كيف ساهم البودكاست في تغيير حياة النساء؟ تجارب إيجابية من مختلف دول العالم
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
هل يمكن لبرنامج لا تتجاوز مدته ساعة ونصف الساعة أن يكون سببا في تغيير حياة سيدة؟ أو ربما تغيير حياة أسرة بأكملها؟ بحسب العديد من الأبحاث الحديثة فالإجابة هي نعم، إذ يُنظر الآن إلى برامج "البودكاست" في أنحاء العالم على أنها من محفزات الإبداع والتغيير الإيجابي، خاصة تلك الموجهة إلى المرأة.
وبحسب أبحاث حديثة، فإن هذه البرامج أسهمت في تغيير حياة كثير من النساء في أنحاء العالم إلى الأفضل، خاصة اللائي يمتلكن بالفعل مشاريع شخصية أو عامة، عبر استكشاف موضوعات وقصص مختلفة ودقيقة عن النساء، مثل العنف النفسي من الشريك، وبناء الاتصال بين الرائدات الريفيات، ودعم رائدات الأعمال من الصين إلى الشرق الأوسط، وغير ذلك كثير.
آية ناصر ربة منزل وأم لـ3 أطفال، تستغل الوقت المخصص لأعمال تنظيف المنزل اليومية في الاستماع إلى مجموعة من برامج البودكاست الموجهة إلى النساء.
وقت ثابت وفائدة ممتدة في تجربة تتحدث عنها إلى "الجزيرة نت" بقولها "كنت في البداية أتابع مقاطع ترفيهية أو ربما مسلسلات فاتتني. لكن قبل مدة وبينما كنت أتجول في قنوات اليوتيوب، وجدت العديد من برامج البودكاست الموجهة إلى المرأة. نفعها يفوق الخيال، أولها كان عن أشكال إفساد الرأسمالية للأسرة، وآخر عن الاستعداد للأمومة، والثالث عن تطوير الذات والتخطيط والذكاء العاطفي وكيفية إدارة المشاعر".
نجح برنامج بودكاست موجه إلى الطبيبات في تأسيس اتحاد للطبيبات في بريطانيا عبر 4 مواسم تضمنت 60 حلقة (شترستوك)وأضافت "أسئلة كثيرا ما دارت في عقلي، ثم وجدتني أنخرط في متابعة العديد منها، خاصة تلك التي تناقش قضايا دقيقة جدا، مثل معضلة تطوير الذات لدى الأمهات، وحقوق الأطفال والأم، وقد جدت أفكارا وإجابات مقنعة جدا".
كثيرات مثل آية، فبحسب الإحصاءات ينمو سوق البودكاست بسرعة كبيرة، حتى إن من المتوقع أن يتجاوز حجمه 17.5 مليار دولار بحلول عام 2030، مع قرابة 5 ملايين برنامج بودكاست بـ100 لغة حول العالم يستمع إليها نحو 460 مليون مستمع، من بينها 2427 برنامجا عربيا بحسب موقع "البودكاست العربي".
هكذا أسهم في تمكين المرأة عالميافي المملكة المتحدة، نجح برنامج بودكاست موجه إلى الطبيبات، من إنتاج اتحاد للطبيبات في بريطانيا، وعبر 4 مواسم تضمنت إنتاج 60 حلقة مجانية، في إلهام مزيد من الطبيبات لتحسين حياتهن المهنية، ومنحهن الثقة للتقدم في العمل لأدوار قيادية مع الحفاظ على أدوارهن كزوجات وأمهات، وذلك بحسب دراسة أشارت إلى الدور الذي لعبه البودكاست في هذا السياق.
وهي النتيجة ذاتها التي خلصت إليها ورقة بحثية برازيلية أشارت إلى 511 منتجة بث صوتي في البرازيل، استطعن التفاعل مع الأجندة السياسية للبلاد وحقوق الإنسان، كما استطعن رسم خريطة واضحة وفارقة لملامح النساء في البلاد.
مزيد من الدراسات من بلاد مختلفة في العالم تشير إلى الدور القوي للبودكاست من النساء العاملات إلى سيدات الأعمال وحتى الرائدات الريفيات، وهي وجهة نظر يدعمها الدكتور كريم الدمنهوري أستاذ الإعلام الدولي والصحافة بجامعة دنفر الأميركية.
أستاذ الإعلام الدولي والصحافة بجامعة دنفر الأمريكية كريم الدمنهوري أكد تأثير البودكاست في حياة السيدات (مواقع التواصل الإجتماعي)يقول الدكتور الدمنهوري للجزيرة نت "أصبح لبرامج البودكاست دور فعال في تحسين حياة كثيرين، من حيث سهولة الحصول على المعلومة بشكل حواري بسيط وعملي وتسليط الضوء على نماذج ملهمة في الحياة. وهذا ينطبق أيضا على السيدات خاصة مع برامج البودكاست النسائية التي تتناول مواضيع شائكة تخرق الصمت حول بعض القضايا في حياة السيدات. ولكن في الوقت نفسه برامج البودكاست ليست بالقدر نفسه من التوافر في الوطن العربي كأميركا مثلا، ومن ثم فهذه البرامج في المنطقة ما زالت في طورها الأول".
وأضاف "أشهر برامج البودكاست استماعًا بين السيدات في العالم هو (كول هير دادي) الذي تقدمه أليكساندرا كوبر، وأذكره هنا كمثال على نجاح توليفة تناول التابوهات والقضايا الشائكة التي تخص السيدات بشكل فكاهي وعفوي. وهذا القالب تتلخص قوته في تناول المواضيع التي تخص السيدات بصوت السيدات وهو ما يغاير الإعلام التقليدي الذي تعلو فيه أصوات الرجال".
كلمة السر في اختراق التابوهاتتتعمد الصحافية المصرية نهى لملوم، منتجة بودكاست "أحمر داكن"، تناول مواضيع مسكوت عنها اجتماعيا، وهي أيضا منتجة ومدربة على البودكاست لدى عدد من الجامعات.
تقول لملوم للجزيرة نت "في الأيام الأخيرة أصبح التدوين الصوتي أداة مهمة من أدوات السرد الرقمي لنشر الوعي بين فئات كبيرة من الجيل الحالي، وخاصة بين النساء. إذ يعدّ مصدر إلهام وتحفيز لسهولة الاستماع إليه في أي وقت، فضلا عن تنوع الموضوعات التي يقدمها. فأصبحنا نرى كيف يمكن لحلقة واحدة أن تغيّر فكرًا أو تصحح مفاهيم مغلوطة لدى البعض، بودكاست عن تنمية الذات وريادة الأعمال يسلط الضوء على نماذج نسائية ملهمة في مجالات متعددة بالحياة".
وتضيف "كثيرا ما ترى النساء في ضيوف هذه الحلقات انعكاسا لأنفسهن، خاصة أن البودكاست أتاح الفرصة لشريحة واسعة من أصحاب القصص الملهمة والناجحات للظهور ومشاركة تجاربهن الإنسانية، بعكس وسائل الإعلام التقليدية التي كانت تقتصر إلى حد كبير على عرض حياة المشاهير".
وتشير لملوم إلى أنها أصبحت تسمع عبارات مثل "نستمع إلى أشخاص يشبهوننا يروون تجارب تشبه تلك التي مررنا بها نحن أيضا"، و"هو الأمر الذي يعكس التأثير الكبير الذي خلقه الاستماع للبودكاست، لكونه يعرض قصصًا قريبة من حياتنا"، حسب قولها.
من المتوقع أن يتجاوز حجم سوق البودكاست العالمي 17.5 مليار دولار بحلول عام 2030 مع قرابة 5 ملايين برنامج بـ100 لغة (شترستوك)وتضيف "أطلقت خلال جائحة كورونا بودكاست (أحمر داكن)، وهو سلسلة حلقات توثق علاقة النساء بأجسادهن وتسلط الضوء على أهمية نشر الوعي بالصحة النفسية والجسدية التي تحتاجها النساء في مراحل عديدة من حياتهن، حاولت من خلاله كسر الصمت المحيط ببعض المواضيع الاجتماعية، مثل حلقة: عندما زارتنا الدورة الشهرية أول مرة، التي تحدثت فيها عن استقبال أجسادنا لمرحلة البلوغ وكيفية تعامل الأهل معها في المنزل. الحلقة كشفت عن جوانب أخرى من معاناة النساء، وبعض النساء اللاتي استمعن لها أخبرنني أنهن كنّ يستمعن لأصواتهن الداخلية، وأن كل قصة تحتوي على جزء يشبه قصتها".
ثم تتابع "أخبرتني أيضا إحدى صديقاتي أن زوجها استمع معها إلى حلقة اكتئاب ما بعد الولادة، فبدأ يهتم بها أكثر ويبحث عن هذه المرحلة في حياة الأمهات الجدد. كذلك ناقشنا في حلقات أخرى موضوعات مثل وسائل منع الحمل، ولماذا تتحمل النساء وحدهن المسؤولية، خاصة في ظل المخاطر الصحية التي تتعرض لها بعضهن نتيجة استخدام وسائل غير ملائمة، وخصصت أيضا حلقات تشمل رسائل تطلقها النساء للحديث عن مراحل البلوغ والحمل، واضطرابات ما بعد الصدمة، واكتئاب الحمل والولادة، وقصص تحرش آثارها النفسية ما زالت حبيسة بداخلهن".
تقول لملوم إنها في كل مرة تفتتح فيها قصة جديدة تخبرها بطلاتها أنهن شعرن براحة نفسية وتصالحن مع ذواتهن بعد أن أتاح لهن البودكاست الفرصة لتحرير قصصهن المكبوتة.
أما المستمعات، فقد حصلن على جرعة من الحماسة والإلهام، سواء للتعبير عن مشكلاتهن أو لاكتساب خبرات جديدة من خلال التجارب والقصص التي تمت مشاركتها، حسب الصحافية المصرية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات تغییر حیاة النساء فی
إقرأ أيضاً:
السياحة الجيولوجية في الإمارات تستقطب الباحثين والزوار من مختلف أنحاء العالم
تعد السياحة الجيولوجية في دولة الإمارات ضمن حملة “أجمل شتاء في العالم” من العوامل الهامة لتعزيز السياحة الداخلية وجذب الباحثين والزوار من جميع أنحاء العالم.
وأكد سعادة المهندس سيف غباش، وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية المساعد لقطاع البترول والغاز والثروة المعدنية أن دولة الإمارات تتمتع بتراث جيولوجي غني يمتد تاريخه إلى أكثر من 600 مليون سنة مشيراً إلى أهمية هذا التراث في تعزيز السياحة الجيولوجية بوصفه جزءا من مبادرة “أجمل شتاء في العالم.
وقال إن هذا التنوع الجيولوجي الفريد يعكس العمليات الطبيعية التي شكلت تضاريس الدولة عبر العصور، ما أوجد طبيعة مميزة ومواقع ذات قيمة جيولوجية عالية تجذب الباحثين والسياح من مختلف أنحاء العالم.
وأضاف أن السياحة الجيولوجية في دولة الإمارات تشكل جسراً يجمع بين العلم والجمال والاستدامة، ما يضع الدولة على خريطة السياحة العالمية ويعزز مكانتها وجهة رئيسية للباحثين والسياح على حد سواء، في إطار رؤية وطنية تسعى لاستدامة التراث الطبيعي وإثراء الاقتصاد.
وأكد المهندس سيف غباش أهمية تضافر الجهود لتطوير قطاع السياحة الجيولوجية من خلال تطوير البنية التحتية و توفير مسارات مخصصة للمشي في المناطق الجبلية، وإنشاء مرافق تدعم الأنشطة الترفيهية مثل التخييم والتسلق، والترويج والتسويق للمواقع الجيولوجية الفريدة، وحماية المواقع الجيولوجية من التدهور وضمان استدامتها للأجيال القادمة.
وأشار إلى أن وزارة الطاقة والبنية التحتية تلعب دورًا محوريًا في توثيق التراث الجيولوجي للدولة من خلال برنامج المسح الجيولوجي الوطني، الذي أتاح إنشاء قاعدة بيانات جيولوجية وجيوفيزيائية شاملة تغطي المعادن، الصخور، والموارد الطبيعية والمائية ، منوها إلى أن هذه البيانات تُثري المحتوى المعرفي وتسهم في دعم خطط الاستدامة البيئية والاقتصادية.
وقال إن مكتبة الوزارة تضم إصدارات متخصصة في مجال الجيولوجيا، تسلط الضوء على تكوين الجبال والجزر والمعادن، و هذه الإصدارات تدعم جهود الترويج للسياحة الجيولوجية عالميًا، وتسهم في تعزيز فهم الظواهر الجيولوجية بين مختلف الفئات.
وأضاف أن السياحة الجيولوجية في الإمارات تعد فرصة اقتصادية واستثمارية واعدة تسهم في تنويع مصادر الدخل وتعزيز الاستدامة البيئية ، ومن خلال الجهود الحكومية المستمرة في الحفاظ على التراث الجيولوجي، تواصل الدولة تعزيز مكانتها وجهة رائدة في هذا المجال، مما يدعم رؤيتها في تحقيق التنمية المستدامة وجذب المزيد من السياح والباحثين من مختلف أنحاء العالم.
وأوضح سعادته أن دولة الإمارات أدركت مبكراً أهمية الحفاظ على التراث الجيولوجي وتعزيز السياحة الجيولوجية حيث تعمل وزارة الطاقة والبنية التحتية على تفعيل البرنامج الوطني لحماية التراث الجيولوجي من خلال عدة مبادرات، أبرزها، تنظيم فعاليات “المسير الجيولوجي” لتعريف المجتمع بأهمية المواقع الجيولوجية، وإدراج المواقع الطبيعية ضمن قوائم الحماية البيئية، وإطلاق برامج توعوية لنشر المعرفة العلمية حول التكوينات الجيولوجية، وتعزيز البنية التحتية في المناطق الجبلية لاستقطاب المزيد من السياح والباحثين، إضافة إلى سعيها للانضمام إلى الشبكة العالمية للحدائق الجيولوجية التابعة لليونسكو.
من جانبه قال خالد الحوسني، مدير إدارة الجيولوجيا والثروة المعدنية في وزارة الطاقة والبنية التحتية، إن التضاريس الجيولوجية في دولة الإمارات تمثل سجلًا حيًا لتاريخ الأرض، وهي موزعة على مناطق رئيسية، أبرزها المناطق الجبلية التي تمتاز بتشكيلات صخرية نادرة مثل تكوينات “الأفيوليت”، التي تُعد من أندر التتابعات الصخرية عالميًا، فيما تشكل هذه الجبال، الممتدة شرقًا، مقصدًا للسياح والعلماء على حد سواء، حيث يجذب تباين ألوانها ومنحدراتها الطبيعية الزوار لاكتشاف جمالها والتاريخ الديناميكي لها الذي يعود إلى 95 مليون سنة، كما أن هذه المناطق الجبلية هي الأكثر مطرًا في الدولة، ما أدى إلى نشوء واحات ومزارع وينابيع طبيعية، فضلاً عن تنظيم أنشطة سياحية مثل تسلق الجبال واستكشاف الكهوف.
وأضاف أن السياحة الجيولوجية في الدولة تتخذ مسارين رئيسيين، الأول النمط العلمي الذي يستهدف العلماء والباحثين وطلاب الجامعات والمدارس ويمكنهم من دراسة التراكيب الجيولوجية الفريدة والتتابعات الطبقية والأحافير، وبدورها تستهدف وزارة الطاقة والبنية التحتية بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة تصميم برامج سياحية علمية موجهة لهذه الفئة، وتسويقها عالميًا لجذب الجامعات ومراكز البحث التي تحتاج إلى مواقع ميدانية لدراسة الجيولوجيا، والثاني النمط الترفيهي، الذي يستهدف السياح الباحثين عن الراحة والاستجمام في مواقع طبيعية فريدة مثل الكثبان الرملية أو الجبال الخلابة.
وأكد الحوسنى أن السياحة الجيولوجية في الإمارات تعد نشاطًا مستدامًا يهدف إلى الاستمتاع بالمظاهر الطبيعية ذات الأهمية الجيولوجية دون الإضرار بتكويناتها، مما يساهم في الحفاظ على هذا التراث الطبيعي للأجيال المقبلة.
وتشمل التضاريس الجيولوجية في دولة الإمارات، السهول الحصوية والصحراوية، حيث تغطي الكثبان الرملية حوالي 74% من مساحة الدولة، وتعد متحفًا طبيعيًا لأنواع الكثبان المختلفة، مثل الكثبان الهلالية والطولية والنجمية، منها على سبيل المثال واحة ليوا، التي تتميز بكثبانها الرملية التي يصل ارتفاعها إلى أكثر من 100 متر، مما يجعلها وجهة مثالية لمحبي المغامرات مثل سباقات السيارات والدراجات والتزلج على الرمال.
كما تحتوي المناطق الساحلية والجزرية على جزر مثل دلما وصير بني ياس وصير أبو نعير، التي تتميز بتكوينات ملحية جيولوجية نادرة، فيما تشكل جبال الملح ألباب هذه الجزر نتيجة عمليات جيولوجية تعود إلى ملايين السنين.
وتُعد هذه الجزر، إلى جانب المناطق الساحلية المليئة بالشعاب المرجانية، وجهات سياحية ساحرة لمحبي الطبيعة والاستجمام فيما تعتبر الواحات التاريخية مثل واحات العين وهيلي والبريمي، مواقع جذب سياحي تجمع بين الجمال الطبيعي والتاريخ الثقافي من خلال القلاع والأفلاج التي تعكس عبقرية الإنسان الإماراتي في التعامل مع البيئة الطبيعية.
وتتمتع دولة الإمارات بمقومات فريدة تجعلها وجهة متميزة للسياحة الجيولوجية فهي تضم تضاريس جيولوجية متنوعة تشمل سلسلة جبال الحجر، وصخور الأفيوليت النادرة التي تعود إلى أكثر من 90 مليون سنة، إلى جانب الكثبان الرملية الشاهقة في صحراء الربع الخالي، كما توفر الدولة مواقع جيولوجية مثل وادي الوريعة في الفجيرة وشلالاته الطبيعية، التي تتيح تجارب استكشافية لمحبي الطبيعة، وتعزز شبكة الطرق المتطورة والمرافق الفندقية الحديثة من سهولة الوصول إلى هذه المواقع.وام