"الفن هو الحياة" تلك المقولة التي اعتمدها الفنان التشكيلي حبيب جورجي في تربيته لطفلته "صوفي" التي ولدت في عشرينيات القرن الماضي، لتكون نبتته الأولى التي زرع بها قناعاته في "المدرسة التلقائية للفنون" وعلى أساسها انتشرت نظرياته في أنحاء العالم وتم تدريسها بالأكاديميات الفنية الكبرى "الفن يبدأ في الطفولة" وكما كان جورجي أبا التربية الفنية، سارت ابنته على خطاه فأصبحت "أم الحرانية".

"ما أعطاني القوة لأكمل الطريق هو حبي لرمسيس وإيماني بكل ما قال" لم تكن صوفي وزوجها فنان النسيج رمسيس ويصا زوجين عاديين، فكانت علاقتهما وأثرها في الحياة أكبر كثيرا من مسمى علاقة زوجية، فقد كانا "مدرسة" وهذا ليس مجازا عن حياة الثنائي صوفي رمسيس، لكنه بالفعل ما تبقى منهما والإرث الذي قررا ألا يكون أموالا لعائلتهما بعد الرحيل، لكنه مدرسة ومركز لفنون النسيج بمنطقة الحرانية محافظة الجيزة، إنه المشروع الذي تقاسم شقاءه الشريكان، والحلم الذي كفل لهما متعة لا تنتهي وسيرة لا تنقطع.

سيرة فنية

في أغسطس/آب الماضي نعت الكنيسة المصرية "صوفي " بعد رحيلها عن عمر ناهز 102 عام، وذكرت في بيانها "لقد استطاعت الراحلة الكريمة أن توظف فنها لخدمة الإنسان، وجعلت جُل عمرها أن ترتقي بحياة الناس، فأسست مع زوجها الراحل مركز الحرانية للفنون، من أجل تنمية فتيات ونساء القرية الفقيرة التي أضحت بفضلهما الأولى عالميا في مجال فن النسيج وصارت الحرانية علامة فنية مسجلة باسم عائلة ويصا".

الحرانية الفقيرة -التي وصلتها صوفي مطلع حياتها مع زوجها لمشاركته مشروعه الفني- لم تكن القرية التي خلفتها وراءها بعد رحيلها مؤخرا، والتي خرجت عن بكرة أبيها تودع صوفي، وكانت قبلها واحدة من آلاف القرى المصرية التي لا تزال فيها المرأة حتى الآن تحارب من أجل التعليم والعمل.

في البدء كان الفن للرجال في الحرانية، ينسجون السجاد ويحترفون وحدهم فنون الخيوط، وكان رمسيس المعلم الأول لهم، ثم بعد زواجه من صوفي، ورؤيتها لنقص التغذية الذي يعاني منه أغلب أطفال القرية، قررت أن تنشئ مطبخا خاصا لتعليم الأمهات والنساء بالقرية كيفية إعداد طعام صحي لأطفالهن، ورويدا رويدا زادت ثقة رجال القرية في صوفي فسمحوا لها بتعليم زوجاتهم فنون النسيج، وبدأ عصر جديد من مركز ويصا للفنون، وكانت صور النساء وإبداعهن تتصدر المحافل الفنية العالمية، وتحولت الحرانية للمركز العالمي الأول لفنون النسيج.

رحيل الزوج

عام 1974، رحل رمسيس الزوج والأب الروحي لمركز الفنون بشكل مفاجئ، وتولت صوفي مهام الإشراف على مجموعة من الفنانين كانوا نواة المشروع الأولى، وتعرف هذه المجموعة بالجيل الأول للنساجين المصريين بالعصر الحديث.

الرسم ميراث الأب

عام 1989، قامت صوفي ببناء متحف في حديقة المركز، جمعت فيه المجموعة الدائمة لزوجها وأبرزت تطور النساجين منذ البدايات الأولية للتجربة.

ولم تنس أنها رسامة في الأساس، تلك الموهبة التي ورثتها من والدها، فكان لها إنجازات هامة ولوحات خاصة مزجت فيها رسوماتها بنسج الصوف، كذلك كانت خبيرة بالأصباغ الطبيعية الخاصة بالصوف.

وعرضت أعمال صوفي في أكثر من مكان بالقاهرة ويضم متحف ويصا واصف أيضا بعضا من أعمالها الخاصة.

وانتهت حياة صوفي، لكن سيبقى مركز الحرانية للفنون شاهدا على حب خالص قدمته هذه السيدة وزوجها لأهالي الحرانية، فبادلوهما حبا بحب حتى قالت "إن كان هناك سبب لنجاح ما صنعناه في الحرانية، فهو الحب، نحن أحببنا أهالي الحرانية وأعتقد أنهم أيضا أحبونا ولولا ذلك ما كان لهذا المشروع أن ينجح ويقاوم كل ميراث الفقر والجهل والمرض".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات

إقرأ أيضاً:

هالة بدري: «القوز للفنون» مساحات مُلهمة تعزز الابتكار

دبي (الاتحاد) زارت هالة بدري، مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي النسخة الـ 12 من «مهرجان القوز للفنون» التي تضم عدداً من الفعاليات الإبداعية إضافة إلى سلسلة من التجارب الثقافية والأعمال التركيبية وورش العمل والفعاليات الفنية والترفيهية التي استضافها «السركال أفنيو» على مدار يومين بشراكة استراتيجية مع «دبي للثقافة» و«منطقة القوز الإبداعية». وتأتي هذه الزيارة في إطار دعم «دبي للثقافة» للمبدعين وأصحاب المواهب في مختلف القطاعات الفنية والإبداعية، وهو ما يتناغم مع التزاماتها الرامية إلى ترسيخ مكانة دبي مركزاً عالمياً للثقافة، حاضنة للإبداع، وملتقى للمواهب.
وخلال زيارتها، التي رافقها فيها كل من الدكتور سعيد مبارك بن خرباش، المدير التنفيذي لقطاع الفنون والتصميم والآداب في «دبي للثقافة»، وخلود خوري، مدير إدارة المشاريع والفعاليات في «دبي للثقافة»، وفيلما جوركوت، المدير التنفيذي لـ «مبادرات السركال»، وبسمة البتار، مديرة «السركال أفنيو»، وكارولين وايت، رئيسة المكتب التنفيذي لمبادرات السركال، وماهنور حق، مديرة العلاقات مع كبار الشخصيات في مبادرات السركال، قامت بدري بجولة واسعة في أرجاء الحدث الذي أقيم بشراكة استراتيجية مع «دبي للثقافة»، اطلعت خلالها على مجموعة من الأعمال الفنية التركيبية والمعارض الفنية التي تميزت بأفكارها وتنوع أساليبها، ومن بينها التجربة الفنية الغامرة «أنيس: رقصة الغابة وطريق الإبداع النقي»، التي عرضت في ساحة كونكريت وتجسد الحرية والسعادة، وكذلك العمل التركيبي «ذكريات نضرة» الذي يستلهم فيه عبدالله النيادي رمزية موزعات المياه في الثقافة الإماراتية وذاكرتها الجمعية.
كما زارت معرض «الوحدة» الذي ينظمه معهد دبي للتصميم والابتكار في «مستودع 45»، ويستكشف المعرض من خلال أعماله أهمية تعزيز الروابط الإنسانية، كما يبرز تفرد هوية دبي وما تتميز به من تنوع ثقافي. كما اطلعت مدير عام الهيئة على تفاصيل تجربة «الغرفة المظلمة» التي صممتها «فوجي فيلم» بالتعاون مع «جلف فوتو بلس» بهدف تمكين الجمهور من اكتشاف أصول التصوير الفوتوغرافي، والتعرف على أساسيات علم البصريات ومراقبة عملية صنع الصورة.
وفي هذا الإطار، أشادت هالة بدري بنوعية الأعمال والتجارب الفنية التي يعرضها «مهرجان القوز للفنون» في نسخته الجديدة التي تشكل مساحة مُلهمة تعزز روح الابتكار لدى المبدعين وتساهم في فتح الآفاق أمامهم، وأكدت على أهمية ما يقدمه المهرجان من مبادرات ومعارض وفرص لأصحاب المواهب، ومساهماته في تحفيزهم على المشاركة في دفع عجلة الحركة الثقافية في الإمارة وتعزيز قوة الصناعات الثقافية والإبداعية فيها، وهو ما ينسجم مع محاور استراتيجيتها وأولوياتها القطاعية، ويدعم التزاماتها الهادفة إلى تهيئة بيئة إبداعية مستدامة قادرة على جذب المبدعين من شتى أنحاء العالم.

أخبار ذات صلة افتتاح "الحي الإماراتي" في مطار دبي الدولي 345 لاعباً في بطولات التنس الدولية للشباب

مقالات مشابهة

  • عرض صوفي لفرقة المولوية المصرية يجذب الأنظار بمعرض الكتاب
  • عرض صوفي لفرقة المولوية المصرية يجذب زوار معرض الكتاب
  • ألمانيا لا تزال مركزا لواردات الغاز الطبيعي المسال من روسيا
  • مهرجان «سكة للفنون والتصميم 13» ينطلق 31 الجاري
  • قلعة للنشاط الحرفي والصناعي.. “اللواء صبيح” تحصد لقب القرية الخضراء بالوادي الجديد
  • فرقة عمان للفنون الشعبية تبهر جمهور معرض الكتاب
  • أرض التحرير في اختتام مهرجان البازلت الأول للفنون بالسويداء
  • الجزائر تطلق مركزاً متطوراً لإنتاج «أدوية السرطان»
  • ميريت ميشيل تقدم “مش كده” على روابط.. الخميس المقبل
  • هالة بدري: «القوز للفنون» مساحات مُلهمة تعزز الابتكار