لماذا ينزعجون من الاحتفال بالمولد النبوي الشريف؟
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
ما إن يهل علينا شهر ربيع من كل عام حتى نرى مظاهر الفرح بالمولد النبوي الشريف تعم العاصمة صنعاء وأرجاء اليمن، وفي المقابل نسمع أصواتا نشازا تحاول التشكيك وتثبيط الناس عن التعبير قولا وفعلا عن حبهم واعتزازهم وانتمائهم للإسلام وللنبي الخاتم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
لا نسمع تلك الأصوات في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ونحوها إلا عند حلول هذه المناسبة العظيمة؛ ينسون الفقراء والمحتاجين طوال العام وفي شهر ربيع يستنفرون ويتباكون عليهم، وينسون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طوال السنة وحين تحل ذكرى مولده نسمعهم وهم يحاولون تشكييك الناس بقولهم: لماذا تحتفلون به في يوم واحد؟ المفروض أنه طوال كل العام في قلوبنا، بل إن منهم من ذهب أبعد من ذلك وكفر وبدع المحتفلين بذكرى المولد.
لاحظناهم يستغلون ويستثمرون حتى الكوارث والفيضانات كما شاهدناهم هذا العام حين استغلوا مشاهد الضحايا وأضرار السيول في المحويت وذمار والحديدة لمحاربة الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، متجاهلين أنهم ساكتون منذ قرابة عام على حرب الإبادة الصهيونية في غزة.
من حقنا أن نتساءل: أين هؤلاء طوال العام من الفقراء والمحتاجين والمرضى، وماذا قدموا لهم، على الأقل ينظمون الحملات لمساعدتهم طول أشهر السنة، وإن كانوا يريدون الخير للمجتمع لماذا يصمتون أمام مظاهر الإسراف والتبذير والإنفاق في غير محله، كالإسراف في الأعراس، والإسراف في تناول القات، والإنفاق الباذخ على كماليات ليست ضرورية.
لماذا كل هذا الغيض ولماذا كل هذا الحقد على تعظيم رسول الله الخاتم، ولماذا يصرون على استفزاز الملايين سواء في العالم العربي والإسلامي خصوصا في اليمن والذين يُبدون بالقول والفعل مظاهر الفرح احتفاء وتكريما وتعظيما للمبعوث رحمة للعالمين.
أولئك، يستهدفون الإسلام المحمدي الأصيل ولا يتحركون إلا في مواجهة تحرك الأمة نحو إحياء شعائرها التي تحقق وحدتها وتعزر وتوقر نبيها، ويصمتون عندما تدنس مقدسات المسلمين وعندما يحرق القرآن في السويد وأخيرا عندما دنس جنود العدو الصهيوني للقرآن الكريم وأحرقوه في مساجد غزة.
إما بقصد أو بغير قصد، يتحركون ضمن مشروع غربي معادي للإسلام، رامي إلى تفكيك الأمة وإبعادها عن رموزها وشعائرها ومناسكها، يستهدفون الحج، والنبي، والقرآن، كُلا وفق ما هو مرسوم له، نجدهم يتحركون لتثبيط المسلمين عن أداء شعائر دينهم التي توحدهم، مثلا نسمعهم في موسم الحج وهم يطالبون الناس بدلا من صرف المال على أداء هذه الفريضة يقولون إن صرف المال على الفقراء أفضل من الحج.
إذا كانوا يريدون النصرة والخير للفقراء والمستضعفين كما يزعمون؛ لماذا يصمتون عندما تنفق المليارات على احتفالات عيد الميلاد الباذخة في الإمارات، وكذلك المليارات التي ذهبت أدراج الرياح في مونديال قطر، وأين الفقراء أمام مئات الملايين من الدولارات التي تهدر مواسم الترفيه بالسعودية.
ولماذا ابتلعوا ألسنتهم عندما استهل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ولايته الرئاسية بزيارة للسعودية مقابل 500 مليار دولار، فأين كان المساكين والضعفاء والمنكوبون في قواميسهم، ناهيك عن ترليونات (آلاف المليارات) التي أنفقت لتدمير اليمن وسوريا، لماذا لم نسمع لهم كلمة للمطالبة بتسخير تلك الأموال لصالح الأمة بدلا من هبتها لأعدائها، فلو صرف جزء من تلك الأموال لقضي على الفقر تماما وتحققت طفرة اقتصادية لقرابة 2 مليار مسلم.
ختاما وكما في كل عام وعلى الرغم من هذه الحملة السنوية، إلا أن ملايين اليمنيين سيغيظونهم، وسيعبرون عن انتمائهم لهذا الدين القويم وعمق ارتباطهم وحبهم وولائهم وفرحتهم بالرحمة النبي الخاتم صلى الله وآله وسلم الذي أحبهم وأحبوه وناصروه والتفوا حوله منذ فجر الإسلام.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
لا تحرق أعصابك
نحن نعيش في أزمنة متقدمة، وقد تعددت الخيارات المعيشية، وأصبح الواحد منا يحتار من أين يحصل على الخيار المناسب، وهذا من نعم الله علينا، ومع تلك الخيارات المتعددة، نعتقد أننا نستطيع أن نحدد الخيارات ذات الجودة العالية وبأقل الأسعار، وقد نرهق أنفسنا ونحملها ما لا تطيق، وذلك لتوفير تلك الخيارات التي قد ينعكس أثرها على الصحة من خلال البحث عن الأقل تكلفة، ونضيع الأوقات في البحث، قد نحصل على ما كنا نبحث عنه من سلع وخدمات ونزعم أنها ذات جودة، ونكتشف غير ذلك أو نرى ما هو أقل منها تكلفة، فهنا يحرق بعضنا نفسه بلومٍ وحسرة، وكيف مرّ عليه ذلك الخيار دون التأكد منه، وقد لا ينام الليل من جلد الذات.
وهذا ما نحذّر منه: لا تعكس على نفسك السلبية، ولا تجعل من نفسك ضحية للغرور أو تعتقد أنك فاتتك فرصة مناسبة لم تُقتنَص فـ”تحرق أعصابك”، والأمثلة في ذلك كثيرة، مثل من يقول: “كانت الأراضي في ذلك الزمان تُباع المتر بكذا، واليوم قد تضاعف العدد، وقد فاتتني تلك الفرصة”، أو قد يبيع الأرض أو السيارة وغيرها، ثم يتضاعف السعر، فيحرق أعصابه، لماذا فاتته تلك الفرصة وكان مغفلاً.
وقس على ذلك الكثير من حرق الأعصاب لأجل دنيا زائلة، نحن لا نقول: لا تفكر بذلك، ولكن رفقًا بنفسك، وسل الله الخيرة في أمرك، وإذا أقدمت على أمر ما، فلا تتحسر على ما يترتب عليه من مضاعفات، أو رزق وفير قد ساقه الله لغيرك.
الله عز وجل هو من وزع الأرزاق بين عباده، وهو الرزاق ذو القوة المتين، مهما فعلت من الأسباب، فإن الله عز وجل هو من يتصرف في الكون ويقدر تلك الأسباب، ويهب لمن يشاء البنات، ويهب لمن يشاء البنين، فقدرته مطلقة، عندما نعلم ذلك، فلنسلم الأمر لله، ونفعل الأسباب، ولا نحرق الأعصاب، عندما تفوت فرصة، قد نحب شيئًا وهو شرٌ لنا، وقد نكره شيئًا وهو خيرٌ لنا.
النفس مثل الجوهرة، كلما حافظت عليها من الكدر والمنغصات، استصحت وعاشت بسلام، فلا تضيق عليها بأمور الدنيا، وتجعلها في محزن لأجل أمر يمكن أن يتعوض بأمر الله، كم من إنسان قد بلغت ثروته رقمًا صعبًا، ثم شاء الله أن تتراجع إلى أقل القليل لأمر قد خرج عن السيطرة والحسابات المالية.
فلا تحرق أعصابك، وتندب حظك؛ فالمال يمكن تعويضه بمال آخر، ولكن الصحة لا يمكن أن تعوض، لا تحزن وتحرق أعصابك على سوق الأسهم عندما يرتفع أو ينخفض؛ عوّد نفسك على التسليم فيما قدر الله، وتجاوز تلك المرحلة، وانطلق مرة أخرى، لا تحرق أعصابك على فراق من تحب، إما بمفارقته في الحياة الدنيا أو بمجاورته فيها، فالحياة لن تستمر لأحد، كل سيفارقها، فإذا فارقت عزيزًا بموت، فلا تحرق نفسك وتقتلها بالبكاء والنحيب، وضرب الخدود، وكأنك ستعيد من فارقت بذلك.
وكذلك عندما تفارق من كان غاليًا على قلبك في الدنيا لأسباب دنيوية من أجل نزغة شيطانية، ثم تحرق أعصابك لكي يعود، وقد لا يعود، وتندب حظك وكأن الدنيا قد توقفت، نعلم أن الفراق عزيز، ولكن قد يكون خيرًا؛ فالله قد أحاط علمه بكل شيء، فلا تحرق أعصابك، فالذي قفاه قادر على إعادته، فاقلب الصفحة وأكمل حياتك، لاتحرق أعصابك على ابنك عندما ترسم له خارطة الطريق ثم يزوغ عنها وقد بذلت جهدك لهدايته وتذكر قول الله تعالى (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ).
إن من الضروريات الخمس التي حثّ عليها ديننا حفظ النفس، فمن الحفاظ عليها عدم لومها وإضعافها بحرق الأعصاب بفوات فرص أو الخطأ في الاختيار الدنيوي،فنسأل الله أن يرزقنا القناعة، وأن يحفظ علينا أنفسنا ومن نحب، وأن يرزقنا اللين واللطف والمحبة في أمورنا كلها .