لجريدة عمان:
2024-09-18@11:58:46 GMT

في اليوم العالمي للقانون

تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT

تؤدي القوانين والتشريعات دورا مهما وأساسيا في تنمية المجتمعات والحفاظ على مكتسباتها، إضافة إلى قيمتها في الحفاظ على الحقوق والواجبات ودعم التوجهات الوطنية للدول، ولهذا فإن البشرية منذ أن تأسست باعتبارها أنظمة اجتماعية وهي تبني لها قوانين وسياسات تهدف من خلالها إلى حماية شعوبها وحفظ حقوقها، وتقديم أفضل الوسائل التي تؤِّمن قدرتها على التطوُّر والنمو وفق أفضل الأنماط القانونية.

ومع تسارع التطورات الحضارية فإن الدول تحرص على تحديث قوانينها وتشريعاتها بما يتوافق مع تلك التطورات من ناحية، وما يتناسب مع المتغيرات المحلية والأهداف التنموية التي تصبو إليها من ناحية أخرى، ولهذا فإن المنظومة القانونية تسهم في تشكيل آفاق التطورات الاجتماعية والاقتصادية لأفراد المجتمع، وتقدِّم وفق سيرورتها أنماطا جديدة من الإصلاحات والتغييرات التي تشكِّل أحد أهم مكاسب التنمية المجتمعية.

ولهذا فإن العمل على تحديث المنظومة القانونية في الدولة وتبسيطها، بما يتواكب مع الرؤى والأهداف المحلية، يعدُّ من الأولويات الوطنية التي لا يمكن تجاوزها خاصة في ظل الكثير من المتغيرات والتطورات التقنية والاقتصادية والبيئية المتسارعة، إضافة إلى الانفتاح الواسع للمجتمعات وتطور البُنى التحتية وتنمية الموارد البشرية، إضافة إلى الوعي المتزايد لدى المجتمعات بأهمية التطوير ومواكبة التغييرات الإقليمية والعالمية.

إن تحديث القوانين في شتى المجالات وتبسيط السياسات والتشريعات الإجرائية، يكفل كفاءة المنظومة الإدارية والتكلفة ويضمن تيسير العمل وتخصيص الموارد وتوجيهها بشكل أكثر كفاءة وقدرة، وبالتالي فإن التعديلات في القوانين تؤدي إلى تحقيق تطورات تضمن الاستجابة السريعة للمتغيرات واحتوائها وتمكين المكاسب خاصة تلك المرتبطة بالتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، التي تعزِّز تحقيق النمو الاجتماعي والاقتصادي ورفاه الأفراد وحماية حرياتهم.

إضافة إلى ذلك فإن تحديث القوانين يضمن حماية أفراد المجتمع، والحفاظ على الموارد الطبيعية وصونها، خاصة في ظل المتغيرات البيئية والتقنية التي وسَّعت من دائرة التعرُّض للمخاطر، والتحديات التي يمكن أن تحدث في القطاعات الصحية والبيئية، وانعكاسات ذلك على الأفراد وأنماط معيشتهم، وبالتالي فإن تطوير القوانين وتسهيلها يساعد في اتخاذ الإجراءات والأنظمة التي تحد من تلك المخاطر.

لقد احتفل العالم في الثالث عشر من شهر سبتمبر الحالي بـ(اليوم العالمي للقانون)، والذي يعبِّر عن التذكير بأهمية القوانين في حياة المجتمعات من ناحية، وقيمة الوعي القانوني والثقافة القانونية في فهم المبادئ الأساسية التي تنطلق منها قوانين المجتمعات من ناحية أخرى؛ فالقوانين ليست فقط لتنظيم حياة الأفراد والمؤسسات بل أيضا لدعم آفاق التنمية والتطوير، وتمكين القطاعات المختلفة للمساهمة الفاعلة في تسريع النمو والتفاعل بهدف إيجاد أنماط جديدة من أشكال التقدُّم التي توجب استحداث قوانين جديدة، أو تطوير القوانين الحالية وتحديثها.

والحق أن عُمان من الدول التي أولت القوانين عناية كبيرة، فالدورة القانونية تقوم على أُسس فائقة التنظيم، وما شهدته الدولة خلال السنوات الأخيرة من تحديث وتطوير في المنظومة القانونية يمثِّل انعكاسا مهما لذلك الاهتمام والعناية، ولعل الإشراك المجتمعي والمؤسسي الذي يصاحب الدورة القانونية للتشريعات تقدِّم صورة مشرقة للوعي المتزايد لأهمية القوانين في حياة المجتمع وقدرتها على دعم التنمية وصون المكتسبات ومواكبة المتغيرات المتسارعة.

ولهذا فإن هذه العناية لتطوير منظومة القوانين والتشريعات في الدولة سواء تلك المتعلِّقة بتحديث القوانين الحالية أو استحداث قوانين جديدة مواكبة للمتغيرات وأولويات الوطن، عليها أن تتواكب أيضا مع مفاهيم (الثقافة القانونية) لدى أفراد المجتمع، ذلك لأن فهم القوانين وإدراك أبعادها لا يقتصر على (النُخب)، بل يجب أن يتعداه إلى كافة شرائح المجتمع، فما نشهده غالبا من مناقشات خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي للعديد من القوانين التي صدرت أو تلك التي ما زالت قيد الدراسة، وما قد يفسره البعض لأبعاد تلك القوانين، يلفت الاهتمام إلى أهمية ترسيخ الثقافة القانونية لدى أفراد المجتمع، وتعميق فهم أبعاده التنموية.

إن الثقافة القانونية تمثِّل أساسا جوهريا لقدرة الأفراد على فهم أبعاد القوانين وإمكاناتها وانفتاحها على تطورات المستقبل، وتأثيراتها ليس على المستوى المجتمعي وحسب بل أيضا على المستويات الاقتصادية والصحية وغيرها؛ فهذه الثقافة تمكِّنهم من معرفة حقوقهم وواجباتهم، وبالتالي قدرتهم على الدفاع عن تلك الحقوق، والقيام بواجباتهم وفق القانون، وتفتح أمامهم السبل والإمكانات التي تدفعهم إلى المناقشة الفاعلة لتلك القوانين من منطلق وطني عام، وليس من منطلقات تحزبية أو شخصية.

ولهذا فإن واجب المؤسسات الإعلامية والتعليمية والأكاديمية بشكل خاص، يقوم على تعزيز الثقافة القانونية، وتوعية أفراد المجتمع بكل القوانين خاصة الحديثة منها أو تلك التي يتوجَّب استحداثها، وتكاتف الجهود من أجل توعية المجتمع، وتطوير آفاق المعرفة القانونية، وتغيير الأنماط الذهنية الخاصة بالقوانين، الأمر الذي سيسهم في دعم تلك الثقافة وتيسر فهمها لدى شرائح المجتمع، خاصة الشباب الذين هم بحاجة إلى فهم هذه القوانين والوعي التام بأهميتها بما يُعزِّز مشاركتهم الفاعلة في تطويرها وتقديم ملاحظات واعية لسياسات تطبيقها وتنفيذها بما يحقق أهدافها ويضمن الاستفادة منها.

إن الثقافة القانونية لا تحمي أفراد المجتمع وحسب بل أيضا تضمن سيادة القانون، وقدرة الدول على النمو في ظل خدمة مجتمعها وشعوبها، وتعزيز المفاهيم القانونية التي تحميهم وتضمن تحقيق رفاهيتهم، وبالتالي فإن هذه الثقافة تعزِّز قيم الاحترام المتبادل بين الحكومات والشعوب، و تحمي كرامة الإنسان وحريته وحقوقه. إنها ثقافة قادرة على تمكين الحقوق، وتعظيم قيمتها الاجتماعية والاقتصادية، بما يقوي الروابط والعلاقات بين أفراد المجتمع وحكوماتهم.

لذا فإن وعينا بالقوانين والتشريعات التي تسنها الدولة، وسعيها المتواصل إلى تحديث المنظومة القانونية بما يتواكب مع المتغيرات ويتوافق مع طموحات الأهداف الوطنية، سيمكننا جميعا من معرفة حقوقنا وحمايتها من ناحية، والمساهمة الفاعلة في تطوير العديد من تلك القوانين، إضافة إلى توسيع دائرة استفادتنا من القوانين الحديثة التي تفتح أمامنا آفاق التعليم والعمل والصحة وغيرها، الأمر الذي يدفعنا إلى تحسين مستوى معيشتنا وآفاق طموحاتنا المستقبلية.

إن الاحتفال باليوم العالمي للقانون فرصة لتعزيز الوعي القانوني والمعرفة بالقوانين، وتمكين الثقافة القانونية التي تعزِّز أهمية القوانين في حياة المجتمعات، وتعظيم دورها التنموي، فهي ليست لتنظيم حياة الأفراد وحماية حقوقهم وحسب، بل أيضا لدعم تطلعات الدولة لتنمية المنظومات الاقتصادية والتعليمية والصحية والبيئية وغير ذلك، وفتح مجالات الاستفادة من القطاعات التنموية الجديدة. إنها ثقافة قادرة على تقديم فهم أعمق للقانون وترسيخ مكانته في المجتمع.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المنظومة القانونیة الثقافة القانونیة أفراد المجتمع القوانین فی إضافة إلى من ناحیة بل أیضا

إقرأ أيضاً:

مهرجان مسرح الهواة الـ20 .. "قلب الكون" و"طرح حرير" على مسرح السامر اليوم

مهرجان مسرح الهواة الـ20 .. يشهد مسرح السامر بالعجوزة، في السادسة مساء اليوم الأربعاء، العرض المسرحي "قلب الكون" في رابع أيام مهرجان "مسرح الهواة" في دورته العشرين، دورة "الفنان الراحل زكريا الحجاوي"، والمقام برعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، وتنظمه الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد عبد الحافظ ناصف، نائب رئيس الهيئة.

 

العرض لجمعية بورسعيد للفنون المسرحية، تأليف أشرف عتريس، وإخراج أحمد السمان، تدور قصته حول الصراع الأزلي منذ بداية الخليقة بين الخير والشر، في إطار صورة تجريبية تحتوى على ملء الفراغ بإظهار العناصر في هيئة رموز مختلفة (مجموعة من المعذبين).

أما العرض المسرحي الثاني بعنوان "طرح حرير" لجمعية أصالة، تأليف شريف صلاح الدين، وإخراج أحمد لطفي، يقام فى الساعة الثامنة مساءً، تدور أحداثه حول رسام يعيش داخل مرسم مع ذكرياته وماضيه، ويتعرض لواقعة تجعله يستسلم لضعفه وموته.

يعقب العروض ندوة نقدية يشارك فيها النقاد د. حسام أبو العلا، د. طارق عبد العزيز، د.محمد زعيمة.

المهرجان تتكون لجنته التحكيمية من الفنانين طارق الدسوقي، د. نبيلة حسن، د. وليد الشهاوي، سامح مجاهد، ومهندس الديكور فادي فوكيه، ويقام بإشراف الإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة الشاعر د. مسعود شومان، والإدارة العامة للجمعيات والمساعدات الثقافية، ويتولى رئاسته الفنان د. هاني كمال، ويدير المهرجان عبير رشيدي، ونجيب القاضي مقررا. ويشارك بالمهرجان هذا الموسم 11 عرضا مسرحيا تقدم مجانا للجمهور، حتى 21 سبتمبر الحالي، ويصدر عنه نشرة يومية.

 قصور الثقافة بالأقصر تقيم معرضين للكتب والحرف اليدوية في انطلاق مبادرة "بداية"

 

من ناحية أخرى وتزامنا مع تدشين المبادرة الرئاسية "بداية جديدة لبناء الإنسان"، وضمن برنامج وزارة الثقافة، شاركت الهيئة العامة لقصور الثقافة، بإشراف الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، في فعاليات تدشين المبادرة اليوم بمحافظة الأقصر، بمعرضين لإصدارات الهيئة ومنتجات الحرف اليدوية أقامهما فرع ثقافة الأقصر.

جاءت مشاركة الفرع بالاصطفاف الذي نظمته المحافظة مع الجهات كافة المشاركة بالمبادرة، وذلك بحضور المهندس عبد المطلب عمارة محافظ الأقصر، د. هشام أبو زيد نائب المحافظ، عماد فتحي رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافي، حسين النوبي مدير عام الثقافة بالأقصر، ولفيف من القيادات التنفيذية بالمحافظة.

وقدم الفرع عددا من الأنشطة أثناء عرض الاصطفاف من بينها معرض كتاب لإصدارات الهيئة بجميع السلاسل بأسعار مخفضة، بجانب معرض منتجات حرف يدوية نتاج الورش منها الخيامية وأشغال الخرز والكليم، بالإضافة لورشة فنون تشكيلية قدمها فنانو ثقافة الأقصر للأطفال.

وأعدت الهيئة العامة لقصور الثقافة برنامجا ثقافيا وفنيا مكثفا في المبادرة التي تهدف إلى بناء وعي الإنسان وقدراته وإكسابه المهارات كافة التي يحتاج إليها، بهدف تحقيق مجتمع أكثر وعيا وتقدما.

مقالات مشابهة

  • نائب سابق:الكتل السياسية تتحمل مسؤولية القوانين التي صدرت في زمن المندلاوي
  • انطلاق احتفالية اليوم العالمي لمحو الأمية.. صور
  • مهرجان مسرح الهواة الـ20 .. "قلب الكون" و"طرح حرير" على مسرح السامر اليوم
  • مهرجان مسرح الهواة .. "الرحلة صفر" و"دوار البحر" في السامر اليوم
  • هل ستغير القوانين الجديدة وجه العراق؟ ترقب واسع لجلسة البرلمان اليوم
  • خالد الظنحاني: حاكم الفجيرة يؤمن بدور الثقافة في بناء الإنسان ونهضة المجتمع
  • النهج النبوي حارب الأنانية والرأسمالية التي يتغول فيها الأغنياء على حساب الفقراء
  • نقيب الصحفيين: الخطوة التالية بعد وضع نصوص القوانين طرحها على المجتمع
  • الهلال الأحمر بالرياض يحتفي باليوم العالمي للإسعافات الأولية
  • في اليوم العالمي لـ«تقدير الزوجة».. كيف قدّس المصري القديم امرأته؟