ماريو دراغي يحذر: أوروبا تواجه خطرًا اقتصاديًا حقيقيًا
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
أصدر ماريو دراغي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ورئيس الوزراء الإيطالي السابق، تحذيرًا شديد اللهجة بشأن التدهور الاقتصادي المتزايد في القارة العجوز، واصفًا الوضع بأنه "معاناة بطيئة" ناجمة عن سنوات من الإهمال الاقتصادي والاستثماري.
وجاء هذا التحذير وسط أمثلة ملموسة على التدهور الاقتصادي بالقارة، بما في ذلك حادث انهيار أجزاء من جسر في دريسدن بألمانيا، لم يسفر عن إصابات لكنه يعكس الواقع الذي يواجهه الاقتصاد الأوروبي وفق دراغي، حيث يشير إلى الفشل في الاستثمار بشكل كافٍ في البنية التحتية والصيانة، كما أشار بتقريره المفصل.
وأوضح دراغي أن أوروبا ليست في مواجهة أزمة مفاجئة بقدر ما هي في خضم "معاناة بطيئة" بسبب سنوات من الإهمال. ووفقًا للتقرير -الذي يتألف من 400 صفحة- تحتاج أوروبا إلى استثمارات إضافية تصل إلى 800 مليار يورو (حوالي 881 مليار دولار) سنويًا لتعزيز اقتصادها المتدهور.
وأشار إلى أن أوروبا لم تعد قادرة على الاعتماد على العوامل التي ساعدت في تعويض النمو البطيء في الإنتاجية مثل الطلب العالمي القوي، والطاقة الروسية الرخيصة، والاستقرار الجيوسياسي.
وأضاف دراغي أن التحديات الديموغرافية، مثل تقلص عدد السكان في العديد من البلدان الأوروبية، والبطء في التحول إلى الاقتصاد الرقمي، تشكل عقبات كبيرة أمام مستقبل القارة. وقد قال "الأزمة ليست وليدة اليوم، بل نتيجة لإهمال طويل الأمد، وإذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة، فإن أوروبا ستواجه معاناة متواصلة".
أوروبا بحاجة إلى استثمارات إضافية تصل إلى 800 مليار يورو سنويًا لتعزيز اقتصادها المتدهور (رويترز) استثمارات بمئات الملياراتويتضمن تقرير دراغي توصيات طموحة للغاية، مثل إصدار ديون مشتركة عبر أوروبا وإنشاء استثمارات إضافية تصل إلى 800 مليار يورو سنويًا لتعزيز البنية التحتية والاقتصاد الرقمي.
لكن مثل هذه المقترحات تواجه تحديات سياسية كبيرة، حيث يعتبر إصدار ديون مشتركة بين الدول الأعضاء أمرًا مثيرًا للجدل.
ومع ذلك، يؤكد دراغي أن هذه الإجراءات ضرورية لتجنب "المعاناة البطيئة" التي تهدد القارة بأكملها.
مؤشرات وأرقام تؤكد الأزمةوشهدت أوروبا مؤخرًا سلسلة من الأحداث التي تعزز التحذيرات التي أطلقها دراغي وفق بلومبيرغ. فعلى سبيل المثال، أعلنت شركة "فولكس فاجن" عن إنهاء اتفاق أمني وظيفي طويل الأمد وتدرس حاليًا إغلاق بعض مصانعها في ألمانيا لأول مرة منذ تأسيسها عام 1937.
كذلك، أعلنت شركة "رينو" عن خطط لتخفيض الوظائف في فرنسا. وفي مجال التكنولوجيا، اضطرت شركة "ألف ألفا" للتخلي عن المنافسة مع عمالقة التكنولوجيا مثل "أوبن إيه آي" مما يشير إلى التراجع المستمر لأوروبا بسباق الابتكار الرقمي.
وتؤكد هذه الأوضاع المتدهورة -وفق توصيف بلومبيرغ- الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في أوروبا. ومع تزايد الأعباء، تواجه القارة تحديات هائلة للحفاظ على تنافسيتها على الساحة العالمية. وقد قال دراغي في تقريره "إذا لم تتمكن أوروبا من توفير الازدهار والعدالة والحرية والسلام لمواطنيها، فإنها ستفقد سبب وجودها".
ردود فعل سياسية.. دعم ومخاوفتقرير دراغي لم يمر دون ردود فعل، فقد حصل على دعم من بعض القادة الأوروبيين، حيث وصفت كريستين لاغارد (رئيسة البنك المركزي الأوروبي) التقرير بأنه "تشخيص قاسٍ ولكنه عادل".
وزير الاقتصاد الألماني هابيك أقر بأن أوروبا تحتاج "تغيير المسار" لتحقيق التنافسية العالمية (أسوشيتد برس)وأضافت لاغارد أن "التقرير يشير إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة التحديات الاقتصادية المتزايدة". كما أعرب وزير المالية الفرنسي برونو لو مير عن قلقه بشأن الفجوة المتزايدة في الإنتاجية بين أوروبا والولايات المتحدة، قائلاً "أشارك دراغي قلقه بنسبة 100%".
من جانبه، ورغم رفض ألمانيا فكرة إصدار ديون مشتركة، أقر وزيرها للاقتصاد روبرت هابيك بأن أوروبا تحتاج إلى "تغيير المسار" لتحقيق التنافسية العالمية. وقال "علينا أن نقلب الموازين ونجمع الإرادة والموارد لجعل أوروبا قادرة على المنافسة عالميًا".
سيناريوهات محتملةويشير دراغي إلى أنه بدون اتخاذ إجراءات فورية، فإن أوروبا تواجه خطر الدخول في مسار محفوف بالمخاطر. وتشمل السيناريوهات المستقبلية المحتملة انسحاب الحكومات الوطنية من المبادرات الأوروبية المشتركة والعودة إلى التركيز على الحلول المحلية، أو ظهور أزمة جديدة تجبر القارة العجوز على اتخاذ إجراءات جماعية.
ولكنه يأمل أن يتمكن تقريره من توفير دافع جديد لاتخاذ إجراءات جماعية. ويضيف "قيم أوروبا الأساسية هي الازدهار والعدالة والحرية والسلام في بيئة مستدامة. وإذا لم تتمكن أوروبا من تقديم هذه القيم لمواطنيها فإنها ستفقد جوهر وجودها".
ويختتم الرئيس السابق للمركزي الأوروبي تقريره بنداء عاجل للعمل المشترك "إذا لم تتمكن أوروبا من اتخاذ إجراءات حاسمة الآن فإنها ستواجه معاناة طويلة الأمد".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات اتخاذ إجراءات أن أوروبا
إقرأ أيضاً:
مليار يورو لتطوير كرة القدم النسائية في الاتحاد الأوروبي
بروكسل- رويترز
قال الاتحاد الأوروبي (اليويفا) اليوم الأربعاء إنه سيخصص مليار يورو (1.08 مليار دولار) من إيرادات المسابقات والاستثمار لتطوير كرة القدم النسائية في القارة على مدى السنوات الست المقبلة.
ويأتي هذا الالتزام ضمن استراتيجية اليويفا الجديدة لزيادة شعبية اللعبة بين السيدات في القارة حيث ستذهب هذه الأموال إلى الأندية والمنتخبات الوطنية والمسابقات المختلفة بهدف تجهيز خمسة آلاف لاعبة محترفة وست مسابقات احترافية للدوري في أوروبا بحلول عام 2030.
وقالت نادين كيسلر مديرة قطاع كرة القدم النسائية في الاتحاد الأوروبي في بيان "لم تكن كرة القدم الأوروبية للسيدات في مكان أفضل من هذا قط... لقد أصبحت رياضة شعبية تجذب قاعدة جماهيرية متزايدة ومتنوعة، وشركاء يساهمون بكل إخلاص في نموها".
وشهدت كرة القدم للسيدات نموا كبيرا في الإيرادات والاهتمام في السنوات الأخيرة إذ حققت كأس العالم 2023 في أستراليا ونيوزيلندا أكثر من 570 مليون دولار.
وحقق الدوري الممتاز للسيدات في إنجلترا أيضا إيرادات قياسية في 2022-2023 كما حضر أكثر من مليون شخص المباريات في أكبر درجتين في البلاد في 2023-2024.
وقال ألكسندر تشيفرين رئيس اليويفا إن الاستراتيجية الجديدة التي تمتد لست سنوات ستضع حجر الأساس لإطلاق العنان لكل إمكانات كرة القدم النسائية.
وأضاف "التزامنا بهذه القضية يظل قويا كما كان دائما. مهمتنا بسيطة وهي مساعدة كرة القدم النسائية على الوصول للمكانة البارزة التي تستحقها في المجتمع الرياضي الأوروبي".