عادل الباز: توصيات البعثة ووراق!
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
1 توصيات بعثة تقصي الحقائق في موضوع السودان أمرها عجب، فهي ليست فقط غير مهنية ومسيسة وصادرة من لجنة فاسدة ومنحازة ومرتشية، بل تكشف أيضاً عن جهل مريع بتاريخ وجغرافية السودان، وحتى بتاريخة القريب الذي يفيض بقصص البعثات الأممية التي انتدبها مجلس الأمن نفسه ولمدة 13 عاماً.
2
التوصية الأولى والتي وعدت بالعودة إليها في مقال منفصل تقول (نظراً لفشل الأطراف في حماية المدنيين حتى الآن، توصي بعثة تقصي الحقائق بنشر قوة مستقلة ومحايدة ذات تفويض لحماية المدنيين في السودان).
هب أن مجلس الأمن أخذ بهذه التوصية وقال سمعاً وطاعة للجنة شاندي ورشماي (المرتشين)، فكم من الزمن سيحتاج لاعتماد تلك التوصية داخل أروقة مجلس الأمن؟
لنقل أن ذلك لن يستغرق وقتاً لأن بريطانيا حاملة القلم أو حمالة الحطب التى تركت كل قضايا العالم المشتعلة ولم يعد لها شغلة سوى السودان وحماية كفيلها، سبحان الذي جعل للإمبراطورية التي كانت لا تغيب عنها الشمس كفيلاً!! لنقل إن الإمبراطورية الكبرى تلك التي تحولت لخادمة في بلاط سادة العالم الجدد بأموالهم، قد فعلت كل شيء ومررت القرار من بين فكي الصين والروس.. إذن ماذا سيحدث بعد تمرير القرار؟ لابد أن تسعى الأمم المتحدة ومجلس الأمن لتوفير التمويل لهذه القوات التي لابد أن تكون بمئات الآلاف مدججة بأحدث الأسلحة، أسلحة لابد أنها متفوقة على أسلحة الطرفين المتقاتلين. ومؤكد أن ذلك يحتاج لزمن وتدبير المال وتجهيز تلك الآلاف المؤلفة من القوات المتنوعة ونشرها في فضاء بمساحة 1,886.066 هي مساحة السودان الحالية وهي تقريباً ثلاثة أضعاف مساحة أوكرانيا 603,500 كيلو متر مربع.. تُرى كم من الزمن ستستغرق هذه العملية؟ ثم أين لها بالمال الذي يقدر بمئات المليارات من الدولارات؟ المجتمع الدولي الذي عجز أن يوفر مبلغ 2 ونصف مليار دولار للإغاثة التي وعد بها في مؤتمر باريس، كل ما وفره خلال عام كامل لإنقاذ الأرواح من المجاعة المدعاة لم يتجاوز 31% من المبلغ الموعود!! فكم يا ترى سيستغرق من الزمن لتوفير ذلك المبلغ لحجم قوات كتلك المطلوبة لتغطية مساحة السودان ولتأمين المواطنين في كل أرجائه؟ من سيدفع تلك الأموال من بين أعضاء المجتمع الدولي؟
3
من قبل قامت قيامة المجتمع الدولي وأصرت الدول ذات الأجندة على تكوين بعثة أممية لحماية المدنيين في دارفور، فماذا حدث وماذا كانت النتيجة؟ بدأت بعثة اليوناميد عام 2007 مكونة من 30 ألف جندي من الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي واستمرت إلى 2020، أى أنها قضت 13 عاماً حسوماً كانت تصرف بحسب وثائق الأمم المتحدة 1.5 مليار دولار سنوياً، أي أنها صرفت خلال 13 عاماً 19.5 مليار دولار، ذهبت كلها لجيوب الموظفين والدول المستهبله التي أرسلت جنودها لحصد الدولارات لا لحماية السودانيين.!!
هل نجحت البعثة في مهمتها التي انتدبت لها أصلاً وهي تحقيق السلام والاستقرار في السودان؟
قالت البعثة نفسها في نهاية عملها أنها لم تنجح، ولكن لماذا؟ لأن هناك نقصاً في الموارد (تصوروا قرابة 20 مليار دولار وبرضو في نقص)!! ثم قالوا إن دارفور واسعة (تساوي مساحة فرنسا) وبالتالى استحالة السيطرة عليها امنياا ثم قالوا ان لصراعات المتعدد بين الميليشيات المحلية والحكومة والجنجويد لاتتوقف، ثم ذكروا أن السبب الأخير يتعلق بوجود انقسام سياسي حاد في دارفور!! إذن تلك هي الأسباب التي اعترفوا بها وهناك أخرى، قالت المسؤولة عن مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية إنغا بريت أهلينيوس للصحافيين “اكتشفنا سوء تدبير وفساداً بحجم لم نكن نتوقعه وأن المكتب يراجع بصفة عاجلة عقوداً بمبلغ 250 مليون دولار تم توقيعها مع شركة أميركية لبناء خمس قواعد من أجل إرساء السلام في إقليم دارفور غربي السودان).. بدأت فكرة قوات أممية فاسدة وانتهت بفشل وفساد مالي.
4
بعثة يوناميد صرف عليها المجتمع الدولي لتحمي المواطنين فتركتهم في معسكرات اللجوء مشردين بعد 13 عاماً يفترض أن تحميهم خلالها.. لو أنها صرفت تلك المبالغ عيهم وعلى دارفور لتحولت لجنة.!!، عجبي.. الأكثر إدهاشاً أن تلك البعثة نفسها عجزت عن حماية نفسها فطلبت من الحكومة حمايتها من هجمات المليشيات لاحقاً.. لا تعرف تضحك ولا تبكي!!
إذا كان ذلك الحال زمااااان قبل ثلاثة عشر عاماً، فما بالك اليوم بتعقيدات الحرب الحالية التي شُرّد فيها ملايين المواطنين وأصبحوا بحاجة لحماية وينتشرون في بمساحة البلد كلها، أي قرابة مليوني كيلو متر مربع، والمليشيات بالمئات
فهل ستنجح أي بعثة أممية لو توفرت لها أموال الدنيا وفُتحت لها مخازن الأسلحة في العالم في صنع الاستقرار واستتباب الأمن وخاصة في بيئة متحفزة لقتال الأجنبي ولم يعد يفرق مع الشعب الشعب السودانى مقاتلة مرتزق لابس طاقية الأمم المتحدة أو جنجويد مرتزق يرتدي الكدمول!!
قال صديقي محمد محمد خير المحلل المتوهج والعميق حياه الغمام في تغريدة له أمس: (ماذا سيضيف دخول قوات دولية أخرى وأصلاً هذه المليشيا أتت من دول عديدة لتنفذ لهم خطتهم وأجندتهم اللهم إلا زيادة في تبديد الموارد)!
5
أدهشتني إفادات صديقي الحاج وراق (يجده بخير) وخلتني أضحك تارة وتارة تغلبني القراية.. شنو ياحاج.. يا حليلك وحليل أيامك.. آه يازمن!
في سياق تعليقه على توصية بعثة حقوق الإنسان باستقدام قوات لحماية المدنيين في ندوة بكمبالا الأسبوع الماضي، أكد وراق على (ضرورة وجود قوات دولية قادرة على تأمين حماية فعالة للمدنيين.) ولكن وراق يضع شروطاً ومواصفات خاصة لتلك القوات أولها (ينبغي أن تكون قادرة على الحفاظ على حقوق الإنسان)، وتانى يا وراق؟ (أن تتسم بالأخلاق والحياد).. صعبتها شديد، دي يجيبوها ليك من وين ياحبيبنا؟
يقول وراق: (إن الحديث عن قوات حفظ السلام وحماية المدنيين يجب أن يكون واضحاً وليس قوات أفريقية فاسدة ومعروفة بتزوير التقارير ولا تقدم الحماية اللازمة).
إذن هو أيضاً لا يريد قوات أفريقية ضمن القوات الدولية لانها فاسدة دولية.؟ من وين يجيبوا قوات ياوراق؟ من آسيا مثلاً.. ألم يسمع وراق قصص الفساد في بعثات الأمم المتحدة تلك البعثات التي استجلبت من دول آسيوية شهيرة.. بعثات الأمم المتحدة كلها فاسدة أفريقية على أوروبية وعلى آسيوية.. دونك ياوراق تقارير فساد تلك البعثات من الأمم المتحدة نفسها، إذ تقول مسؤولة عن مكتب الأمم المتحدة لخدمات الرقابة الداخلية إنغا بريت أهلينيوس للصحافيين: (كشفت لجنة تحقيق داخلية في الأمم المتحدة عن قدر غير متوقع من الاحتيال والفساد في المنظمة، وتحقق اللجنة في 250 حالة فساد بما فيها اتهامات بالتحرش الجنسي واختلاسات مالية).. من وين نجيب ليك بعثات أممية بدون فساد؟
أظن أن وراق يطلب قوات أوروبية وأمريكية فهو يظن أن فيها مواصفاته تلك (الحياد، الفعالية، النزاهة، الحفاظ على حقوق الإنسان).. ياجماعة وراق في غيبوبة ولا شنو طمنونا عليهو، ألم يسمع ماذا فعلت بعثة السلام الأوروبية الهولندية في البوسنة؟ هل يعتقد وراق أن جنود البعثات الأوروبية مكونة من ملائكة؟.اظن ان وراق يرغب في مجئ قوات اروبية امريكية… يامرحى ليت ليتهم يسمعون نداء وراق ويبعثوا لنا قواتهم مثل ما ارسلوها لافغانستان و مؤكد سنعاملها افضل من معاملة طالبان .!!
6
غريب أن يوافق مثقف مثل وراق، بل يدعو لاستقدام قوات أممية لغزو بلاده (أيوه هى غزو وليست تأميناً.. لن ننخدع) لم تكن يوماً تجاربها الماثلة محفزة أو تدعم فكرة استقدامها، ولتغطية ذلك الموقف الذي لا يليق به يضع وراق شروطاً وتحذيرات ويحدد نوعية ومطلوبات تلك القوات؟ كم يملك وراق ورهطه من أسراب الطائرات والدبابات حتى يفرضوا شروطاً على العالم بمواصفات وطرائق تدخله؟ إن التحذير من أن تكون تلك القوات سبباً لتفكيك السودان ورفع شعارات حقوق الإنسان أو المطالبة بنزاهة قوات الغزاة لن تكفي لتغطية فساد وعوار الفكرة نفسها (استقدام قوات أجنبية غازية لأن الشعب سيعتبرها كذلك وسيقاومها).. وهذا لا يليق بك أيها الصديق.
عادل الباز
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: المجتمع الدولی الأمم المتحدة حقوق الإنسان ملیار دولار
إقرأ أيضاً:
الإمارات تشارك في اجتماع الأمم المتحدة لإطلاق خطط إنسانية للاستجابة للوضع في السودان
شاركت شهد مطر، نائبة المندوب الدائم والقائم بالأعمال بالإنابة في البعثة الدائمة لدولة الإمارات لدى الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى في جنيف، في الإطلاق المشترك بين المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية لخطة الاحتياجات الإنسانية والاستجابة للسودان لعام 2025 والخطة الإقليمية للاستجابة للاجئين في السودان.
وأشار السيد توم فلتشر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية إلى أن عامين من النزاع في السودان أديا إلى واحدة من أكبر وأشد أزمات النزوح في العالم. وعليه، أعدت الأمم المتحدة أكبر خطة نداء إنساني للسودان على الإطلاق بتمويل إجمالي يبلغ 6 مليارات دولار أميركي.
في هذا السياق، سلط السيد فلتشر الضوء على النجاح الأولي في أديس أبابا، والذي كان بمثابة خطوة تمهيدية أساسية لاجتماع جنيف، مؤكدا أن هذه الأزمة غير المسبوقة من حيث الحجم والخطورة تتطلب استجابة استثنائية.
من جهته، أعرب فيليبو غراندي، المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عن تقديره للالتزامات المالية التي تم التعهد بها خلال المؤتمر، وقال في هذا الصدد "نشكر من قدموا تعهدات في أديس أبابا، ولكن الأهم حقاً هو أن تتحول هذه التعهدات إلى واقع ملموس".
من جانبها، أكدت شهد مطر، خلال الإطلاق المشترك للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية لخطة الاحتياجات الإنسانية والاستجابة للسودان، على أهمية هذه اللحظة المحورية التي جاءت على هامش قمة الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، حيث نظّمت دولة الإمارات، إلى جانب جمهورية إثيوبيا الفيدرالية الديمقراطية والاتحاد الأفريقي، والهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، بالتعاون مع الأمم المتحدة، مؤتمراً إنسانياً رفيع المستوى من أجل شعب السودان.
وشدت مطر على أن الرسالة المشتركة الصادرة عن المؤتمر في أديس أبابا كانت واضحة وهي إطلاق دعوة قوية وموحدة لهدنة إنسانية خلال شهر رمضان المبارك، وهي فرصة لتحقيق السلام، والأهم من ذلك، إيصال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة إلى جميع السودانيين المحتاجين.
وأضافت "أعلنت دولة الإمارات خلال المؤتمر الإنساني رفيع المستوى من أجل شعب السودان في أديس أبابا عن تقديم مساعدات إنسانية إضافية بقيمة 200 مليون دولار أميركي، في إطار القيم الإنسانية الراسخة لدولة الإمارات ووقوفها إلى جانب الشعب السوداني الشقيق في ظل الأزمة الإنسانية المتفاقمة".
وأشارت إلى أن تقديم دولة الإمارات مساعدات إنسانية إضافية يجسد التزامها الراسخ والمتواصل بدعم الشعب السوداني الشقيق، حيث قدّمت منذ بدء الأزمة 600.4 مليون دولار لدعم الاستجابة الإنسانية (200 مليون خلال مؤتمر أديس أبابا و400 مليون خلال الـ 22 شهراً من عمر هذا الصراع الأليم، ليصل ما قدمته دولة الإمارات خلال العشر سنوات الماضية إلى 3.5 مليار دولار من المساعدات الإنسانية للشعب السوداني ما يؤكد التزامها الراسخ بتقديم الدعم للمحتاجين خلال الأزمات.
واختتمت مداخلتها بالقول بأنه "يجب أن نغتنم هذه الفرصة لتعزيز الجهود الدولية نحو تحقيق استجابة إنسانية موحدة وحاسمة، حيث لا يحتمل الوضع في السودان المزيد من التأخير".
وجددت الإمارات دعوتها لجميع الأطراف من أجل ضمان الوصول الآمن والمستدام وبلا أية عوائق للمساعدات الإنسانية، "فهذا الأمر ليس مجرد نداء إنساني بل هو من الالتزامات الموجبة بناء على القانون الإنساني الدولي حيث نؤمن بشدة بأن عرقلة الوصول إلى المساعدات أمر مرفوض".