لحظات خط النار في لبنان تكشفها اليونيفيل.. هكذا يعيش العناصر!
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية تقريراً عن وضع قوات "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان وتحديداً في ظل الحرب القائمة بين لبنان وإسرائيل منذ 8 تشرين الأول الماضي. ويقول التقرير إنه "تحت وطأة التوتر المتصاعد على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، تجد قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل) نفسها في مواجهة تحديات وأخطار غير مسبوقة وسط النزاع المتجدد بين إسرائيل وحزب الله".
وإثر جولة ميدانية خاصة مع الوحدة الإسبانية التابعة لليونيفيل، يكشف التقرير عن تحول في مهمة هذه القوات من مراقبة هادئة لوقف إطلاق النار إلى دور أكثر خطورة كحاجز بين قوتين متحاربتين.
ويقول المقدم الإسباني خوسيه إيريساري، واصفا الواقع الجديد الذي يواجهه أفراد اليونيفيل: "هناك لحظات يكون فيها الوضع هادئاً، ثم فجأة، نشهد على يومين من القتال المستمر" في المنطقة التي تحولت إلى ساحة قتال شبه يومية تهدد بتحويل الاشتباك المحدود إلى حرب شاملة.
"الدور غير المريح" ولسنوات، راقبت اليونيفيل وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل الذي استمر بشكل أو بآخر منذ عام 2006، لكن منذ بداية الحرب في غزة، تشرين الأول الماضي، يعمل حفظة السلام على تخفيف حدة النزاع من خلال نقل الرسائل بين الجيش الإسرائيلي والجماعة اللبنانية المسلحة.
ومع فرار المدنيين بأعداد كبيرة على جانبي الحدود، تغير موقف اليونيفيل من مراقبة الانتهاكات على الحدود إلى دوريات على جبهة قتال، وهو دور غير مريح شبهه إيريساري بكونه حاجزاً قائلاً: "نحن لا نتصرف ضد أي شخص. لكن لو لم تكن اليونيفيل هنا، أنا متأكد جدا أن الوضع سيتصاعد".
وتأسست قوات اليونيفيل عام 1978 لمراقبة انسحاب إسرائيل من لبنان. واليوم، في ظل النزاع الحالي، تسعى جاهدة لتخفيف حدة التوترات من خلال لعب دور الوسيط بين الجيشين اللبناني والإسرائيلي.
وحتى تشرين الأول الماضي، كانت هناك آلية وساطة أكثر رسمية تجمع مسؤولين عسكريين من الطرفين في غرفة واحدة تحت إشراف اليونيفيل، لكن هذه الآلية تم تعليقها منذ ذلك الحين. وعلى الرغم من أن حزب الله لم يكن طرفاً مباشراً في هذه المحادثات، إلا أن مصالحه كانت تُمثَّل ضمنيا من خلال الجيش اللبناني، وفقا للصحيفة الأميركية.
وأعلن منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في لبنان، عمران ريزا، الجمعة، عن تخصيص حزمة مساعدات طارئة بقيمة 24 مليون دولار من الصندوق الإنساني للبنان لدعم الفئات الأكثر ضعفا، وتلبية الاحتياجات العاجلة للمتضررين من القصف الإسرائيلي المستمر في الجنوب. ومع تصاعد التوترات، يقرّ مسؤولو اليونيفيل بقدراتهم المحدودة في حال اندلاع حرب شاملة، إذ يقتصر دورهم على محاولات منع التصعيد، دون امتلاك القدرة الفعلية على وقف الحرب إذا اندلعت بشكل كامل.
في هذا الجانب، يؤكد، ثاناسيس كامبانيس، مدير مركز "القرن الدولي"، أن قوات اليونيفيل صُممت في الأساس لتكون "نموذجا لإدارة النزاع وتجنب التصعيدات غير المقصودة"، وليس لحل الصراعات الجذرية أو مواجهة التصعيدات المتعمدة الناتجة عن انعدام الثقة وسوء التقدير.
ووصلت مخاوف اتساع نطاق النزاع إلى ذروتها هذا الصيف، إثر اغيتال إسرائيل في أواخر تموز الماضي، لقيادي بارز في حزب الله في ضواحي بيروت وهو فؤاد شكر. وبعد أقل من شهر، تحديدا في 25 آب الماضي، شهدت المنطقة أعنف تبادل للنيران بين الطرفين.
وفي خضم هذا التصعيد، وجدت قوات اليونيفيل نفسها في قلب الأزمة. هنا، يروي النقيب ألفونسو ألبار، عضو الوحدة الإسبانية، كيف تم رفع مستوى التأهب إلى أعلى درجاته (المستوى 3)، مما استدعى لجوء القوات إلى الملاجئ تحت الأرض.
في سياق كلامه، يقول ألبار: "قضينا خمس ساعات في الملجأ، نسمع باستمرار أصوات نظام القبة الحديدية الإسرائيلي المضاد للصواريخ".
"انتهاكات هائلة" ومنذ انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000، شهدت المنطقة الحدودية تحولا في طبيعة الانتهاكات. وقبل تشرين الأول 2023، كانت هذه الأحداث تقتصر غالبا على حوادث بسيطة، كعبور المزارعين بحيواناتهم للحدود، إضافة إلى بعض الاشتباكات المتفرقة بين حزب الله وإسرائيل.
أما اليوم، فقد تصاعد الوضع بشكل خطير، حيث يشهد الخط الأزرق تبادلا يوميا لعشرات القذائف بين الطرفين.
وتصف كانديس أرديل، المتحدثة باسم اليونيفيل، الوضع الراهن قائلة إن "كمية الانتهاكات هائلة"، غير أنها تضيف أنه بالرغم من القصف، لا يزال حفظة السلام "ينسقون بين الجيشين الإسرائيلي واللبناني لتسهيل المهام اليومية في المنطقة الحدودية، مثل مكافحة الحرائق أو إصلاح المرافق، لحماية العمال الذين يقومون بعملهم فقط".
وتقع قاعدة الوحدة الإسبانية التابعة لليونيفيل على بعد مئات الأمتار فقط من الخط الأزرق، في نقطة التقاء حدود سوريا وإسرائيل ولبنان. وتضم 109 فردا، من بينهم 36 جنديا من السلفادور.
ومن أبراج المراقبة في موقعها الاستراتيجي، تشهد قوات اليونيفيل المشهد المتوتر بأكمله: الملاجئ العسكرية الإسرائيلية، مواقع إطلاق النار التابعة لحزب الله، ومرتفعات الجولان.
وعلى الرغم من التصعيد الحاد، ظلت قاعدة اليونيفيل بمنأى عن الاستهداف المباشر خلال النزاع الحالي.
ومع ذلك، لم تخلُ المهمة من الخسائر البشرية، فقد قُتل متعاقد مع اليونيفيل هذا الشهر إثر ضربة استهدفت سيارته، كما أصيب حلاق يعمل مع الوحدة الإسبانية بنيران قناص إسرائيلي أثناء توجهه لعمله، وفقا للصحيفة. (الحرة)
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: قوات الیونیفیل
إقرأ أيضاً:
جهود دبلوماسية متواصلة لوقف إطلاق النار في لبنان
لا تزال الجهود الدبلوماسية متواصلة من أجل التوصّل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب بين حزب الله وإسرائيل، وتجنيب لبنان المزيد من الخراب والدمار.
والمسعى الأهمّ في هذا الإطار يقوده المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين بين لبنان وإسرائيل، من أجل مناقشة مجموعة من البنود قد توصل أقلّه إلى هدنة في الأيّام المقبلة، إفساحًا في المجال لإرساء هدنة دائمة بين الطرفين.
والبحث يتركّز الآن حول فرصة الوصول إلى مثل هذا الاتفاق مع استمرار الحرب بوتيرة عالية في الجنوب اللبناني كما وفي البقاع.
المحلل السياسي جورج عاقوري، يوضح في حديث لموقع "الحرة"، أنّه "حتى هذه اللحظة المساعي الدولية لوقف إطلاق النار لا ترقى إلى مرحلة جدية، بل شهدنا تقاطعًا في المواقف حول وقف إطلاق النار، ولكن لكل جهة خلفيتها وأسبابها، فنتانياهو ليس مستعجلا لوقف إطلاق النار ولتقديم هكذا ورقة للإدارة الأميركية في الأيام الأخيرة لها".
وأضاف أنّ "نتانياهو ليس محرجًا بما فيه الكفاية عسكريًا كي يسعى لوقف إطلاق النار، بل على العكس هو يواصل ضرباته بغية تحقيق هدفه الواضح والعلني والذي يجاهر به وهو القضاء على حزب الله عسكريًا كي لا يشكل خطرًا لا على شمال إسرائيل ولا حتى على إسرائيل ولم يعد يقتصر الأمر على منطقة دون غيرها".
ويتابع عاقوري أنّ "الجانب اللبناني وتحديدًا حزب الله فهو ومن خلاله إيران يسعيان إلى وقف إطلاق النار ولكن حتى هذه اللحظة وقف مقاربتهما المجتزأة للقرار 1701. وإيران تعتبر أنّه يشكّل لها فرصة للحد من الضرر على ذراعها في لبنان، وحزب الله يعتبر أنّ وقف إطلق النار قد يسمح له بأن يستعيد أنفاسه خصوصًا مع الضربات غير المسبوقة والمكثّفة لسلاح الجو الإسرائيلي في كافة أرجاء لبنان وخصوصًا على المناطق التي تشكل بيئة حاضنة له".
ويخلص عاقوري إلى أنّ "الوصول إلى وقف إطلاق النار مستبعد لأنّ ما يحكى عن شروط إسرائيلية تنطبق عليها مقولة لبنانية بأنّ "من لا يريد أن يزوّج ابنته يرفع من قيمة مهرها، أي أنّ بعض ما يحكى عن شروط إسرائيلية هو أمر غير منطقي وغير قابل للتطبيق ويمسّ بالسيادة اللبنانية، كالحديث عن أنّ إسرائيل تريد الاحتفاظ بحركتها في الأجواء اللبنانية بغية مراقبة أي خروقات لتطبيق القرارات الدولية في المستقبل".
أما بالنسبة إلى الحراك الدولي والعربي، فيقول عاقوري في حديثه لموقع "الحرة"، إنّ هذا الحراك "لا يضغط حتى هذه اللحظة في سبيل وقف إطلاق النار، مع أنّه يتمنى التوصّل إلى ذلك، لكن يمكن القول إنّ كل هذه الأطراف أصبحت متضرّرة من وجود حزب الله وهي تعلن ذلك، والحزب مارس طيلة سنوات انتهاكًا لسيادة الدول واعتداء عليها بالمواقف ما أفقده أي شبكة أمان أو أي شبكة تواصل دوليّة جديّة".
من جهته الكاتب والمحلل السياسي سيمون أبو فاضل، فيعتبر في حديث لموقع "الحرة"، أنّ "المساعي التي تشهدها الساحة الإقليمية والدولية لتطويق الحرب في لبنان وغزة، لا تحمل أيّة مؤشرات للحلّ، فبالنسبة إلى غزة، حصل اجتماع في الدوحة لم يتوصّل فيه المجتمعون إلى أيّ حلّ حتى اليوم لأنّ الموضوع مرتبط بتسوية إقليمية كبرى، أي أنّ الدول التي ستدخل وترعى غزة مثل السعودية وقطر ومصر مقابل التحضير لمنطق الدولتين من خلال مؤتمر دولي، فهو موضوع سابق لأوانه، لكن يحكى أنّ هذه الدول هي من سيرعى الإعمار في بعد الحرب، وهذه علمية تحضيرية فقط، ولن يحصل أي اتفاق في هذه الآونة خصوصًا قبل أيّام قليلة تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأميركية".
وفي الموضوع اللبناني يقول أبو فاضل أنّ " إسرئيل عندما رأت في حماس بعد 7 أوكتوبر أنّها تنظيم متطرف إرهابي قريب من "داعش"، وكما وصفها المجتمع الدولي، ثم رأت كيف قابلها حزب الله، الحزب الشيعي المهدوي الذي سبق أن قاتلها في سوريا، أيضًا بالقصف على إسرائيل، وبما يسمّى "المشاغلة"، ترسّخت لدى الطرف الإسرائيلي فكرة بضرورة إبعاد أي وجود مسلّح عن إسرائيل، لذلك ما يحصل في لبنان هو عمليّة مستمرّة لأنّ هناك سقفًا في موضوع الضوابط الأمنية يتخطى الـ 1701، وما يحصل من دمار وتهجير وتهديد، يندرج في هذا الإطار ومن أجل هذه الغاية، من هنا لا يمكن الحديث عن اتّفاق في غزة أو في لبنان، قبل إنجاز الانتخابات الأميركية، وإسرائيل لن توقف الحرب، وأيضًا إيران لن توقف الحرب والحزب لن يستسلم لأنّ الموضوع يرتبط بإيران وبالثمن الذي سوف تحصل عليه، وهي تحضّر لها الكرسي لمرحلة الحوار في المنطقة، وبالتالي فكل شيء مؤجّل في هذه المرحلة".
وكان رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، وصف اجتماعه الأخير مع الموفد الأميركي الخاص هوكشتاين، بأنه "أكثر من جدّي ووصلنا إلى نتيجة إيجابية"، معلنًا تمسّك لبنان بالقرار 1701 "كما هو من دون أي تغيير". وأشار إلى أن هوكشتاين قال، خلال اللقاء الذي جمعهما منذ أسبوع، إنّه سيحمل الموقف الرسمي اللبناني إلى إسرائيل، ويعود إليه بجواب "بعد بضعة أيام"، الأمر الذي لم يحصل لغاية اليوم.
وكانت مصادر للحرة ذكرت بأنّ ورقة هوكستين قد طلبت تعديل نصّ مقدّمة القرار 1701 لجعله قرارًا "يهدف إلى إحلال السلام على الحدود بين لبنان وإسرائيل ومنع أي وجود مسلح في المناطق اللبنانية القريبة من هذه الحدود، كما طلبت توسيع النطاق الجغرافي لسلطة القرار الدولي، إلى شمال نهر الليطاني بمسافة عدة كيلومترات على أن تزيد عدد القوات الدولية العاملة ضمن قوات حفظ السلام.