الجزيرة:
2024-12-26@09:35:12 GMT

هل تنتهي الحرب بنهاية العام كما توقّع قادة سودانيون؟

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

هل تنتهي الحرب بنهاية العام كما توقّع قادة سودانيون؟

الخرطوم- توقع مالك عقار نائب رئيس مجلس السيادة السوداني إنهاء الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع قبل نهاية هذا العام، بينما يرجح خبراء أن الجيش يعول على الحسم العسكري لا المفاوضات، بعدما حصل على أسلحة نوعية، بالموازاة مع ذلك نشطت تحركات أفريقية وأميركية لإنعاش عملية السلام.

وخلال مخاطبته مؤتمر تطوير الخدمات الصحية بشرق السودان في منطقة أركويت، قال عقار إن "الحرب ستنتهي في ديسمبر/كانون الأول المقبل، وفيه يمكنك المشي في الشوارع من دون عصا"، واعتبر أن النزاع الحالي ليس حربا تقليدية، وإنما "حرب مرتزقة بلا هدف ولا عقيدة، تقودها قوى إقليمية".

يأتي حديث عقار في ظل تكثيف الجيش غاراته الجوية منذ الأسبوع الأول من سبتمبر/أيلول الجاري على قوات الدعم السريع في ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار ومدن إقليم دارفور، ونشرت منصات قريبة من الجيش مقتل قيادات ميدانية بارزة للدعم السريع.

وقال ياسر العطا، عضو مجلس السيادة ومساعد القائد العام للجيش، إن القوات المسلحة حصلت على أسلحة نوعية جديدة ستحدث تحولا كبيرا في المعركة وستسهم في تدمير "المليشيا المتمردة" قريبا، مؤكدا أن القوات المسلحة ستتحرك قريبا من جميع الاتجاهات لتحرير كل شبر من أرض السودان.

وجزم العطا -خلال مخاطبته ضباط الفرقة الثالثة مشاه في مدينة شندي بولاية نهر النيل- بأن نهاية "مليشيا الدعم السريع" باتت قريبة وأن ساعة النصر قد اقتربت.

وفي وقت سابق، قال عضو مجلس السيادة ونائب القائد العام للجيش شمس الدين كباشي، في لقاء مع صحفيين سودانيين ومصريين حضرته الجزيرة نت، إن الجيش يملك زمام المبادرة وسيرى الشعب قريبا متغيرات على الأرض.

لا مؤشرات على الحسم

من جانبه، يعتقد الخبير العسكري والأمني عبد الله سليمان أنه لا توجد مؤشرات بأن هناك حسما عسكريا قريبا لصالح أي من طرفي النزاع رغم تحقيق الجيش تفوقا نسبيا في الفترة الأخيرة بفضل الطيران الحربي والمدفعية ودقة في إصابة أهداف وتدمير مركبات قتالية وخطوط إمداد ومخازن سلاح للدعم السريع، مما يشير إلى حصوله على أسلحة جديدة.

وفي حديث للجزيرة نت، يقول الخبير إن الجيش دخل خلال الفترة الماضية في مرحلة إعادة تنظيم، من حيث القوة البشرية، والتأمين اللوجستي لمواد تموين القتال، استعدادا لمرحلة جديدة في العمليات تستهدف تدمير القوة الصلبة لقوات الدعم السريع وإنهاكها والاستعداد للتحرك على الأرض عقب موسم الأمطار الذي تتوقف فيه العمليات البرية لصعوبة تحريك المركبات والمعدات العسكرية.

وبرأيه، فإن الخطاب الذي يتبناه الجيش يتجه نحو مزيد من التصعيد، وإعلانه عن حصوله على أسلحة نوعية تأكيد على تبنيه خيار الحرب، لكن هذا لا يعني أن الحسم سيكون قريبا، لأن أي نوع من الأسلحة الجديدة يحتاج لفترة تجهيز وتدريب، كما أن طبيعة حركة قوات الدعم السريع عبر مجموعات صغيرة تجعل الحسم العسكري صعبا ويأخذ وقتا أطول.

أما الخبير العسكري العميد المتقاعد إبراهيم عقيل مادبو، فيرى أن مالك عقار له خبرة قتالية طويلة ويتمتع بذهنية قتالية، وتوقعه بانتهاء الحرب خلال 3 أشهر أقرب للواقع، لأنه مطلع على عمل الأطراف المشاركة في المعركة ونقاط قوتها وضعفها وتحالفاتها والتكتيكات القتالية المتبعة.

وحسب حديث الخبير للجزيرة نت، فإن كل المعطيات تشير إلى أن قوات الدعم السريع بدأت في التراجع في محاور عدة بعد استخدام الجيش أسلحة نوعية وانفتاحه في مناطق جديدة، ولم تحقق قوات الدعم السريع انتصارا طوال الشهور الماضية، ولم تنجح إلا في دخول قرى آمنة خالية من الوجود العسكري والقصف العشوائي على مناطق سكنية في سنار وأم درمان، واعتبر ذلك مؤشرا على قرب انهيارها وفقدانها القيادة والسيطرة على الميدان.

وثمة مواقف أخرى من جهات داعمة أو موالية لقوات الدعم السريع حاولت التقليل من تصريح مالك عقار، ولكنها تغفل أن دخول أسلحة نوعية في المعارك عكستها مجريات القتال الأسبوع الماضي في مدينة الفاشر وولايتي الجزيرة والخرطوم بتلقي الدعم السريع ضربات موجعة دفعتها للانسحاب من بعض المناطق وفرار كثير من مقاتليها في عودة عكسية إلى ديارهم في إقليمي دارفور وكردفان، وفقا للخبير العسكري.

تحركات للسلام

وبالموازاة مع التصعيد العسكري، نشطت تحركات سياسية لإنعاش عملية السلام، إذ أجرى مسؤولون من الاتحاد الأفريقي مشاورات في الإمارات والسعودية لبحث فرص وقف الحرب في السودان والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

وزار رئيس اللجنة رفيعة المستوى التابعة للاتحاد الأفريقي المعنية بالسودان محمد بن شمباس الرياض وأبو ظبي، وناقش مع مسؤولين في البلدين تنسيق الجهود الإقليمية والدولية بشأن أزمة السودان.

وأكد بن شمباس قناعة الاتحاد الأفريقي بأنه لا يوجد حل عسكري للأزمة في السودان، مشددا على الحاجة الملحة إلى وقف إطلاق النار، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، وبدء حوار سياسي شامل لوضع الأساس لسودان سلمي ومستقر.

كما نفذ المبعوث الأميركي إلى السودان توم بيرييلو جولة شملت السعودية ومصر وتركيا وسيختتمها بالدوحة، لتحريك مسار المفاوضات بعد غياب الحكومة السودانية والجيش عن مفاوضات جنيف أخيرا.

والتقى المبعوث الأميركي في القاهرة قوى مدنية وناشطين و3 كتل سياسية شملت قوى الكتلة الديمقراطية بزعامة جعفر الميرغني وتحالف الحراك الوطني برئاسة التجاني السيسي وتنسيقية العودة لمنصة التأسيس برئاسة محمد وداعة.

وقال القيادي في الكتلة الديمقراطية مبارك أردول -في تصريح- إن بيرييلو أبلغهم بأنه مستعد لزيارة بورتسودان لإجراء مباحثات مع رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان وإنه ينتظر تأشيرة دخول السودان، وكان مجلس السيادة رفض طلب المبعوث لقاءه في مطار بورتسودان.

ويكشف محمد وداعة -في تصريح للجزيرة نت- عن أنهم أبلغوا المبعوث الأميركي أن حل الأزمة يبدأ بتنفيذ قوات الدعم السريع "إعلان جدة" والخروج من منازل المواطنين والأعيان المدنية.

ويوضح أن بيرييلو الذي جاء للقاء وحيدا انفعل في نهاية الاجتماع بعدما تحدث عن التعاون السوداني مع روسيا وإيران، واتهم الجيش بالتعنت نتيجة تأثيرات خارجية، وقال إنه على اتصال بقيادات في الجيش، لكنه فشل في الظهور كوسيط محايد ونزيه ولم ينتظر أي رد على حديثه وأنهى الاجتماع متعذرا بقرب موعد طائرته ولم تحدث أي تفاهمات أو نقاطا مشتركة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات قوات الدعم السریع مجلس السیادة أسلحة نوعیة على أسلحة

إقرأ أيضاً:

تحديات السودان مع مطلع 2025

في نهاية 2024 يبدو المشهد في السودان مختلفاً تماماً عما كان عليه في الأيام الأخيرة من العام الماضي. آنذاك واجه الجيش خسارة كبيرة عندما اجتاحت «قوات الدعم السريع» مدني، عاصمة ولاية الجزيرة و«صرة السودان»، بعد انسحاب قيادة الفرقة الأولى مشاة من دون معارك تذكر. تبع ذلك موجة من التساؤلات بشأن مسار الحرب، وحملات من التشكيك بعد أن خسر الجيش مواقع عديدة ومدناً حيوية، وتمددت «قوات الدعم السريع» في مساحات شاسعة، ومعها اتسعت دائرة النزوح القسري للمواطنين، ودورة الانتهاكات الفظيعة والتدمير الممنهج لقدرات البلاد.
اليوم تظهر الصورة مختلفة بشكل كبير بعد الانتصارات الأخيرة التي حققها الجيش السوداني والقوات المشتركة وكتائب الإسناد من المستنفرين، متمثلة في استرداد مناطق استراتيجية، واستهداف خطوط الإمداد بما في ذلك تدمير قاعدة الزرق في شمال دارفور التي تعد أهم قواعد «قوات الدعم السريع» وشريان الإمداد بالوقود وشحنات الأسلحة القادمة من الخارج. في غضون ذلك واصل الجيش وحلفاؤه التقدم نحو مدني، واستعادوا السيطرة على معظم أنحاء مدينة بحري وتقدموا للالتقاء مع القوات التي كانت معزولة في سلاح الإشارة، ليبدأ من هناك الزحف لاستكمال استعادة الخرطوم.
ينظر كثيرون إلى هذه التطورات المتسارعة كمؤشر على نقلة نوعية في مسار الحرب توحي بأن مطلع العام الجديد سيشهد تحولات ميدانية ستكون لها انعكاساتها على مجمل الأوضاع، مع تغير موازين القوى بشكل كبير وواضح. ومع ذلك، فإن مستقبل الوضع في السودان يعتمد على جملة من العوامل العسكرية، والسياسية، والإنسانية، والاقتصادية، والخارجية أيضاً.
الانتصارات العسكرية التي تحققت للجيش وحلفائه تمثل فرصة حقيقية لتعزيز الجهود نحو إنهاء الحرب، لكنها ليست حلاً نهائياً بحد ذاتها. فالوضع أعقد من ذلك بكثير، والمعالجات تحتاج إلى نظرة متعمقة في كيفية معالجة آثار هذه الحرب التي هزت السودان بشكل غير مسبوق، وأحدثت فيه جروحاً غائرة واستقطاباً حاداً، بما يستدعي تضافر الجهود، ورؤية حكيمة لكيفية عبور هذا المنعطف بسلام وبالطريقة التي تحافظ على وحدة السودان، وتصد عنه المكايد والمؤامرات التي غذت هذه الحرب.
خلال العام الجديد يمكن أن يشهد السودان نقلة مهمة إذا تم البناء على التحولات العسكرية الأخيرة بطريقة استراتيجية وشاملة تعالج الأزمة بمختلف أبعادها. فتحقيق السلام يتطلب أكثر من الانتصار في المعارك؛ إنه يتطلب رؤية للمعالجة السياسية تتجاوز دعوات الإقصائيين، وتفتح الباب أمام الحوار الشامل، الذي من دونه لن يكون هناك حل حقيقي، أو استقرار يحقق للبلد الوقوف على قدميه لمواجهة حرب أخرى أصعب هي إعادة البناء والإعمار، وجذب المساعدات والاستثمارات الضرورية في المرحلة المقبلة.
التحديات كثيرة، والطريق لن يكون سهلاً. بداية هناك التحدي المتعلق بكيفية معالجة الوضع الإنساني المتفاقم، والمعاناة التي تشتد كلما طال أمد الحرب. فالسيطرة على الأرض لا تعني انفراجاً إذا لم يتبعها توفير الظروف الأمنية، والخدمات الأساسية التي تتيح عودة النازحين والمهجرين إلى ديارهم، وتضمن تقديم الإغاثة العاجلة التي يحتاجونها. فالسودان اليوم يواجه واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية المركبة نتيجة التهجير القسري، والتدمير الممنهج للبنى التحتية والمنشآت الخدمية، وتعطل وسائل الإنتاج، وشل الحياة الطبيعية بما في ذلك العمل والتعليم.
تحدٍّ آخر سيتمثل في الطريقة التي سترد بها «قوات الدعم السريع»، والأطراف الخارجية الداعمة لها، وهل ستمضي في الحرب بما يعني إطالة أمدها. فالواضح الآن وفقاً للتحولات في الميدان، وفي موازين القوى، أن محاولة فرض السيطرة على السودان تبددت، وأن أقصى ما يمكن أن يحدث هو فرض واقع تقسيمي في غرب البلاد إلى حين، أو حدوث تحول في موقف الجيش الأخير وقبوله العودة إلى منبر جدة، للتفاوض هذه المرة على شكل انتهاء الحرب انطلاقاً من مفهوم أن الحروب تنتهي عادة بترتيبات عبر التفاوض حتى ولو كان هناك نصر ميداني.
في هذا الإطار فإن هناك عدة أسئلة شائكة مثل: هل بعد كل الانتهاكات التي حدثت، يمكن أن يكون هناك دور لـ«الدعم السريع» في أي مشهد مستقبلي؟ وهل يمكن استيعابها في الجيش الوطني «المهني» الواحد الذي يفترض أن يكون من بين أهداف وخطط مرحلة ما بعد الحرب التي ستشمل أيضاً الفصائل والحركات المسلحة الأخرى؟ وهل أن منحها أي دور مستقبلي سيعني نهاية الحروب في السودان، أم أنه سيشجع آخرين على تكرار تجربتها بكل مرارتها؟
يبقى بعد ذلك التحدي المتمثل في الإرادة السياسية للحل، وما إذا كانت الانتصارات الأخيرة التي حققها الجيش وحلفاؤه ستفتح مجالاً للبدء في خطوات نحو إطلاق حوار وطني سياسي شامل حول مستقبل السودان، وكيف يُحكم بما يحقق له الاستقرار، ويفتح طريق التنمية المتوازنة والمستدامة، ويعالج القضايا الجوهرية المتجذرة بما ينهي دوامة الحروب المستمرة منذ ما قبل الاستقلال والتي كبلت البلد وكلفته أثماناً باهظة.

مقالات مشابهة

  • تحديات السودان مع مطلع 2025
  • تقدم الجيش السوداني في دارفور هل يغير معادلات الحرب في السودان؟ ؟
  • اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع بالخرطوم ودارفور
  • الحركة الشعبية والدعم السريع- رؤى متضاربة وصراع المصير
  • الجيش السوداني يعلن مقتل العشرات من «قوات الدعم السريع»
  • النائب العام : سنصدر أحكام غيابية لمتهمين يتبعون لمليشيا الدعم السريع متواجدين في ( 6) دول
  • رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام يلتقي المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة
  • البرهان يطالب الأمم المتحدة بموقف حاسم حيال الدول المساندة لـ الدعم السريع
  • السودان..« قوات الدعم السريع» تسيطر على قاعدة عسكرية في دارفور
  • محكمة جنايات كرري تصدر حكما بالإعدام شنقا لمتعاونة مع الدعم السريع وإثارة الحرب ضد الدولة