كانتونات مستقلة.. ضعف الدولة يعمق النزعة الاستقلالية للأقاليم في اليمن
تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من صلاح الواسعي
يعيش اليمنيون في مناطق مبعثرة ومنعزلة عن الأخرى، وذلك بفعل طبيعة اليمن الجغرافية مما ينشئ نزوعًا استقلاليًا، ناهيك عن أن اليمن تاريخيًا كانت دويلات مستقلة عن بعضها البعض، ولم تتوحد إلا في فترات قليلة جدًا.
إن مشروع الجمهورية اليمنية الذي تعرض للخطر بانهيار الدولة في 2015، وما تلاه من حرب في اليمن منذ عشر سنوات، أدى إلى نشوء كيانات يمنية مستقلة، وبرزت في الساحة اليمنية هويات جديدة تستند على مفاهيم ماضوية، تتمثل بالقبيلة والمذهب والطائفة، غذت فكرة الاستقلال وزادت من فرص حدوثها.
خلال التسع السنوات الماضية، تشكلت كيانات سياسية حملت تطلعات السكان نحو الاستقلال، لعل أبرزها المجلس السياسي الأعلى في صنعاء المدعوم إيرانيًا، والمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن، والمجلس السياسي للمقاومة الوطنية في المخا والساحل الغربي المدعومان إماراتيًا، ومجلس حضرموت.
كانتونات مستقلةيقول رئيس مركز أبعاد للدراسات، عبدالسلام محمد، ل”يمن مونيتور”: إذا استمر ضعف الدولة اليمنية، فإن هذه الجماعات المسلحة في اليمن ستذهب في النهاية إلى خيارات تقرير المصير.
ويؤكد محمد أن اتفاق السلام في اليمن، إذا تم، سيبقي الجماعات المسلحة المدعومة من أطراف خارجية في المساحات التي تسيطر عليها، وهناك احتمال أن يتمدد الحوثي أكثر.
ويرى محمد أن النظام الفدرالي مناسب لليمن، ولكنه برأيه يحتاج لدولة مركزية قوية، وإلا فإن الأقاليم ستكون أشبه بدويلات مستقلة، مشيرًا بقوله: “الأخطر من ذلك أن تسيطر جماعات مسلحة، هنا سنشهد دويلات مستقلة حقيقية، وفي حال استمرار الحرب سنشهد عصابات تحكم.”
السلام المستحيل
وتتوقع المحللة السياسية منى صفوان تعثر اتفاق السلام في اليمن خلال السنوات القادمة، تقول صفوان: “لن يكون هناك اتفاق سلام، وأعتقد أن خارطة الطريق ستتعرقل، لأن هناك أجندة في المنطقة تريد تقسيم اليمن حسب خارطة إقليمية.”
وأشارت إلى أن حرب غزة قلصت فرص التقاء الأطراف اليمنية على طاولة واحدة. والسبب برأيها أن الحرب في اليمن مرتبطة بحرب غزة ومرهونة بالتعنت الإسرائيلي، فهناك طرف يؤمن بأن حرب غزة لا تُحل إلا بالسلاح والمزيد من التصعيد، فيما هناك أطراف تؤمن بالتطبيع.
وأضافت صفوان لـ”يمن مونيتور” أن اليمن ستعيش حالة جمود لمدة طويلة، قد تتحول إلى مزيد من الصراع، خصوصًا أن خطاب الحرب لا يزال هو السائد في البلاد سواء لدى الأطراف التابعة للسعودية أو التابعة للإمارات أو التابعة لإيران.
هبة حضرموت الثانية.. أين تتجه المحافظة النفطية مع التصعيد القبلي؟! (تحليل خاص)أهداف وخبايا.. لماذا يجتهد المجلس الانتقالي لإعلان فشل الحكومة اليمنية؟ (تحليل خاص)
في يناير/كانون الثاني 2014 اتفق اليمنيون عقب مؤتمر حوار استمر أشهراً على شكل الدولة في ستة أقاليم-انترنت ضياع اليمن الموحد الكبيركل القوى العسكرية في اليمن أسست لنفسها دويلات صغيرة، ولا شك أن أي تسوية سياسية قادمة، وإن كانت بعيدة على مدى السنتين القادمتين، ستأخذ هذا الإطار من التشكيلات العسكرية التي أسست لنفسها دويلات كأمر واقع. باختصار، اليمن الموحد الكبير لم يعد مطروحًا على مدى العشر السنوات القادمة، هكذا يرى المحلل السياسي عبدالستار الشميري الوضع الراهن في اليمن.
يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحديدة، الدكتور فيصل الحذيفي، أن ممارسة الحكم الذاتي المستقل عبر تمويل خارجي لبعض التجمعات والمكونات العسكرية في اليمن ممكن لتحقيق نجاحات جزئية. لكن ذلك يبقى رهن التدخلات الخارجية التي تغذي هذه النزعة التجزيئية ليسهل تدخلها وخدمة أجندتها، ومتى انتهى مفعول التدخل الخارجي ستسقط الكيانات وخيارات النزوع نحو الاستقلال أو الحكم الذاتي.
وأشار الحذيفي لـ”يمن مونيتور” إلى أن الترتيبات الحالية في المدن اليمنية ليست تعبيرًا عن إدارة جهوية في الحكم الذاتي أو الاستقلال عن السلطة المركزية، وإنما هي تعبير عن ترتيبات ونوايا المتدخل الإقليمي والدول، من جهة، وسد الفراغ الحاصل محليًا وجهويًا بسبب ضعف السلطة المركزية من جهة أخرى.
وأضاف: “إن النزوع نحو الحكم الذاتي الكامل لن يكون ممكنًا في الحد الأدنى سوى في المحافظات القادرة على تشغيل ذاتها، بموارد داخلية فائضة: نفط، غاز، موانئ، أسماك، زراعة، وهي مقومات ليست متوفرة ولا مكتملة للنجاح، فمثلًا: مأرب فيها موارد فائضة لكنها بلا ميناء ولا مطار ولا منفذ دولي، وتعز دون موارد، هي الأسهل في وضعها تحت الحصار من أي طرف.”
تعز في مخطط التقسيميرى مراقبون أن في مدينة تعز لا توجد سيطرة مطلقة لأحد، الأحزاب السياسية هناك تشارك في السلطة المحلية. “وفي حين يُغلق المجال العام ويُقسر في اتجاه أحادي لمصلحة الميليشيات والمكونات المسيطرة في المحافظات الأخرى، تبدو تعز مكانًا مفتوحًا لأشكال النشاط السياسي والحزبي، ولا تشبهها نسبيًا سوى محافظة مأرب.”
الكاتب السياسي عبدالعزيز المجيدي صرح ليمن مونيتور قائلًا: “حرص التحالف العربي على تمزيق مدينة تعز إلى ثلاث تعزات: هناك تعز الواقعة تحت سيطرة الحوثيين في منطقة الحوبان الصناعية، وتعز الساحل باعتبارها الجزء الأهم كميناء وضمنها مديرية ذوباب التي تشرف على مضيق باب المندب الاستراتيجي. هذين الجزئين يمكن وصفهما بأنهما الجزء المفيد من تعز. الجزء الثالث هو ذلك المكتظ بالكثافة السكانية والواقع تحت سيطرة الجيش الوطني الخاضع لوزارة الدفاع وأكثريته مقاومة شعبية حشدها حزب الإصلاح.”
وأشار المجيدي إلى أن هذا الوضع في تعز ربما يبدو مثالًا جيدًا لما يريده التحالف في البلاد برمتها، وهي صيغة ستتكرر بفاعلين آخرين في المحافظات الجنوبية، حيث تتنافس دولتا التحالف، وإن كان للإمارات النفوذ الأكبر مع محاولات سعودية متأخرة لبناء تشكيلات عسكرية موالية لها مثل قوات درع الوطن السلفية.
وردا على سؤال من سيحكم تعز في المرحلة المقبلة، قال المجيدي: “أتذكر أن ضابطًا سعوديًا يتحدث في الإعلام كثيرًا، قال بصريح العبارة إن الجيش الوطني سيتم تسريحه وإن قوة زيدية _هكذا قالها حرفيًا_ ستتولى استكمال تحرير تعز وبقية المناطق. بالطبع هذا الكلام كان بعد انقلاب أغسطس في عدن على الرئيس هادي.”
مشيرًا إلى أن الرياض أصبحت مهتمة أكثر بإبرام صفقة مع الحوثيين، بينما تسعى أبوظبي لتمكين أذرعها وهي لا شك تسعى عبر طارق لأن تكون صاحبة الكعب الأعلى بتعز، وهي تستخدم من أجل ذلك وسائل عديدة، حتى الآن لا زالت ناعمة، كبناء مشاريع خدمية مثل الطريق الرابط بين المخا والمدينة عبر الكدحة، ومطار المخا، ثم عبر الأموال السخية التي تقدمها لتغطية أنشطة طارق.
تتضارب الآراء حول تعز، حيث تؤكد الباحثة في علم الاجتماع السياسي، رشا عبدالكافي، أن حزب الإصلاح لن يفرط بمدينة تعز، حيث فقد الإصلاح سيطرته على المناطق شمال اليمن التي يستفرد بها الحوثيون، وفقد مكانته في الجنوب الذي يسيطر عليه المجلس الانتقالي، ولم يعد له تواجد سوى في مدينتي مأرب وتعز، ما يعني أنه يبحث عن موطئ قدم في الخارطة الجديدة للتسوية السياسية.
وتنفي صفوان كون مدينة تعز يوجد فيها شراكة سياسية، قائلة إنه لا توجد دراسة واحدة تثبت ذلك حتى الآن، وأن تعز لا تختلف في وضعها عن بقية المحافظات اليمنية.
يمن مونيتور15 سبتمبر، 2024 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام اللواء- احمد شمار...رسالة لحزب الإصلاح في ذكرى تأسيسه مقالات ذات صلة اللواء- احمد شمار…رسالة لحزب الإصلاح في ذكرى تأسيسه 14 سبتمبر، 2024 شهداء وجرحى في مجزرة جديدة للاحتلال بمدرسة شرقي غزة 14 سبتمبر، 2024 زعيم الحوثيين: 700 غارة أمريكية-بريطانية على اليمن 14 سبتمبر، 2024 البحرية الإيرانية: عودة سفينتين حربيتين من مهمة البحر الأحمر 14 سبتمبر، 2024 اترك تعليقاً إلغاء الردلن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محلية البحرية الإيرانية: عودة سفينتين حربيتين من مهمة البحر الأحمر 14 سبتمبر، 2024 الأخبار الرئيسية كانتونات مستقلة.. ضعف الدولة يعمق النزعة الاستقلالية للأقاليم في اليمن 15 سبتمبر، 2024 اللواء- احمد شمار…رسالة لحزب الإصلاح في ذكرى تأسيسه 14 سبتمبر، 2024 شهداء وجرحى في مجزرة جديدة للاحتلال بمدرسة شرقي غزة 14 سبتمبر، 2024 زعيم الحوثيين: 700 غارة أمريكية-بريطانية على اليمن 14 سبتمبر، 2024 البحرية الإيرانية: عودة سفينتين حربيتين من مهمة البحر الأحمر 14 سبتمبر، 2024 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك زعيم الحوثيين: 700 غارة أمريكية-بريطانية على اليمن 14 سبتمبر، 2024 البحرية الإيرانية: عودة سفينتين حربيتين من مهمة البحر الأحمر 14 سبتمبر، 2024 فيلم يمني يفوز بالجائزة الكبرى في مهرجان الدار البيضاء السينمائي 14 سبتمبر، 2024 اتحاد المحامين العرب يدعو للوقوف ضد تعديلات الحوثيين على قانون السلطة القضائية 14 سبتمبر، 2024 في ذكراها الـ 62…زخمٌ شعبيٌ كبير واحتفالٌ مبكر بذكرى ثورة سبتمبر اليمنية 14 سبتمبر، 2024 الطقس صنعاء غيوم متفرقة 21 ℃ 27º - 19º 35% 0.85 كيلومتر/ساعة 27℃ الأحد 24℃ الأثنين 27℃ الثلاثاء 26℃ الأربعاء 26℃ الخميس تصفح إيضاً كانتونات مستقلة.. ضعف الدولة يعمق النزعة الاستقلالية للأقاليم في اليمن 15 سبتمبر، 2024 اللواء- احمد شمار…رسالة لحزب الإصلاح في ذكرى تأسيسه 14 سبتمبر، 2024 الأقسام أخبار محلية 27٬853 غير مصنف 24٬180 الأخبار الرئيسية 14٬531 اخترنا لكم 6٬984 عربي ودولي 6٬802 غزة 6 رياضة 2٬307 كأس العالم 2022 72 اقتصاد 2٬224 كتابات خاصة 2٬060 منوعات 1٬981 مجتمع 1٬828 تراجم وتحليلات 1٬746 ترجمة خاصة 34 تحليل 10 تقارير 1٬588 آراء ومواقف 1٬509 صحافة 1٬476 ميديا 1٬383 حقوق وحريات 1٬302 فكر وثقافة 888 تفاعل 811 فنون 475 الأرصاد 296 بورتريه 63 صورة وخبر 36 كاريكاتير 32 حصري 21 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2024، جميع الحقوق محفوظة | يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 4 يوليو، 2024 دراسة حديثة تحلل خمس وثائق أصدرها الحوثيون تعيد إحياء الإمامة وتغيّر الهوية اليمنية 26 فبراير، 2024 معهد أمريكي يقدم “حلا مناسباً” لإنهاء هجمات البحر الأحمر مع فشل الولايات المتحدة في وقف الحوثيين أخر التعليقات SALEHتم مشاهدة طائر اللقلق مغرب يوم الاحد 8 سبتمبر 2024 في محافظة...
محمد عبدالله هزاعيا هلا و سهلا ب رئيسنا الشرعي ان شاء الله تعود هذه الزيارة ب...
.نرحو ايصال هذا الخبر...... أمين عام اللجنة الوطنية للطاقة ال...
issamعندما كانت الدول العربية تصارع الإستعمار كان هذا الأخير يمرر...
عبدالجبارعلي عمر بالطيفأريد تفسير للمقطع من اغنيه شل صوتك وأحكم المغنى ماذا يقصد ون...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: البحریة الإیرانیة الحکم الذاتی یمن مونیتور إلى أن
إقرأ أيضاً:
معهد أمريكي: هل تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية استباق أمريكي لإجراء عسكري مباشر ضدهم في اليمن؟ (ترجمة خاصة)
قال معهد أمريكي إن تصنيف الإدارة الجديدة للبيت الأبيض جماعة الحوثي "منظمة إرهابية أجنبية" استباق لإجراء عسكري مباشر ضد الجماعة في اليمن التي تنفذ هجمات ضد سفن الشحن في البحر الأحمر منذ عام ونصف.
وأضاف معهد دول الخليج العربي بواشنطن (AGSIW) في تحليل للباحث جريجوري د. جونسن وترجمه للعربية "الموقع بوست" إن ذلك يزيد من احتمال تورط واشنطن في صراع طويل الأمد آخر في الشرق الأوسط.
وأضاف "في الثالث والعشرين من يناير/كانون الثاني، استأنفت ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية ما انتهت إليه ولايته الأولى، فأعادت تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية. وبدا الأمر التنفيذي وكأنه يهدد بتوسيع نطاق الحرب في اليمن، حيث نص على أن "سياسة الولايات المتحدة الآن هي التعاون مع شركائها الإقليميين للقضاء على قدرات الحوثيين وعملياتهم، وحرمانهم من الموارد، وبالتالي إنهاء هجماتهم على أفراد ومدنيين أمريكيين، وشركاء الولايات المتحدة، والشحن البحري في البحر الأحمر".
ويأتي قرار ترامب -حسب التحليل- في أعقاب وقف إطلاق النار المعلن في غزة وبيان الحوثيين في التاسع عشر من يناير/كانون الثاني الذي تعهدوا فيه بوقف الهجمات على الشحن التجاري في البحر الأحمر طالما استمر وقف إطلاق النار. وأفرج الحوثيون بعد ذلك عن طاقم سفينة الشحن جالاكسي ليدر التي استولوا عليها قبل أكثر من عام.
من نواح عديدة، يرى جريجوري د. جونسن أن الأمر التنفيذي لترامب محاولة لحرمان الحوثيين من النصر في البحر الأحمر.
وقال "لأكثر من عام، استهدفت المجموعة السفن التجارية والسفن البحرية الأمريكية. لقد حاولت إدارة الرئيس السابق جوزيف بايدن الابن اتباع استراتيجية الدفاع والردع والتدهور، والتي لم تفعل شيئًا لردع الحوثيين أو تدهورهم".
وتابع "في الواقع، في الأسابيع الأخيرة، وسع الحوثيون قائمة أهدافهم، وأطلقوا صواريخ على إسرائيل، مما أثار عددًا من الضربات المضادة الإسرائيلية".
يضيف "على عكس حماس وحزب الله، وهما ميليشياتان أخريان مدعومتان من إيران تم تخفيض قوتهما بشكل كبير منذ أكتوبر 2023، عانى الحوثيون من خسائر قليلة نسبيًا على مدى الأشهر الخمسة عشر الماضية. وبدلاً من ذلك، يبدو أن المجموعة استفادت بطرق عديدة من حملتها الصاروخية".
واستدرك "على المستوى المحلي، عززت الدعم وأسكتت المنتقدين الداخليين من خلال الانخراط عسكريًا مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وكلاهما غير محبوبين للغاية عبر الطيف السياسي في اليمن. كما استفاد الحوثيون من تأثير "التجمع حول العلم". فكلما زاد قصف الولايات المتحدة وإسرائيل للحوثيين، زادت شعبية المجموعة".
وعلى المستوى الإقليمي، يقول "أثبت الحوثيون أنهم حلفاء فعالون لإيران، حيث حولوا مكونات الصواريخ التي هربتها إيران إلى البلاد إلى ضربات على إسرائيل. وبمرور الوقت، وإذا لم تتمكن حماس وحزب الله من التعافي، فقد يؤدي هذا إلى زيادة كميات الدعم الإيراني للمجموعة".
بطبيعة الحال، يؤكد أن جزء من نجاح الحوثيين هو نتيجة للجغرافيا المواتية. تسيطر المجموعة على جزء كبير من الساحل اليمني على طول البحر الأحمر ولا تشترك في حدود مع إسرائيل، مما يجعل الضربات الانتقامية أكثر تحديًا. ومن خلال مواجهة كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، وضعت المجموعة أيضًا خصومها العرب، مثل المملكة العربية السعودية، في موقف صعب.
وقال "على الرغم من أن المملكة العربية السعودية كانت منخرطة في حرب مع الحوثيين منذ ما يقرب من عقد من الزمان، إلا أن المملكة رفضت الانضمام إلى التحالف البحري بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة الحوثيين، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن المجموعة كانت تُرى على أنها تدافع عن الفلسطينيين".
واستطرد "في حالة انسحاب المملكة العربية السعودية بالكامل من اليمن، فمن المرجح أن يتحرك الحوثيون نحو حقول النفط والغاز في مأرب، وهو ما من شأنه أن يعزز قبضتهم على السلطة بشكل كامل". لافتا إلى أن الشيء الوحيد الذي منع ذلك حتى الآن هو وجود غطاء جوي سعودي في مأرب. ومن مأرب، سيكون الحوثيون في وضع جيد للتحرك إلى شبوة ومن هناك إلى حضرموت، مما يدمر فعليًا أي آمال في قيام دولة غير حوثية في جنوب اليمن.
على الصعيد الدولي، يتابع "تمكن الحوثيون من تعميق علاقاتهم مع روسيا، التي كانت تبحث عن وسيلة فعالة لمواجهة الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا. وإذا تطورت هذه العلاقات إلى معدات ومساعدات، فقد يتحول الحوثيون إلى تهديد عسكري أكثر أهمية. كما استنزف الحوثيون مخزونات الولايات المتحدة بإجبارها على إطلاق أكثر من 200 صاروخ بتكلفة تزيد عن 500 مليون دولار".
ويرى أن الأمر الأكثر أهمية من التكلفة العالية هو حقيقة أن الصواريخ التي تطلقها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لا يمكن استخدامها في المحيط الهادئ، وقد يستغرق تجديد المخزونات سنوات. أخيرًا، وربما الأهم، أنهى الحوثيون الحرب بشروطهم الخاصة، مما سمح لأنفسهم بإعلان النصر على كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
ويهدف الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب إلى إبطال هذا النصر الذي ادعاه الحوثيون بطريقتين. أولاً، والأكثر وضوحاً، يهدد الأمر باتخاذ إجراء عسكري مباشر ضد الحوثيين.