سواليف:
2024-09-18@15:31:07 GMT

محمد الرحمة المهداة

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

نبيلة سلطان خزاعلة

خطر في بالي أن أكتب عنه بحيادية، فكرت مليا كيف ستبدأ حروفي المحايدة في حط نفسها وتصفيف ذاتها؟! كيف تتساقط جزيئات الحبر على الورق لتصفه بحيادية؟!
وهل يستطيع المحب إلا أن يحيد عن الحادية؟ وهل يقدر من يُقدّر بقوة إلا أن يكون منحازا؟ أليس هذا طبيعيا في دستور الحب؟
ظلت الأفكار تتلاطم حتى مر في الذاكرة قول بلال لأبي ذر حين عايره “يا ابن السوداء” سأرفعك لرسول الله.


الله الله يا بلال حتى عندما تجرعت جرعة جارحة ذهبت إليه، كيف لا؟ وهو أول من أخبرك أنك إنسان لا فرق بينك وسيدك إلا بالتقوى، فاحتملت بذلك عناء صخرة فوق صدرك وتحت ظهرك رمال حارقة.
إنها الحرية التي فُطر الإنسان عليها، إنها الإنعتاق من سطوت البشر وحلاوة التوجه لرب البشر.
محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، القائد الذي قاد مرحلة الإنتقال من العبودية إلى الحرية والتغير من ظلام الجاهلية إلى أنوار الفهم، في حقبة الفساد فيها حتى عِنان السماء، وأكل القوي الضعيف، وفشى الإستبعاد والجهل، وطغى المال على كل جميل.
فكان العربي وقتها جاهليا أميّا
أميّ حياة وازدهار، يجلسفي ظل عبائته مختالا متخيلا أنه هزم عقباته وعبّد طريقه على طريقته متناسيا مرور ثعلب يبول فوق كومة تمر كان يعتقدها ربه.
كان ضائعا تائها يبحث عن بذور فطرته التي طالما شدته لوجود شدته لوجود خالق يوحده، ويلجأ إليه كلما بعثرته الحياة.
عربي جاهلي أعتقد أنه بماله وفخر نسبه يجوز فوق البشر، فيشتري من يعجبه ويجعله عبدا مملوكا لا يقدر على شيء.
فجاءت الرسالة المهداة والنفحة الطيبة والنسمة العليلة لتنقذ المجتمع والإنسان من كل هذا، وتنقله إلى عدل رب السماء الذي شرع القوانين لإصلاح الدنيا وحال البشر.
محمد وكلمة اقرأ الناطقة ببوح السماء والمرسلة رسائل النور التي لا بد أن ترافق المعرفة والعلم فتزدهر الحياة ويتقدم البشر ويخترع العقل اصنافا من المخترعات ويكتشف كما من القوانين المودعة في الكون والتي تمنح الإنسان رفاهيته وتكفل سعادته وصلاح دنياه.
محمد والموءدة السائلة عن سبب وئدها، في الوقت الذي أكدت رسالة السماء أن الصغيرة والموءدة تلك ملاك محبوبة جميلة، آنسة مؤنسة لهافي قلب أبيها عرش حب لن تساومها عليها الدنيا باسرها.
هي الإنسانة المستحقة للحياة، لها اختياراتها وميراثها وأهليتها، ولها قوامة الرجل التي تتربع على عرش قلبه مهديا إياها الإصلاح والرعاية والحب.
محمد وخديجة التي رُزق حبها باعترافه كرجل وقائد، فالإعتراف بالحب لا يضيع هيبة المُعترِف، ولا يُنقص من قدره وشأنه، فقد كانت السند والعون ومانحة الحب اللامشروط، وصاحبة الإعجاب بالخلق والأمانة قبل المظهر والهيئة، فكيف بمن جمعها جميعا؟
محمد واستوصوا بالنساء خيرا، حيث بر الوالدة وحسن معاشرة الزوجة وملاطفة الإبنة والبر المسبق للولد فصارت أسرا صالحة ولبنات طيبة في جدار نهضة المجتمعات، وريادة الأمة بسمو الخلق بعيدا عن تفاهات ما نعانيه من التافهين، سامية تلك الأسر عن مسميات النسوية والمساواة التي لم تأت إلا بكل غريب، ولم تفتح على مجتمعاتنا إلا جبهات خلعت أبواب الطمأنينة وكشفت أغطيتنا الدافئة، وعرتنا عن مفاهيمنا الأصيلة.
محمد ودولة الإقتصاد والزكاة، فلا فقير ولا جائع، ولا مال مستباح من غير استحقاق، حتى نُثر القمح في أعالي الجبال فأكل الطير وشبع.
محمد ودولة السلم والسلام، فلا نزاع مع الجانحين للسلام، ولا قتال مع غير المقاتلين المعتدين، والأمن للأمنين والحرية للإعتقاد والسلامة للشجر والحجر َالبناء فنمت الحضارة وانتشر الإسلام بجمال الخُلق وحلاوة التعامل وصفاء حاملي رسالته الصادقين.
محمد وفي حضرته لا أملك أن اصفه بحيادية ، الإنحياز هنا من سمات المحب لروح اختارها البارئ لتكون حاملة رسالة السماء ووحي الخالق
صلى الله عليه وسلم.

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

العلوم كأهل السماء.. لا لسان لها

ناجي شريف بابكر

العلوم تتطور عبر الحضارات وليس بمعزل عنها.. الحضارات كما قال عنها ابن خلدون تنمو وتنضج ثم تتعاظم ثم تنهار في دورات قوامها عدة قرون وعقود من الأزمنة..هذا بينما العلوم تبقى حية عبر القرون تتناقلها المخطوطات والوثائق والروايات..
لذلك فإن العلوم تتبع الحضارات وتسافر عبرها.. تتلون بألوانها وتتحدث بألسنتها حتى حين.. وان اللغات التي تتبناها الحضارات تصبح بالضرورة ألسنة علمائها وكتابها والناشرين فيها..
إن تتمسك بعض الشعوب لدواعي دينية وعصبية بلغاتها ولهجاتها المحلية وأن تحاول فرض تلك اللغات واللهجات على مناهج المعاهد والجامعات فيها إنما هو فرض للركود والردة، وإفراط في حرمان الأجيال من التواصل العلمي في عزلها عن مواكبة المستجدات اليومية التي تشهدها ميادين المعرفة بصفة متسارعة ومتراكمة.. إن الإنسان لا يتطور إذا ماظل أسيرا لإدراك جامدٍ وإجتراري..
العلوم الإنسانية ليست حكرا على حضارة دون أخرى، ولا لدين دون سواه، إنما هي أمانة تؤديها وتتناقلها الأجيال.. فالإنسانية شئ والعقائد شئ آخر.. إن علماء الشرق والعالم الأسلامي كانوا قد ورثوا الفلسفة وعلوم الفلك واللاهوت من الحضارة اليونانية الوثنية عبر مخطوطات نسخت باللغة الآرامية القديمة. وفي عصر النهضة وعصور التنوير، استندت الثورة العلمية والفلسفة وعلوم الفلك والرياضيات في أوروبا المسيحية على إرث الحضارة الإسلامية.. ففي كل عصر من العصور كانت العلوم تتخذ ألسنة الحضارات السائدة وخطابها.. بل وتتعارك أحيانا وتحتك مع عقائدها ومسلماتها الروحية، مثالا لذلك ما حدث من صدام مابين هيباتيا عالمة الفلسفة والرياضيات ومتشددي كنيسة الإسكندرية في القرن الرابع الميلادي، وما حدث في وقت متأخر في روما للفيلسوف وعالم الفلك جاليلو في بواكير القرن السابع عشر الميلادي في مواجهة الكنيسة الكاثوليكية.. لكن العلوم قد أفلحت رغم ذلك بقدر كافٍ في أن تحافظ على تراكمها عبر تلك الحضارات والتحديات على اختلافها وتواترها..
كل حضارة يدين لها العالم دهرا.. تُسَخّرُ إبانه مواردها لترجمة العلوم وتطويرها وطباعتها ونشرها كجزء من عملية التنوير والحراك الثقافي.. لذلك فإن مواكبة الشعوب لتلك العلوم من خلال الدراية الكافية بألسنتها وثقافاتها أمر حتمي لا مناص منه.. وان التخندق وراء الإلسن واللهجات المحلية، إنما هو شكل من أشكال التعنصر والعزلة واستئثار بالوسائل على حساب الغايات.. ظواهر تتسبب آخر الأمر في إنغلاق المجتمعات وتعثر عمليات التحول والإرتقاء فيها للحاق بركب الحضارات وربما التهيؤ للتفوق عليها ووراثتها.
إن التعريب القسري الذي فرضه يوما سياسيون متشددون على معاهدنا وجامعتنا من منطلقات عقدية لا حكمة فيه ولا مرجعية.. سوى انه وصاية وإفراط أعمى في العزلة.. إن الطلاب الأفارقة الذين تستجلبهم وزارة التعليم العالي السودانية وتلقنهم العلوم بالعربية ثم تعيدهم إلى ديارهم بحسبانهم سفراء للدعوة والتغيير إنما تسهم في تعميق عزلتهم المتمثلة في تعثر التواصل بمجتمعاتهم، لافتقارهم المقدرة على التعبير والتخاطب التقني باللغات السائدة في الدوواوين والمؤسسات الحكومية في بلدانهم، مما يدفع بأكثرهم للتخلي عن شهاداته ودرجاته العلمية، والانخراط في التلقين الديني بالخلاوى.. أو الإنتماء لمنظمات خيرية أو أخرى مناهضة لشعوبها..
لا تمنع العقائد أتباعها عن إجادة وسائل التواصل وتبنيها فيما بين الشعوب المختلفة، وما اللغات إلا أدناها..فمن يمتنع منهم إنما هم أنفسهم يظلمون.. فمن تعلم لغة قوم أمن شرهم.. إن أهل السماء لا يتحدثون لغة بعينها ويتجاهلون أخرى..لأن السماء لا تعبأ بالألسن والألوان.. هذه الأوهام والأباطيل التي نحن فيها تحكم بخناقنا وترهقنا في عزلة سرمدية.
إنتهى..

nagibabiker@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • العلوم كأهل السماء.. لا لسان لها
  • الفلك .. علم مُعقد بمبادئ بسيطة
  • خسوف القمر في سماء مصر: دعاء الرحمة والمغفرة في لحظات الخسوف
  • مظهر شاهين يرد على منتقديه بسبب مواساته في وفاة كلب خالد الصاوي
  • جنس بشري تعاقد معه الشيطان!
  • الإمام الأكبر يهدي السيسي النسخة الأولى من ترجمة الأزهر لمعاني القرآن إلى الإنجليزيَّة
  • الرئيس السيسي يكرم عددا من النماذج التي أثرت الفكر الإسلامي من مصر
  • الأزهري: علينا إطعام الطعام كما أمرنا النبي محمد (فيديو)
  • شيخ الأزهر: القتال في شريعة الإسلام لا يباح للمسلمين إلا إذا كان لرد العدوان
  • أسامة الأزهري: علينا إطعام الطعام كما أمرنا النبي محمد