«الوطني الاتحادي» يجسد نهج الشورى المتجذر في مجتمع الإمارات
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
أبوظبي: «الخليج»
يشارك المجلس الوطني الاتحادي برلمانات العالم، في الاحتفال باليوم الدولي للديمقراطية الذي يصادف يوم الخامس عشر من شهر سبتمبر2024، وهو يواصل مسيرته بالمشاركة في عملية صنع القرار، وفي مسيرة التنمية المستدامة، استمراراً للنهج الذي اختطه الآباء المؤسسون، حيث مارس شعب الإمارات الشورى وعرفها منذ عقود طويلة.
يواصل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، نهج الآباء المؤسسين في ترسيخ نهج الشورى، وتعزيز مشاركة المواطنين في عملية صنع القرار، وتمكين المجلس الوطني الاتحادي من ممارسة اختصاصاته الدستورية، من خلال تأكيده أهمية تعزيز دور المجلس في تبني مختلف القضايا التي تهم أبناء الوطن، وتسهم في تعزيز تطور الدولة وتقدمها.
وتمثل مسيرة العمل البرلماني في الدولة بمضامينها وآلياتها والرؤية التي توجهها، نموذجاً في دعم القيادة ومشاركة المواطنين في المسيرة الوطنية، فقد حدد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في خطاب افتتاح دور الانعقاد العادي الأول من الفصل التشريعي الأول للمجلس في 12 فبراير 1972، مهام المجلس ودوره، وتعزيزاً لنهج الشورى بقوله «إن جماهير الشعب في كل موقع تشارك في صنع الحياة على تراب هذه الأرض الطيبة، وفي بناء مستقبل باهر ومشرق وزاهر لنا وللأجيال الصاعدة من أبنائنا وأحفادنا».
وأكد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في خطاب له في المجلس: «إن مسؤولية بناء النهضة في هذا البلد لا تقع على عاتق الحكومة وحدها، ولكن الشعب الذي تمثلونه يشارك في هذه المسؤولية، ويشارك بالرأي والفكر والمشورة، وبالعمل الدائب والجهد الخلاق والتعاون المخلص».
وجسد المجلس الوطني الاتحادي على مدى ثمانية عشر فصلاً، تشريعياً النهج الذي اختطته القيادة الرشيدة لتعزيز الحياة البرلمانية والمشاركة السياسية، وتمكين المواطنين، انطلاقاً من البرنامج الذي أعلنه المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي من ضمن مرتكزاته إجراء انتخابات لنصف أعضاء المجلس، ومشاركة المرأة ناخبة وعضواً، حيث بلغت نسبة تمثيل المرأة في المجلس الوطني الاتحادي 50% وذلك منذ عام 2019.
وشهدت دولة الإمارات مع بدء أعمال الفصل التشريعي الثامن عشر للمجلس الوطني الاتحادي خلال عام 2023، مرحلة جديدة في مسيرة العمل البرلماني، في ظل زيادة كبيرة في أعداد القوائم الانتخابية وزيادة نسبة الشباب، فقد بلغت نسبة العضوية من الشباب في المجلس في هذا الفصل 22.5%.
ويجسد المجلس الوطني الاتحادي في ممارسته لاختصاصاته التشريعية والرقابية والدبلوماسية البرلمانية، وفي مختلف نشاطاته، مدى تميز العلاقة بين مختلف السلطات في الدولة، ومدى خصوصية مجتمع الإمارات والنهج المتدرج الذي اختطته، حيث إن للديمقراطية قيماً عليا تستند إلى تعزيز مشاركة أبناء وبنات الوطن في نهضة الدولة وتقدمها وريادتها. ويشكل «برلمان الطفل الإماراتي»، الذي جاء إنشاؤه بموجب اتفاقية وقعها المجلس الوطني الاتحادي مع المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، حرصاً من المجلس الوطني الاتحادي على التواصل مع كافة شرائح المجتمع والاستماع إلى كافة الرؤى والتصورات التي تسهم في تحقيق الهدف الأسمى وهو تمثيل شعب الاتحاد، فضلاً عن نشر ثقافة الحوار والتربية على قيم المشاركة للأجيال الصاعدة، خاصة في ممارسة حرية التعبير وتنمية الوعي بالهوية الوطنية.
وبهدف إشراك أفراد المجتمع في آليات صنع القرار وجعلهم جزءاً أساسياً من جهود التنمية الشاملة في الدولة، تحرص لجان المجلس الدائمة والمؤقتة خلال مناقشة كل ما هو مطروح على جداول أعمالها على التواصل والمشاركة المجتمعية، من خلال تنظيم الزيارات والحلقات النقاشية، ودعوة ذوي الخبرة والاختصاص والمعنيين لحضور اجتماعاتها، بهدف الاستماع إلى آرائهم وتضمين تقاريرها التي ترفعها للمجلس بأفضل التوصيات.
المشاركة في المؤتمر العالمي للشباب البرلمانيين بأرمينيا
شارك ماجد محمد المزروعي عضو المجلس الوطني الاتحادي، ضمن وفد الشعبة البرلمانية الإماراتية في المؤتمر العالمي العاشر للبرلمانيين الشباب، الذي ينظمه الاتحاد البرلماني الدولي بالتعاون مع البرلمان الأرميني في العاصمة الأرمينية يريفان.
ويضم وفد الشعبة البرلمانية الإماراتية كلاً من سارة محمد فلكناز، وشيخة سعيد الكعبي، عضوي المجلس الوطني الاتحادي.
وأكد ماجد المزروعي في مداخلة للشعبة البرلمانية خلال مناقشة موضوع «عدَم إغفال أحد: توفير التعليم والتوظيف للفئات الأكثر ضعفاً وتهميشاً»، على مسؤولية البرلمانيين تجاه الفئات الضعيفة والمهمشة في المجتمعات.
وأشار إلى أن الفئات الضعيفة والمهمشة تواجه تحديات عديدة فيما يتعلق بالوصول إلى التعليم وفرص التوظيف، وتشمل هذه التحديات العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تجعل من الصعب عليهم الاستفادة من الفرص المتاحة، مما يتطلب تطوير سياسات توظيف تعزز من إدماج هذه الفئات في سوق العمل.
من جانب آخر ترأست سارة محمد فلكناز الجلسة الخامسة للمؤتمر التي حملت عنوان «اللا مؤتمر»، حيث تهدف الجلسة إلى إضفاء طابع مبتكر على المؤتمرات، من خلال منح البرلمانيين الشباب فرصة لمناقشة القضايا التي تهمهم بشكل مباشر، وتم اختيار موضوعين رئيسيين هما: تعزيز نتائج التعليم لتعزيز التوظيف والتنمية الوطنية للأجيال القادمة، والتضامن العالمي في الأزمات: حماية التعليم في مناطق النزاع.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات المجلس الوطني الاتحادي الإمارات المجلس الوطنی الاتحادی آل نهیان
إقرأ أيضاً:
???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
( عميد التَنوير ، نِحرِير النبوءاتِ العَتيقة )
في أعمق لحظاتي مع نفسي صدقاً ، لا أراني أعظَمُ مَيلاً للحديث عن الشخصيات، إن تكرَّمَت وأسعفَتني الذاكرة ، فقد كتبتُ قبل عن فيلسوفِ الغناء مصطفى سيد أحمد ، والموسيقار الكابلي ، والمشير البشير ، وشاعر افريقيا الثائر ؛ الفيتوري .
لا أجدُني مضطراً لمدح الرّجال ، ولكنها إحدى لحظات الإنصاف ، ومن حسن أخلاق الرجال أن ينصفوا أعداءهم، دعك من أبناء جلدتهم ونبلائها ، والرجلُ ليس من قومنا فحسب، بل هو شريف قوم وخادمهم ، خطابه الجَسور يهبط حاملاً “خطاب” ابن يعمر الإيادي لقومه ، وخطبة درويش “الهندي الأحمر” ، و”بائية” أبي تمّام ، وتراجيديا الفيتوري في “التراب المقدّس” ..
عبد الرحمن ، لم يكن حالة مثقفٍ عادي ، “عمسيب” مثالٌ للمثقف العضوي قويّ الشَّكِيمَة ، العاملِ علَى المقاومة والتغيير والتحذير ، المحاربِ في ميادين التفاهة والتغييب والتخدير ، المتمرّد على طبقته ، رائد التنوير في قومه ، ظلّ يؤسس معرفياً وبأفقٍ عَالمٍ لنظرية اجتماعية ، نظرية ربما لم تُطرح في السوح الثقافية والاجتماعية من قبل ، أو لربما نوقشت على استحياء في همهمات أحاديث المدينة أو طُرحَت في ظلام الخرطوم عَهداً ثم غابت . هذا الرجل امتلك من الجسارة والثقافة العميقة بتفاصيل الأشياء وخباياها ، ما جعله يُقدم على تحطيم الأصنام السياسية والثوابت الاجتماعية وينفض الغبارَ عن المسكوت عنه في الثقافة والاجتماع والسياسة.
عمسيب قدم نظريةً للتحليل الاجتماعي والسياسي ، يمكن تسميتها بنظرية ( عوامل الاجتماع السياسي) أو نظرية ( النهر والبحر) في الحالة السودانية ، فحواها أن الاجتماع البشري يقوم على أسس راسخة وليس على أحداث عابرة . فالاجتماع البشري ظلّ منذ القدم حول ( القبيلة Tribe ) ثم ( القوم Nation ) ثم ( الوطن Home) ثم ( الدولة country) . هذا التسلسل ليس اجتماعيٌ فحسب، بل تاريخيٌ أيضاً ، أي أن مراحل التحَولات العظيمة في بِنية المجتمعات لا يصح أن تقفز فوق الحقب الاجتماعية ( حرق المراحل).. فالمجتمعات القَبَلية لا يمكنها انتاج (دولة) ما لم تتحول إلى (قومية) ، ثم تُنتج (وطن) الذي يسع عدد من القوميات ، ثم (دولة) التي تخضع لها هذه القوميات على الوطن ، مع تعاقد هذه القوميات اجتماعيا على مبادئَ مشتركة، وقيمٍ مضافة ، كالأمن والتبادل الاقتصادي وادارة الموارد ، والحريات الثقافية ونظام الحكم .
هذه النظرية تشير إلى أن الاجتماع السياسي في السودان ظل في مساره الطبيعي لمراحل التسلسل التاريخي للمجتمعات والكيانات ، إلى أن جاءت لحظة ( الاستعمار) Colonization . ما فعله الاستعمار حقيقة ، أنه وبدون وعي كامل منه ، حرق هذه المراحل – قسراً – وحوّل مجتمعات ما قبل الدولة ( مجتمعات ما قبل رأسمالية) إلى مجتمعات تخضع للدولة.
فالمجتمعات التي كانت في مرحلة ( القبيلة) او تلكَ في مرحلة( القومية) قام بتحطيم بنيتها وتمحوراتها الطبيعيه وتحويلها إلى النموذج الرأسمالي الغربي ، خضوع قسري لمؤسسات الدولة الحديثة، مجتمع ما بعد استعماري ، تفتيت لمفاهيم الولاءات القديمة الراسخة ، بل وتغييرها إلى نظم شبه ديموقراطية، وهذا بالطبع لم يفلح، فبعد أن حطّم المستعمر ممالك الشايقية ودولة سنار ومشيخات العرب بكردفان ومملكة الفور ، وضم كل ذلك النسق الاجتماعي ( القبلي / القومي) إلى نسق الوطن/ الدولة.. أنتج ذلك نخب وجماعات سياسية ( ما بعد كولونيالية ) تعيش داخل الدولة ، لكنها تدير الدولة باللاوعي الجمعي المتشبّع بالأنساق التقليدية ( القبيلة / الطائفة / القومية) ، أي مراحل ماقبل الوطن والدولة.
ما نتج عن كل هذه العواصف السياسية والاجتماعية ، والاضطرابات الثقافية، أن هذه المجتمعات والقوميات التي وجدت نفسها فجأة مع بعضها في نسق جديد غير معتاد يسمى ( الدولة) ، وأقصدة بعبارة ( وجدت نفسها فجأة) أي أن هذا الاجتماعي البشري في الاطار السياسي لم يتأتَ عبر التمرحلات الطبيعيه الانسانية المتدرجة للمجتمعات، لذا برزت العوامل النفسية والتباينات الثقافية الحادة ، الشيئ الذي جعل الحرب تبدأ في السودان بتمرد 1955 حتى قبل اعلان استقلاله . ذات الحرب وعواملها الموضوعيه ومآلاتها هي ذات الحرب التي انطلقت في 2002 ثم الحرب الأعظم في تاريخنا 2023 .
أمر آخر شديد الأهمية، أن دكتور عبد الرحمن ألقى حجرا في بركة ساكنة، وطرق أمراً من المسكوت عنه ، وهو ظاهرة الهجرات الواسعة لقوميات وسط وغرب افريقيا عبر السبعين عاما الماضية ( على الأقل) , فظاهرة اللجوء والهجرات الكبيرة لقبائل كاملة من مواطنها لأسباب التصحر وموجات الجفاف التي ضربت السهل الافريقي، ألقت بملايين البشر داخل جغرافيا السودان، مما يعني بالضرورة المزيد من المنافسة العنيفة على الأرض والموارد وبالتالي اشتداد الحروب والصراعات بالغة العنف، وانتقال هذا التهديد الاستراتيجي إلى مناطق ومجتمعات وسط وشمال السودان ( السودان النّهري)
اذن ، سادتي ، فنظرية (الاجتماع السياسي ، جدلية الهوية والتاريخ ) هذه تؤسس لطرائق موضوعيه ( غير منحازة) لتفسير الظواهر الاجتماعية والثقافية وجدليات الحرب والسلام ، وتوضّح أسباب ظاهرة تعدد الجيوش والميليشيات القبلية والمناطقية والخطابات المؤسسة ديموغرافياً ، وما ينسجم معها من تراكمات تاريخيه وتصدّعات اجتماعية عميقة في وجدان تلك الجماعات العازية .. التوصيات البديهية لهذا الخطاب ، أن الحلّ الجذري لإشكاليات الصراع في السودان هو بحلّ جذور أزمة الهوية، والهوية نفسها لم تكن ( أزمة) قبل لحظة الاستعمار الأولى ، بالتالي تأسيس كيانات جديدة حقيقية تعبّر عن هويات أصحابها والعقد الاجتماعي المنعقد بين مجتمعاتها وقومياتها .
النظرية التي أطلق تأسيسها دكتور عبد الرحمن، لم تطرح فقط الأسئلة الحرجة ، بل قدمت الإجابات الجسورة وطرقت بجراءة الأبواب المرعبة في سوح الثقافة والاجتماع والسياسة في السودان.
Mujtabā Lāzim
إنضم لقناة النيلين على واتساب