحسن اقتصادي. والهدف من ذلك سيكون منح أردوغان فرصة للترشح لفترة جديدة، وضمان أغلبية ساحقة في البرلمان تمكنه من تأسيس دستور جديد من دون الحاجة لدعم المعارضة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات إجراء انتخابات مبکرة الانتخابات المبکرة حزب الشعب الجمهوری مبکرة فی رئیس حزب

إقرأ أيضاً:

تقرير دولي يحذر من ضعف الديمقراطية في أوروبا

قال معهد دولي إن الدول الأوروبية التي تصف بالمستقرة تشهد تدهورًا في سيادة القانون. وأشار إلى تراجع إقبال الناخبين والشرعية الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، مما يسلط الضوء على المخاوف بشأن فرنسا وهولندا وإسبانيا.

اعلان

تتراجع جودة الانتخابات الديمقراطية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في أوروبا، وفقًا لتقرير الحالة العالمية للديمقراطية 2024، الذي نشره المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية "IDEA" اليوم الثلاثاء.

يجري التقرير تحليلا لجودة الانتخابات والإقبال عليها وتلقي النتائج، وإن كانت تؤخذ على محمل الجد أو تؤدي إلى احتجاجات. وفي هذا العام الذي يصف بأنه "مزدحم جدا" توجه 3 مليارات شخص إلى صناديق الاقتراع.

وصف سام فان دير ستاك مدير برنامج أوروبا في المعهد الدولي النتائج في تصريحات لـيورونيوز بأنها "مثيرة للقلق". وقال إن أعداد الناخبين انخفضت بنسبة 10% تقريبا على مدى خمسة عشر عامًا، وأضاف أن الخاسر لم يقبل النتيجة في حوالي خمس الانتخابات.

امرأة تدلي بصوتها بالانتخابات التشريعية الرومانية في بوخارست برومانيا 6 ديسمبر 2020 Andreea Alexandru/AP

وحدث هذا الانخفاض على الرغم من العديد من المحاولات حول العالم التي تهدف إلى جعل العمليات الانتخابية أكثر سهولة، كخفض سن التصويت في قبرص وليتوانيا.

وبالرغم من أن نتائج أوروبا أفضل من غيرها، يحذر التقرير من أن بعض مكونات "الديمقراطية السليمة" تتعرض للتهديد، كالحريات المدنية وإمكانية الوصول إلى العدالة.

Relatedجولة اعادة في انتخابات قبرص التركيةالاستطلاعات الأولية تشير إلى اتجاه انتخابات قبرص نحو جولة إعادةالرئيس الجزائري الفائز ب94.7% ينضم الى منافسيه للطعن في نتائج الانتخابات ونزاهتها

وظهر أن سيادة القانون في أوروبا شهدت انخفاضًا ملحوظًا على مدى خمس سنوات، في التقرير الذي فحص 221 انتخابات وطنية أجريت في 159 دولة بين أيار/مايو 2020 ونيسان/أبريل 2024.

وقال فان دير ستاك: "تمارس السلطات التنفيذية في بعض البلدان الأوروبية ضغوطًا على المحاكم، وتملؤها بمن يدعمونها"، مشيرا إلى الضغط على الديمقراطية في بلغاريا واليونان وهولندا والبرتغال وإسبانيا.

وقال التقرير إن العديد من الدول الأوروبية تشهد تأخرا في مجال حرية التعبير والصحافة، ولفت إلى صراعات اليونان مع الحرية الأكاديمية ومحاولات الحكومات في إيطاليا وسلوفاكيا للضغط على وسائل الإعلام.

كما تمت الإشارة إلى فرنسا سلبا بسبب مخاوف بشأن استبعاد أشخاص من العمليات السياسية بناء على عوامل اقتصادية.

مغريات تقلص الفجوة

ويشير التقرير إلى أن الفجوة بين أوروبا الشرقية والوسطى والغربية تقل. وجاء أن احتمال انضمام بعض الدول إلى الاتحاد الأوروبي يساعد على اللحاق بالركب.

علم الاتحاد الاوربي في قمة بمبنى المجلس الأوروبي في بروكسلOmar Havana/AP

وقال التقرير إن ألبانيا وكوسوفو ومولدوفا أحرزت تقدمًا في موضوع إمكانية الوصول إلى العدالة والمساواة الاقتصادية وحرية التعبير، في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية.

وأضاف أن أوكرانيا أجرت كذلك عملية اختيار شفافة وقائمة على أساس الكفاءة، في اختيار القضاة لمحكمتها الدستورية واستأنفت الإجراءات التأديبية ضد القضاة.

شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية المحكمة الإدارية في تونس تُطالب بإعادة إدراج 3 أسماء على قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية الهيئة المستقلة للانتخابات في الأردن تعلن فوز حزب جبهة العمل الإسلامي بـ31 مقعدًا من نجوم تلفزيون ورياضيين إلى سياسيين: تعرف على أعضاء المفوضية الأوروبية الجدد نتائج الانتخابات السياسة الأوروبية انتخابات عامة أوروبا ديمقراطية نسبة الامتناع عن التصويت اعلاناخترنا لك يعرض الآن Next عاجل. مقتل 11 وإصابة آلاف بتفجير أجهزة اتصال تابعة لحزب الله في لبنان وسوريا.. وإسرائيل تحذر من عاقبة الرد يعرض الآن Next منظمة العفو الدولية تتهم سلطات تونس باعتقال العشرات وتصعيد حملة القمع قبيل انتخابات الرئاسة المقبلة يعرض الآن Next ماذا نعرف عن جهاز "البيجر" الذي اخترقته إسرائيل بلبنان ودمشق وأصاب نحو 2800 مدني ومن عناصر حزب الله؟ يعرض الآن Next شولتس وماكرون في القائمة: من هم القادة الأوروبيون الأقل شعبية في القارة العجوز؟ يعرض الآن Next كييف بوست: هجوم أوكراني على قاعدة روسية لإنتاج المسيّرات قرب حلب اعلانالاكثر قراءة ظهرت في 15 دولة.. هذا ما نعرفه عن سلالة فيروس كوفيد-19 الجديدة الرئيس الإيراني: لم نزود اليمن بصواريخ متطورة ونسعى لتحسين علاقاتنا مع دول الجوار ترامب: خطاب بايدن وكامالا هاريس وراء محاولة اغتيالي تفاصيل محاولة الاغتيال الجديدة لدونالد ترامب: من هو المشتبه به الذي هدد ب"حرق الكرملين"؟ 3 مؤشرات تدل على أن إسرائيل تقترب من تنفيذ عملية عسكرية واسعة في جنوب لبنان اعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومإسرائيلالحرب في أوكرانيا حزب اللهروسياالمملكة المتحدةفرنساالصحةالصراع الإسرائيلي الفلسطيني فلاديمير بوتينالمفوضية الأوروبيةقطاع غزةغزة Themes My Europeالعالمالأعمالالسياسة الأوروبيةGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامج Services مباشرنشرة الأخبارالطقسجدول زمنيتابعوناAppsMessaging appsWidgets & ServicesAfricanews Job offers from Amply عرض المزيد About EuronewsCommercial Servicesتقارير أوروبيةTerms and ConditionsCookie Policyتعديل خيارات ملفات الارتباطسياسة الخصوصيةContactPress OfficeWork at Euronewsتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024

مقالات مشابهة

  • أوشيش يدعو لإجراء انتخابات عامة مبكرة نهاية النصف الأول من 2025
  • تقرير دولي يحذر من ضعف الديمقراطية في أوروبا
  • بنغلاديش: مظاهرات حاشدة لأنصار الحزب الوطني المعارض في دكا تطالب بانتخابات مبكرة
  • العفو الدولية بتونس تندد بقمع الحريات قبيل الانتخابات
  • “العنف أصبح سمة أمريكية”.. “الغارديان”: الولايات المتحدة تستعد لانتخابات مشتعلة
  • انتخابات البلديات في شرق سوريا.. لماذا لا تدعمها واشنطن؟
  • هل تنجح المعارضة في الدفع إلى انتخابات مبكرة في تركيا؟
  • الرئيس السنغالي يحل البرلمان ويعلن عن انتخابات مبكرة
  • فنزويلا توقف أميركيين وإسبانيين بتهمة العمل على "زعزعة الاستقرار"
  • هكذا وصف الاتحاد الأوروبي نظام مادورو بعد الانتخابات الأخيرة