يمانيون:
2025-04-30@04:40:32 GMT

المولدُ النبوي وسؤالُ التغيير والبناء

تاريخ النشر: 15th, September 2024 GMT

المولدُ النبوي وسؤالُ التغيير والبناء

عبدالرحمن مراد

في عالم اليوم ثمة تناقضات في جوهر الأشياء وفي ظواهرها العامة، فالكثير من أفراد المجتمع المسلم يعد العدة للاحتفال بعيد الكريسمس، وهو احتفال ديني عند المسيحيين يبالغون فيه إلى درجة عالية من الترف، وهو احتفال متعدد الوجوه بين طقوس دينية وقداس الميلاد، وبين احتفالات عائلية وتبادل للهدايا واستقبال رمزهم الديني البابا نويل وبين طقوس رمزية كوضع شجرة الميلاد ومغارة الميلاد، ويقف العالم المسيحي إجلالاً واحتراماً لهذه المناسبة، والكثير من أفراد المجتمع المسلم يفرح بهذه المناسبة ويذهب إلى الغرب حتى يشارك في مباهجها، وتقف دولة الإمارات على رأس الدول العربية التي تبتهج بالمناسبة وتنفق أموالاً كبيرة في مظاهر الاحتفال وفي الألعاب النارية وتوظف الإعلام العالمي لتغطية الحدث في دبي، وهذه الدولة نفسها تقف ضد الاحتفاء بذكرى المولد النبوي ولا تكاد تنفق على مظاهر الاحتفال به سنتاً واحداً، بل يذهب الكثير من تيار الوهَّـابية إلى القول إن الاحتفال بالمولد بدعة، وفي السياق بدأت الوهَّـابية في سنوات هيئة الترفيه في السعوديّة تحتفي بالكريسمس مجاراة للعالم.

العالم المسيحي يحتفل برموزه الدينية ومثل ذلك أمر مستحسن عند الوهَّـابية لكنها تقف ضد المولد النبوي الشريف الذي يشكل بعداً تحوليًّا وقيميًّا في حياة العرب والمسلمين، هذا البعد التحولي هو من ترك أثراً محمودًا على الحضارة الإنسانية المعاصرة، فعصر النهضة الأُورُوبية بدأ من عند المسلمين، وهو الذي أحدث كُـلّ هذا التحول عند الغرب بشهادات رموزهم الفكرية، بل يمكننا القول إن التقنيات الحديثة التي تعتمد الخوارزميات يعود الفضل فيها للمسلمين، وما يزال المصطلح دال على أسسه الأولى التي ابتكرها العرب والمسلمون.

لقد كان الإسلام ثورة عميقة أحدثت تحولاً عميقاً في التاريخ البشري كله، ولذلك يقف العالم الرأسمالي ضد فكرة الإسلام؛ لأَنَّه يرفض رفضاً قاطعاً فكرة الاستغلال والعبودية ويدعو إلى الحرية والاستقلال وإلى كرامة الإنسان، وقد كانت تلك المبادئ جوهرية في الفكر الإسلامي وفي الفقه التشريعي، في حين ظل العالم غير المسلم يعاني من العبودية ومن الاستغلال ومن التمايز الطبقي إلى عهد قريب، وعلى إثر ذلك نشأ تيار الاشتراكية الذي اصطدم مع النظم الاجتماعية القائمة على الاستغلال والتمايز الطبقي، وقد استفاد مفكرو الاشتراكية من ثورة الإسلام التي جاءت كي تنتصر لكرامة الإنسان وتحرّره من العبودية والاستغلال وقالوا بفكرة العدالة الاجتماعية وهي فكرة أصيلة في حركة وتاريخ الرسالة المحمدية.

ما يحدث اليوم في عالمنا الإسلامي هو انصهار في ثقافة الغالب ظناً منهم أنه يقود الحضارة الإنسانية المعاصرة، وتناسى هذا الجمع المعنى العظيم للثورة المحمدية التي قادت هذا التحول العميق في حياة البشر كلهم، وما يزال الكثير يجهل حجم التحول الذي أحدثته الثورة الإسلامية ويجهل ظلالها وفضلها على الحضارة المعاصرة، فحركة التجهيل كانت مشروعاً استعماريًّا غربيًّا يهدف إلى التيه والتضليل للعرب والمسلمين حتى لا يستعيد العرب والمسلمون دورهم الرائد في التحكم بمقاليد الحياة المعاصرة القائمة على أسس ومنطلقات قيمية وأخلاقية ذات تواشج عميق مع مقاصد الله في التشريعات السماوية للبشرية جمعاء.

ومن هنا يصبح الاحتفال بذكرى المولد النبوي من ضرورات العصر حتى يستوعب المسلمون والعالم من حولهم القيمة المثلى للثورة المحمدية، ويدركوا أثرها ويعوا دورهم الريادي في الحياة القائمة على مبادئ الحق والخير والعدل والحرية وعلى مكارم الأخلاق، وهو دور لا بُـدَّ أن يتحول إلى سؤال دائم يحفر في الوعي الجمعي الذي أمسى ضحية التعسف ورهن التضليل الذي يمارسه النظام الرأسمالي على البشر اليوم.

فما الذي يحدث اليوم؟

لماذا يبدو الواقع الإسلامي اليوم ضبابيًّا ومتوحشاً وغابيًّا بعد أن عملت فيه الجماعات التابعة للجهات الاستخبارية العالمية على تفكيكه وتشويه صورته المثالية في الأذهان؟

إن الجماعات التي تدعي الانتماء إلى الإسلام وتعمل باسمه وتحت رايته هي من يفت في عضده، وهي من تعمل على تقويضه من خلال أخلاق التوحش والغابية والفوضى التي ساد منطقها وتداولها الإعلام منذ مطلع العقد الأول من الألفية، تلك الصورة التي تسيطر بقتامة مشهديتها على العقول اليوم هل تمثل الجوهر الحقيقي للإسلام؟

نحن نرى أن فقهَ التمدن في الإسلام، وفكرة الحريات العقائدية، وفكرة التدافع بين الجماعات سياقات ذات تجذر وعمق في الفكر الثوري الإسلامي الذي قاد مرحلة انتقال من أصعب المراحل ليبدع واقعاً اجتماعيًّا وثقافيًّا جديدًا في عهد الرسول الأكرم عليه وعلى آله الصلاة والسلام.

لقد أصبحنا أمام واقع حضاري جديد، ودلت التفاعلات أن الفكر الإسلامي بحاجة إلى حركة تدافع لتحديد المفاهيم الحضارية الجديدة والمستجدة عليه ليكون أكثر ديناميكية مع واقعه، فالتمدن ما يزال يأخذ بعداً نظريًّا جامداً في تصورات البعض، والتدافع ما يزال يأخذ بعداً نظريًّا متوحشاً عند الكثير، والحريات تأخذ بعداً نظريًّا إلغائيًّا إلى حَــدّ الفناء عند البعض، والوقوف أمام هذه المصطلحات لتحديد مفاهيمها هو البداية الصحيحة للولوج إلى العصر للتأثير فيه لا التأثر به وخَاصَّة في اليمن الذي عمل الصراع فيه كما لم يعمل في غيره من البلدان.

وأمام هذا الواقع المعاصر يصبح الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف ضرورة اجتماعية وثقافية؛ فالقراءة الواعية وفق منهج جدلي للسيرة النبوية قد تبعث سؤالاً دائم التجدد وقادراً على البعث وإحياء ما اندثر.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المولد النبوی ما یزال

إقرأ أيضاً:

هل جامعتك ضمنها؟.. تعرف على الجامعات التي عطلت الدراسة اليوم بسبب العاصفة

أقرت عدد من الجامعات المصرية منح إجازة اليوم لطلابها بسبب سوء الأحوال الجوية وفق بيان هيئة الأرصاد ، وإعلان حدوث عاصفة ترابية، بينما لم تعلن باقي الجامعات تعطيل الدراسة اليوم.

وقد تركت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي القرار للجامعات، حيث تتخذ كل جامعة القرار وفق تقديرها للأوضاع الخاصة بالطلاب وبالتنسيق مع المحافظين.

التعليم العالي تكشف حقيقة منح طلاب الجامعات إجازة غدا بسبب الطقستوجيه عام من وزير التعليم العالي للجامعات بشأن طقس غدا

وقد وجه الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، رؤساء الجامعات، بالتنسيق مع المحافظين، في اتخاذ القرارات المناسبة بشأن تعطيل الدراسة غدًا الأربعاء الموافق 30 أبريل وفقا لحالة الطقس بكل محافظة.

وجاء على رأس الجامعات التي اتخذت قرار تعطيل الدراسة اليوم :

جامعة المنصورة الحكومية

جامعة جنوب الوادي الجديد الأهلية

جامعة بني سويف الأهلية

جامعة بني سويف

جامعة بني سويف التكنولوجية

جامعة الفيوم

جامعة العلمين

الجامعة المصرية الروسية

جامعة أسيوط التكنولوجية

جامعة الجيزة الجديدة

جامعة النهضة

جامعة جنوب الوادي الجديد 

جامعة قناة السويس

طباعة شارك التعليم العالي وزارة التعليم العالي الجامعات الطقس العاصفة الترابية حالة الطقس طلاب الجامعات

مقالات مشابهة

  • هل جامعتك ضمنها؟.. تعرف على الجامعات التي عطلت الدراسة اليوم بسبب العاصفة
  • القصة الكاملة للمقاتل السوري مجدي نعمة الذي بدأت محاكمته اليوم بباريس
  • موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 في مصر
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • ما هي الشبكة الكهربائية الأوروبية المشتركة التي شهدت تعطلاً اليوم؟
  • الإسلام.. يجرّد الدين من الكهنوت
  • المنطقة الحرة في عدن تستقبل زوارًا بارزين وطلابًا في اليوم الثاني لمعرض الإعمار والبناء 2025
  • عاجل. المتحدث باسم الحكومة الفرنسية: باريس تدعو تل أبيب إلى وقف "المذبحة" التي تجري اليوم في غزة
  • علي الأزهري: الرجل مطالب بالإنفاق على زوجته حتى لو كانت غنية
  • الرهانات الخاطئة على فشل الإسلام السياسي