هل تنتهي الحرب بنهاية العام كما توقّع قادة سودانيون؟
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
الخرطوم- توقع مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني إنهاء الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع قبل نهاية هذا العام، بينما يرجح خبراء أن الجيش يعول على الحسم العسكري لا المفاوضات، بعدما حصل على أسلحة نوعية، بالموازاة مع ذلك نشطت تحركات أفريقية وأميركية لإنعاش عملية السلام.
وخلال مخاطبته مؤتمر تطوير الخدمات الصحية بشرق السودان في منطقة أركويت، قال عقار إن "الحرب ستنتهي في ديسمبر/كانون الأول المقبل، وفيه يمكنك المشي في الشوارع من دون عصا"، واعتبر أن النزاع الحالي ليس حربا تقليدية، وإنما "حرب مرتزقة بلا هدف ولا عقيدة، تقودها قوى إقليمية".
يأتي حديث عقار في ظل تكثيف الجيش غاراته الجوية منذ الأسبوع الأول من سبتمبر/أيلول الجاري على قوات الدعم السريع في ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار ومدن إقليم دارفور، ونشرت منصات قريبة من الجيش مقتل قيادات ميدانية بارزة للدعم السريع.
وقال ياسر العطا، عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش، إن القوات المسلحة حصلت على أسلحة نوعية جديدة ستحدث تحولا كبيرا في المعركة وستسهم في تدمير "المليشيا المتمردة" قريبا، مؤكدا أن القوات المسلحة ستتحرك قريبا من جميع الاتجاهات لتحرير كل شبر من أرض السودان.
وجزم العطا -خلال مخاطبته ضباط الفرقة الثالثة مشاه في مدينة شندي بولاية نهر النيل- بأن نهاية "مليشيا الدعم السريع" باتت قريبة وأن ساعة النصر قد اقتربت.
وفي وقت سابق، قال عضو مجلس السيادة ونائب القائد العام للجيش شمس الدين كباشي، في لقاء مع صحفيين سودانيين ومصريين حضرته الجزيرة نت، إن الجيش يملك زمام المبادرة وسيرى الشعب قريبا متغيرات على الأرض.
لا مؤشرات على الحسممن جانبه، يعتقد الخبير العسكري والأمني عبد الله سليمان أنه لا توجد مؤشرات بأن هناك حسما عسكريا قريبا لصالح أي من طرفي النزاع رغم تحقيق الجيش تفوقا نسبيا في الفترة الأخيرة بفضل الطيران الحربي والمدفعية ودقة في إصابة أهداف وتدمير مركبات قتالية وخطوط إمداد ومخازن سلاح للدعم السريع، مما يشير إلى حصوله على أسلحة جديدة.
وفي حديث للجزيرة نت، يقول الخبير إن الجيش دخل خلال الفترة الماضية في مرحلة إعادة تنظيم، من حيث القوة البشرية، والتأمين اللوجستي لمواد تموين القتال، استعدادا لمرحلة جديدة في العمليات تستهدف تدمير القوة الصلبة لقوات الدعم السريع وإنهاكها والاستعداد للتحرك على الأرض عقب موسم الأمطار الذي تتوقف فيه العمليات البرية لصعوبة تحريك المركبات والمعدات العسكرية.
وبرأيه، فإن الخطاب الذي يتبناه الجيش يتجه نحو مزيد من التصعيد، وإعلانه عن حصوله على أسلحة نوعية تأكيد على تبنيه خيار الحرب، لكن هذا لا يعني أن الحسم سيكون قريبا، لأن أي نوع من الأسلحة الجديدة يحتاج لفترة تجهيز وتدريب، كما أن طبيعة حركة قوات الدعم السريع عبر مجموعات صغيرة تجعل الحسم العسكري صعبا ويأخذ وقتا أطول.
أما الخبير العسكري العميد المتقاعد إبراهيم عقيل مادبو، فيرى أن مالك عقار له خبرة قتالية طويلة ويتمتع بذهنية قتالية، وتوقعه بانتهاء الحرب خلال 3 أشهر أقرب للواقع، لأنه مطلع على عمل الأطراف المشاركة في المعركة ونقاط قوتها وضعفها وتحالفاتها والتكتيكات القتالية المتبعة.
وحسب حديث الخبير للجزيرة نت، فإن كل المعطيات تشير إلى أن قوات الدعم السريع بدأت في التراجع في محاور عدة بعد استخدام الجيش أسلحة نوعية وانفتاحه في مناطق جديدة، ولم تحقق قوات الدعم السريع انتصارا طوال الشهور الماضية، ولم تنجح إلا في دخول قرى آمنة خالية من الوجود العسكري والقصف العشوائي على مناطق سكنية في سنار وأم درمان، واعتبر ذلك مؤشرا على قرب انهيارها وفقدانها القيادة والسيطرة على الميدان.
وثمة مواقف أخرى من جهات داعمة أو موالية لقوات الدعم السريع حاولت التقليل من تصريح مالك عقار، ولكنها تغفل أن دخول أسلحة نوعية في المعارك عكستها مجريات القتال الأسبوع الماضي في مدينة الفاشر وولايتي الجزيرة والخرطوم بتلقي الدعم السريع ضربات موجعة دفعتها للانسحاب من بعض المناطق وفرار كثير من مقاتليها في عودة عكسية إلى ديارهم في إقليمي دارفور وكردفان، وفقا للخبير العسكري.
تحركات للسلاموبالموازاة مع التصعيد العسكري، نشطت تحركات سياسية لإنعاش عملية السلام، إذ أجرى مسؤولون من الاتحاد الأفريقي مشاورات في الإمارات والسعودية لبحث فرص وقف الحرب في السودان والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
وزار رئيس اللجنة رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي المعنية بالسودان محمد بن شمباس الرياض وأبو ظبي، وناقش مع مسؤولين في البلدين تنسيق الجهود الإقليمية والدولية بشأن أزمة السودان.
وأكد بن شمباس قناعة الاتحاد الأفريقي بأنه لا يوجد حل عسكري للأزمة في السودان، مشددا على الحاجة الملحة إلى وقف إطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وبدء حوار سياسي شامل لوضع الأساس لسودان سلمي ومستقر.
كما نفذ المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو جولة شملت السعودية ومصر وتركيا وسيختتمها بالدوحة، لتحريك مسار المفاوضات بعد غياب الحكومة السودانية والجيش عن مفاوضات جنيف أخيرا.
والتقى المبعوث الأميركي في القاهرة قوى مدنية وناشطين و3 كتل سياسية شملت قوى الكتلة الديمقراطية بزعامة جعفر الميرغني وتحالف الحراك الوطني برئاسة التجاني السيسي وتنسيقية العودة لمنصة التأسيس برئاسة محمد وداعة.
وقال القيادي في الكتلة الديمقراطية مبارك أردول -في تصريح- إن بيرييلو أبلغهم بأنه مستعد لزيارة بورتسودان لإجراء مباحثات مع رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان وإنه ينتظر تأشيرة دخول السودان، وكان مجلس السيادة رفض طلب المبعوث لقاءه في مطار بورتسودان.
ويكشف محمد وداعة -في تصريح للجزيرة نت- عن أنهم أبلغوا المبعوث الأميركي أن حل الأزمة يبدأ بتنفيذ قوات الدعم السريع "إعلان جدة" والخروج من منازل المواطنين والأعيان المدنية.
ويوضح أن بيرييلو الذي جاء للقاء وحيدا انفعل في نهاية الاجتماع بعدما تحدث عن التعاون السوداني مع روسيا وإيران، واتهم الجيش بالتعنت نتيجة تأثيرات خارجية، وقال إنه على اتصال بقيادات في الجيش، لكنه فشل في الظهور كوسيط محايد ونزيه ولم ينتظر أي رد على حديثه وأنهى الاجتماع متعذرا بقرب موعد طائرته ولم تحدث أي تفاهمات أو نقاطا مشتركة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات قوات الدعم السریع مجلس السیادة أسلحة نوعیة على أسلحة
إقرأ أيضاً:
الفاشر.. اشتباكات عنيفة بين الجيش و”الدعم السريع” وتوقف مطابخ خيرية
الفاشر: اندلعت الاثنين، اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور غربي البلاد، توقف على إثرها عدد من المطابخ الخيرية عن تقديم وجبات الطعام داخل المدينة، وقالت “الفرقة السادسة مشاة” بالفاشر التابعة للجيش السوداني في بيان مقتضب، إن قواتها “تخوض معركة عنيفة في المدينة بثبات وشجاعة وتتقدم في جميع المحاور”.
من جانبها، قالت “تنسيقية مقاومة الفاشر” (لجنة شعبية)، إن “معارك شرسة متواصلة تدور في مدينة الفاشر اليوم الاثنين بالأسلحة الثقيلة والخفيفة”.
وأردفت في بيان: “نأسف أن ننقل إليكم هذا الخبر الثقيل على قلوبنا جميعا، إذ أعلنت عدة تكايا (مطابخ خيرية) ومراكز لتقديم الوجبات في مدينة الفاشر توقفها عن العمل مؤقتاً إلى حين هدوء الأوضاع، نتيجة للواقع القاسي الذي تعيشه المدينة هذه الأيام”.
وأوضحت أنه “مع اشتداد القصف العنيف والمتعمد، أصبح تحضير وجبة ساخنة مخاطرة بحياة الطهاة والمتطوعين”.
َوتقدم “التكايا” بدعم خيري، وجبات الطعام لعشرات الآلاف من السكان والنازحين في الفاشر، جراء الحرب والحصار الذي تفرضه “الدعم السريع” على المدينة منذ أكثر من عام، وفق مراسل الأناضول.
ومنذ 10 مايو/ أيار 2024، تشهد الفاشر اشتباكات بين قوات الجيش و”الدعم السريع” رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة، التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.
وفي السياق، أعلنت منظمة الهجرة الدولية، عن نزوح أكثر من 406 آلاف شخص من مخيم زمزم للنازحين بالفاشر.
وقالت المنظمة في بيان: “نزح حوالي 406.265 شخص، أي 81.252 أسرة خلال يومي 13 و14 أبريل/ نيسان الجاري”.
وأشارت إلى أنها سجلت حتى أمس الأحد، حركة نزوح من مخيم زمزم إلى 19 منطقة في ولايات شمال ووسط وشرق وجنوب دارفور.
وبعد هجوم متواصل لقوات الدعم السريع على مخيم زمزم استمر عدة أيام، أعلنت تلك القوات السيطرة على المخيم في 13 أبريل الجاري، بعد اشتباكات مع الجيش والقوات المساندة له، ما أدى إلى سقوط 400 قتيل ونزوح عشرات الآلاف، وفق الأمم المتحدة.
ويخوض الجيش السوداني و”الدعم السريع” منذ منتصف أبريل 2023 حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل ونحو 15 مليون نازح ولاجئ، وفق الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدر بحث لجامعات أمريكية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.
ومنذ أسابيع و بوتيرة متسارعة، بدأت تتناقص مساحات سيطرة الدعم السريع في ولايات السودان لصالح الجيش، وتمددت انتصارات الأخير في الخرطوم بما شمل السيطرة على القصر الرئاسي، ومقار الوزارات بمحيطه، والمطار، ومقار أمنية وعسكرية.
وفي الولايات الـ17 الأخرى، لم تعد “الدعم السريع” تسيطر سوى على أجزاء من ولايتي شمال كردفان وغرب كردفان وجيوب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، بجانب 4 من ولايات إقليم دارفور.
(الأناضول)