جرمين عامر تكتب: الإنفلونسر.. إسفنجة المعرفة
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
هو ذاك الشخص الذى يعرف كل شىء عن كل شىء، ويكيبيديا متحركة، يعيش فى عالم موازٍ من الورق والكلمات، يتمتع بمهارة «الإسفنجة» فى امتصاص الحبر والكلمات ليُخرج لنا مزيجاً من المعرفة والعلم والحكمة، ويؤثر على جموع المتابعين عبر منصات السوشيال ميديا.
يطلقون عليه بالإنجليزية: «دودة كتب»، وبالإندونيسية «برغوث كتب»، وبالرومانية والإسبانية والبرتغالية «فأر المكتبة»، وبالألمانية «جرذ قارئ»، وبالفرنسية «شارب الحبر»، وبالدنماركية «حصان قراءة».
القراءة عنده مزاج مثل قهوة الصباح، يراجع الكتب وينشر المعرفة ويحفز المتابعين على القراءة والمناقشات الفكرية، ويحرص على الأمانة العلمية، فيذكر مصادر المعلومات.
زعموا أن المواطن العربى لا يقرأ، فجاء تقرير المؤشر العالمى للإنجاز الثقافى NOP World Culture Score Index الصادر عن شركة Statista الألمانية المتخصصة فى بيانات السوق والمستهلكين بالاشتراك مع صحيفة إندبندنت البريطانية 2021، ليؤكد بطلان هذه الادعاءات، لتحتل مصر المركز الخامس بمعدل قراءة بلغ 7:30 ساعة أسبوعياً، بينما جاءت السعودية فى المرتبة الـ11 بمعدل بلغ 6:46 ساعة أسبوعياً.
سبقت مصر والسعودية فى مؤشرات قراءة الشعوب كل من الهند فى المركز الأول وتايلاند فى المركز الثانى والصين فى المركز الثالث، فى حين جاءت الولايات المتحدة فى المركز الـ23 بمعدل 5:42 ساعة أسبوعياً.
مفاجأة مدهشة ومفرحة أكدتها زيادة عدد أعضاء نادى القراء المحترفين، وهى رابطة على فيس بوك تضم 150 ألف عضو، 80% منهم تتراوح أعمارهم ما بين 18 - 35 عاماً، وتجمع الرابطة بين جميع الأطراف القائمة على عملية القراءة بداية من الكاتب مروراً بالناشر ووصولاً للقارئ. وفى السبع سنوات الأخيرة، ظهر فى مصر عدد من الإنفلونسر «إسفنجة المعرفة»، اختاروا لأنفسهم مجال تلخيص الكتب، شاركوا قراءاتهم مع متابعيهم على وسائل التواصل الاجتماعى، ومن أشهرهم أحمد الغندور صاحب بلوجات «الدحيح».
عُرف أحمد الغندور أو «الدحيح» بمحتوى متميز وأسلوب يمزج بين المعرفة والعلم يقدمهما بروحه المرحة، يستخدم تقنية عرض الأفكار والمعلومات السريعة حتى يجذب المتابعين ويحافظ على يقظة ذهنهم، وأحياناً كثيرة يلجأ إلى أسلوب السرد القصصى والمشاهد التمثيلية القصيرة واستخدام الملابس والإضاءة حتى يقرّب الصورة أكثر وأكثر لذهن المتابعين.
كذلك الكاتب الصحفى عمر طاهر الذى يقوم بعرض وتلخيص الكتب بأسلوبه الساحر، وله عدد من البلوجات على السوشيال ميديا تحمل اسمه، ينتقد الكثير من الموروثات الثقافية فى المجتمع المصرى، ويعتمد على أسلوب السرد القصصى وعقد المقارنات.
ولأن الثقافة والمعرفة ينبوع لا ينضب، تشجع عدد من منصات السوشيال ميديا للدخول فى مجال تلخيص الكتب والتحفيز على القراءة ونشر المعرفة، فظهرت منصات مثل «كتبى» و«اقرأ معى» تعلن عن بداية مرحلة أكثر تطوراً. تسمح للإنفلونسر «إسفنجة المعرفة» بتقديم محتوى ومراجعات للكتب فى مجالات أكثر تخصصاً، مثل، صفحة «بيريف فرغيف» Brief X Rghif التى تخصصت فى تناول كتب التنمية البشرية وعلاقات العمل ونشر ثقافة العمل الجماعى.
وعلى رأى المثل الشعبى: «كل شيخ وله طريقة» تنوعت أساليب الإنفلونسر «إسفنجة المعرفة» فى مجال تلخيص الكتب واختيار مناهج العرض وتحديد الجمهور والشريحة العمرية المستهدفة استناداً على أرقام ومؤشرات المتابعين، فالبعض ركز على القضايا والأفكار الأساسية للكتب وعرضها بطريقة مبسطة وسهلة الفهم، فى حين يتبع آخرون من الإنفلونسر «إسفنجة المعرفة» أسلوب العرض والتلخيص المفصَّل للكتاب، ليعطى القارئ فكرة تفصيلية عن فصول الكتاب المختلفة وكأنه يقرأه بنفسه، ولكن بشكل موجز، وأحياناً يقوم «إسفنجة المعرفة» بتحليل أو نقد للكتب مع إضافة تعليق يتضمن رأيه الشخصى فيجعل تجربة العرض والمراجعة أكثر فاعلية بينه وبين المتابعين.
وتربَّع أسلوب السرد القصصى على قائمة تعددية أساليب عرض المحتوى للإنفلونسر «إسفنجة المعرفة» فيقوم المؤثر بتلخيص الكتب وعرضها بطريقة سردية تشبه القصة، ليشد انتباه الجمهور ويجعل الملخص أكثر متعة للمتابعين.
ولأننا نعيش عصر الصورة والفيديوهات كوسيلة أساسية للتواصل والتعبير عن الأفكار، وجد الإنفلونسر «إسفنجة المعرفة» فى مجال التلخيص البصرى، والإنفوجرافيك، والفيديوجراف، كذا البودكاست، ملعباً جديداً، يقدم من خلاله محتوى أكثر ديناميكية وجاذبية، بغرض الوصول إلى نوعية الجمهور الذى يفضل الاستماع أو المشاهدة بدلاً من القراءة، والأمثلة عديدة، منهم حسام هيكل، وأيضاً بودكاست «كتب خارجية» لعمر شمس الدين.
* عضو اتحاد الإعلاميين العرب
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: كتب خارجية اتحاد الإعلاميين العرب فى المرکز فى مجال
إقرأ أيضاً:
د. ندى عصام تكتب: العبادات في عصر الذكاء الاصطناعي
في عالمنا المعاصر، حيث تتسارع وتيرة التطورات التكنولوجية بشكل غير مسبوق، أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ولم يتوقف تأثيرها عند حدود الحياة العملية فقط، بل امتد ليشمل الجوانب الروحية والعبادية أيضًا، ويُعتبر الذكاء الاصطناعي (AI) أحد أبرز ملامح هذه الثورة التكنولوجية، حيث يوفر أدوات ووسائل مبتكرة يمكن أن تُحدث تغييرًا جذريًا في كيفية تعلم المسلمين لعباداتهم وممارستها.
إن العبادات في الإسلام، مثل الصلاة، والصوم، والزكاة، والحج، تحمل معاني عميقة ودلالات روحية سامية، وتعليمها بشكل صحيح يُعد أمرًا بالغ الأهمية لكل مسلم.
لذا، فإن دمج الذكاء الاصطناعي في هذا السياق يمكن أن يُعزز من فهم العبادات، ويسهل على الأفراد التعلم والممارسة بطريقة تتناسب مع احتياجاتهم الخاصة.
والجدير بالذكر، يمكن أن تُستخدم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في تطوير برامج تعليمية تفاعلية تساعد الأفراد على تعلم كيفية أداء العبادات بشكل صحيح، على سبيل المثال، هناك تطبيقات تتخصص في تعليم الصلاة، حيث تقدم شروحات مرئية وصوتية توضح كيفية أداء كل ركعة، مع توجيهات حول كيفية قراءة الآيات والأدعية هذه التطبيقات غالبًا ما تستخدم تقنيات التعرف على الصوت، مما يتيح للمستخدمين التفاعل بشكل مباشر مع البرنامج، وتصحيح الأخطاء أثناء أداء الصلاة، هذا النوع من التعلم العملي يُعتبر فعالًا بشكل خاص، حيث يتيح للمستخدمين فهم العبادات بصورة أعمق، ويعزز من تجربتهم الروحية.
واستناداً لما سبق، يُعزز الذكاء الاصطناعي من إمكانية تخصيص المحتوى التعليمي وفقًا لاحتياجات الأفراد والفئة العمرية المستهدفة، كما يمكن للأنظمة الذكية تحليل بيانات المستخدمين لتحديد المجالات التي يحتاجون فيها إلى تحسين، مثل فهم أحكام الصوم أو تعلم كيفية إخراج الزكاة، هذا التحليل الدقيق يمكن أن يُنتج خططًا تعليمية مخصصة، مما يضمن أن يتلقى كل فرد التعليم الذي يناسب مستواه واحتياجاته، وعلى سبيل المثال يمكن لنظام الذكاء الاصطناعي أن يقترح موارد إضافية أو دروسًا تفاعلية بناءً على أداء المستخدم، مما يساعده في تعزيز معرفته وفهمه.
ولتسليط الضوء على تقنيات الواقع الافتراضي (VR) والواقع المعزز (AR) في تعليم العبادات، تعتبر هذه التقنيات تجربة غامرة للمستخدمين، فيمكنهم زيارة المساجد أو أداء مناسك الحج في بيئة افتراضية، هذه التجارب لا تُعزز فقط من المعرفة العملية، بل تساعد أيضًا في تحفيز المشاعر الروحية والارتباط الشخصي بالعبادات، وعلى سبيل المثال يمكن للمستخدمين تجربة الطواف حول الكعبة أو أداء الصلاة في المسجد الحرام، مما يضفي طابعًا واقعيًا على التعلم ويعزز الفهم الروحي للعبادات.
ومع كل هذا التطور، لا تخلو هذه التكنولوجيا من التحديات والاعتبارات الضرورية، أحد أهم هذه التحديات هو التأكد من دقة المعلومات المقدمة، يُعد التعليم الديني أمرًا حساسًا، لذا يجب أن تكون المصادر المستخدمة في تطبيقات الذكاء الاصطناعي موثوقة ومتوافقة مع التعاليم الإسلامية، كما ينبغي أن تكون هناك معايير واضحة لضمان أن المحتوى لا يتعارض مع القيم الإسلامية الأساسية، وتخضع للمراقبة والإشراف الديني مثل الأزهر الشريف.
تحدٍ آخر يتعلق بالخصوصية والأمان، إذ يجب حماية بيانات المستخدمين وضمان عدم استخدامها بشكل غير مصرح به، وفي عالم تتزايد فيه المخاوف بشأن الأمان الرقمي، يجب على المطورين والشركات العاملة في هذا المجال أن يضعوا معايير صارمة لحماية المعلومات الشخصية.
علاوة على ذلك، يجب أن يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كأداة مكملة للتعليم التقليدي، وليس بديلاً عنه، لا يزال دور المعلمين والمرشدين الدينيين ضروريًا، حيث إن التعليم الروحي يتطلب تفاعلًا إنسانيًا وفهمًا عميقًا للمعاني والمقاصد. لذا، يجب أن يُستخدم الذكاء الاصطناعي لتعزيز هذه التجربة، بدلاً من استبدالها.
في الختام، يُعتبر الذكاء الاصطناعي رفيقًا جديدًا في رحلة تعليم العبادات الإسلامية، حيث يمكن أن يسهم في تعزيز الفهم والممارسة الصحيحة للعبادات بطرق مبتكرة وفعالة، ومن خلال دمج هذه التكنولوجيا مع المعرفة الدينية، يمكننا تعزيز التجربة الروحية للمسلمين، مما يجعل رحلة الإيمان أكثر غنى وعمقًا، ومع الاستمرار في تطوير هذه الأنظمة يجب علينا التأكيد على أهمية القيم الإسلامية في كل خطوة من خطوات هذا التطور، لتكون النتيجة تجربة تعليمية شاملة ترتقي بالفرد وتنمي علاقته بالله عز وجل.