كيف تستفيد الخدمات المالية من الذكاء الاصطناعي؟
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
شهدت صناعة الخدمات المالية تغيرات كبيرة بفضل الذكاء الاصطناعي، الذي أحدث تحولا في عديد من الصناعات، بما في ذلك القطاع المالي.
وتُعتبر هذه التغيرات فرصا كبيرة لتحسين كفاءة العمليات وتقديم تجربة أفضل للعملاء، ولكنها تأتي أيضا مع مجموعة من المخاطر التي يجب التعامل معها بحذر.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الثقة في مكان العمل.. البناء والتعزيز والحمايةlist 2 of 2كيف تدشن مشروعا تجاريا برأس مال صفر؟end of list 1- فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي في الصناعة المالية الذكاء الاصطناعي والكشف عن الاحتيال المالي
يمكن لمقدمي الخدمات المالية استخدام الذكاء الاصطناعي بطرق متعددة لتحسين النتائج للعملاء. إحدى الطرق الأساسية -وفق فوربس- هي الكشف عن الاحتيال ومنعه، وهو جانب مهم في العمليات المالية.
ووفقا لتقرير صدر عام 2023 من كل من "ستوب ساكمز يو كيه" و"بي دبليو سي"، يستخدم قطاع البنوك بشكل شائع البيانات التاريخية لحالات الاحتيال في نماذج التعلم الآلي.
وتُستخدم هذه النماذج -حسب فوربس- للكشف عن السلوكيات أو المعاملات التي تحمل سمات مشابهة للعمليات الاحتيالية.
وقال التقرير إن "هذه الطريقة تُمكن من مراقبة فعالة لعمليات الدفع عبر البطاقات ومنع الاحتيال، مما يؤدي إلى توفير تحذيرات أكثر دقة للعملاء في نقاط الدفع".
وهذه التقنيات تساعد في حماية العملاء، خاصة الأكبر سنا الذين يكونون أكثر عرضة للعمليات الاحتيالية، حسب فوربس.
وتعد إدارة المخاطر مجالا آخر يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث فيه تأثيرا كبيرا. حيث يمكن للبنوك استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل وتقييم طلبات القروض بسرعة.
وفقا لتقرير من ماكينزي عام 2021، تقوم البنوك المعتمدة على الذكاء الاصطناعي بتصميم عمليات إقراض مبسطة باستخدام الأتمتة المكثفة والتحليل اللحظي لبيانات العملاء لتقديم قرارات ائتمانية سريعة لتجار التجزئة والشركات الصغيرة والمتوسطة والعملاء من الشركات.
يتم ذلك -وفق فوربس- عن طريق تحليل مجموعة متنوعة من البيانات من مصادر مختلفة، مثل تاريخ المعاملات البنكية، وتقرير الائتمان، وفواتير المرافق.
ويساعد هذا النهج في اتخاذ قرارات سريعة وتجنب الدخول في ترتيبات قد تؤدي إلى عواقب سلبية لجميع الأطراف.
الذكاء الاصطناعي وخدمة العملاءويمكن أن يلعب الذكاء الاصطناعي أيضا دورا مهما في تحسين خدمة العملاء. حسب "الملف الشامل للذكاء الاصطناعي في الخدمات المالية" الذي نشره معهد "ديلويت إيه آي" عام 2021، يمكن للحلول المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، مثل الدردشة الآلية والمساعدين الافتراضيين، معالجة مجموعة متنوعة من المهام، من مساعدة العملاء في العثور على بطاقات الائتمان المناسبة إلى إلغاء الحسابات غير الضرورية وحتى التفاوض في حالات التحصيل.
وتوفر هذه الأدوات وسيلة فعّالة لتحسين تجربة العملاء دون إرهاق الموظفين.
2- مخاطر الذكاء الاصطناعي على الصناعة الماليةورغم الفوائد العديدة التي يمكن أن يجلبها الذكاء الاصطناعي إلى قطاع الخدمات المالية، فإن هناك بعض المخاطر التي يجب التعامل معها بعناية.
الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعييمكن للاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي أن يتعارض مع توفير حلول تركز على العملاء. على سبيل المثال، في حين أن الدردشة الآلية قد تساعد في تقديم ردود أسرع للعملاء، فإن هناك العديد من المواقف التي يتطلب فيها الحل الأمثل تدخلا بشريا. لذلك، ينبغي لمقدمي الخدمات المالية ضمان وجود دعم بشري للتعامل مع هذه الحالات.
قرارات متحيزةيمكن أن يؤدي الاعتماد الزائد على الذكاء الاصطناعي إلى اتخاذ قرارات متحيزة تؤدي إلى نتائج غير عادلة للعملاء. ولتفادي هذه المخاطر، يجب أن يكون لدى المؤسسات المالية موظفون يقومون بمراجعة الطلبات التي تم رفضها بواسطة خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
وللنجاح في استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول، توصي فوربس بالقواعد التالية:
على قادة الخدمات المالية تحديد كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في شركاتهم بوضوح، وأن يكونوا شفافين بشأن تلك الأهداف مع فرق العمل. ينبغي ضمان أن يكون لديهم ولدى فريقهم المهارات والمعرفة اللازمة للتعامل مع الذكاء الاصطناعي. ينبغي للقادة البحث عن فرص تدريبية لتعزيز مهارات الفريق، وفتح قنوات لتعلم الذكاء الاصطناعي. من الضروري أيضا أن يمتلك القادة الأدوات والعمليات الصحيحة لتنفيذ الذكاء الاصطناعي بنجاح. يتعين عليهم البحث بشكل دقيق عن حلول الذكاء الاصطناعي المتاحة وتحديث عملياتهم وفقا لذلك. يجب عليهم دائما مراعاة الامتثال للأمان البياني وخصوصية المعلومات، حيث يتعامل القطاع المالي مع كميات ضخمة من البيانات الحساسة. 4- المراقبة المستمرة والاستخدام المسؤولبعد تنفيذ حلول الذكاء الاصطناعي وتحديث العمليات، يجب على القادة مراقبة الاستخدام بشكل مستمر للكشف عن أي مشكلات قبل أن تتفاقم.
كما يجب أن يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي على أنه مبادرة مستمرة تتطلب تحديثات ومراقبة دورية لضمان الاستخدام المسؤول له.
وبالحفاظ على الأنظمة والابتكارات التقنية، يمكن للقادة في قطاع الخدمات المالية استخدام الذكاء الاصطناعي بفعالية لتحسين تجربة العملاء وتعزيز الكفاءة مع الحفاظ على معايير الأمان والخصوصية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ريادة استخدام الذکاء الاصطناعی على الذکاء الاصطناعی الخدمات المالیة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
بتشويه «فوضى الذكاء الاصطناعي» للواقع يمضي العالم إلى كارثة
تهيمن قناتان متوازيتان للصور على استهلاكنا البصري اليومي. في إحداهما، صور ولقطات حقيقية للعالم كما نعرفه، ففيها سياسة ورياضة وأخبار وترفيه. وفي الثانية، فوضى الذكاء الاصطناعي [أو ما يعرف بـ AI slop]، بمحتوى متواضع الجودة ليس فيه من الإسهام البشري إلا الحد الأدنى. بعض ما فيه تافه الشأن عديم المعنى، لا يعدو صورا كرتونية لمشاهير، ومناظر طبيعية خيالية، وحيوانات ذات سمات بشرية. وبعضه الآخر عرض خادش للحياء...ففيه تجد حبيبات افتراضيات لا يمكن أن تتفاعل معهن تفاعلا حقيقيا. ونطاق هذا المحتوى وحجمه مذهلان، فهو يتسرب إلى كل شيء، من صفحات التواصل الاجتماعي إلى الرسائل المتداولة على واتساب. فلا تكون النتيجة محض تشويش على الواقع، وإنما هي تشويه له.
وفي فوضى الذكاء الاصطناعي شيء جديد هو الخيال السياسي اليميني. فعلى موقع يوتيوب مقاطع فيديو كاملة ذات سيناريوهات مختلقة ينتصر فيها مسؤولو ترامب على القوى الليبرالية. وقد استغل حساب البيت الأبيض على منصة إكس صيحة إنشاء صور بأسلوب استوديو جيبلي، ونشر صورة لامرأة من الدومينيكان تبكي أثناء تعرضها للاعتقال على يد إدارة الهجرة والجمارك (ICE). والواقع أن السخرية السياسية باستعمال الذكاء الاصطناعي قد انتشرت على مستوى العالم.
فهناك مقاطع فيديو صينية من إنتاج الذكاء الاصطناعي تسخر من العمال الأمريكيين البدناء وهم يقفون في خطوط التجميع بعد إعلان التعريفات الجمركية، وقد أثارت هذه المقاطع سؤالا موجها للمتحدثة باسم البيت الأبيض الأسبوع الماضي وردا منها. فقد قالت المتحدثة: إن هذه مقاطع أنتجها من «لا يرون إمكانات العامل الأمريكي». ولإثبات مدى انتشار فوضى الذكاء الاصطناعي، كان علي أن أتأكد ثلاث مرات من أنه حتى هذا الرد نفسه لم يكن في حد ذاته محتوى ذكاء اصطناعي منفذا على عجل مختلقا خدعة أخرى لأعداء ترامب.
وليس الدافع إلى تسييس الذكاء الاصطناعي بالأمر الجديد، فهو ببساطة امتداد للبروباجندا المعهودة. ولكن الجديد هو مدى ديمقراطيته وانتشاره، وأنه لا يحتوي أشخاصا حقيقيين ويخلو من قيود الحياة الواقعية المادية، فيوفر بذلك ما لا حصر له من السيناريوهات الخيالية.
وانتشار محتوى الذكاء الاصطناعي عبر قنوات الدردشة الضخمة عظيمة الحضور، من قبيل واتساب، يعني غياب أي ردود أو تعليقات تشكك في صحته. فكل ما تتلقاه ينعم بسلطة من ثقتك في الشخص الذي أرسله إليك. لذلك أخوض صراعا دائما مع قريبة لي كبيرة السن، مطلعة على عالم الإنترنت، تتلقى سيلا من محتوى الذكاء الاصطناعي على واتساب بشأن حرب السودان وتصدقه. تبدو الصور ومقاطع الفيديو حقيقية بالنسبة لها، وترد إليها موجهة من أشخاص تثق فيهم. ويصعب على المرء حتى أن يستوعب قدرة التكنولوجيا على إنتاج محتوى يبدو حقيقيا إلى هذه الدرجة.
وبإضافة هذه القدرة إلى توافق المحتوى مع رغبات قريبتي السياسية، ستجد نفسك متعلقا به إلى حد بعيد، حتى لو اعتراك بعض من الشك فيه. فوسط الكم الهائل من القطط [في بعض الفيديوهات المختلقة]، يجري استعمال الذكاء الاصطناعي في خلق سيناريوهات سياسية، وتحسينها والوصول بها إلى درجة الكمال عبر تقديمها بلغة بصرية تؤجج الرغبة في الانتصار أو تعتمد على الشعور بالحنين.
يشير البروفيسور رولاند ماير، الباحث في الإعلام والثقافة البصرية، إلى «موجة حديثة من الصور المولدة بالذكاء الاصطناعي لعائلات بيضاء شقراء، تطرحها حسابات إلكترونية فاشية جديدة بوصفها نماذج لمستقبل مشرق». وهو لا يعزو ذلك إلى اللحظة السياسية الراهنة فحسب، وإنما إلى أن «الذكاء الاصطناعي التوليدي محافظ بطبيعته، بل ويقوم على حنين إلى الماضي». فالذكاء الاصطناعي التوليدي يقوم على بيانات مسبقة أثبتت الأبحاث أنها بيانات متحيزة بطبيعتها ضد التنوع العرقي، والأدوار الجندرية والميول الجنسية التقدمية، فتأتي منتجات الذكاء الصناعي بتركيز كبير على هذه المعايير.
يمكن أن نرى الأمر نفسه في محتوى «الزوجة التقليدية» [“trad wife”]، الذي لا يقدم ربات البيوت الجميلات الخاضعات فحسب، وإنما يقدم عالما رجعيا كاملا لينغمس فيه الرجال. وتغص جداول موقع إكس بنوع من المواد الإباحية غير الجنسية، حيث تلمع على الشاشة صور الذكاء الاصطناعي لنساء يوصفن بالحسن والخصوبة والخضوع. ويجري طرح سيادة البيض والاستبداد وتقديس التراتبيات الهرمية في العرق والجندر بوصفها سلة متكاملة من الحنين إلى ماض موهوم. فبات الذكاء الاصطناعي يوصف بالفعل بأنه جمالية الفاشية الجديدة.
لكن الأمر لا يكون دائما على هذا القدر من التماسك. ففي معظم الأحيان، لا تعدو فوضى الذكاء الاصطناعي محتوى فيه بعض المبالغة أو الإثارة بما يغري على التفاعل، ويوفر لمبدعيه فرصة ربح المال من المشاركات والتعليقات وما إلى ذلك. وقد تبين للصحفي ماكس ريد أن فوضى الذكاء الاصطناعي على فيسبوك ـ وهي الفوضى الكبرى على الإطلاق ـ ليست «محض محتوى غير مرغوب فيه» من وجهة نظر فيسبوك، وإنما هي «ما تريده الشركة بالضبط: فهي محتوى شديد الجاذبية». والمحتوى بالنسبة لعمالقة التواصل الاجتماعي هو المحتوى، فكلما كان أرخص، وقلت فيه الحاجة إلى جهد بشري، فذلك أفضل. وتكون النتيجة أن يتحول الإنترنت إلى إنترنت الروبوتات التي تدغدغ مشاعر المستخدمين البشريين وتؤجج فيهم أي أحاسيس أو عواطف تبقيهم منشغلين.
ولكن بغض النظر عن نوايا مبتكريه، يؤدي هذا السيل من محتوى الذكاء الاصطناعي إلى فقدان الإحساس بالواقعية وإرهاق الحواس البصرية. والتأثير العام لدوام التعرض لصور الذكاء الاصطناعي، ما كان منها تافها أو مهدئا أو أيديولوجيا، هو أن كل شيء يبدأ في اتخاذ مسار مختلف. ففي العالم الواقعي، يقف الساسة الأمريكيون خارج أقفاص سجن الترحيل. وتنصب الأكمنة لطلاب الجامعات الأمريكية في الشوارع ليجري إبعادهم. ويحترق أهل غزة أحياء. وتمضي هذه الصور والفيديوهات مع سيل لانهائي من الصور والفيديوهات الأخرى التي تنتهك القوانين المادية والأخلاقية. فتكون النتيجة ارتباكا عميقا. ولا يعود بوسعك أن تصدق عينيك، ولكن ما الذي يمكن أن تصدقه إن لم تصدق عينيك؟ فكل شيء يبدو حقيقيا للغاية وغير واقعي بالمرة، في آن واحد.
أضف إلى هذا ما نعرفه من التبسيط الضروري والإيجاز المستفز في (اقتصاد الانتباه)، وإذا بك في سيرك ضخم من التجاوزات. فحتى عندما يكون المحتوى شديد الجدية، يجري تقديمه بوصفه ترفيها، أو فاصلا، أشبه بنسخة مرئية من موسيقى المصاعد. فهل أفزعك هجوم دونالد ترامب وجيه دي فانس على زيلينسكي؟ حسنا، إليك رسم مصمم بالذكاء الاصطناعي لفانس في هيئة رضيع عملاق. تشعر بالتوتر والإرهاق؟ فها هو بلسم للعين في كوخ فيه نار موقدة والثلج يتساقط في الخارج. ولسبب ما، قرر فيسبوك أنني بحاجة إلى رؤية تيار مستمر من الشقق الصغيرة اللطيفة مع تنويعات من التعليقات التوضيحية مفادها أن «هذا هو كل ما أحتاج إليه».
وتؤدي التحورات السريعة للخوارزميات إلى إمداد المستخدمين بمزيد مما حصدته لهم معتبرة أنه مثير لاهتمامهم. والنتيجة هي أنه يستحيل ترشيد ذلك الاستهلاك حتى لأكثر المستخدمين اتزانا. لأنك تزداد انغماسا في عوالم ذاتية بدلا من الواقع الموضوعي. فتكون النتيجة انفصالا شديد الغرابة. ويضعف الشعور بالقلق والحاجة إلى العمل الذي ينبغي أن يوحي به عالمنا الممزق، وذلك بسبب طريقة عرض المعلومات. وإذن فها هي طريقة جديدة لكي نسير نياما نحو الكارثة وهي طريقة لا تقوم على نقص المعرفة، وإنما تنشأ بسبب الشلل الناجم عن تمرير كل شيء من خلال هذا النظام المشوه، فهو محض جزء آخر من العرض البصري المبالغ فيه.