مسؤول بالأونروا: موظفونا في غزة يخشون الاستهداف
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
قال مسؤول أممي كبير، السبت، إن المعلمين وغيرهم من موظفي الأمم المتحدة في غزة يخشون أن يصبحوا "هدفا" بعد غارة جوية إسرائيلية هذا الأسبوع على مدرسة تؤوي نازحين في القطاع المحاصر.
وأدت الغارة الإسرائيلية، الأربعاء، على مدرسة الجاعوني التابعة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والواقعة في وسط قطاع غزة وتؤوي نازحين، إلى مقتل 18 شخصا بينهم ستة موظفين أمميين.
وهذه الحادثة هي الأكثر دموية التي تتعرض لها مؤسسة تابعة للأونروا منذ أكثر من 11 شهرا من الحرب، وقد أثارت إدانة دولية.
وصرّح مدير عمليات الأونروا في غزة بالإنابة سام روز لوكالة فرانس برس، السبت، بعد زيارته المدرسة في مخيم النصيرات، "قال أحد الزملاء إنهم لم يعودوا يرتدون سترة الأونروا لأنهم يشعرون أن ذلك يحولهم إلى هدف".
وأضاف "كان الزملاء يتجمعون لتناول وجبة بعد العمل في أحد الفصول الدراسية عندما أدت الضربة إلى تدمير جزء من المبنى، ولم يبق منه سوى كومة متفحمة من الحديد المسلح والخرسانة".
وتابع روز "لقد أحضر ابن أحد الموظفين وجبة طعام إلى المبنى"، موضحا أن المجموعة ناقشت بعد ذلك ما إذا كانت ستأكلها في مكتب المدير قبل أن يستقر الخيار على ما يبدو أنه فصل دراسي مزين بصور علماء.
وشدد "كانوا يأكلون عندما سقطت القنبلة".
من جهته، قال الجيش الإسرائيلي إنه نفّذ "ضربة دقيقة" استهدفت مسلحين من حماس داخل حرم المدرسة، وإنه اتخذ خطوات لتقليل الخطر على المدنيين.
كما نشر الجيش الإسرائيلي قائمة بأسماء تسعة أشخاص قال إنهم مسلحون قتلوا في غارة النصيرات، مضيفا أن ثلاثة منهم موظفون في وكالة الأونروا.
وقال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية إن المدرسة أصبحت "هدفا مشروعا" لأن حماس استخدمتها لشن هجمات.
لكن مدير عمليات الأونروا في غزة بالإنابة سام روز اعتبر أن مثل هذه التصريحات تزيد من تقويض الروح المعنوية لموظفي الأمم المتحدة الذين ما زالوا في المدرسة التي تؤوي الآلاف من المتضررين من الحرب.
وقد دفع النزاع كل سكان غزة تقريبا البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة إلى النزوح مرة واحدة على الأقل.
وقال روز "إنهم غاضبون خصوصا من الاتهامات التي وجهت بشأن تورط زملائهم في أنشطة متطرفة وإرهابية".
وأضاف أنهم "شعروا بأن ذلك تشويه لذكرى زملاء أعزاء وأصدقاء أعزاء"، موضحا أن الموظفين "مفجوعون" و"يائسون".
وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين مقتل 220 على الأقل من موظفيها في الحرب بين إسرائيل وحماس في غزة والتي اندلعت بعد الهجوم الذي شنته الحركة على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر.
وأسفر الهجوم المفاجئ عن مقتل 1205 أشخاص في إسرائيل، معظمهم من المدنيين، بحسب حصيلة أعدتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية إسرائيلية.
كما تم خطف 251 رهينة، لا يزال 97 منهم في غزة، بينهم 33 يقول الجيش الإسرائيلي إنهم ماتوا.
وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن مقتل 41182 شخصا على الأقل في غزة، وفق وزارة الصحة في القطاع التي تديرها حركة حماس.
وأعلنت الأونروا، الجمعة، مقتل أحد موظفيها خلال عملية عسكرية إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، وهي سابقة في المنطقة منذ أكثر من عقد.
توظف الوكالة الأممية أكثر من 30 ألف شخص في الأراضي الفلسطينية وأماكن أخرى.
وتعيش الأونروا أزمة منذ أن اتهمت إسرائيل 19 من موظفيها بالضلوع في هجوم السابع من أكتوبر.
وبعد أن أكملت هيئة الرقابة التابعة للأمم المتحدة تحقيقات في هذا الشأن، أعلنت المنظمة في الخامس من أغسطس أن تسعة موظفين في الأونروا "ربما شاركوا" في هجوم حماس، موضحة أنها قامت بـ"إنهاء خدمات هؤلاء الأشخاص التسعة".
وقال حينها المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق إنه "في واحدة من الحالات، لم يحصل مكتب خدمات الرقابة الداخلية على أي دليل يدعم الادعاء ضد الموظف، وفي تسع حالات أخرى، كانت الأدلة التي حصل عليها مكتب خدمات الرقابة الداخلية غير كافية لدعم الادعاء ضد الموظفين".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الأمم المتحدة فی غزة
إقرأ أيضاً:
عقيدة ترامب التي ينبغي أن يستوعبها الجميع
ترددت عبارة خلال إدارة دونالد ترامب الأولى هي بمقام نصيحة مفادها أن كلام ترامب ينبغي أن يؤخذ «على محمل الجد، لكن ليس بحرفيته». وكان هذا التعبير ذو الضرر الفريد قد تردد على ألسنة نطاق عريض من الساسة ووسائل الإعلام. وكان تبنّيه يتواءم مع الموقف الذي ارتاح إليه الكثيرون، وهو أن ترامب شخص سيئ لكنه ليس بالشخص الذكي، فهو لا يعني ما يقول. ولا يتكلم انطلاقًا من حسابات وتعمُّد. وهو قد يجهر ويصرح، لكنه نادرا ما يتبع أقواله بأفعال. وهو في جوهره سلاح أخرق يمكن أن يلحق أضرارًا جسيمةً، ولكن ذلك في الغالب يكون عن طريق الصدفة.
ولا تزال بقية من هذا النهج قائمة بيننا، حتى في التحليل الذي يصف أوامر ترامب التنفيذية الأولى بأنها حملة «صدمة ورعب»، فكأنها محض إرسال إشارات وليست تنفيذا لسياسات. أو في القول بأن خطته لغزة يجب أن تؤخذ -إذا أحسنتم التخمين- مأخذ الجد لكن ليس بشكل حرفي. وحينما قيل ذلك للسيناتور الديمقراطي آندي كيم فقد صبره وقال لمجلة بوليتيكو «إنني أفهم أن هناك من ينكبون على محاولة التخفيف من بعض تداعيات هذه التصريحات» لكن ترامب هو «القائد الأعلى لأقوى جيش في العالم.. فإذا لم أستطع أن أفهم أن كلمات رئيس الولايات المتحدة تعني شيئًا فعليًا، بدلًا من أن ينبغي عليّ أن أكون عرافًا لكي أفسرها، فأنا بالفعل لا أعرف كيف يمكن أن يكون الحال حينما يتعلق الأمر بأمننا الوطني».
يكمن جزء من المشكلة في أن الناس يعزفون عن افتراض أي قدر من التماسك في ترامب. في حين أن عقيدة ترامبية قد بدأت في الظهور، وهي تظهر في السياسة الخارجية بشكل أكثر حدة. ولها سمات واضحة وملامح وما يشبه نظرية موحدة للصراع. وهي ابتداءً قائمة على الصفقات، خاصة عندما يتعلق الأمر بحرب تلعب الولايات المتحدة دورًا فيها. وليس فيها ما له علاقة بالتاريخ أو بأي إحساس موضوعي بالصواب والخطأ. فالتاريخ يبدأ بترامب، ودور ترامب هو إنهاء الأمور، والمثالي هو أن ينهي الأمور ضامنا للولايات المتحدة بعض المكافآت.
والجانب الإيجابي في هذا هو السمة الثانية لعقيدة ترامب: أي التمويل، أو اختزال السياسة في التكاليف، وفي حجم العائد وكيفية تعظيمه. يرى ترامب أن الصراعات والمساعدات المالية لم تثمر للولايات المتحدة أي شيء ملموس. فمن حرب غزة، يمكن الخروج بصفقة عقارات. وفي أوكرانيا، ثمة اقتراح بأربعة أمثال قيمة المساعدات الأمريكية حتى الآن في شكل معادن، وذلك أشبه بشركة متعثرة يحاول مدير استثمارات جديد أن يستعيد لها الأموال التي بددها أسلافه.
والسمة الثالثة هي التخلص من أي مفاهيم تتعلق بـ«القوة الناعمة»، فهذه تعد مكلفة، وفوائدها مشكوك فيها، ومجردة غير قابلة للقياس. بل إن القوة الناعمة قد تكون خرافة محضة، وخيالا طربت له الأنظمة الساذجة السابقة، واستشعرت من جرائه بعض السيطرة، في حين كانت أنظمة أخرى تتغذى على موارد الولايات المتحدة. ففي غزة أو أوكرانيا، كانت الولايات المتحدة تؤدي حركات العمل دونما تحقيق فتح حاسم. فحيثما يرى الآخرون قوة ناعمة، يرى ترامب مستنقعات.
قد تتغير ملامح هذا النهج، وقد تكون قصيرة النظر وضارة بأمن الولايات المتحدة. وقد لا يكون مصدر هذه الملامح بالكامل هو ترامب نفسه، وإنما تقاطع للخيوط السياسية المختلفة في تركيبة المصالح الداعمة والناصحة له. ونظرًا لمرور هذه العقيدة من خلال ترامب، فإنها تتخذ السمات المميزة لشخصيته، من التفكك، والنرجسية، والجهل. ومع ذلك، لا ينبغي الخلط بين أي من هذا وبين الافتقار إلى الاتساق الأساسي والعزم على المتابعة.
يفضي هذا بزعماء آخرين، وخاصة في أوروبا، إلى أن يجدوا أنفسهم حيث تنطمس ترتيباتهم وتفاهماتهم التاريخية فيما يتعلق بالاتفاق مع الولايات المتحدة. فقد أصبحت الدول الأوروبية الآن محض دول صغيرة بوسعها إما أن تتخلى عن مفاهيمها المهدرة حول أهمية رفض فلاديمير بوتن، والانضمام من ثم إلى ترامب في إنهاء الحرب بشروطه، أو أن تتولى الأمر بأنفسها عندما تسحب الولايات المتحدة دعمها.
أما الغضب ولغة «الاسترضاء» و«الاستسلام» فتبدو قراءة خاطئة لما يحدث، وصدى من زمان كان متفقًا فيه بشكل مطلق على أنه لا بد من مواجهة الأعداء العدوانيين لأن أي شيء آخر عدا ذلك لا يكون إلا هزيمة أخلاقية وعلامة ضعف. لكن ترامب يعمل وفق نظام قيم مختلف، لا تنطبق فيه هذه المفاهيم، أو أن لها فيه معاني أخرى.
وفي حين يغلي الأوروبيون، يجري العمل على خطة ترامب الخاصة بأوكرانيا، وليس ذلك في واشنطن بعيدا عن أوروبا، ولكن في الشرق الأوسط، حيث مراكز جديدة للقوة الوسيطة طالما نزعت إلى حس الصفقات.
وهذه المراكز الجديدة تمر هي الأخرى بإعادة تعريف لعلاقاتها بالولايات المتحدة، وليست لديها أي أوهام بشأن العالم الناشئ. فقد التقى سيرجي لافروف بماركو روبيو في الرياض، وسافر فولوديمير زيلينسكي إلى المنطقة استعدادا لمحادثات السلام التي توسطت فيها دول خليجية في أبو ظبي. ويبدو أن الذين كانت علاقاتهم بالولايات المتحدة متوترة، وتتعلق بالمصلحة الذاتية المتبادلة لا بالقيم المشتركة، وكان عليهم دائما أن يدبروا أمورهم مع الولايات المتحدة بدرجات متفاوتة، قد باتوا الآن في وضع أفضل، فهم غير مضطرين للتجمد في رعب أخلاقي.
أما الآخرون، من الأصدقاء والأقارب المقربين ومن يشتركون مع الولايات المتحدة في القيم والالتزامات الأمنية، فإن تغيير النظام يمثل لهم دواء مريرًا يصعب ابتلاعه. ومن المرجح ألا يوجد إقناع أو تفاوض أو أمل في «جسر عابر للأطلسي»، بحسب الوصف الذي وُصف به كير ستارمر باعتبار أنه شخصية يمكن أن تكون وسيطا بين الولايات المتحدة وأوروبا لمنع القطيعة. فهل يحتمل أن يستطيع ستارمر مخاطبة نرجسية ترامب؟ أو «يسلك نهجا دبلوماسيا»، أو يقنع ترامب بأن الاستسلام لبوتن يجعله يبدو ضعيفًا؟ كل هذا يفترض في ترامب قدرًا من الاندفاع يمكن كبح جماحه (على يد رئيس وزراء غير معروف بشخصيته الساحرة)، وأن يتبنى ترامب أيضًا مفاهيم مماثلة عن «حكم التاريخ» أو«الضعف». والحق أنه ما من أرضية مشتركة، حتى لو صغرت حجما.
ثمة خياران الآن أمام السابقين من أصدقاء الولايات المتحدة المقربين وشركائها الأمنيين: التخلي عن كل شيء، والتخلي عن مفاهيم التضامن الأوروبي، وتسريع نهاية نظام ما بعد الحرب، والتصالح مع ضعف الدفاع والتبعية السياسية، أو الشروع في رسم ضخم لخريطة القوة. ويقتضي هذا اتخاذ إجراءات سريعة ومنسقة تنسيقًا وثيقًا على المستوى السياسي والبيروقراطي والعسكري إما للحلول محل الولايات المتحدة، أو على الأقل لإثبات أن هناك كتلة لديها بعض القوة والقدرة والمرونة - وتحدي ترامب باللغة الوحيدة التي يفهمها.
من المغري أن نتصور أن ترامب لا يقصد ما يقول، أو أنه لا بد من تدبر الأمر معه وإقناعه بأن كل ما يكمن وراء أفعاله هو التهور. أو أن هناك طريقة للتوفيق بين ما أصبح الآن في جوهره مفهومين متعارضين للنظام العالمي. فمن الذي يريد أن يستيقظ كل يوم ليفكر في أن العالم كما يعرفه قد انتهى؟ لكن هذا هو الحال. وكلما أسرع القادة السياسيون في تقبل حقيقة أن الطرق المفضية إلى النهج القديم باتت مغلقة، ازدادت احتمالات ألا يتم تشكيل العالم الجديد بالكامل وفقًا لشروط ترامب.