لجريدة عمان:
2025-03-04@07:23:42 GMT

في اليوم العالمي للقانون

تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT

تؤدي القوانين والتشريعات دورا مهما وأساسيا في تنمية المجتمعات والحفاظ على مكتسباتها، إضافة إلى قيمتها في الحفاظ على الحقوق والواجبات ودعم التوجهات الوطنية للدول، ولهذا فإن البشرية منذ أن تأسست باعتبارها أنظمة اجتماعية وهي تبني لها قوانين وسياسات تهدف من خلالها إلى حماية شعوبها وحفظ حقوقها، وتقديم أفضل الوسائل التي تؤِّمن قدرتها على التطوُّر والنمو وفق أفضل الأنماط القانونية.

ومع تسارع التطورات الحضارية فإن الدول تحرص على تحديث قوانينها وتشريعاتها بما يتوافق مع تلك التطورات من ناحية، وما يتناسب مع المتغيرات المحلية والأهداف التنموية التي تصبو إليها من ناحية أخرى، ولهذا فإن المنظومة القانونية تسهم في تشكيل آفاق التطورات الاجتماعية والاقتصادية لأفراد المجتمع، وتقدِّم وفق سيرورتها أنماطا جديدة من الإصلاحات والتغييرات التي تشكِّل أحد أهم مكاسب التنمية المجتمعية.

ولهذا فإن العمل على تحديث المنظومة القانونية في الدولة وتبسيطها، بما يتواكب مع الرؤى والأهداف المحلية، يعدُّ من الأولويات الوطنية التي لا يمكن تجاوزها خاصة في ظل الكثير من المتغيرات والتطورات التقنية والاقتصادية والبيئية المتسارعة، إضافة إلى الانفتاح الواسع للمجتمعات وتطور البُنى التحتية وتنمية الموارد البشرية، إضافة إلى الوعي المتزايد لدى المجتمعات بأهمية التطوير ومواكبة التغييرات الإقليمية والعالمية.

إن تحديث القوانين في شتى المجالات وتبسيط السياسات والتشريعات الإجرائية، يكفل كفاءة المنظومة الإدارية والتكلفة ويضمن تيسير العمل وتخصيص الموارد وتوجيهها بشكل أكثر كفاءة وقدرة، وبالتالي فإن التعديلات في القوانين تؤدي إلى تحقيق تطورات تضمن الاستجابة السريعة للمتغيرات واحتوائها وتمكين المكاسب خاصة تلك المرتبطة بالتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي، التي تعزِّز تحقيق النمو الاجتماعي والاقتصادي ورفاه الأفراد وحماية حرياتهم.

إضافة إلى ذلك فإن تحديث القوانين يضمن حماية أفراد المجتمع، والحفاظ على الموارد الطبيعية وصونها، خاصة في ظل المتغيرات البيئية والتقنية التي وسَّعت من دائرة التعرُّض للمخاطر، والتحديات التي يمكن أن تحدث في القطاعات الصحية والبيئية، وانعكاسات ذلك على الأفراد وأنماط معيشتهم، وبالتالي فإن تطوير القوانين وتسهيلها يساعد في اتخاذ الإجراءات والأنظمة التي تحد من تلك المخاطر.

لقد احتفل العالم في الثالث عشر من شهر سبتمبر الحالي بـ(اليوم العالمي للقانون)، والذي يعبِّر عن التذكير بأهمية القوانين في حياة المجتمعات من ناحية، وقيمة الوعي القانوني والثقافة القانونية في فهم المبادئ الأساسية التي تنطلق منها قوانين المجتمعات من ناحية أخرى؛ فالقوانين ليست فقط لتنظيم حياة الأفراد والمؤسسات بل أيضا لدعم آفاق التنمية والتطوير، وتمكين القطاعات المختلفة للمساهمة الفاعلة في تسريع النمو والتفاعل بهدف إيجاد أنماط جديدة من أشكال التقدُّم التي توجب استحداث قوانين جديدة، أو تطوير القوانين الحالية وتحديثها.

والحق أن عُمان من الدول التي أولت القوانين عناية كبيرة، فالدورة القانونية تقوم على أُسس فائقة التنظيم، وما شهدته الدولة خلال السنوات الأخيرة من تحديث وتطوير في المنظومة القانونية يمثِّل انعكاسا مهما لذلك الاهتمام والعناية، ولعل الإشراك المجتمعي والمؤسسي الذي يصاحب الدورة القانونية للتشريعات تقدِّم صورة مشرقة للوعي المتزايد لأهمية القوانين في حياة المجتمع وقدرتها على دعم التنمية وصون المكتسبات ومواكبة المتغيرات المتسارعة.

ولهذا فإن هذه العناية لتطوير منظومة القوانين والتشريعات في الدولة سواء تلك المتعلِّقة بتحديث القوانين الحالية أو استحداث قوانين جديدة مواكبة للمتغيرات وأولويات الوطن، عليها أن تتواكب أيضا مع مفاهيم (الثقافة القانونية) لدى أفراد المجتمع، ذلك لأن فهم القوانين وإدراك أبعادها لا يقتصر على (النُخب)، بل يجب أن يتعداه إلى كافة شرائح المجتمع، فما نشهده غالبا من مناقشات خاصة في وسائل التواصل الاجتماعي للعديد من القوانين التي صدرت أو تلك التي ما زالت قيد الدراسة، وما قد يفسره البعض لأبعاد تلك القوانين، يلفت الاهتمام إلى أهمية ترسيخ الثقافة القانونية لدى أفراد المجتمع، وتعميق فهم أبعاده التنموية.

إن الثقافة القانونية تمثِّل أساسا جوهريا لقدرة الأفراد على فهم أبعاد القوانين وإمكاناتها وانفتاحها على تطورات المستقبل، وتأثيراتها ليس على المستوى المجتمعي وحسب بل أيضا على المستويات الاقتصادية والصحية وغيرها؛ فهذه الثقافة تمكِّنهم من معرفة حقوقهم وواجباتهم، وبالتالي قدرتهم على الدفاع عن تلك الحقوق، والقيام بواجباتهم وفق القانون، وتفتح أمامهم السبل والإمكانات التي تدفعهم إلى المناقشة الفاعلة لتلك القوانين من منطلق وطني عام، وليس من منطلقات تحزبية أو شخصية.

ولهذا فإن واجب المؤسسات الإعلامية والتعليمية والأكاديمية بشكل خاص، يقوم على تعزيز الثقافة القانونية، وتوعية أفراد المجتمع بكل القوانين خاصة الحديثة منها أو تلك التي يتوجَّب استحداثها، وتكاتف الجهود من أجل توعية المجتمع، وتطوير آفاق المعرفة القانونية، وتغيير الأنماط الذهنية الخاصة بالقوانين، الأمر الذي سيسهم في دعم تلك الثقافة وتيسر فهمها لدى شرائح المجتمع، خاصة الشباب الذين هم بحاجة إلى فهم هذه القوانين والوعي التام بأهميتها بما يُعزِّز مشاركتهم الفاعلة في تطويرها وتقديم ملاحظات واعية لسياسات تطبيقها وتنفيذها بما يحقق أهدافها ويضمن الاستفادة منها.

إن الثقافة القانونية لا تحمي أفراد المجتمع وحسب بل أيضا تضمن سيادة القانون، وقدرة الدول على النمو في ظل خدمة مجتمعها وشعوبها، وتعزيز المفاهيم القانونية التي تحميهم وتضمن تحقيق رفاهيتهم، وبالتالي فإن هذه الثقافة تعزِّز قيم الاحترام المتبادل بين الحكومات والشعوب، و تحمي كرامة الإنسان وحريته وحقوقه. إنها ثقافة قادرة على تمكين الحقوق، وتعظيم قيمتها الاجتماعية والاقتصادية، بما يقوي الروابط والعلاقات بين أفراد المجتمع وحكوماتهم.

لذا فإن وعينا بالقوانين والتشريعات التي تسنها الدولة، وسعيها المتواصل إلى تحديث المنظومة القانونية بما يتواكب مع المتغيرات ويتوافق مع طموحات الأهداف الوطنية، سيمكننا جميعا من معرفة حقوقنا وحمايتها من ناحية، والمساهمة الفاعلة في تطوير العديد من تلك القوانين، إضافة إلى توسيع دائرة استفادتنا من القوانين الحديثة التي تفتح أمامنا آفاق التعليم والعمل والصحة وغيرها، الأمر الذي يدفعنا إلى تحسين مستوى معيشتنا وآفاق طموحاتنا المستقبلية.

إن الاحتفال باليوم العالمي للقانون فرصة لتعزيز الوعي القانوني والمعرفة بالقوانين، وتمكين الثقافة القانونية التي تعزِّز أهمية القوانين في حياة المجتمعات، وتعظيم دورها التنموي، فهي ليست لتنظيم حياة الأفراد وحماية حقوقهم وحسب، بل أيضا لدعم تطلعات الدولة لتنمية المنظومات الاقتصادية والتعليمية والصحية والبيئية وغير ذلك، وفتح مجالات الاستفادة من القطاعات التنموية الجديدة. إنها ثقافة قادرة على تقديم فهم أعمق للقانون وترسيخ مكانته في المجتمع.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المنظومة القانونیة الثقافة القانونیة أفراد المجتمع القوانین فی إضافة إلى من ناحیة بل أیضا

إقرأ أيضاً:

في يومها العالمي.. خبراء يؤكدون لـ"اليوم" دور الهندسة في القيادة نحو المستقبل بالتحدي والابتكار

بعد أن أعلن المؤتمر العام لليونسكو، خلال دورته الأربعين في عام 2019، تم تخصيص 4 مارس يوم الهندسة العالمي، من أجل التنمية المستدامة، وذلك في خطوة لإذكاء الوعي بشأن الدور الجوهريّ الذي تضطلع به الهندسة في الحياة المعاصرة للتخفيف من وطأة تغير المناخ والنهوض بالتنمية المستدامة، لا سيما في أفريقيا والدول الجزرية الصغيرة النامية.
وفي السعودية تتزامن هذه المناسبة مع مشاريع رؤية 2030 التي تثبت أن الهندسة ليست مجرد تخصص أكاديمي، بل أداة لتحقيق الطموحات الوطنية، وبناء عالم أكثر استدامة وإبداعًا.أساس تطور المجتمعاتوأكد مهندسون وخبراء هندسيون، خلال حديثهم لصحيفة “اليوم”، أن الهندسة ليست مجرد مهنة تقليدية، بل هي المحرك الأساسي لتطور المجتمعات وبناء المستقبل.
أخبار متعلقة صور| 9 مارس.. بدء تطوير طريق القشلة بالشرقية لتحسين انسيابية المرورإطلاق منصة لرصد التسمم الغذائي وآلية جديدة لسلامة مُوصلي الطعاموبينما يواجه القطاع تحديات متزايدة بفعل التكنولوجيا المتسارعة، فإن المهندسين مطالبون بالتكيف مع التحولات، من الذكاء الاصطناعي والاستدامة البيئية، إلى تطوير البنية التحتية والابتكار في الطاقة المتجددة.
وتوقع الخبراء أن يشهد قطاع الهندسة تحولات جذرية بحلول عام 2030، من أبرزها: الهندسة الذكية حيث سيصبح الذكاء الاصطناعي عنصرًا أساسيًا في تصميم المدن، وإدارة المشاريع، وتحليل البيانات الضخمة.
وأيضاً الهندسة الخضراء حيث ستختفي المفاهيم التقليدية للنفايات والانبعاثات، حيث سيصبح إعادة التدوير وإنتاج الطاقة النظيفة جزءًا لا يتجزأ من أي مشروع هندسي.أهمية قطاع الإنشاءاتأوضح الخبير في الهندسة المعمارية رامي خان أن دخول عالم الهندسة، خاصة في قطاع الإنشاءات، يفرض تحديات كبيرة، لكنها تصقل المهارات وتبني الخبرات التي تميز المهندس الناجح.
فالعمل في هذا المجال لا يقتصر على المعرفة التقنية فقط، بل يتطلب سرعة التعلم، ودقة التنفيذ، والتواصل الفعال مع فرق العمل المختلفة.رامي خان
وأشار إلى أن بيئة العمل في المشاريع الإنشائية تختلف عن القطاعات التقليدية، إذ تجمع بين التخطيط المكتبي والتنفيذ الميداني، مما يفرض على المهندس قدرة عالية على التأقلم مع الظروف المتغيرة يوميًا، سواء في الموقع أو في إدارة الموارد والتواصل مع العملاء والموردين.
وأكد أن تجاوز هذه التحديات يعتمد على امتلاك المهارات الناعمة، مثل إدارة التواصل وحل المشكلات بفعالية، إلى جانب الالتزام بالأمانة والمسؤولية والتعلم المستمر، مشددًا على أن قطاع الهندسة في السعودية يشهد طفرة غير مسبوقة ضمن رؤية 2030، التي تعزز الابتكار في البنية التحتية والمشاريع الكبرى.الذكاء الاصطناعي في الهندسةمن جهته، أشار الباحث في إدارة المشاريع المهندس الحسن القرشي، إلى أن الذكاء الاصطناعي والروبوتات أصبحت أدوات لا غنى عنها في الهندسة، إذ تساهم في تسريع عمليات التصميم وتحليل البيانات وتنفيذ المهام الدقيقة في البناء والصيانة الصناعية.الحسن القرشي
وأوضح أن هذا التطور يفرض تحديات جديدة، مثل اختفاء بعض الوظائف التقليدية وظهور أخرى تتطلب مهارات متقدمة في البرمجة وإدارة الأنظمة الذكية، مما يجعل التعلم المستمر ضرورة حتمية للمهندسين الذين يسعون للبقاء في المنافسة.
كما أشار إلى أن مشاريع رؤية 2030، مثل نيوم، ذا لاين، والقدية، تحتاج إلى آلاف المهندسين في مختلف المجالات، مما يفتح آفاقًا واسعة للكوادر الوطنية، ويعزز تمكين المرأة في التخصصات الهندسية، حيث تشهد المملكة ارتفاعًا ملحوظًا في عدد المهندسات العاملات في القطاع.التعامل مع التحدات العالميةأما المهندس المدني مصطفى أنور، فقد أكد أن الهندسة أصبحت خط الدفاع الأول في مواجهة التحديات العالمية، سواء التكنولوجية أو البيئية أو الاقتصادية.مصطفى أنور
وبين أبرز التحديات التي منها الثورة الصناعية الرابعة، والاستدامة البيئية والأمن الرقمي ومواءمة التعليم مع سوق العمل.

مقالات مشابهة

  • اليوم العالمي للمرأة 2025: أشعار وقصائد نزار قباني عن جمال المرأة
  • في يومها العالمي.. خبراء يؤكدون لـ"اليوم" دور الهندسة في القيادة نحو المستقبل بالتحدي والابتكار
  • ضمن احتفالات اليوم العالمي للمرأة.. قمة فوربس50/30 تستضيف نُخبة من المتحدثين الرئيسيين
  • الأمم المتحدة تحيي اليوم العالمي للأحياء البرية
  • ​ما هي الألوان التي ترمز إلى يوم المرأة العالمي؟
  • اليوم العالمي للسمع.. «الصحة العالمية»: 78 مليون شخص متعايشٍ مع فقدان السمع
  • هدايا اليوم العالمي للمرأة: أفكار مبتكرة ستفرح قلب كلّ امرأة
  • مخزومي في اليوم العالمي للدفاع المدني: على الدولة أن تعطي أهمية أكبر للعناصر
  • كل ما تريد معرفته عن اليوم العالمي للحشائش البحرية .. انفوجراف
  • بمناسبة اليوم العالمي للدفاع المدني.. تحية تقدير من وزير الداخلية للعاملين في المديرية