سواليف:
2024-12-22@02:47:14 GMT
مناقشة الخبر .. “علماء يبتكرون جهازاً يتيح لمس الأحباب عن بُعد.”
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
مناقشة الخبر
“علماء يبتكرون جهازاً يتيح لمس الأحباب عن بُعد.”
سعيد ذياب سليم
هل يتحدث الخبر عن فئة معينة فقدت الحس في أطرافها؟ أم يناقش الإحساس عن بُعد عبر وسائل الاتصالات الحديثة أو التخاطر عن بُعد؟ هل يمكن تطويره بإضافة ميزة الصفع عن بُعد؟ أو الإحساس بالقبلة وشم العطر؟
تساهم الأخبار في بناء تصورنا للعالم وتكوين مواقف معينة بناءً على كيفية تفاعلنا معها، قوة تأثيرها، ومدى صحتها بناءً على مصادرها المختلفة.
أولى وسائل الإعلام الجماهيرية كانت الطباعة، خاصة بعد اختراع آلة الطباعة على يد يوهانس جوتنبرج في منتصف القرن الخامس عشر. كانت الكتب أول المطبوعات الجماهيرية، ثم ظهرت الصحف والمجلات في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وتبع ذلك تطور وسائل الإعلام الأخرى مثل السينما في أواخر القرن التاسع عشر، والإذاعة في بداية القرن العشرين، ثم التلفزيون في منتصفه، وصولاً إلى عصر الإنترنت.
منذ ظهورها، أصبحت السينما وسيلة فعالة لنقل الأفكار والقصص إلى جمهور واسع. بفضل الجمع بين الصورة المتحركة والصوت، كان للسينما تأثير كبير على الثقافة والمجتمع. كانت تعد وسيلة قوية للتأثير، التثقيف والترفيه، حيث تصل إلى جمهور عريض حول العالم بغض النظر عن اللغة أو المستوى التعليمي. أصبحت السينما المصدر الرئيسي للمعلومة بين يدي جيل لا يقرأ.
في فيلم الفصيل Platoon (1986)، إخراج أوليفر ستون، صور الفيلم الحرب من منظور الجنود الأمريكيين في فيتنام. يُظهِر “الفيتكونغ” كمقاتلين غير تقليديين، يتحركون بخفة في الأدغال ويشنون هجمات مباغتة على القوات الأمريكية. لم يتعرض الفيلم لقضية “الفيتكونغ” الوطنية أو عملهم على توحيد فيتنام الجنوبية والشمالية، ولم يذكر استخدام الأمريكيين “للعامل البرتقالي” شديد السمية لإزالة الغطاء النباتي وتجريد الأشجار من أوراقها لكشف المقاتلين الفيتناميين، والذي ما زالت آثاره موجودة بعد عقود طويلة من الحرب. كثير من الأفلام تتبنى مواقف متحيزة وغير موضوعية وتعرض أنماطًا من السلوك الإجرامي وغير الأخلاقي، وتثير أفكارًا جدلية في الحب، الجنس والمجتمع.
تمتلك الكلمة المطبوعة سحرًا خاصا يجعلنا نميل لتصديقها، وللصوت الإذاعي تأثير عجيب لعب دوراً هاماً في الحرب والسلم قبل أن تبدأ الصورة المتحركة بخطف الأبصار والقلوب. ثم جاءت ثورة الاتصالات الرقمية الحديثة، الإنترنت والذكاء الاصطناعي لتدمج كل تلك الوسائل وتغرقنا بكم هائل من المعلومات والأخبار التي يصعب استيعابها والتحقق من صحتها. أصبحنا عرضة للخداع والتضليل، إذ بات للكذب فنٌ ذو أصول، وعلم له قواعده، يقع في براثنه جمهور عريض من المتلقين. تجدر الإشارة إلى أن هذه الممارسات غير الأخلاقية ظهرت في وسائل الإعلام المطبوعة قبل مئات السنين من ظهور الإنترنت. كانت الصحافة الصفراء تقوم في فترة من التاريخ بنشر أخبار تخلو من القيم الأخلاقية والمهنية.
اليوم، اختلطت الخرافة بالواقع حتى بتنا نصدق أشياء كثيرة بلا نقاش. ساهم في ذلك تقدم العالم الرقمي وتطور صناعة السينما وانتشارها. فقد رأينا الديناصورات تتحرك في بيئتها حتى ظننا أنها تعيش في الغابة القريبة، ورأينا الفيل يطير، والملائكة تسقط من السماء. بل شاهدنا سوبرمان يعيد الزمن إلى الوراء ليمنع وقوع حدث ما، وصدقت ذلك أعيننا دون التساؤل عن “الوصف الهوليوودي” للبطولة والحق والجمال.
والآن، هل يمكن أن يكون لنا دور يتجاوز مجرد تلقي الخبر؟ أم نترك السفينة للريح؟
هل كل ما نقرأه أو نسمعه أو نراه في المصادر الإعلامية والثقافية يرقى إلى مستوى الحقيقة؟ علينا أن نتحقق من أصالة الخبر، نقد محتواه، وتمييز الواقع من الخيال، الخبر الصادق من الإشاعة، والجد من الهزل. كذلك، علينا أن نتساءل: هل يتفق الخبر مع ثقافتنا وعاداتنا الاجتماعية؟
عندما نقرأ خبراً أو نشاهد مقتطفات فيديو تُنشر على المنصات الاجتماعية والمنتديات ومصادر أخرى تدعي المصداقية على الإنترنت، هل المتحدث له مصداقية الناطق باسم مكتب حكومي أو ذو مركز اجتماعي أو ديني مسؤول؟ هل هو باحث أو متخصص يتحدث بموضوعية في مجاله؟ أم هي مصادر مشكوك فيها مثل “مصادر أبو عبده الدلال”؟
بداية الرحلة كانت من على مقاعد الدرس، عندما كنا نستخدم التحليل والتفكير النقدي لحل مسائل معينة. فلنستمر بذلك في حياتنا اليومية، لا نقبل الأفكار كما هي، بل نطرح أسئلة مثل: لماذا تتبنى جهة ما هذا الموقف؟ من يستفيد من هذه القرارات؟ وما التأثيرات بعيدة المدى؟
من المهم ألا نعتمد على مصدر واحد أو حتى على مصادر تقليدية فقط. علينا استكشاف وجهات النظر المتنوعة من مصادر مختلفة مثل الأدب، الفلسفة، الصحافة المستقلة، الوثائق، والشهادات الشخصية.
هل هذا يخص البالغين فقط؟
كلا. نحن نتحمل مسؤولية توجيه أبنائنا لصنع إنسان قادر على مناقشة سلطة القانون متمثلة بالأب أو المعلم، ومن ثم المجتمع بقوانينه وتعليماته. علينا أن نشجع أطفالنا على النقاش، الاستماع لأسئلتهم وآرائهم، وبناء قدرتهم على الاختيار والشعور بالحرية، وتحمل مسؤولية اختياراتهم بروح عالية. بذلك يتعلمون مناقشة ما يقرؤون أو يسمعونه أو يرونه من مصادر الخبر والقرار، ويصنعون مستقبلهم بإيجابية.
دعهم يناقشون الجدوى من التقيد بالزي المدرسي الخاص، قصة الشعر المناسبة، أهمية الواجبات لمادة الرياضيات، ولماذا يُطلب منهم الصمت دائماً؟ بذلك يرون الواقع كما هو، ولا يعتقدون أن عالمنا قطعة سكر مغموسة بالشوكولا. يتعلمون أن الحياة تحتوي على الألم، الحزن والعذاب.
من هنا، لن يصدقوا كل ما يبرز لهم من مصادر المعلومات المختلفة ولا حتى في الواقع الملموس قبل تحليله ونقده وطرحه على مقياس المنطق، الأخلاق والجمال. لا نريد رجالاً آليين يعملون بأفواه مكممة دون إرادة. دعهم يسألون، فالأسئلة تملك قوة لا يُستهان بها!
فإذا طلب منك طفلك أن يذهب في رحلة أثناء إجازة الصيف في ظرف ميزانية محددة، قبل أن تصرخ في وجهه، هل سألته لماذا يريد الذهاب في هذه الرحلة؟ ربما يخطط للسباحة أو التجوال. فإذا عرضت عليه ما سيفقده من تسهيلات مالية إذا قام بالرحلة، وعرضت عليه بدائل بميزانية مقبولة كأن يذهب للمسبح القريب، أو مرافقة الأسرة للتجوال في غابات عجلون، فإنك تساعده باتخاذ قراره في ظل هذا الجو من التفاهم. مقالات ذات صلة محمد الرحمة المهداة 2024/09/15
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
“الصهاينة”.. المستفيد الوحيد
يمانيون/ كتابات/ أحمد يحيى الديلمي