«النخلة المباركة» ثمرتي السينمائية الأولى
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
عبد الوهاب العريض
«الصدفة قادت خطاي إلى مقهى ناءٍ في نهاية طريق موحش»
إنه الشاعر السعودي عدنان المناوس، يترك نفسه في بحر القصيدة، ويسند أحداثه اليومية إلى بحر الصدفة التي يدين لها بالكثير، على حد تعبيره: «مدينٌ لها لقاءَ كلّ ما تغرسهُ في قلبي… ورداً كان أم خنجراً!».
شخصية عدنان تشبه كتابته، فهو مسكون بأمواج الإبداع، ويترك نفسه للسرد البصري والشعري، فقد أصدر ديوانه الشعري الأول «موتى يحرثون جسدي» عام 2022، ليهرب بعد ذلك نحو السرد البصري والكتابة في السينما، حيث يقول: «كل شيء يبدأ من الشعر وينتهي إليه.
نخلة مباركة
ويقول عدنان: «بدافع الفضول الشعريّ، والشغف الفنيّ، ذهبت لقراءة الكتب السينمائية، وفي مقدمتها كتب الأديب والسينمائي البحريني «أمين صالح»، ورحت أطارد المخرجين العاملين في هذا الحقل بالخصوص، وأتعرّف على أساليبهم المختلفة، ورؤاهم حول السينما، فجاءت كتاباتي السينمائية التي بدأتها على حساباتي الشخصية في منصات التواصل الاجتماعي كنتيجة طبيعية لهذه المشاهدات الغزيرة، والقراءات العديدة، ومن ثم بدأت الكتابات السينمائية الجادة مع منصة «ميم السينمائية»، وكانت المحصّلة أن أثمرت هذه المحاولات كتابي السينمائي الأول، الذي حرّضني على خوض مغامرته الصديق الشاعر أحمد الملا حينما ختمَ رسالة منه لي بعد إعدادي وتقديمي لبرنامج السينما الشعرية - سحر المخيلة - «في الدورة الثامنة من مهرجان أفلام السعودية قبل سنتين، بهذه العبارة (كتابك المنتظر نخلة مباركة)، فكان هذا الكتاب (كيم كي دوك.. مخرج العنف المنبوذ).
السينما الكورية
وعن سبب اختيار المخرج (كيم كي دوك) كمخرج للكتابة عنه يقول عدنان المناوس: «إن من ألهمني في الواقع فكرة الكتابة عن المخرج الكوري الجنوبي (كيم كي دوك) هو الشاعر والناقد عبد الله السفر. وحينما بدأتُ رحلة البحث الاستقصائية عن هذا المخرج وجدت أن المحتوى العربي الذي يتناول أعماله بالنقد شحيح جداً، حيث إن أعماله التي عبرت التخوم، ولقيت صدى في الأفق العربي قليلة كذلك، فتابعت جلّ أعماله، ووجدتُ فيها ملامح فنية خالصة ونقية، ودهشة شعرية هائلة تتغلغل في معظم أبعاد صوره السينمائية، وغموضاً خلّاقاً يكتنف بناء أبطاله وحكاياتها بشكل عام. كما أنه فنان حقيقي، لأنه يمتلك رؤية ذاتية خاصة للحياة والطبيعة البشرية تبلورت في جلّ أعماله، وهذه الرؤية تتمثل في ثيمة (العنف) الذي يرى أنه غريزة بشرية طبيعية، كما كان يراها (فرويد) و(لورانتس)، وعندما وجدتُ في مرحلة البحث والاستقصاء هذه عن (كيم كي دوك) أن المحتوى العربي الذي يتناول السينما الكورية بشكل عام شحيح أيضاً، وسّعتُ فكرة الكتاب ليضمّ الفصل الأول منه بحثاً استقصائياً عن السياقات التاريخية التي أدّت إلى بروز موجة الهاليو (الموجة الكورية)، وعوامل ازدهارها التي ساعدت على انتشارها في العالم منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى الآن، ليكون هذا الفصل مدخلاً مناسباً لي للحديث عن حياة وأفلام (كيم كي دوك)، الذي هو أحد أبناء الجيل المتأخر لموجة السينما المستقلة أو موجة المخرجين الكوريين الجدد في التسعينيات، مختتماً الكتاب بترجمات لحوارات له، وبعض ما كُتب عنه، محاولة منّي لأن يكون هذا الكتاب مرجعاً عربياً شاملاً للتعرّف على السينما الكورية بشكل عام، وعلى كيم كي دوك بشكل خاص».
عزلة التدوين
لفترة طويلة ظل الشاعر المناوس حبيس المدونة ووسائل التواصل الاجتماعي، حيث كانت البداية في التدوين من خلال (ظلال)، وهي مدونة بدأها عام 2021، وأتاحت له أن يدون ما يريد بعيداً عن الصحف الرسمية، وهذا ما منحه حرية الاختيار ما بين السرد القصصي، والإبداع الشعري، والقراءات السينمائية، التي برزت كموهبة صقلها بالكثير من المراجع الإبداعية، والقراءات النقدية، وأنفق في دهاليزها الكثير من وقته الخاص، وهو ما دفعه لتبني نظرية خاصة يعبّر عنها بقوله: «لا أؤمن كثيراً بالحدود الفاصلة بين الكتابات في مختلف الحقول الإبداعية، وأرى بأنها تتصل ببعضها بعضاً ويغذي بعضها بعضاً... بدأت بالشعر في شكله اللغوي (القصيدة)، ومن ثمّ اجترحتُ الكتابة النقدية والسردية ذات الفضاء المفتوح، والقصص القصيرة، وفي كل من هذه الحقول وجدتُ بعضاً من ذاتي التي أحاول لملمتها وصقل ملامحها بالكتابة التي يجري سحرها الخفي في دمي، ولأنني أؤمن - كما ذكرت في بداية الحوار- بأن كل شيء يبدأ من الشعر وينتهي إليه، أرى أن الشعر بالنسبة لي هو الجذر الذي تتفرع منه كل أشكال كتاباتي...شئتُ أم أبيت!».
يذكر بأن كتاب «كيم كي دوك.. مخرج العنف المنبوذ»، صدر بدعم من جمعية السينما السعودية ضمن سلسلة الموسوعة السعودية للسينما، منشورات جسور الثقافة للنشر والتوزيع في السعودية في مايو 2024م.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: القصيدة السينما الشعر السرد هوليوود
إقرأ أيضاً:
من الصداقة إلى السينما.. سعيد شيمي يستعرض مشوار محمد خان بمعرض الكتاب
شهدت "القاعة الدولية" في ثان ندواتها اليوم، لقاء مع مدير التصوير السينمائي، سعيد شيمي، وذلك ضمن محور "كاتب وجوائز"، حيث حاوره الكاتب والناقد الفني محمود عبد الشكور.
في البداية، وجه "عبد الشكور" الشكر لإدارة المعرض على دعوتها له لحضور هذه الندوةد وللتحدث مع قامة كبيرة مثل المصور السينمائي سعيد شيمي.
كما عبر عن سعادته، بالحديث عن كتاب "رسائل محمد خان إلى سعيد شيمي: مشوار حياة"، الذي حصل على جائزة المعرض في عام 2019، مشيرًا إلى أن هذا الكتاب يعكس حضور محمد خاند في أعماله وروحه، ويؤرخ أحلام جيل كامل عاش في الخمسينيات والستينيات.
من جانبه، تحدث سعيد شيمي عن علاقته بالمخرج الراحل محمد خان، وقال: "بدأت علاقتي بمحمد خان منذ الطفولة، حيث كنا نشترك في صداقة قوية وعشق مشترك للسينما، وكنا دائمًا نقلد الفنانين، في عمر السادسة عشر، واضطر خان للسفر مع والده إلى لندن وترك مصر، ومن هنا بدأت بيننا مراسلات استمرت لمدة 19 عامًا، من عام 1959 حتى 1977".
وأوضح شيمي أن هذه الرسائل توثق حياة محمد خان، وكفاحه خارج مصر، وتكشف عن حبه للسينما وكيف كانت تشغل قلبه وروحه، وأضاف: "في عام 1959، افتتح أول معهد سينما في مصر، والتحقت به بعد انتهائي من الثانوية العامة، وفي نفس الوقت كان خان يدرس الإخراج في إحدى المعاهد في إنجلترا، في عام 1962، بدأت العمل في مجال الأفلام التسجيلية، بينما التحق خان بشركة 'سنيما مصر' لمدة 9 أشهر، وبعد أن تم الاستغناء عنه، ذهب إلى بيروت ثم عاد إلى لندن محبطًا، لكنه كان مصممًا على العمل هناك".
وتابع شيمي: "في عام 1972، تعاوننا في عمل فيلم قصير مدته 9 دقائق بعنوان 'البطيخة'، وهو أول عمل سينمائي لنا، وفي عام 1977، قرر خان العودة إلى مصر نهائيًا، وأخرج فيلم 'ضربة شمس' وأقنع نور الشريف بالتمثيل فيه".
وحول كيفية تحويل تلك الرسائل إلى كتاب من ثلاثة أجزاء، قال شيمي: "بعد وفاة محمد خان، شعرت بمسؤولية كبيرة تجاه صديق عمري، لذا أرسلت تلك الرسائل للناقد والكاتب محمود عبد الشكور ليطلع عليها، ثم قام بترتيبها وتبويبها على مدار خمسة أشهر".
من جانبه، قال محمود عبد الشكور: "كان لمحمد خان حضورًا قويًا، وكان رحيله مؤثرًا على كل من حوله، وخاصة سعيد شيمي، الذي عانى كثيرًا من الحزن أثناء كتابة شروح هذه الرسائل وتبويبها"، وأوضح أن هناك علاقة خاصة كانت تجمعهم أيضًا مع الكاتب بشير الديك، الذي رحل عن عالمنا منذ أسابيع قليلة.
وعلق المخرج سعيد شيمي قائلًا: "عندما فكرت في جمع هذه الرسائل في ثلاثة أجزاء هي "مشوار حياة، انتصار السينما، مصري للنخاع"، لم أتخيل أن هذه الرسائل ستؤثر على الأجيال الجديدة، ولكنها فعلت، حتى أن صحفية صغيرة طلبت مشاهدتها بشغف وحب".
واختتم شيمي حديثه موضحًا: "كان محمد خان مصريًا حتى النخاع، رغم أن والده كان باكستاني الأصل، وعندما حصل على الجنسية المصرية قبل وفاته بثلاث سنوات، شعر بالراحة، وكان دائمًا يردد: "أنا بحب مصر، وهعيش في مصر، وهاموت فيها".
جدير بالذكر، أن معرض القاهرة الدولي للكتاب يقام في الفترة من 23 يناير وحتى 5 فبراير تحت شعار "اقرأ.. في البدء كانت الكلمة"، بمشاركة 1345 ناشرًا من 80 دولة، بالإضافة إلى 600 فعالية متنوعة.