تسابق رسمي وشعبي.. اليمانيون يشدون رحالَهم صوبَ “السبعين” وبقية الساحات
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
يمانيون../
استجابةً لله ولدعوة سماحة السيد القائد العلم عبد الملك بدرالدين الحوثي، يَشُدُّ الملايينُ من أبناء الشعب اليمني، اليوم الأحد، 12 ربيع الأول، رحالهم صوب ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء وبقية الميادين في المحافظات الحرة؛ إحيَـاء لذكرى ميلاد خير البرية الرسول الأعظم محمد “صلوات الله عليه وعلى آله”.
وبحسب التعميم الرسمي الصادر عن اللجنة التحضيرية للاحتفالات، فَــإنَّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف سيقام في أكثر من 60 ساحة وميدانًا، حَيثُ تم تخصيص 28 ساحةً للنساء في أمانة العاصمة والمحافظات، مع تجهيزها بكافة الخدمات اللازمة لاستقبال ضيوف رسول الله من مختلف المناطق.
وجاء توسيع نطاق الاحتفال هذا العام بشكل أكبرَ من الأعوام الماضية؛ مِن أجلِ تعزيز مشاركة جميع فئات المجتمع، وتذكير أبناء اليمن بمواقف الأجداد من قبيلتَي الأوس والخزرج، الذين ناصروا رسول الله في بداية دعوته إلى الإسلام، وكيف أثَّرَ دخولُهم في نشر هذا الدين، كما أنها تهدف إلى استعادة هذا الدور الذي غُيِّب بفعل الأنظمة الحاكمة الفاسدة، التي خضعت للوصاية الخارجية والقوى المعادية للإسلام.
وكانت العاصمة صنعاء والمحافظات الأُخرى قد شهدت تحضيرات مكثّـفة منذ شهر صفر الماضي، برعاية حكومية، حَيثُ شاركت كافة مؤسّسات الدولة المدنية والعسكرية، إلى جانب مكونات المجتمع المدني.
وشهدت جميع المديريات والأحياء والحارات في عموم المحافظات اليمنية حضوراً فاعلاً هذا العام لإحيَـاء مناسبة المولد النبوي الشريف بزخم شعبي ورسمي منقطع النظير، حَيثُ تم تزيين المباني والمساجد والأحياء بالأضواء والأعلام الخضراء، فضلًا عن اللوحات والعبارات المرسومة على السيارات والجدران، وحتى على الصخور في قمم الجبال والقوارب على الشواطئ؛ ما شكّل لوحةً فنيةً عبَّرت عن فرحة اليمنيين وابتهاجهم بمولد خير البرية.
دعوة رسمية للمشاركة الفاعلة في إحيَـاء ذكرى المولد:
وفي السياق دعا وزير الخدمة المدنية والتطوير الإداري، الدكتور خالد الحوالي، السبت، كافة قيادات وكوادر وموظفي ومنتسبي وحدات الخدمة العامة بالدولة بجميع المستويات والسلطات المركزية والمحلية للاحتشاد والحضور المشرِّف في الاحتفال بذكرى المولد.
وأكّـد الحوالي أن الحضور والمشاركة لمنتسبي وموظفي مختلف مؤسّسات وأجهزة ومصالح الدولة المركزية والمحلية في الفعالية الكبرى، إنما هو تعبير عن تمسكنا وتوحدنا خلف راية نبينا المصطفى “عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم”.
وَأَضَـافَ أن المشاركة المليونية في إحيَـاء ذكرى المولد اليوم إنما هي رسالة يطلقها موظفو جهاز الخدمة العامة في الجمهورية اليمنية أمام العالم أجمع، بأنه مهما تحالف ضدنا المتحالفون ومهما أجمع على حصارنا وقطع مرتباتنا وتدمير البنى التحتية لمؤسّساتنا الوطنية ونهب خيرات وموارد بلادنا وأمتنا وشعبنا، فلن يزيدنا ذلك إلا إصراراً وتماسكاً والتفافاً حول نهج مسيرتنا ومنهج نبينا وقائدنا وقدوتنا رسول الله الخاتم للبشرية محمد “صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله”.
العاصمة.. تسابق رسمي وشعبي للاحتفاء بـ “محمد”:
وفي ختام الفعاليات الرسمية والشعبيّة التي تتزامن مع الاحتشاد المليوني المركزي اليوم الأحد، أحيا صندوق مكافحة السرطان والمركز الوطني لعلاج الأورام، والقطاع النسائي بصندوق النظافة والتحسين في أمانة العاصمة، السبت، ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأتم السلام.
واعتبر المشاركون، ذكرى المولد النبوي مناسبةً جامعةً للأُمَّـة، موضحين أن الشعب اليمني كان له السبق في إحيائها على نطاق واسع وعلى كافة المستويات، معلنين جهوزيتهم للمشاركة الواسعة في الفعالية المركزية بميدان السبعين اليوم الأحد، لإيصال رسالة محبة وسلام للرسوم الخاتم.
وأشاروا إلى أهميّة إحيَـاء هذه المناسبة الدينية الجليلة التي تأتي واليمن يعيش مرحلة جديدة من التغيير والبناء، معتبرين إياها فرصة للتزود من عطاء وأثر وبركة هذه المناسبة العظيمة، لافتين إلى أن الشعب اليمني يجعل من هذه المناسبة محطة سنوية لاكتساب الوعي وشحذ الهمم واقتباس النور وتعزيز الولاء للرسول، حَيثُ قدم اليمنيون أنموذجاً مشرِّفاً ليس له مثيل بين الدول العربية والإسلامية في إحيَـاء ذكرى المولد.
وتطرقوا إلى بركات ذكرى المولد التي يبرز فيها دور اليمنيين المشرّف في نصرة القضية الفلسطينية في وقت تتخاذل أغلب الشعوب العربية والإسلامية عن دعم مقاومتها الباسلة.
حارة عمر المختار بشعوب تحتفي بمولد خير البرية:
وفي إطار الفعاليات المحمدية التي تشهدها مديرية شعوب بالعاصمة صنعاء، أحيت حارة عمر المختار، حفلاً فنيًّا وخطابيًّا بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبها أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وفي الفعالية التي حضرها جمع غفير من الأهالي، أكّـد الشيخ أحمد راجح الزبيري، عاقل حارة عمر المختار، على عظمة هذه المناسبة الدينية الجليلة، وذلك لارتباط اليمنيين بالرسول الأعظم “صلى الله عليه وعلى آله”، منذ بداية الدعوة الإسلامية قبل 1400 عام.
وتطرق الشيخ الزبيري، إلى محطات من حياة وسيرة الرسول الأعظم العطرة قبل وبعد البعثة النبوية وما رافقها من صعوبات وتحديات كادت تطيح بها لولا تضحياته وصبره وجهاده وثباته في مواجهة الطغاة ومعه الأنصار من الأوس والخزرج الذين آمنوا به وعزروه ونصروه.
ودعا إلى الاستفادة من تلك الدروس المحمدية ومواصلة الاقتدَاء بنهجه والسير على خطاه والتأسي به في كُـلّ الأعمال، مشدّدًا على ضرورة التحشيد والمشاركة الفاعلة في الفعالية الكبرى بميدان السبعين اليوم الأحد؛ لما من شأنه أن يغيظ الأعداء وإرسال رسائل للعالم أن الشعب اليمني متمسك بالنبي الأعظم محمد “صلى الله عليه وآله وسلم”.
ولفت عاقل حارة عمر المختار، إلى أهميّة تعظيم وإحيَـاء ذكرى مولد خير البشرية ومخرج الناس من الظلمات إلى النور النبي محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وتعزيز الارتباط بالقُدوة الحسنة قولاً وعملاً، معتبرًا المناسبة محطة تعبوية إيمَـانية هامة للسير على النهج المحمدي والعودة للقيم والمبادئ الإيمانية وترسيخ الصفات والأخلاق العظيمة في النفوس.
الضالع تستنفرُ ليوم الحشد الأكبر:
أما في محافظة الضالع، فقد نظَّمت السلطة المحلية والتعبئة العامة أُمسيةً خطابية بذكرى المولد النبوي الشريف “على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم”.
وفي الفعالية، أكّـد القائم بأعمال المحافظ عبد اللطيف الشغدري، أهميّةَ المناسبة وإحيَـائها بشكل يليق بعظمة صاحبها وحاجة الأُمَّــة للعودة إلى الرسول الأعظم والتأسي به والسير على نهجه، معتبرًا ذكرى المولد النبوي محطة للتذكير بسيرة وقيم ومنهج النبي الكريم -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ- واستلهام الدروس والعبر من سيرته.
ودعا الشغدري الجميعَ إلى الحشد المشرِّف في الفعالية المركزية اليوم الأحد، بما يليق بعظمة ذكرى مولد خير البشرية مخرج الناس من الظلمات إلى النور والاستفادة من هذه المناسبة في تحفيز الجهاد لمواجهة قوى الشر والاستعمار.
تهامةُ تجسِّدُ عظمةَ الرسول الأعظم:
وفي ختام الفعاليات بمحافظة الحديدة، نظمت شعبتا التوجيه المعنوي في الدفاع الساحلي والكلية البحرية ونقابة النقل الثقيل، أمسية احتفالية بذكرى المولد النبوي الشريف، على صاحبها وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
تناولت الأمسية التي حضرها وزير النقل والأشغال العامة، محمد قحيم، عظمة هذه المناسبة ومكانتها المتأصلة في وجدان الشعب اليمني الذي يحتفل بها جيلاً بعد جيل؛ إجلالاً وتكريماً لصاحبها الذي أرسله الله رحمة للعالمين -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-.
وألقيت في الاحتفاليات، العديد من الكلمات التي تطرقت إلى الدلالات الإيمانية لإحيَـاء ذكرى المولد النبوي كمحطة سنوية لتزكية النفوس والرجوع إلى سيرة الرسول الأعظم محمد والتأسي بمناقبه والاقتدَاء بنهجه القويم.
وأكّـدت على عظمة وأهميّة هذه المناسبة التي تتعزز من خلالها علاقة اليمنيين بالرسول الأعظم، الذي خَصَّهم بمنزلة عظيمة لمواقفهم المشرِّفة في خدمة الدين الإسلامي.
وأشاروا إلى ما يمثله يوم 12 ربيع الأول من أهميّة في حياة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؛ كون صاحبه يوحدهم جميعاً، كما أن الزخم الواسع وغير المسبوق لإحيَـاء المناسبة هو تجسيدٌ لمكانة الرسول الأعظم والمحبة والولاء والهُــوِيَّة اليمانية الإيمانية؛ باعتبَار الذكرى محطة تربوية تعبوية للسير على نهج المصطفى.
عمال اليمن.. حاضرون في ذكرى ميلاد النبي الأعظم:
عمال اليمن هم أَيْـضاً كانوا حاضرين بقوة في رحاب الحبيب محمد، حَيثُ نظمت المؤسّسة العامة لصناعة الغزل والنسيج بالعاصمة صنعاء، السبت، فعالية احتفائية بذكرى المولد النبوي الشريف.
وفي الفعالية، أشار رئيس مجلس إدارة المؤسّسة، المهندس أحمد عبد اللطيف المأخذي، إلى أن “الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يدل على عمق المحبة وَتعظيمنا لنبي الرحمة وسيد البشرية”، داعياً إلى استذكار القيم النبوية والمبادئ المحمدية ومواصلة الاقتدَاء بنهجه والسير على خطاه والتأسي به في كُـلّ الأعمال.
وأوضح الماخذي إلى أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف فرصة مهمة لتجديد العهد للسير على نهجه ورسالته العظيمة التي جاء بها ومحطة تربوية لتزكية النفوس وتقويم السلوك وتعزيز العطاء والتضحية والثبات والصمود وإحيَـاء الشعور بالمسؤولية في مقارعة قوى الكفر والنفاق والطغيان والاستكبار العالمي.
بدوره قال الدكتور يوسف الحاضري: إن “ذكرى المولد النبوي الشريف مناسبة إيمانية لتعزيز الصلة بالرسول الكريم وتجسيد ارتباط أبناء اليمن به والاقتدَاء بسيرته العطرة”، مبينًا أن الاحتفاء بهذه المناسبة يَدُلُّ على عمق العلاقة والارتباط الوثيق بالنبي والتعظيم والتقديس له والاعتزاز به وبرسالته وتعبير عن الولاء والمحبة الصادقة وَالراسخة في وجدان وقلوب اليمنيين.
وأكّـد الدكتور الحاضري أن الشعب اليمني سيثبت للعالم مدى ارتباطه وحبه للرسول الكريم من خلال المشاركة الواسعة والفاعلة والمشرِّفة في الفعالية المركزية للاحتفال بالمولد النبوي في ميدان السبعين اليوم الأحد، الـ12 من ربيع الأول وفي كُـلّ الساحات بالمحافظات.
——————————————————————————————-
المسيرة نت: هاني أحمد علي
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: بذکرى المولد النبوی الشریف ذکرى المولد النبوی الشریف أفضل الصلاة وأتم أن الشعب الیمنی ة هذه المناسبة الرسول الأعظم العاصمة صنعاء علیه وعلى آله فی الفعالیة الیوم الأحد على صاحبها الله علیه أهمی ة ة التی الله ع ى الله
إقرأ أيضاً:
الإعلام والحرب: “الرسالة دي للقائد الأمير حميدتي حفظه الله وصولها ليهو” (2-2)
لم ينجح إعلامنا في بناء رسالة ملحاحة للعالم في لغاته تحمله على الاقتناع بأن “الدعم السريع” منظمة إرهابية حقاً بينما حقيقة إرهابها هي كل ما في جعبتها.
أثار تعيين إعلاميين في كل من سفارة السودان في القاهرة وأديس أبابا مسألة الإعلام في الحرب من أكأب زواياها وهي فقه الوظيفة لا رسالتها. ومن بين رسائل الإعلام دعوة الفريق ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة تصويب الجهود السياسة والإعلامية ليرى العالم قوات الدعم السريع كما هي في حقيقتها: طاقة إرهابية لا جيشاً في مقابل القوات المسلحة كما طرأ لمجتمع دولي كسير ذابل.
ونواصل حديث الأمس:
من جهة أخرى ليست الحرب القائمة في السودان حرباً لمن أراد الاحتكام إلى قانون الحرب. فقام هذا القانون على افتراض أن الحرب مما يقع بين قوتين عسكريتين، وشدد على المهنية لأنها مدار تقليل فداحة الحرب لا على المدنيين كما ينبغي وحسب، بل حتى على العسكريين أيضاً. فيحكم القانون ضرب حتى الهدف العسكري، ناهيك بالمدني، بضوابط معروفة بالتناسب، فعلى القوة التي انتخبت هدفاً عسكرياً لضربه أن تحسب بدقة قوة النيران الكافية لغرضها لتصيبه بلا تفريط يتعدى الأثر إلى غيره. ويريد القانون بالتناسب أن تصيب هدفك لغرض ساعتك بلا زيادة. وشرط إحسان التناسب هو المهنية. فالقانون يطلبها نصاً بقوله إن على المتحاربين أن يكونوا على قدر كبير من التدريب في الفن العسكري ليحسنوا إدارة عملية ضرب الأهداف بتناسب. وينوه بأن تتمتع الأطراف المتحاربة باستخبارات ذكية تقع على الهدف العسكري بمهنية لا رجماً. بل شدد القانون على هذا التدريب نفسه ليحول دون السرقة والنهب في الحرب، فما وقع النهب والسلب، في قول التقرير، حتى دل ذلك على بؤس في تدريب القوة العسكرية المعنية وضعف قادتها الذين ينتهزون سانحة الفوضى العاقبة للمعارك فتمتد يدهم إلى أشياء من لا حول لهم لردهم.
فلم نرَ هذه المهنية في “الدعم” لنعدهم قوة محاربة ينطبق عليها قانون الحرب، فأول ما ينقصه هو سلسلة القيادة التي تضبط إدارته، ويشاهد السودانيون منذ الحرب فيديوهات فيها بيان كافٍ عن انحلال تلك السلسلة، ولكنهم يصرفونها كـ”هرج جاهلين” بينما هي بينة مرموقة على الطبيعة المليشياوية لـ”الدعم السريع”.
فيظهر أي جندي منهم بحديث مباشر للقائد محمد حمدان دقلو يبثه شكواه واحتجاجه، بل وخطته المثلى لإدارة الحرب. فتسمع ممن يريده تغيير وجهة الحرب من الخرطوم إلى ولاية النيل والشمالية، أو من يبث شكواه عن إهمالهم حتى إنهم يعالجون جرحاهم من المعارك على حسابهم. ويشتكي آخر في معركة الخرطوم أن عربات السلاح لم تدخل المعركة لأنها بطرف قادتهم الذين هم بين أزواجهم في دور غيرهم. بل اشتكى أحدهم للقائد حميدتي من سوء توزيع العربات القتالية. فهي في قوله راكزة في الصحراء بكبار القادة يسفيها الرمل بينما كانت الحاجة إليها ماسة في الخرطوم. وكان من رأيه أن تكون في طريقها لاحتلال بورتسودان مقر حكومة الفلول بدلاً من ضلالها عن الحرب في الخلاء، بل زاد قائلاً إن هذه الحرب في “دار صباح” (وهي لغة في الشرق عند أهل الغرب في السودان) داخلتها “ملعوبية” من الفلول الكيزان.
وجاء آخر بفيديو غاضب موجه للقائد دقلو إثر هزيمة قواتهم من الخرطوم. قال إنهم لم يجدوا معهم في ميدان القتال سوى لواءين بالاسم، أما الآخرون فغابوا بسياراتهم والذخائر التي نفدت بين أيديهم ولم يجدوا مدداً. وقال لحميدتي إنه قائم بالأمر كما ينبغي ولو نقصت فالكمال لله، وقال إنهم لم يجدوا من يمدهم بالسلاح أو الذخيرة في حر المعركة، ولم يشوش أحد على مسيرات الجيش التي قرضت الناس، واشتكى غياب السيارات ذات المدافع عن المعركة لأنها بيد قادة فضلوا أن يلازموا بيوتهم الجديدة في حي المنشية الراقي بالخرطوم.
وتجد في هذه الفيديوهات من يعبر عن قبيلته صريحاً مقابل قبيلة أخرى وبخاصة ما كان بين قبيلة المسيرية (كردفان) والماهرية (دارفور)، فقال أحدهم إنه من الفرقة 40، فرقة الجنرال جلحة، الذي كانت قتلته القوات المسلحة قبل شهرين أو نحوه، وهي فرقة مسيرية خالصة. وبدا أن المتهمين بالاستفراد بالسيارات هم من الماهرية. فقال الدعامي المسيري إن هذه السيارات للدواس ولا سبب لتكون في غير ميدانها الذي راح ضحيته منهم بالنتيجة 52 قتيلاً. وجاء بأسماء قادتهم ممن لقوا حتفهم. وقال إنهم لم ينسحبوا من كوبري المنشية بالخرطوم إلا بعد إطلاق آخر رصاصة بجعبتهم. ولم يتورع من القول إن هزيمتهم ثمرة خيانة. فوراؤها “لعبة” بينما هم أهل قضية.
وفي إشارة إلى استقلالهم كمسيرية في “الدعم السريع” قال إن فرقتهم خسرت سبع عربات في المعركة وهي ملك للفرقة 40 لا لـ”الدعم السريع”. وبدا للرجل كأن القتال صار على مثلهم لا غيرهم، وبدا كمن يقول إن شعب المسيرية هو من وقع عليه القتال بينما توارى آخرون، وربما قصد جماعة الماهرية الذين هم من خاصة أهل حميدتي. وتكررت الشكوى من اعتزالهم القتال وتمتعهم بما وقع لهم من حظ منه.
من الصعب بالطبع وصف هذه العلاقة بين الجند الدعامة والقيادة بأنها مما يستأهل به “الدعم السريع” أن يكون قوة عسكرية مما رأينا اشتراطاتها في قانون الحرب. فليس بينهم وبين قيادتهم “ضبط وربط” الذي هو ميسم المهنية. فبدا أن لكل دعامي خطة الحرب غير ما اتفق لقيادته، بل ويطلق الواحد منهم لسانه على الملأ عن “ملعوبية” في الحرب أوردتهم موارد التهلكة. وعلى هذا فالقول إن حرب السودان هي بين قوتين عسكريتين من فضول القول، فبنية “الدعم السريع” خلت من النظامية والمهنية، وبدت كطاقة إرهابية فقط.
مما يسعد أن يستعيد الإعلام موقعين في سفارتين مركزيتين للسودان في القاهرة وأديس أبابا. وليس بشارة أن غلب فقه الوظيفة في تناول هذا التعيين على فقه وظيفة الإعلام لدولة تخوض حرب موت أو حياة في عالم ذابل. ولا من يغالط أن إعلام الحكومة لم ينم تقليداً في المبادأة والطلاقة لأنه ربيب نظم حكم ديكتاتورية طال أمدها. فصار بها بوقاً لحكومة الوقت. واحتاجت حكومة الوقت في يومنا، وفي شرط الحرب، كما لم تحتج حكومة قبلها إلى إعلام بلا ضفاف لإذاعة قضيتها في الحرب برصانة. وسيحتاج إعلامها بهذا إلى الاشتباك مع العالم في منصاته ومعارفه وأعرافه بسرديات مخدومة يخرج به سيفاً لدولة لا بوقاً:
إذا كان بعض الناس سيفاً لدولة ففي الناس بوقات لها وطبول
عبد الله علي إبراهيم
إنضم لقناة النيلين على واتساب