يرى خبراء أن حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن اتخاد قرار بشأن توسيع العمليات على جبهة لبنان يمثل تحديا كبيرا للولايات المتحدة ودفعا بالحرب نحو مزيد من التصعيد إقليميا وربما دوليا، "وإن كان الأمر قد لا يخلو من كونه مناورة سياسية" كما يقولون.

فقبل يومين من وصول المبعوث الأميركي إلى لبنان آموس هوكشتاين للمنطقة، أعلن نتنياهو أنه سيجتمع مع المجلس الحربي لبحث موعد توسيع المواجهة على الجبهة اللبنانية قبل أن تنقل وسائل إعلام إسرائيلية أنباء عن تأجيل الاجتماع إلى يوم الاثنين، أي يوم وصول هوكشتاين.

ووفقا للخبير في الشأن الإسرائيلي محمود يزبك فإن هذا التصعيد الجديد من جانب نتنياهو "يعني حسب ما قاله محللون عسكريون إسرائيليون بإيعاز من مكتب نتنياهو أنه سينهي الحرب في قطاع غزة خلال أشهر ليبدأ حربا جديدة في لبنان".

وقال يزبك -خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- إن هذا التصعيد "يأتي بينما يشتد الخلاف بين نتنياهو وقادة جيشه بشأن نهاية المعركة في غزة، لأن الجيش يريد وقفها ويقول إنه حقق أهدافها بينما نتنياهو يريد مواصلة القتال".

تحدٍّ للولايات المتحدة

بدوره، يرى الباحث في الشؤون السياسية والدولية ستيفن هايز أن ما يقوم به نتنياهو "هو واحد من القرارات التي تتخذ في الفراغ، أي دون الرجوع  لواشنطن، لكنه يمثل تحديا صارخا للإدارة الأميركية بالنظر إلى توقيته".

وقال هايز إن نتنياهو لا يريد دعم نائبة الرئيس كامالا هاريس في الانتخابات نظرا لرغبته في فوز خصمها الجمهوري دونالد ترامب، مضيفا "لا أتوقع أن تواصل واشنطن التعاون مع تل أبيب بشأن الحرب في الشرق الأوسط في حال قرر نتنياهو المضي قدما في الحرب".

مع ذلك، لم يستبعد هايز أن يكون حديث نتنياهو عن تصعيد في الشمال محاولة للفت الأنظار عن عمليات التهجير الجديدة التي يقوم بها للمدنيين في قطاع غزة، معربا عن شكوكه الكثيرة في أهداف هذه التصريحات.

وفيما يتعلق بالرد اللبناني على أي تصعيد إسرائيلي، قال العميد منير شحادة -المنسق اللبناني السابق لدى قوات حفظ السلام (يونيفيل)- إن المقاومة اللبنانية "لا تسعى لحرب شاملة مع إسرائيل لكنها جاهزة للرد بقوة".

ولفت شحادة إلى أن إسرائيل "لم تستعمل كلمة حرب أو عملية عسكرية وإنما استخدمت كلمة تصعيد، ومع ذلك فالمقاومة ليست مردوعة وهي مستعدة للتعامل بالمثل".

وبعيدا عن هذه التصريحات، فإن المحللين الإسرائيليين كافة يرون أن الجيش الإسرائيلي ليس مستعدا لخوض حرب برية بلبنان في ظل حالة الإجهاد والخسائر الكبيرة التي يعانيها جراء الحرب في غزة، كما يقول يزبك.

كما نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية حديث نعيم قاسم -نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني– الذي قال فيه إن "على إسرائيل التعامل مع مزيد من الصواريخ" وهو ما يعني -برأي يزبك- أن هذه التصريحات أخذت على محمل الجد.

ووفقا للخبير في الشأن الإسرائيلي، فإن الجميع في إسرائيل يتحدث عن أن الحرب في لبنان لن تكون نزهة وفي مقدمتهم المحللون العسكريون الذين يرون أن الجيش غير جاهز لمثل هذه المواجهة في ظل خروج ألف جندي يوميا من الخدمة بسبب حرب غزة.

ويرى يزبك أن تأجيل اجتماع المجلس الحربي من الأحد إلى الاثنين يعني أن نتنياهو -الذي يحاول إظهار أنه فوق الولايات المتحدة- قد تعرض لضغوط أميركية شديدة هذه الليلة.

في المقابل، يقول هايز إن تأجيل الاجتماع يمثل بارقة أمل صغيرة لكن السؤال المهم هو متى سيعقد الاجتماع، هل سيكون بعد زيارة المبعوث الأميركي أم إنهم سيتخذون قرارا خلال زيارته؟

ما التصعيد المتوقع؟

وفي كل الأحوال، كما يرى شحادة، هناك "استحالة لدخول إسرائيل في مواجهة برية مع حزب الله دون وجود دعم أميركي مباشر"، مؤكدا أن الولايات "لن تدخل في هذه المواجهة أبدا"، كما يقول.

لذلك، فإن إسرائيل ربما تذهب إلى ضربات جوية لأهداف في لبنان برأي شحادة الذي لفت إلى أن هذه الضربات التي وصلت إلى مرحلة القصف العشوائي، سيوازيها رد قوي من المقاومة.

وأوضح شحادة أن المقاومة ليست مردوعة وأنها سترد على تصعيد بضرب أهداف إسرائيلية أكثر حساسية وعمقا كما ستجبر مئات آلاف المستوطنين على مغادرة شمال الأراضي المحتلة، مؤكدا أن أي اجتياح بري للبنان سيؤدي لحرب في المنطقة كلها.

الرأي نفسه ذهب إليه هايز بقوله إن أي حرب برية في لبنان قد تمتد إلى العالم كله وليس المنطقة خصوصا أن الموقف الإيراني سيكون حاسما في هذه اللحظة.

وقال هايز إن إيران لم ترد حتى الآن على اغتيال الزعيم السابق لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الشهيد إسماعيل هنية على أراضيها، مؤكدا أنها "سترد بكل تأكيد"، وتوقع أن يؤدي هذا الرد أيضا لتفاقم الحرب.

مناورة سياسية

في الأخير، لفت يزبك إلى أن الإعلام الإسرائيلي يتحدث عن نقل المدرعات والجنود للشمال، وقال إن نتنياهو يقول إن هدفه هو إعادة السكان إلى المستوطنات التي خرجوا منها بسبب صواريخ حزب الله مما يعني إبعاد الحزب إلى ما وراء نهر الليطاني، وهذا لن يكون إلا بعملية برية.

لكنه في الوقت نفسه، لم يستبعد فرضية أن يكون الحديث كله مجرد مناورة سياسية خصوصا وأن صحيفة هآرتس تحدثت قبل قليل عن تقدم في المفاوضات مع حماس وتقول إنه يشمل التفاهم بشأن محور فيلادلفيا.

وتعليقا على حديث المفاوضات، قال هايز إن هوكشتاين "ربما ينقل مقترحا أميركيا مباشرا لإسرائيل بشأن استعادة الأسرى، وإنه قد يفعل هذا بحضور مجلس الحرب كله حتى لا يعطي نتنياهو فرصة الرفض".

وفي هذا الشأن قال شحادة "أيا كان ما سيقدمه هوكشتاين فإن المقاومة اللبنانية أكدت مرارا أن الاشتباكات لن تتوقف ما لم تتوقف الحرب في غزة"، مضيفا "لو كانت إسرائيل جاهزة لحرب مع لبنان لردت على ضرب الوحدة 8200 الاستخبارية مؤخرا".

وخلص شحادة إلى أن ما يجري "هو محاولة لفصل جبهة لبنان عن غزة وإطالة أمد الحرب لحين إجراء الانتخابات الأميركية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الحرب فی فی لبنان إلى أن

إقرأ أيضاً:

محللون: إقرار جيش إسرائيل بفشل 7 أكتوبر يطمس حقائق طوفان الأقصى

القدس المحتلة- وجه كتّاب ومحللون عسكريون وسياسيون انتقادات شديدة اللهجة إلى الجيش الإسرائيلي بعد اعترافه بالفشل في منع هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات "غلاف غزة" وبلدات إسرائيلية في النقب الغربي.

وأجمعت قراءات المحللين على أن نتائج التحقيقات التي كشف عنها جيش الاحتلال تعكس الإخفاق الممنهج بالمؤسسة العسكرية في مواجهة حركة حماس، وكذلك تعمد رئاسة هيئة الأركان العامة طمس الحقائق والتكتم على الحيثيات التي سبقت "طوفان الأقصى"، وهو ما يعزز أزمة الثقة بين الجمهور الإسرائيلي والمؤسسة العسكرية.

واستعرضت تقديرات المحللين الانتقادات التي وجهها كبار الضباط في "فرقة غزة" إلى قيادة الجيش، حيث وجهوا انتقادات شديدة اللهجة إلى رئيس هيئة الأركان العامة هرتسي هاليفي.

وأشارت القراءات إلى أن نتائج التحقيقات توحي بأن هاليفي اعتمد رواية كاذبة بالتخلي عن المستويات الدنيا في قيادة الجيش، وتحميلهم مسؤولية الإخفاق والادعاء بأن الضباط على الجبهة الجنوبية لم يطلعوا رئاسة الأركان على حقيقة وصورة الوضع مع بداية الهجوم المفاجئ.

أين كان الجيش؟

يقول المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل إن نشر تحقيقات الجيش الإسرائيلي لم يكشف إلا عن جزء من صورة الواقع لأحداث السابع من أكتوبر، حيث ما زالت محاور مهمة وقضايا جوهرية غائبة ومفقودة.

إعلان

وأضاف هرئيل أن السؤال الذي يطرح مجددا من قبل المجتمع الإسرائيلي هو "أين كان الجيش؟". وأشار إلى أن "دراسة هذه التحقيقات تكشف أنه بالإضافة إلى الإخفاق بالاستعدادات والفشل بالاستخبارات، فإن رئاسة الأركان لم تحقق بعمق بالقضايا الجوهرية، وهو ما يرجح بفتح التحقيقات مجددا من قبل طواقم تحقيق جديدة يعينها رئيس هيئة الأركان العامة الجديد إيال زامير".

ورأى المحلل العسكري أن نتائج التحقيقات توحي بأن الأجهزة الأمنية والعسكرية وبضمنها الجيش وجهاز الأمن الداخلي "الشاباك" تعاملوا باستخفاف مع حركة حماس، بل إنهم لم يفهموا ما تصرح به والخطوات التي تقوم بها.

ويعتقد هرئيل أن الجيش الإسرائيلي ما زال عالقا في السابع من أكتوبر، وهناك خوف دائم لدى المؤسسة العسكرية من أن يكون وقف إطلاق النار على الجبهتين الرئيسيتين غزة ولبنان مؤقتا، إذ من شأن استئناف الحرب أن يكشف عن تآكل قدرات الجيش واستنزافه.

مقاتلو القسام خلال عبورهم الحدود صباح 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 (الصحافة الأجنبية) نتائج مثيرة للمشاكل

وتحت عنوان "نشر تحقيقات الجيش الإسرائيلي.. قليل جدا، ومتأخر جدا، ومثير للمشاكل"، كتب المحلل العسكري يوسي يهوشع مقالا في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ينتقد فيه أداء الجيش بالتعامل مع التحقيقات الداخلية، حيث أتت نتائج التحقيقات في أحداث 7 أكتوبر -حسب كلامه- مستهلكة ولم تبحث بالعمق، وعليه لا بد من تشكل لجنة تحقيق رسمية حتى لا تتكرر صدمة "يوم الغفران" (حرب أكتوبر 1973).

ويعتقد المحلل العسكري أن رئيس الأركان المنتهية ولايته أرجأ الانتهاء من التحقيقات ثم حرص على أن تخرج جميعها في وقت واحد بطريقة تجعل من الصعب على الجمهور الإسرائيلي الخوض فيها، في محاولة للإبقاء على ضبابية المشهد وطمس الحقائق.

وحتى قبل الخوض في نتائج التحقيق، يضيف يهوشع "لا بد من الاستغراب من واقع أن الجيش الإسرائيلي يقف وحيدا في طليعة التحقيقات، في حين لم يقدم الشاباك نتائجه الخاصة. إن هذا السلوك مثير للغضب لأن مسؤوليته من منظور استخباراتي هي عين مسؤولية الجيش الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه، لا يمتنع المستوى السياسي من التحقيق في أدائه في ذلك السبت الأسود والأيام التي سبقته وحسب، بل إنه يبذل كل ما في وسعه لمنع تشكيل لجنة تحقيق رسمية".

إعلان

ويختم يهوشع أنه في 7 أكتوبر "انهارت العقيدة الأمنية، وعليه فإن جميع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالعقد الأخير تتحمل مسؤولية الفشل والإخفاق، فضلا عن ضباط في هيئة الأركان العامة وكبار مسؤولي الشاباك. وهناك جانب آخر دراماتيكي في التحقيقات وهو الاعتراف بوجود ثقافة تنظيمية مروعة، والتي كلفت إسرائيل حربا هي الأكثر فظاعة في تاريخ البلاد".

نتنياهو "ضحية"

وعلى صعيد تداعيات نتائج التحقيقات على الساحة السياسية، يقول المحلل السياسي في الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل" شالوم يروشالمي إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو حاول الإبقاء على كرة الإخفاق والفشل في ملعب الجيش وأجهزة الاستخبارات بزعم أنه "ضحية" حيث تواصل رئاسة هيئة الأركان العامة إخفاء المعلومات عنه.

وأوضح يروشالمي أن إسراع مكتب رئيس الوزراء بإصدار البيان الاستثنائي الذي يشكو من أن نتنياهو لم يتلق التحقيقات العسكرية في أحداث 7 أكتوبر، هي محاولة منه للتنصل من المسؤولية والإبقاء على أصابع الاتهام بالفشل والإخفاق موجهة إلى الجيش وأجهزة الاستخبارات، وهو بذلك يعتمد النهج ذاته بالتنصل من المسؤولية وتوجيه الاتهامات للآخرين.

ورجح المحلل السياسي أن نتائج التحقيقات والإخفاقات وتراشق الاتهامات سترافق المشهد الإسرائيلي لفترة طويلة، قائلا "مع مرور الوقت، قد يتمكن نتنياهو من إقناع الجميع بأن من فشلوا وأخفقوا أنهوا الخدمة وما عادوا بمناصبهم، وأن القصة انتهت، وأنه انتقل إلى الأمام لمحاربة الأعداء وبناء شرق أوسط جديد".

مقالات مشابهة

  • رئيس مجلس النواب اللبناني: إسرائيل أقامت منطقة محتلة جديدة على الحدود الجنوبية للبلاد
  • محللون: جلسة الكنيست كشفت حدة أزمة نتنياهو واتساع هوة الخلاف الداخلي
  • محللون إسرائيليون: نتنياهو يماطل حفاظا على حكومته والعودة للحرب ليست خيارا
  • الرئيس اللبناني: أتطلع إلى المحادثات التي سأجريها مع الأمير محمد بن سلمان
  • الرئيس اللبناني يتوجه إلى السعودية في أول زيارة خارج البلاد منذ انتخابه  
  • محللون: نتنياهو يريد اتفاقا جديدا وهذه خيارات حماس للرد
  • إسرائيل توقف دخول المساعدات الإنسانية لغزة وتهدد بعودة الحرب
  • محللون: المقاومة لن ترضخ لمحاولات نتنياهو ابتزاز الفلسطينيين
  • محللون: نتنياهو يقوم بمناورة تفاوضية وينتظر مجيء ويتكوف
  • محللون: إقرار جيش إسرائيل بفشل 7 أكتوبر يطمس حقائق طوفان الأقصى