رغم تقدم نائبة الرئيس المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس على منافسها الجمهوري دونالد ترامب في استطلاعات الرأي الأخيرة بشكل أكبر مما كانت عليه قبل مناظرة الأسبوع الماضي، فإن أصوات المسلمين سلطت الأضواء على مرشحة حزب الخضر جيل ستاين التي تدعم قضية فلسطين علنا واختارت أميركيا مسلما لشغل منصب نائب الرئيس في حال فوزها.

ورغم تضاؤل حظوظ شتاين بالنظر إلى السيطرة التاريخية للحزبين الديمقراطي والجمهوري على البيت الأبيض فإن ستاين تقدمت بفارق كبير على هاريس وترامب في 3 ولايات من أصل 7 توصف بـ"الحاسمة".

ويثير هذا الظهور للمرشحة المستقلة تباينا في مواقف الناخبين المسلمين الذين ينقسمون بين من يرون التصويت لستاين إهدارا للأصوات وبين من يرون ضرورة أن تعاقب هاريس وترامب على موقفهما من الحرب في قطاع غزة.

فقد منح المسلمون أصواتهم في ولايات حاسمة للرئيس الحالي جو بايدن ولعبوا دورا كبيرا في وصوله إلى البيت لكنه لم يعرهم أي اهتمام -عمليا- عندما اندلعت الحرب في غزة.

تصويت عقابي

ووفقا لمراسل الجزيرة محمد البقالي، فإن من يدعمون فكرة التصويت للمرشحة الثالثة يرون أن التصويت لهاريس من منطلق أنها أخف الضررين -كما يرى مسلمون أميركيون آخرون- سيجعلها لا تلتفت أبدا للأصوات المسلمة في أي انتخابات مقبلة بينما التصويت لطرف ثالث من شأنه أن يسلط الضوء وأن يجعله أكثر حضورا في انتخابات مقبلة.

ويتجاوز عدد الناخبين المسلمين حاجز المليون صوت بقليل لكنهم يتوزعون في ولايات تحظى بأهمية كبيرة في المجمع الانتخابي الذي يملك كلمة الفصل في من سيفوز بالبيت الأبيض.

ويتركز غالية هؤلاء في الولايات السبع المتأرجحة التي تشير الاستطلاعات والتحليلات إلى أنها صاحبة القول الفصل في الانتخابات المقبلة حيث يتقارب المرشحان هاريس وترامب فيهما بشكل كبير جدا.

ومع ذلك، أظهر استطلاع رأي أجراه مجلس العلاقات الإسلامية (كير) تقدم مرشحة حزب الخضر في 3 من هذه الولايات السبع بشكل كبير حيث حصلت على دعم 40% من أصوات المسلمين في ولاية ميشيغان مقابل 18% لترامب و12% لهاريس.

كما حصلت ستاين على 44% من أصوات المسلمين والعرب في ويسكنسون مقابل 39% لهاريس و8% لترامب. وفي أريزونا أيضا حصلت مرشحة حزب الخضر على 35% من أصوات المسلمين مقابل 29% لهاريس و15% لترامب.

نسبة مهمة

وتعليقا على هذه الأرقام، قال المستشار السياسي في الحزب الديمقراطي كريس لابيتينا إن أصوات المسلمين في الولايات المتحدة ليست كبيرة لكنها مهمة ومع ذلك لا يتم التركيز عليها بشكل كبير في وسائل الإعلام.

وقال لابيتينا في نافذة تبثها الجزيرة من الولايات المتحدة إن ترامب لا يسعى للفوز بأصوات الناخبين المسلمين في الولايات المتأرجحة ولكنه فقط لا يريد أن تذهب هذه الأصوات إلى هاريس.

ويرى لابيتينا أن فريق هاريس يمتلك موارد مالية ضخمة ويقول إنه لا يزال يمتلك وقت لتصحيح الأوضاع عما كانت عليه قبل انسحاب بايدن من السباق الانتخابي.

وخلص إلى أن فريق هاريس ينافس ترامب بالدرجة الأولي ويعتمد على الكثير من الكلام السيئ الذي قاله المرشح الجمهوري بحق المسلمين ومن بين ذلك أنه اعتبر كلمة فلسطيني إهانة وسيحاولون البناء على ذلك لجذب أصوات المسلمين.

في المقابل، قال تيم كونستنتاين -نائب رئيس تحرير صحيفة الواشنطن تايمز- إن هاريس ستحصل على أصوات بعض المسلمين لكنها لن تحصل على الكثير لأنها جزء من إدارة بايدن التي لم تتخذ أي خطوة لوقف الحرب في غزة.

وقال كونستنتاين إن هاريس تواصل الحديث في العموميات عندما يسألونها عن الحرب بينما هي من الناحية العملية تتبنى نفس وجهة نظر بايدن.

مع ذلك، اعتبر المتحدث -وهو جمهوري- أن بايدن لم يقدم دعما غير مسبوق لإسرائيل خلال الحرب بل قال إنه هو وفريق عمله يعملون ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأنهم في الأصل كانوا يفعلون الشيء نفسه عندما كانوا في إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما.

وأشار إلى أن اليهود الذين يصوتون تاريخيا للديمقراطييين لم يعودوا كذلك الآن، مضيفا "رغم أن تأييدهم تراجع بنسبة ليست كبيرة لكنها تراجعت".

في غضون ذلك، قال مدير مكتب الجزيرة في واشنطن عبد الرحيم فقراء إن ترامب يقول إنه ليس بحاجة لمناظرة ثانية مع هاريس لأنه فاز في المناظرة الفائتة من وجهة نظره، بينما تقول وسائل الإعلام والمحللون إنه أصبح يخاف من مناظرتها خشية أن تصدمه بالحديث عن أمور هو لا يريد قول رأيه فيها.

وأظهر آخر استطلاع رأي أجرته وكالة رويترز بالتعاون مع مؤسسة إكسوس أن هاريس أصبحت تتقدم على ترامب بـ5 نقاط مقارنة بنقطتين قبل المناظرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات أصوات المسلمین

إقرأ أيضاً:

الانتخابات الأميركية.. حزب واحد شرير بأسماء مختلفة

هذا الخريف، ستغمر الجامعات الأميركية بما أطلق عليه هوارد زن "جنون الانتخابات". سيكون هذا الجنون ركنًا أساسيًا من ثقافة الحرم الجامعي. ستستضيف الجامعات حفلات لمشاهدة المناظرات الانتخابية. وسيقوم الجمهوريون والديمقراطيون في الجامعات بتنظيم طاولات عرض في مراكز الطلاب للتنافس على استقطاب الأعضاء، وتنظيم الفعاليات. سيحث الأساتذة الطلابَ على حضور البرامج الجامعية المتعلقة بالانتخابات. وستروج حملات تسجيل الناخبين لدوافع غير حزبية؛ لتشجيع مشاركة الطلاب في السباق الرئاسي المقبل.

هؤلاء الطلاب ليسوا غرباء عن "جنون الانتخابات". لقد تعلموا منذ فترة طويلة أن التصويت هو تجسيد للسياسة الأميركية في أبهى صورها. حتى في فصول التعليم ما قبل الجامعي (K-12)، تم غرس هذا الفهم فيهم. التصويت إذن: هو واجب مدني مقدس. جنبًا إلى جنب مع الكتابة إلى المسؤولين المنتخبين أو التحدث في الفعاليات المحلية أو تقديم التماسات إلى الكونغرس، تعلموا أن هذا هو الطريق الأمثل لممارسة السياسة في الولايات المتحدة.

ولكن في هذه اللحظة، يعاني الحس الانتخابي الأميركي من أزمة. إذا كانت رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بي مؤشرًا، فإن طلاب اليوم قد تأثروا بشدة بمناخ القمع الذي واجه الاحتجاجات المناهضة للإبادة الجماعية في العام الماضي. انتهى العديد من هذه الانتفاضات بتدخل الشرطة، وفرض عقوبات أكاديمية على منظمي الطلاب.

هؤلاء الطلاب كانوا شهودًا على مناخ مكارثي، حيث طُرد أساتذتهم أو تم توبيخهم أو معاقبتهم، وكلهم بسبب موقفهم من القضية الفلسطينية. هؤلاء الطلاب يشكّون في أن النظام الأكاديمي سيفعل شيئًا لتعزيز نموهم السياسي أو الفكري. يرون هذا الواقع منعكسًا في النظام الانتخابي.

يرون القليل من الفرق بين موقفي الحزبين الرئيسيين تجاه الإبادة الجماعية. في تجمع لكامالا هاريس في أغسطس/آب، هتف المحتجون: "كامالا، كامالا، لا يمكنك الاختباء.. نحن نتهمك بالإبادة الجماعية". كان ردها: "إذا كنتم تريدون فوز دونالد ترامب، فقولوها. وإلا، فأنا أتحدث". غطت هتافات التأييد لهاريس على أصوات المحتجين.

أما بالنسبة لترامب، فقد قال: إنه سيعطي نتنياهو كل الأدوات التي يحتاجها "لإنهاء ما بدأه".

المطلب الأساسي للمعارضين الأميركيين للحرب في غزة، وهو إنهاء شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، خارج نطاق ما يمكن أن يتقبله المسؤولون المنتخبون. إنه ببساطة – ووفقًا لمنطق بناء الإمبراطورية الأميركية – لا يمكن أن يكون مطروحًا على بطاقات الاقتراع.

لقد أجريت أبحاثًا لسنوات حول الدورات الانتخابية الأميركية، وخاصة أنماط تصويت المسلمين الأميركيين. وخلال عملي الميداني، لاحظت إحباطًا مشابهًا بين المسلمين الواعين سياسيًا في الولايات المتحدة. كيف يمكن للمرء أن يشارك في دورة انتخابية عندما يضمن كلا الطرفين توسيعًا متزايدًا للعسكرة والشرطة، الحرب والمراقبة؟ كيف، كما سألني بعض معارفي، في العمل الميداني، يمكن للمرء أن يقرّ بوجه الإمبراطورية المزدوج؟

اليوم، يواجه العديد من طلاب الجامعات لحظة حاسمة. مرة أخرى، يصبح التصويت "اختبارًا متعدد الخيارات ضيقًا ومغشوشًا، لدرجة أن أي معلم يحترم نفسه لن يقدمه للطلاب"، كما قال هوارد زن.

يرون ما أطلق عليه "عجاز أحمد" "الاحتضان الحميم بين الليبرالية واليمين المتطرف". يشاهدون المشاغبين في المؤتمر الوطني الديمقراطي، وهم يتعرضون للانتقاد والصمت. يرون أنصار الأحزاب الثالثة يتعرضون للعار لرفضهم مرشحي المؤسسة. ويرون المرشحَين الرئيسيَين يدعمان سياسات صارمة ضد المهاجرين، دون أن يذكر أي منهما الدمار الذي أحدثته الولايات المتحدة في البلدان التي يهاجر منها هؤلاء الناس.

لا عجب أن هؤلاء الطلاب يشعرون بالإحباط. إنهم يرون القليل من الأمل في صناديق الاقتراع لأولئك الأميركيين الذين يرغبون في ممارسة حقهم السياسي. لقد تم تعليمهم أن صناديق الاقتراع هي مركز وكالتهم السياسية، ولذا فإن كلمات W.E.B Du Bois تبدو حقيقية بالنسبة لهم: "ليس هناك سوى حزب شرير واحد بأسماء مختلفة، وسوف يُنتخب رغم كل ما يمكنني فعله أو قوله".

المناخ السياسي اليوم يكذب الوعد بـ "لن يتكرر ذلك أبدًا". في حين أن أعلى مستويات السلطة تدعم أكبر الجرائم، فيشعر الشباب بالاغتراب العميق.

بالنسبة للمربين النقديين، يشكل هذا الظرف تحديًا كبيرًا، ولكنه أيضًا فرصة للتعليم. من جهة، نواجه مهمة شاقة تتمثل في مواجهة الفهم الأميركي العام حول التصويت، تلك العبارات التي تعلمناها منذ أول دخولنا فصول الدراسات الاجتماعية: أن الناس ماتوا من أجل حقنا في التصويت، وأن الإدلاء بصوتنا هو واجب مدني مقدّس، وأن أحد هذَين المرشحين الاثنين يجب أن يكون أقل الشرَّين.

ومن جهة أخرى، تُتاح لنا الفرصة لتعليم الطلاب تاريخًا غنيًا غالبًا ما يُهمل في مناهجنا الدراسية؛ تاريخًا يوضح كيف أن التغيير الجوهري لم يتحقق عبر صناديق الاقتراع، بل من خلال الجماهير المنظمة والمثقفة التي تطرح مطالب غير قابلة للتفاوض من الطبقة الحاكمة.

إنها فرصة لتعليم كيف أن صناديق الاقتراع أصبحت، على عكس الحكمة المتعارف عليها، أداة للسيطرة، عظمة تُلقى للجمهور الثائر لتهدئة اضطرابه، لتعزيز وهْم المشاركة المدنية. إنها فرصة للخوض مع طلابنا في دراسة الإجراءات المضادة للديمقراطية التي تُكرس في السياسة الأميركية.

المربون يدركون جيدًا أن زعزعة الأطر الفكرية هي جزء أساسي من التفكير النقدي، وأن تمزق وجهة نظر ما يوفر تربة خصبة للتعليم التحويلي. كانت هذه اللحظة واحدة من تلك اللحظات المزعزعة للمنظومة. ولهذا، يجب أن نكون مستعدّين.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • تحقيق: تصاعد حملة تأثير صينية مع اقتراب الانتخابات الأميركية
  • ترامب: نحن قريبون من حرب عالمية ثالثة مع انتشار الصراعات في ظل انتشار الأسلحة النووية
  • يديعوت أحرونوت: لا حرب في الشمال قبل الانتخابات الأميركية
  • لا أحد يحاول حتى اغتيال بايدن- هاريس.. ماسك يحذف منشورا أثار انتقادات
  • “العنف أصبح سمة أمريكية”.. “الغارديان”: الولايات المتحدة تستعد لانتخابات مشتعلة
  • عاجل.. ترامب: بايدن ونائبته هاريس السبب في محاولة اغتيالي.. وإعلام أمريكي يكشف ما فعله المتهم داخل المحكمة
  • عاجل. ترامب: خطاب بايدن وكامالا هاريس وراء إطلاق النار علي
  • الانتخابات الأميركية.. حزب واحد شرير بأسماء مختلفة
  • كامالا هاريس تتلقى ضربة قاضية ستمنع فوزها في الانتخابات الرئاسية.
  • مناظرة هاريس - ترامب تكشف عن أهمية السياسة الخارجية في الانتخابات الرئاسية