اتفاقيات ولقاءات مصرية ناجحة مع خبراء صناعة الطيران فى العالم
تاريخ النشر: 14th, September 2024 GMT
دعم التعاون المشترك بين مصر و«الإياتا» فى السلامة الجوية والأمن والاستدامة والبنية التحتية لمنظومة المطارات«الحفنى»: الدولة المصرية تحرص على مواكبة أحدث المعايير العالمية لتصبح مركزاً إقليمياً فى الشرق الأوسط وأفريقياتعميق جهود الشراكة وفقاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادى والتنمية الشاملة لجذب مزيد من الاستثماراتتعزيز التعاون مع كبرى الشركات العالمية الرائدة وتعزيز التنافسية على الصعيدين الإقليمى والدولى«العوضى»: دعم رؤى التحديث التى يتبناها الطيران المصرى فى مختلف الأنشطة
فى إطار فعاليات معرض مصر الدولى للطيران والفضاء 2024 المقام بمطار العلمين الدولى، التقى الدكتور سامح الحفنى وزير الطيران المدنى كامل العوضى نائب رئيس الاتحاد الدولى للنقل الجوى «الإياتا»، كما التقى برئيس الهيئة العامة للطيران المدنى بالمملكة العربية السعودية ووفد مجموعة تاليس (Thales Group) الفرنسية إحدى الشركات الرائدة عالمياً فى مجالات تكنولوجيا المعلومات والحلول الرقمية وخدمات الذكاء الاصطناعى والاتصال والأمن السيبرانى وأنظمة الملاحة الجوية وغيرها من الخدمات التقنية الأخرى.
حيث تعد هذه اللقاءات ضمن سلسلة الاجتماعات الهامة التى عقدت على هامش المعرض، والذى شارك فيه نخبة من كبار المسئولين والخبراء من مختلف دول العالم، بهدف تبادل الأفكار والاطلاع على أحدث التطورات فى مجالات الطيران والفضاء.. كما تم توقيع العديد من الاتفاقيات الدولية لتطوير الطيران المصرى.
التقى الدكتور سامح الحفنى وزير الطيران المدنى، كامل العوضى نائب رئيس الاتحاد الدولى للنقل الجوى «الإياتا» وتناول اللقاء التأكيد على دعم التعاون المشترك بين مصر ومنظمة «الإياتا» فى مختلف المجالات المتعلقة بأنشطة الطيران المدنى، ومنها مجالات السلامة الجوية، والأمن، والاستدامة، وتطوير البنية التحتية لمنظومة المطارات، فضلاً عن تطبيق أفضل الممارسات الدولية فى قطاع النقل الجوى.
وخلال اللقاء أكد وزير الطيران المدنى على أهمية الدور الحيوى الذى يلعبه الاتحاد الدولى للنقل الجوى فى دعم صناعة الطيران عالمياً؛ فضلاً عن دوره الرئيسى فى مجالات أمن وسلامة الطيران والمطارات؛ مثمناً التعاون الوثيق بين منظمة الإياتا وقطاع الطيران المدنى المصرى خاصة فيما يتعلق بتبادل الخبرات والتدريب والمعلومات والجانب الفنى بين شركات الطيران العالمية والاستفادة من خبرات «الأياتا» فى تحسين مستوى الخدمات المقدمة للمسافرين حول العالم؛ مشيراً إلى أن مصر تحرص على مواكبة أحدث المعايير العالمية فى مجال الطيران المدنى مما يعزز من أن تكون مركزاً إقليمياً للطيران فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
ومن جانبه، أشاد نائب رئيس الإياتا بالجهود التى تبذلها مصر لتطوير قطاع الطيران المدنى، مشيدا بحسن تنظيم المعرض الذى حضره لفيف من وزراء الطيران والنقل ورؤساء هيئات النقل الجوى العالمية وقادة وكالات الفضاء والشخصيات البارزة فى مجال صناعة النقل الجوى العالمى.. كما أعرب العوضى عن تقديره للتقدم الملحوظ الذى حققته مصر فى هذا القطاع الحيوى، واستعداد الاتحاد لتعزيز التعاون وتقديم كافة خدمات الدعم الفنى لتحقيق المزيد من التطور والنجاح، مؤكداً أن الاتحاد الدولى للنقل الجوى يدعم كل الرؤى الداعمة لخطة التطوير والتحديث التى يتبناها قطاع الطيران المصرى فى مختلف الأنشطة.
تاليس (Thales Group)
والتقى وزير الطيران وفد مجموعة تاليس (Thales Group) الفرنسية إحدى الشركات الرائدة عالمياً فى مجالات تكنولوجيا المعلومات والحلول الرقمية وخدمات الذكاء الاصطناعى والاتصال والأمن السيبرانى وأنظمة الملاحة الجوية وغيرها من الخدمات التقنية الأخرى.. حيث بحث الجانبان آليات التعاون المشترك فى مجالات الطيران المدنى، وكيفية الاستفادة من الخبرات العالمية التى تتمتع بها مجموعة تاليس فى مجالات تطوير البنية التحتية للمطارات وتحديث الأنظمة التقنية المستخدمة فى مجال الملاحة الجوية ونظم الاتصالات.
وخلال اللقاء استعرض الوفد الفرنسى Thales Group أحدث الابتكارات والحلول التقنية التى تقدمها المجموعة لدعم قطاع الطيران المدنى فى مصر وسبل تعزيز قدراته التكنولوجية.
وفى ذات السياق، أكد الدكتور سامح الحفنى أهمية تعميق جهود الشراكة والتعاون الفعال فى ضوء استراتيجية التطوير التى تنتهجها وزارة الطيران المدنى وفقاً لبرنامج الإصلاح الاقتصادى والتنمية الشاملة التى تشهدها الدولة المصرية لجذب مزيد من الاستثمارات وتعزيز أسس التعاون البناء مع كبرى الشركات العالمية الرائدة فى مجال النقل الجوى، مشيراً إلى أن وزارة الطيران المدنى تضع فى مقدمة أولوياتها تطوير البنية التحتية فى كافة المجالات، بما يساهم فى تحسين جودة الخدمات المُقدمة ويعزز من تنافسية منظومة المطارات المصرية على الصعيدين الإقليمى والدولى.
ومن جانبهم، أعرب مسئولو مجموعة تاليس عن سعادتهم بتلك المشاركة الفعالة فى فعاليات معرض مصر للطيران والفضاء المقام بمدينة العلمين الجديدة.. مشيدين بما لمسوه من جهود حثيثة يقوم بها قطاع الطيران فى مختلف الأنشطة.
«إيرباص» العالمية
واجتمع الدكتور سامح الحفنى مع ممثلى ومسئولى صناع الطيران فى العالم، حيث اجتمع مع Wouter Van Wersch نائب الرئيس التنفيذى لشركة «إيرباص» العالمية المُصنعة للطائرات Mikail Hourai رئيس شركة «إيرباص» بأفريقيا والشرق الأوسط، والوفد المرافق لهم، وذلك لتعزيز أوجه التعاون المشترك بين الجانبين.. ويأتى هذا الاجتماع فى ضوء حرص وزارة الطيران المدنى على تقديم أفضل الخدمات وتوسيع الشراكات الدولية مع كبرى الشركات العالمية المتخصصة فى مجال صناعة النقل الجوى بما يسهم فى ضخ مزيد من الاستثمارات طويلة الأمد بقطاع الطيران المدنى المصرى، ويعزز من مكانة مصر كمركز إقليمى للطيران فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا.
هذا وقد تناول اللقاء عرض أحدث ما وصلت إليه شركة «إيرباص» فى مجال صناعة الطائرات، كما تم استعراض خطة تطوير وتحديث أسطول الشركة الوطنية مصر للطيران، بما يتناسب مع رؤيتها فى التوسع فى شبكة خطوطها الجوية.
هذا وقد أكد وزير الطيران المدنى على أهمية تعميق أطر الشراكة مع شركة «إيرباص» بما يساهم فى تنمية صناعة النقل الجوى وزيادة حجم الأسطول الجوى المصرى، مما يحقق بدوره من كفاءة الخدمات المقدمة للركاب ويُعظم من تجربة السفر والطيران على متن خطوط شركات الطيران المصرية.. ومن جانبهم، أعرب مسئولو شركة «إيرباص» عن تطلعهم لتعزيز التعاون مع قطاع الطيران المصرى وتقديم كافة أوجه الدعم الفنى والتقنى اللازم لتحقيق الأهداف المشتركة والمتصلة التى تجمع بين الجانبين والتى من المتوقع أن تشهد نمواً ملحوظاً خلال الفترة القادمة.
المملكة العربية السعودية
والتقى الدكتور سامح الحفنى، عبدالعزيز الدعيلج رئيس الهيئة العامة للطيران المدنى بالمملكة العربية السعودية والوفد المرافق له.. واستعرض «الحفنى» مع «عبدالعزيز» الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وسبل تعزيز أوجه التعاون بين الجانبين فى مجال الطيران المدنى، هذا إلى جانب مناقشة الفرص الاستثمارية المتاحة والمتعلقة بالنقل الجوى.
وأشاد الوفد السعودى بحسن الاستضافة وبالتنظيم الجيد والدور الكبير الذى تقوم به مصر فى مجال صناعة النقل الجوى بمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: معرض مصر الدولى للطيران الدكتور سامح الحفني وزير الطيران المدني خدمات الذكاء الاصطناعى وزیر الطیران المدنى قطاع الطیران المدنى التعاون المشترک الطیران المصرى فى مجال صناعة فى مجالات فى مختلف
إقرأ أيضاً:
فى مؤشر الإرهاب العالمي 2025| تحول جذري في خارطة الإرهاب العالمية.. ومنطقة الساحل الإفريقي أصبحت البؤرة الأكثر دموية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
لا يزال الإرهاب ظاهرة عالمية تتطور فى أنماطها وتأثيراتها، رغم الجهود المبذولة لمكافحته.
ويكشف مؤشر الإرهاب العالمي لعام ٢٠٢٥ عن تحول فى خارطة الإرهاب العالمية، مع استمرار هيمنة بعض الجماعات المسلحة على مشهد العنف.
يتناول هذا المقال بالتحليل النقدى التغيرات التى شهدتها أنشطة الجماعات الإرهابية الكبرى، ويطرح تساؤلات حول الأسباب العميقة وراء استدامة الإرهاب رغم الحملات الأمنية المكثفة.
مركز عالمى جديدتحوّل الساحل الإفريقى إلى المركز العالمى الجديد للإرهاب، حيث شهدت هذه المنطقة أكثر من نصف الوفيات الناجمة عن الإرهاب فى عام ٢٠٢٤، وفقًا لتقرير مؤشر الإرهاب العالمي. لم يعد الشرق الأوسط وحده مركز النشاط الإرهابي، بل انتقلت بؤرته إلى دول مثل بوركينا فاسو ومالى والنيجر، التى تعانى من ضعف الدولة، والتوترات العرقية، وغياب الحوكمة الفعالة. استغلت الجماعات الإرهابية، مثل "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" (JNIM) وتنظيم "داعش فى الصحراء الكبرى"، هذه الظروف لفرض سيطرتها على مساحات واسعة من الأراضي، وتوسيع نفوذها فى غياب ردع حكومى فعال. وشهدت المنطقة بعضًا من أكثر الهجمات دموية، مثل هجوم جماعة نصرة الإسلام والمسلمين فى بوركينا فاسو، الذى أسفر عن مقتل ٢٠٠ شخص، ما يعكس التصاعد الحاد فى فتك هذه الجماعات.
العوامل التى ساعدت على تصاعد الإرهاب فى الساحل تتجاوز الأسباب المحلية لتشمل أيضًا الديناميكيات الدولية. فقد أدى انسحاب القوات الفرنسية من مالي، وتزايد التدخل الروسى فى المنطقة من خلال شركة "فاغنر"، إلى إحداث فراغ أمنى استغلته الجماعات الإرهابية لتوسيع عملياتها. علاوة على ذلك، يشكل الاقتصاد غير الرسمي، ولا سيما تجارة الذهب، مصدر تمويل رئيسى لهذه الجماعات، مما يساهم فى استدامة أنشطتها رغم الضغوط العسكرية. كما أن هشاشة التحالفات الإقليمية، مثل ضعف فعالية "مجموعة دول الساحل الخمس"، ساهم فى إضعاف استجابة الدول الإفريقية لهذه التهديدات. هذه العوامل مجتمعة جعلت الساحل الإفريقى مركزًا رئيسيًا للإرهاب العالمي، حيث يتطلب التعامل معه استراتيجيات أعمق من مجرد التدخلات العسكرية التقليدية.
إرهاب متزايديكشف تقرير مؤشر الإرهاب العالمى لعام ٢٠٢٥ عن انخفاض إجمالى فى عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة ١٣٪ مقارنة بالعام السابق، حيث تم تسجيل ٧٫٥٥٥ حالة وفاة. للوهلة الأولى، قد يبدو هذا التراجع مؤشرًا إيجابيًا على تحسن الوضع الأمنى العالمي، إلا أن التحليل المتعمق للبيانات يكشف أن هذا الانخفاض ليس نتيجة لنجاح استراتيجيات مكافحة الإرهاب بقدر ما هو انعكاس لتراجع العنف فى بعض المناطق المحددة، مثل ميانمار، التى شهدت انخفاضًا حادًا بنسبة ٨٥٪ فى الهجمات الإرهابية. فى المقابل، إذا استُثنى هذا التراجع، فإن معدلات الهجمات الإرهابية على مستوى العالم كانت ستشهد ارتفاعًا بنسبة ٨٪، مما يعكس استمرار التهديدات الإرهابية على نطاق واسع.
فى الوقت الذى شهدت فيه بعض الدول انخفاضًا فى معدل الهجمات، فإن العديد من بؤر الإرهاب التقليدية، مثل الساحل الإفريقي، باكستان، وسوريا، شهدت تصاعدًا كبيرًا فى النشاط الإرهابي. فقد ارتفع عدد القتلى فى النيجر بنسبة ٩٤٪، بينما شهدت باكستان زيادة بنسبة ٤٥٪، نتيجة لتصاعد نشاط حركة طالبان باكستان (TTP) بعد استيلاء طالبان على الحكم فى أفغانستان. كما استمر تنظيم الدولة الإسلامية (IS) وفروعه فى تنفيذ عمليات مميتة فى عدة مناطق، لا سيما فى سوريا وإفريقيا، حيث حافظ على موقعه كأكثر التنظيمات دموية، رغم انخفاض طفيف فى عدد ضحاياه بنسبة ١٠٪. يعكس هذا الاتجاه أن الجماعات الإرهابية لا تزال قادرة على تنفيذ هجمات مؤثرة، حتى مع الضغوط العسكرية المفروضة عليها.
من جهة أخرى، يشير التقرير إلى أن الإرهاب أصبح أكثر انتشارًا جغرافيًا، حيث ارتفع عدد الدول التى شهدت على الأقل هجومًا إرهابيًا من ٥٨ دولة فى عام ٢٠٢٣ إلى ٦٦ دولة فى عام ٢٠٢٤، وهو أعلى رقم منذ عام ٢٠١٨. هذا التوسع الجغرافى يؤكد أن الجماعات الإرهابية باتت أكثر قدرة على التكيف والانتشار فى مناطق جديدة، مستفيدة من النزاعات المحلية، وضعف المؤسسات الأمنية، والتغيرات الجيوسياسية التى تركت العديد من الدول فى حالة من الفراغ الأمني. لذلك، ورغم الانخفاض العام فى عدد القتلى، فإن الإرهاب لا يزال يشكل تهديدًا عالميًا متناميًا، خاصة مع ظهور أنماط جديدة من الهجمات، مثل الإرهاب الفردى فى الغرب، الذى شهد ارتفاعًا ملحوظًا فى عام ٢٠٢٤.
رغم التراجع الطفيف فى عدد قتلاه، لا يزال تنظيم الدولة الإسلامية (IS) أكثر التنظيمات الإرهابية دموية على مستوى العالم، حيث كان مسؤولًا عن مقتل ١٫٨٠٥ أشخاص فى ٢٢ دولة خلال عام ٢٠٢٤. ورغم انخفاض حصيلة قتلاه بنسبة ١٠٪ مقارنة بالعام السابق، إلا أن التنظيم لا يزال قادرًا على تنفيذ عمليات مميتة، لا سيما فى سوريا وإفريقيا. فى سوريا، استغل التنظيم هشاشة الأوضاع الأمنية الناتجة عن النزاع المستمر، بينما عزز وجوده فى دول مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا، حيث نفّذت فروعه المحلية هجمات دامية على القوات الحكومية والمدنيين. يشير هذا إلى أن التنظيم، رغم الضغوط العسكرية المفروضة عليه، لا يزال يحتفظ بقدرة على شن هجمات مؤثرة وواسعة النطاق.
على الجانب الآخر، برزت "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" (JNIM) باعتبارها أسرع التنظيمات الإرهابية نموًا من حيث الفتك، حيث سجلت زيادة بنسبة ٤٦٪ فى عدد القتلى، ما رفع حصيلتها إلى ١٫٤٥٤ قتيلًا فى عام ٢٠٢٤. تُعدّ الجماعة الأكثر نشاطًا فى منطقة الساحل الإفريقي، مستغلة ضعف الحكومات المحلية وغياب التنسيق الأمنى الإقليمي، ما مكّنها من تنفيذ عمليات أكثر دموية، بمتوسط ١٠ قتلى لكل هجوم. من أبرز هجماتها الدامية كان الاعتداء على قاعدة عسكرية فى بوركينا فاسو، حيث قتلت أكثر من ١٧٠ جنديًا ومدنيًا فى هجوم واحد. نجاح الجماعة فى تنفيذ هجمات بهذا الحجم يعكس قدراتها التكتيكية المتزايدة، ما يجعلها تهديدًا متصاعدًا للأمن الإقليمي.
أما فى جنوب آسيا، فقد شهدت باكستان تصاعدًا كبيرًا فى عمليات "حركة طالبان باكستان" (TTP)، حيث ارتفع عدد قتلى هجماتها بنسبة ٩٠٪ ليصل إلى ٥٥٨ قتيلًا فى عام ٢٠٢٤. هذا التصاعد يعكس الديناميكيات الجديدة التى أوجدها استيلاء طالبان على الحكم فى أفغانستان، حيث وفرت بيئة أكثر مرونة لنشاط الحركة، ما سمح لها بإعادة تنظيم صفوفها وشن هجمات أكثر جرأة. استهدفت عمليات TTP بشكل أساسى القوات الأمنية الباكستانية، كما نفّذت عمليات اغتيال وتفجيرات انتحارية فى المناطق الحدودية مع أفغانستان، مما زاد من التوترات بين البلدين. استمرار هذا الاتجاه قد يؤدى إلى مزيد من زعزعة الاستقرار فى المنطقة، خاصة مع تعثر الجهود الدبلوماسية لإيجاد حلول مستدامة للصراع مع الحركة.
تشير بيانات مؤشر الإرهاب العالمى لعام ٢٠٢٥ إلى تحول جذرى فى خارطة الإرهاب العالمية، حيث أصبحت منطقة الساحل الإفريقى البؤرة الأكثر دموية، مستحوذة على أكثر من نصف وفيات الإرهاب المسجلة عالميًا. لم يعد الشرق الأوسط المنطقة الأكثر تضررًا من الهجمات الإرهابية، فقد انتقلت بؤرة العنف إلى دول مثل بوركينا فاسو ومالى والنيجر، التى تشهد تدهورًا أمنيًا متزايدًا بسبب ضعف الحكومات المركزية، وغياب التنسيق الأمني، والفراغ الناجم عن انسحاب القوات الأجنبية، مثل القوات الفرنسية من مالي. هذا الفراغ الأمنى سمح لجماعات مثل "نصرة الإسلام والمسلمين" (JNIM) وتنظيم "داعش فى الصحراء الكبرى" بزيادة نشاطها بشكل غير مسبوق، مستغلة الصراعات العرقية والحدودية بين المجتمعات المحلية كأداة لتجنيد مقاتلين جدد وتعزيز نفوذها.
يعود تصاعد الإرهاب فى الساحل الإفريقى أيضًا إلى العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، حيث تلعب الموارد الطبيعية، مثل الذهب واليورانيوم، دورًا حاسمًا فى تمويل الجماعات المسلحة. على سبيل المثال، تُعد مناجم الذهب فى مالى وبوركينا فاسو مصدر دخل رئيسى لهذه الجماعات، مما يمنحها القدرة على شراء الأسلحة وتجنيد المزيد من الأفراد. بالإضافة إلى ذلك، ساهمت التحولات الجيوسياسية، مثل تزايد النفوذ الروسى عبر مجموعة "فاغنر" فى المنطقة، وانسحاب فرنسا من عدة دول بالساحل، فى إعادة تشكيل المشهد الأمني، مما أضعف قدرة الحكومات المحلية على مواجهة التهديدات الإرهابية. كل هذه العوامل جعلت الساحل الإفريقى مركزًا عالميًا جديدًا للإرهاب، حيث أصبح من الصعب احتواء التهديد دون تدخلات دولية أكثر شمولًا تعالج الأسباب الجذرية للعنف، وليس فقط عبر الحلول الأمنية التقليدية.
رغم الجهود الدولية المكثفة لمكافحة الإرهاب، لا تزال الظاهرة متجذرة ومتجددة فى مناطق عدة حول العالم. يكشف تقرير مؤشر الإرهاب العالمى لعام ٢٠٢٥ عن مجموعة من العوامل البنيوية التى تعزز استدامة الإرهاب، مما يجعله ظاهرة يصعب القضاء عليها بالكامل. وتتمثل هذه العوامل فى هشاشة الدول وضعف أنظمتها السياسية، وتطور استراتيجيات التنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى التأثيرات الجيوسياسية التى تساهم فى إعادة تشكيل خريطة الإرهاب العالمي.
ضعف الدول وهشاشة الحكميعد ضعف الدول وغياب الحكم الفاعل من أهم العوامل التى تؤدى إلى انتشار الإرهاب، حيث تخلق الفراغات الأمنية بيئة خصبة لنمو التنظيمات المتطرفة. الدول التى تعانى من هشاشة فى مؤسساتها، مثل بعض دول الساحل الإفريقى وسوريا وأفغانستان، تصبح ساحات مفتوحة للجماعات المسلحة، التى تستغل غياب سلطة الدولة لفرض سيطرتها على مناطق واسعة. ففى بوركينا فاسو ومالي، أدى ضعف الحكومات المركزية إلى تصاعد نفوذ الجماعات الإرهابية، التى باتت تدير عملياتها بحرية فى المناطق الحدودية المعزولة، دون وجود ردع فعال من قبل السلطات.
إضافة إلى ذلك، تؤدى النزاعات الداخلية والصراعات الأهلية إلى تفكك الأنظمة الحاكمة، مما يوفر للإرهاب بيئة خصبة للانتشار. على سبيل المثال، فى أفغانستان، أدى انهيار الحكومة وسيطرة طالبان على السلطة إلى زيادة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان (ISKP)، الذى وجد فرصة لتعزيز هجماته مستغلًا حالة عدم الاستقرار. أما فى سوريا، فقد أدى تراجع النفوذ الحكومى فى بعض المناطق، لا سيما فى الشمال والشرق، إلى فراغ أمنى استغلته الجماعات الإرهابية لإعادة تنظيم صفوفها وتنفيذ عمليات أكثر تعقيدًا ودموية.
نجحت الجماعات الإرهابية فى تطوير استراتيجياتها لتتكيّف مع الضغوط العسكرية والاستخباراتية التى تواجهها، مما جعلها أكثر قدرة على الاستمرار والتوسع. أحد أهم هذه التطورات هو تبنّى نموذج "الخلايا اللامركزية"، حيث تعتمد الجماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة على شبكات صغيرة مستقلة تعمل بشكل منفصل ولكن وفق أيديولوجية موحدة، مما يجعل من الصعب تعقبها والقضاء عليها بالكامل. هذا النهج ظهر جليًا فى إفريقيا، حيث تعمل خلايا صغيرة تابعة لتنظيم داعش فى الصحراء الكبرى بشكل منفصل، لكنها تظل مرتبطة بالتنظيم الأم من حيث التمويل والتدريب والأيديولوجيا.
إلى جانب اللامركزية، استغلت الجماعات الإرهابية التطور التكنولوجى لتعزيز قدراتها التجنيدية والعملياتية. الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى أصبحت أدوات رئيسية لتجنيد المقاتلين، حيث يتم استقطاب الشباب من مختلف أنحاء العالم عبر منصات مشفرة ومنتديات مغلقة. كما لجأت بعض التنظيمات، مثل داعش، إلى استخدام الذكاء الاصطناعى وتقنيات "التزييف العميق" (Deepfake) لإنشاء محتوى دعائى أكثر إقناعًا واستهدافًا، مما يعقّد جهود مكافحته ويزيد من صعوبة تعقّب المروجين للأيديولوجيات المتطرفة.
تلعب العوامل الجيوسياسية دورًا كبيرًا فى استمرار الإرهاب، حيث تؤدى التدخلات الخارجية والتنافس بين القوى الكبرى إلى تأجيج النزاعات التى تستغلها الجماعات الإرهابية. على سبيل المثال، أدى انسحاب القوات الفرنسية من مالى وتزايد التدخل الروسى عبر مجموعة "فاغنر" إلى خلق فراغ أمنى استغلته الجماعات الإرهابية لتوسيع عملياتها فى الساحل الإفريقي. كما أن الانقسامات داخل التحالفات الإقليمية، مثل انسحاب بعض الدول من "مجموعة دول الساحل الخمس"، ساهمت فى إضعاف التنسيق الأمني، مما منح الإرهابيين مساحة أكبر للمناورة.
من ناحية أخرى، نجد أن بعض القوى الكبرى تستخدم الإرهاب كأداة لتحقيق أهداف سياسية، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. فالدعم غير الرسمى الذى تقدمه بعض الدول لجماعات مسلحة فى مناطق النزاع، سواء لاعتبارات أيديولوجية أو استراتيجية، يسهم فى إطالة أمد الصراعات. كما أن تراجع النفوذ الأمريكى فى الشرق الأوسط، والاتجاه نحو تقليص التدخل العسكرى فى بعض المناطق، منح بعض الجماعات المتطرفة فرصة لإعادة ترتيب صفوفها، خاصة فى العراق وسوريا.
يؤكد تقرير مؤشر الإرهاب العالمى أن استمرار الإرهاب ليس مجرد نتيجة لوجود جماعات متطرفة، بل هو انعكاس لتراكمات سياسية واقتصادية واجتماعية تسهم فى تغذية هذه الظاهرة. الحلول العسكرية وحدها لن تكون كافية للقضاء على الإرهاب، بل يجب أن تترافق مع سياسات تنموية تعالج الأسباب الجذرية مثل الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي. دون تبنى استراتيجيات شاملة تشمل الإصلاح السياسي، والاستثمار فى التعليم، وتعزيز سيادة القانون، سيظل الإرهاب قادرًا على إعادة إنتاج نفسه والتكيف مع أى تغييرات فى المشهد العالمي.
الاتجاهات العامة للإرهاب عالميًاوعلى الرغم من تسجيل انخفاض فى العدد الإجمالى للقتلى جراء الهجمات الإرهابية بنسبة ١٣٪، ليصل إلى ٧٫٥٥٥ قتيلًا، فإن هذا التراجع لا يعكس بالضرورة تحسنًا أمنيًا عالميًا، بل يعود بشكل رئيسى إلى الانخفاض الاستثنائى فى عدد الضحايا مقارنة بعام ٢٠٢٣، الذى شهد ارتفاعًا غير مسبوق بسبب الهجوم الذى نفذته حركة حماس فى ٧ أكتوبر. وباستثناء هذا الحدث، تبقى أعداد القتلى فى ٢٠٢٤ عند مستويات مماثلة للأعوام السابقة، مما يؤكد استمرار التهديد الإرهابى عند مستويات مرتفعة. كما أن طبيعة الهجمات الإرهابية آخذة فى التغير، حيث تتزايد العمليات التى تستهدف البنية التحتية، والمناطق المدنية، والقوات الأمنية، بدلًا من الاعتماد على الهجمات واسعة النطاق، ما يعكس تكيف الجماعات الإرهابية مع الظروف الأمنية والتقنيات الحديثة.
١. توسع رقعة الدول المتأثرة بالإرهابشهد عام ٢٠٢٤ ارتفاعًا فى عدد الدول التى تعرضت لهجمات إرهابية من ٥٨ إلى ٦٦ دولة، وهو الرقم الأعلى منذ عام ٢٠١٨. يعكس هذا الارتفاع انتشار الإرهاب إلى مناطق جديدة أو إعادة ظهوره فى دول كانت قد شهدت استقرارًا نسبيًا. ويرجع هذا التوسع إلى عدة عوامل، منها التغيرات الجيوسياسية والصراعات الداخلية وضعف قدرة بعض الدول على مواجهة التهديدات الإرهابية. كما أن بعض الجماعات الإرهابية، مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين (JNIM)، وسّعت عملياتها إلى دول لم تكن من قبل فى صلب المواجهة مع الإرهاب.
تُظهر البيانات أن أفريقيا جنوب الصحراء وأجزاء من آسيا الوسطى وأوروبا باتت أكثر عرضة للهجمات الإرهابية، فى وقت شهد فيه الشرق الأوسط انخفاضًا نسبيًا فى العمليات الإرهابية مقارنة بسنوات سابقة. هذا التحول يشير إلى أن الطابع الإقليمى للإرهاب يتغير باستمرار، متأثرًا بالصراعات العسكرية، والتحولات السياسية، والتدخلات الخارجية، وسهولة تنقل المقاتلين والجماعات المسلحة.
لأول مرة منذ سبع سنوات، كان عدد الدول التى تدهور فيها الوضع الأمنى بسبب الإرهاب (٤٥ دولة) أكبر من عدد الدول التى شهدت تحسنًا (٣٤ دولة). وهذا الاتجاه يعكس فشل الجهود الدولية فى كبح جماح الإرهاب فى بعض المناطق، إضافة إلى تصاعد التهديدات فى دول لم تكن ضمن بؤر التوتر الكبرى سابقًا.
أحد أبرز العوامل التى ساهمت فى تدهور الأوضاع فى بعض الدول هو الانسحاب التدريجى للقوى الغربية من بعض المناطق المضطربة، مثل منطقة الساحل الأفريقي، مقابل تزايد نفوذ جهات أخرى مثل روسيا والصين. هذا التحول أتاح فرصة لبعض الجماعات الإرهابية لإعادة تنظيم صفوفها واستغلال الفراغ الأمنى لصالحها. على سبيل المثال، فى بوركينا فاسو والنيجر، أدى تراجع الدعم الأمنى الغربي، خاصة الفرنسي، إلى تصاعد الهجمات الإرهابية بشكل ملحوظ.
بحسب التقرير، شهد عام ٢٠٢٤ انخفاضًا فى إجمالى عدد القتلى بسبب الإرهاب إلى ٧،٥٥٥ قتيلًا، أى بنسبة ١٣٪ مقارنة بعام ٢٠٢٣. ورغم أن هذا الرقم قد يبدو إيجابيًا من حيث الظاهر، إلا أن التحليل العميق للبيانات يكشف أن هذا الانخفاض كان بسبب الارتفاع الاستثنائى فى عدد القتلى عام ٢٠٢٣، نتيجة لهجوم حماس فى ٧ أكتوبر على إسرائيل، وليس نتيجة لتحسن فعلى فى مكافحة الإرهاب عالميًا.
لو استثنينا تلك الحادثة من الإحصاءات، لكان عدد القتلى فى ٢٠٢٤ مماثلًا تقريبًا لعام ٢٠٢٣، مما يعنى أن حجم الإرهاب لم يتراجع جوهريًا، بل استمر عند مستويات مرتفعة. إضافة إلى ذلك، فإن معدل القتلى لكل هجوم زاد فى بعض المناطق، مثل منطقة الساحل، حيث باتت الجماعات الإرهابية تستخدم أساليب أكثر فتكًا مثل التفجيرات الانتحارية والهجمات الجماعية ضد أهداف عسكرية ومدنية على حد سواء.
تشير هذه الاتجاهات إلى أن الإرهاب لم يعد محصورًا فى مناطق الصراع التقليدية، بل بات يتخذ أشكالًا أكثر تنوعًا، ويتكيف مع البيئات السياسية والأمنية المختلفة. فالانتشار الجغرافى المتزايد للإرهاب يعكس ضعف الاستراتيجيات التقليدية لمكافحة الإرهاب، والحاجة إلى نهج أكثر شمولية يأخذ بعين الاعتبار العوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التى تغذى التطرف.
كما أن تزايد عدد الدول التى شهدت تدهورًا أمنيًا يوضح أن الجماعات الإرهابية أصبحت أكثر قدرة على الاستفادة من الأوضاع السياسية غير المستقرة، وأن التدخلات الدولية فى بعض المناطق قد تؤدى أحيانًا إلى تفاقم المشكلة بدلًا من حلها. فى حين أن التغيرات فى عدد القتلى تعكس تحولًا فى أساليب الإرهاب وليس بالضرورة انخفاضًا حقيقيًا فى مستوى التهديد.
يكشف تقرير الإرهاب العالمى لعام ٢٠٢٥ أن الإرهاب لا يزال يشكل تهديدًا عالميًا متجددًا، رغم انخفاض عدد الوفيات مقارنة بالعام السابق. إلا أن هذا التراجع لا يعكس تحسنًا جذريًا فى الأوضاع الأمنية، بقدر ما يعكس تحولًا فى أنماط الإرهاب وانتشاره الجغرافي. فالنهج الأمنى التقليدى الذى يعتمد على العمليات العسكرية والملاحقات الأمنية لم يحقق نجاحًا مستدامًا فى القضاء على التنظيمات الإرهابية، التى أثبتت قدرتها على التكيف مع الضغوط وإعادة التموضع فى مناطق جديدة. استمرار التهديد الإرهابى فى مناطق مثل الساحل الإفريقى وجنوب آسيا، وتصاعد نشاط "الخلايا المستقلة" فى الغرب، يبرهن على أن الحلول الأمنية وحدها غير كافية، بل إنها قد تؤدى فى بعض الحالات إلى تفاقم المشكلة إذا لم تُرفَق بإصلاحات سياسية واقتصادية شاملة.
لذلك، يتطلب التعامل الفعّال مع الإرهاب نهجًا متعدد الأبعاد يعالج الأسباب الجذرية التى تدفع الأفراد نحو التطرف والانضمام إلى الجماعات المسلحة. الفقر، والبطالة، والتمييز العرقى والديني، والتهميش السياسي، جميعها عوامل تخلق بيئات خصبة لتنامى الأيديولوجيات المتطرفة. يجب أن تركز الجهود الدولية على تعزيز التنمية الاقتصادية، وتحسين الخدمات الأساسية، ودعم برامج إعادة التأهيل وإعادة الإدماج للمقاتلين السابقين، إلى جانب استراتيجيات مكافحة الخطاب المتطرف عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية. بدون هذه المقاربات الشاملة، سيظل الإرهاب ظاهرة متحولة، قادرة على التكيف مع أى ضغوط ومحاولات للقضاء عليه، مما يستدعى إعادة النظر فى الأساليب التقليدية لمواجهته والتركيز على حلول طويلة الأمد.