سودانايل:
2025-03-15@09:10:28 GMT

حماية السيادة الوطنية في ميثاق الأمم المتحدة

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

د. فيصل عبدالرحمن علي طه
ftaha39@gmail.com

لقد وفّر ميثاق الأمم المتحدة الحماية للسكسوفيادة الوطنية في فقرتين: الفقرة 4 من المادة 2 ، والفقرة 7 من نفس المادة. وسنتناول فيما يلي هاتين الفقرتين بالتفصيل والتعليق.

(1)

تقضي الفقرة 4 من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة بأن يمتنعَ أعضاءُ الهيئة في علاقاتهم الدولية عن التهديدِ باستعمال القوّة أو استعمالها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلالِ السياسي لأي دولةٍ أو على أية وجهٍ آخرَ لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة.

يمثل هذا الحكم حجر الزاوية في نظام الميثاق. تُستثنى من حظر استخدام القوة الاجراءاتُ القمعية التي يتخذها مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من الميثاق وكذلك ممارسة حق الدفاع عن النفس في إطار الضوابط المنصوص عليها في المادة 51 من الميثاق. وتحظر المادة 53 على التنظيمات والوكالات الاقليمية القيام بأي عمل من أعمال القمع بدون إذنٍ من مجلس الأمن.

(2)

بالرغم مما تقدم، لم تَحمِ الفقرة 4 من المادة 2 سيادة العراق من غزو تحالف (الراغبين) في 20 مارس 2003 بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بدون تفويض من مجلس الأمن. وكان من بين مبررات ذلك الغزو استمرارُ العراق في امتلاك وتصنيع أسلحة الدمار الشامل. كما لم تحمِ الفقرة 4 من المادة 2 سيادة جمهورية يوغسلافيا الاتحادية في مارس 1999 عندما شن حلف شمال الاطلسي غارات جوية على صربيا بدون تفويض من مجلس الأمن بدعوى الحؤول دون وقوع كارثة إنسانية في إقليم كوسوفو.

(3)

كما نوقشت هجمات منظمة حلف شمال الاطلسي على كوسوفو بدون ترخيص من مجلسِ الأمن باعتباره الهيئة المخولة استعمال القوة بموجب القانون الدولي، في اجتماع مجلس الأمن في 24 مارس 1999. في هذا الصدد قال مندوب الاتحاد الروسي إن الاستخدام الانفرادي للقوة ضد جمهورية يوغسلافيا الاتحادية ذات السيادة لا يرتكز على الميثاق ولا على أية قواعد معترف بها في القانون الدولي. ووصف مندوب الصين مسألة كوسوفو بأنها داخلية ويجب أن تتم تسويتها على أساس احترام سيادة جمهورية يوغسلافيا الاتحادية وسلامتها الاقليمية.

(4)

وأما موقف دول حلف شمال الاطلسي فقد عبّر عنه – ضمن آخرين - مندوبُ هولندا بقوله: (( إنه كان من الأفضل الاستناد إلى قرارٍ محددٍ من مجلس الأمن. وإذا لم يكن بالإمكان إتخاذ قرار مثل هذا بسبب التفسير المُتصلِّب لمفهوم الاختصاص الداخلي من قبل عضوٍ أو عضوين في المجلس، فإننا لا يمكن أن نبقى صامتين ونسمح ببساطة بوقوع كارثة إنسانية. ففي هذه الحالة سوف نتصرف على الأساس القانوني المتاح، والأساس المتاح في هذه الحالة أكثر من كافٍ.))

(5)
لاحقاً بتاريخ 15 يونيو 1999 (القرار 1244) قرر مجلس الأمن بموافقة جمهورية يوغسلافيا الاتحادية، نشر وجود مدني وأمني دوليين في كوسوفو تحت رعاية الأمم المتحدة. وقد اعتبر البعض هذا بمثابة تصديق بأثر رجعي على الاجراء الذي قام به حلفُ شمال الاطلسي. وقد امتنعت الصين عن التصويت على القرار حتى لا يُفَسَّر ذلك بأنه اضفاء للشرعية على استخدام حلف الأطلسي للقوة في كوسوفو.

(6)
وأما الفقرة 7 من المادة 2 من الميثاق فإنها تقضي بأن من المبادئ التي تعمل الأمم المتحدة وأعضاؤها وفقاً لها، عدم التدخلِ في المسائل المتعلقة بالاختصاص الداخلي للدول. غير أن هذا القيد لا ينطبق عندما يتخذ مجلس الأمن إجراءاتٍ قمعيةٍ بموجب الفصل السابع من الميثاق.

(7)

وإذا كان الغرض من الفقرة 7 من المادة 2 حماية السيادة الوطنية للدول الأعضاء في الأمم المتحدة، فمن الجليِّ أنها لم تعد تحقق ذلك في العلاقات الدولية وفي القانون الدولي. وكانت محكمة العدل الدولية الدائمة قد ذكرت في العام 1923م في قضية مراسيم الجنسية في تونس والمغرب أن مسألة ما إذا كان موضوعاً معيناً يقع في الاختصاص الداخلي أم لا مسألة نسبية وتتوقف على تطور العلاقات الدولية.

(8)

ولقد حدثت تطورات كثيرة قلَّصت النطاق الداخلي للدول لأن معظم صراعات اليوم تدور داخل دول وليس بين دول.

كما إن مجلس الأمن قد توسَّع في تفسير مفهوم «تهديد السلام» المنصوص عليه في المادة 39 من الميثاق وتدخَّل المجلس في مسائل كانت تعتبر من صميم الاختصاص الداخلي للدول. وفي البيان الذي أصدره مجلس الأمن في 21 يناير 1992 عندما انعقد على مستوى القمة، ذُكر أن غياب الحروب والنزاعات العسكرية بين الدول لا يعني بالضرورة استتباب السِلم والأمن. وذُكر في البيان كذلك أن المصادر غير العسكرية باتت تشكل تهديداً فِعلياً للسلم والأمن الدوليين، وأن تلك المصادر تتمثل في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والانسانية والبيئية.

(9)

إن التطوُّر في مجال قانون حقوق الانسان والقانون الانساني الدولي قد انعكس بشكل واضح على تكييف مجلس الأمن للحروب والصراعات الداخلية كمهددات للسلم والأمن الدوليين. إذ أصبحت الأزمات الانسانية وعمليات التشريد الجماعي للسكان تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين. وورد في تقرير الأمم المتحدة للعام 1994 أنه في السياق المتغير لعالم اليوم، فإن الأمن لم يعد قاصراً على مسائل السلاح والأرض، بل أصبح يشمل الرفاهية الاقتصادية والاستدامة البيئية وحماية حقوق الانسان.

وسوف نتناول في مقال لاحق معضلة التوفيق بين التدخل الإنساني ومبدأ السيادة الوطنية.

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الفقرة 4 من المادة 2 الأمم المتحدة من مجلس الأمن شمال الاطلسی من المیثاق لم والأمن

إقرأ أيضاً:

مسؤولان كبار في مجال الإغاثة لمجلس الأمن الدولي: المتحاربون في السودان يذكون أزمة المساعدات “الأشد تدميرا” في العالم

الأمم المتحدة (رويترز) – قال مسؤولان كبار في مجال الإغاثة لمجلس الأمن الدولي يوم الخميس إن الصراع في السودان تمخض عن “أكبر أزمة مساعدات إنسانية وأشدها تدميرا في العالم” مع فرض المتحاربين حصارا على المدن ومنعهم وصول المساعدات، اندلعت الحرب في أبريل نيسان 2023 نتيجة صراع على السلطة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية قبل عملية انتقال إلى الحكم المدني. وتشير الأمم المتحدة إلى أن نحو ثلثي سكان السودان، أي أكثر من 30 مليون نسمة، سيحتاجون إلى مساعدات هذا العام.

وقال كريستوفر لوكيير، الأمين العام لمنظمة أطباء بلا حدود “قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية وأطراف أخرى في الصراع لا تتقاعس عن حماية المدنيين فحسب، بل تعمل بجد على مفاقمة معاناتهم”.

وتنفي قوات الدعم السريع عرقلة وصول المساعدات أو إلحاق الأذى بالمدنيين، وتنسب هذه الممارسات إلى أطراف خارجة على القانون. وقالت إنها ستحقق في الاتهامات وستقدم الجناة للعدالة.

وتنفي القوات المسلحة السودانية أيضا عرقلة وصول المساعدات أو إلحاق الأذى بالمدنيين. وقال سفير السودان لدى الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث محمد لمجلس الأمن إن الحكومة السودانية لديها خطة وطنية لحماية المدنيين، وأضاف أن لوكيير لم يثر معه أي مشكلات أثناء اجتماع على انفراد بينهما.

* المجاعة واغتصاب الأطفال

قالت كاثرين راسل المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) لمجلس الأمن الدولي إن المجاعة تفشت في خمسة مواقع على الأقل في السودان يعيش فيها ما يقدر بنحو 1.3 مليون طفل دون سن الخامسة.

وأضافت “أكثر من ثلاثة ملايين طفل دون سن الخامسة معرضون لخطر وشيك من تفشي الأمراض المميتة، بما في ذلك الكوليرا والملاريا وحمى الضنك، بسبب انهيار المنظومة الصحية”.

وذكر سفير السودان لدى الأمم المتحدة أن وزارة الزراعة والغابات في البلاد أكدت هذا الأسبوع استقرار الوضع الغذائي.

وقالت راسل إن مئات الفتيان والفتيات تعرضوا للاغتصاب أيضا في 2024، مشيرة إلى أنه في 16 حالة مسجلة، كان الأطفال دون الخامسة. ثم توقفت قليلا قبل أن تضيف “أربعة منهم كانوا رضعا دون سن الواحدة”.

وذكرت راسل “لا تمنحنا البيانات سوى لمحة عما نعرفه عن أزمة أكبر وأشد تدميرا بكثير”، مستشهدة بقاعدة بيانات قالت الأمم المتحدة إن مجموعات مقرها السودان تساعد الناجين من العنف الجنسي جمعتها.

وقال لوكيير إن فرق منظمة أطباء بلا حدود قدمت الدعم إلى 385 ناجية من العنف الجنسي في 2024.

وأضاف “تعرض السواد الأعظم منهن، وبعضهن دون الخامسة، للاغتصاب، وحدث ذلك في الأغلب على يد مسلحين. وتعرض ما يقرب من نصفهن للاعتداء في أثناء عملهن في الحقول. لا تفتقر النساء والفتيات للحماية فحسب، وإنما يتعرضن أيضا لاستهداف وحشي”.

وأفادت بعثة تقصي حقائق تابعة للأمم المتحدة في أكتوبر تشرين الأول بأن قوات الدعم السريع وحلفاءها ارتكبوا مستويات “مهولة” من الاعتداءات الجنسية. وكانت قوات الدعم السريع أعلنت سابقا أنها ستحقق في الادعاءات وستقدم الجناة إلى العدالة.

وخلصت الولايات المتحدة في يناير كانون الثاني إلى أن أعضاء في قوات الدعم السريع والفصائل المتحالفة معها ارتكبوا إبادة جماعية في السودان.  

مقالات مشابهة

  • مجلس الأمن يدين "عمليات القتل" في سوريا ويطالب بحماية المدنيين
  • الأمم المتحدة تدعو إلى تشكيل حكومة انتقالية حقيقية في سوريا
  • مجلس الأمن يشدد على حماية جميع السوريين ويدعو إلى تنفيذ عملية سياسية شاملة
  • مجلس الأمن يدعو لحماية الجميع في سوريا
  • مندوب السودان في الأمم المتحدة لنظيره الإماراتي: ألا تخجل؟ (شاهد)
  • «التعاون الخليجي» يطالب بتكثيف الجهود لحماية الأطفال الفلسطينيين
  • مسؤولان كبار في مجال الإغاثة لمجلس الأمن الدولي: المتحاربون في السودان يذكون أزمة المساعدات “الأشد تدميرا” في العالم
  • مستشارية الأمن القومي ترجو من أمريكا تمويل برامج الأمم المتحدة في العراق
  • بريطانيا تتوعد بعرقلة النووي الإيراني عبر العقوبات
  • بريطانيا تلوح بإعادة فرض عقوبات أممية على إيران